قصيدة حريق روما .. قصيدة فصحى من شعر التفعيبلة
قصيدة رمزية تحكي عن حريق روما و الذي يذاع أن الامبراطور الروماني نيرو كان ورائه ، و هذه القصة التي تتكرر في كل زمان و مكان نظمها الشاعر الأردني عمر خليل بقصيدة من شعر التفعيلة
رُوما اطْمَئِنِّي لَحْظَةً
وَ لْتَكْتُبِي تَارِيْخَكِ العَظِيِمَ بِالرَّمَادْ ..
وَ الْتَنْثُرِي بُذُوُرَكِ المَحْمُوُلَ فِيِ أَحْشَائِهَا السَّمَادْ ..
سَتُنْبِتُ الأَجْيَالُ مِنْ دَمَارِكِ العَمَارْ ..
وَ تُزْهِرُ السُّهُوُلُ وَ القِفَارْ ..
وَ تَنْهَضُ البِلَادْ
***
لَا تأبَهِ بِنِيْرُو..
فَإِنَّهُ سَيُشْعِلُ الحَرِيقْ ..
وَ يُذْهِبُ الدُّخَانُ نُوُرَ وَجْهِكِ الشَّرِيقْ ..
فَتَرْجِعِيْنَ نَحْوَ أَرْبَعِيْنَ حِجَّةً إلَى اِلْوَرَاءْ ..
وَ تَسْقُطُ الأَصْدَافُ مِنْ إِكْلِيْلِكِ القَدِيمْ ..
وَ يُحْرَقُ الدِّيْبَاجُ فِيْ مَوَاقِدِ الجُنُونْ ..
وَ أَلْفُ أَلْفٍ مِنْ بَنِيْكِ سَوْفَ يُحْرَقُوُنْ ..
وَ تُحْصَدُ الأَرْوَاحُ فِيْ بَرَاثِنِ المَنُوُنْ ..
وَ يَخْرُجُ الجُنُونُ مِنْ قُصُوُرِكِ العِظَامْ ..
مِنْ قَيْصَرٍ يَظُنُّ فِيْ جُنُوُنِهِ الغَرَامْ ..
مُمَتِّعًا عَيْنَاهُ فِي مَدِيْنَةٍ حَمْرَاءَ
كَالوُرُودْ ..
يَهَيِمَ بِالغِنَاءْ :
أَطْفَالُكُمْ .. نِسَائُكُم .. رِجَالُكُمْ فِيَ النَّارِ يُضْرَمُوُنْ..
مِن بَعْدِهِ سَتُخْمَدُ النِّيْرَانُ بِالدُّمُوْعْ ..
احْتَرِقِي رُوُمَا لِأَلْفِ عَامْ ..
اشْتَعِلِي .. الْتَهِبِي ..
"إِنَّا لِغَيْرِ بَعْضِنَا وَ اللهِ لَنْ نَكُوُنْ"
***
سَيَرْتَدِيْ مِنْ بَعْدِهَا قِنَاعَهُ البَرِيءْ
وَ يَمْتَطِي مَسَارِحَ التَّمْثِيلِ فِي مَجَالِسِ الشُّيُوُخْ ..
لِيُقْنِعَ الجَميْعَ أَنَّهُ لَهَا حَزِينْ ..
كَأَنَّهُ مَلَاكْ ..
فَالْتَسْأَلِيْهِ مَنْ عَدَا عَلَيْكِ بالدَّمَارْ ..
مَنْ أَوْبَقَ الشُّعُوُبَ فِيْ الهَلَاكَ ؟!
مَنْ شَرَّدَ الآلافَ مَنْ سِوَاكْ ؟!
سَيَرْتَمِي فِيْ حُضْنِكِ الحَنُوُنْ ..
مُمَثِلًا فِيْ دَوْرِهِ الغَرَامْ ..
كَأَنَّهُ حَمَامَةُ السَّلَامْ ..
فَالتَسْأَلِيْهِ عَنْ بُرُوُجِهِ الَّتِي مِنْ تَحْتِهَا جَمَاجِمُ الأَنَامْ ..
وَ نَارُهُ تُعَانِقُ السَّمَاءْ ..
سَيَسْقُطُ القِنَاعُ عَنْ مُمَثِّلِ الغَرَامْ ..
وَ يَحْتَسِي شَرَابَهُ المَمْزُوُجَ مِنْ دِمَائِهِمْ
بِشَهْوَةِ المُلْكِ العَظِيْمِ ..
سَيَنْتَهِيْ الغَرَامْ ..
"بِاسْمِي وَ بِاسْمِكِ العِظِيِمِ تَنْهَضُ البِلَادَ"
***
غُرُوُرُهُ الكَبِيرْ ..
لِحَتْفِهِ يَسِيرْ ..
فَلَيْسَ لِلْبِلَادْ مِنْ زَوَالْ ..
وَ أَلْفُ أَلْفُ قَيْصَرٍ عَنْ أَرْضِهَا يَزُوُلْ ..
سَيُشْعَلُ الحَرِيقُ فِيْ أَرْجَائِهَا
لِيَبْتَدِيْ فِيْ رِحْلَةِ الأُفُوُلْ ..
كَحَالِهِ الكَثِيْرُ و الكَثِيرْ ..
مِنْ سِيْرَةٍ تَضُّجُ بِالغُرُورْ ..
لسِيْرَةٍ مَنْسِيَّةٍ بِغَارْ ..
وَ يَنْقَضِي الخَرِيْفْ ..
لِيُزْهِرَ الرَّبِيعْ ..
وَ تُوُرِقُ الأَشْجَارُ مَعْ تَطَاوُلِ النَّهَارْ ..
وَ يَرْتَوِي التُّرَابُ بالدِّمَاءْ ..
وَ تَنْهَضُ العِمَادُ مِنْ رُفَاتِهَا ..
وَ تَرْسُمُ الطُّيُوُرُ فِيْ تِحْلَاقِهَا سِمَاتهَا ..
وَ تُبْعَثُ الحَيَاةُ مِنْ جَدِيدْ ..
و يَنْطِقُ الوَلِيْدِ :
قَدْ عَاشَتِ البِلَادْ.. قَدْ عَاشَتِ البِلَادْ.. قَدْ عَاشَتِ البِلَادْ