دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية

دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية

0 المراجعات

دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية

 

 

مقدمة:

تحتل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أهمية بالغة في اقتصاديات المجتمعات كافة، بغض النظر عن درجة تطورها واختلاف أنظمتها ومفاهيمها الاقتصادية، وتباين مراحل تحولاتها الاجتماعية.

و تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية  في معظم دول العالم، وذلك لدورها الفعال في تشغيل العمالة، حيث توفر المشاريع الصغيرة والمتوسطة فرص عمل واسعة جدا نظراً لصغر رأس المال المستثمر للعامل ومن ثم المساهمة بفعالية في حل مشكلة البطالة وتعظيم الناتج، وكذلك إسهامها في ولادة مشاريع جديدة تدعم النمو الاقتصادي.

وعادة ما تناط مسؤولية إقامة المشاريع الكبيرة بالحكومات نظراً لحجم الاحتياجات المالية والبشرية الكبيرة إضافة إلى المستلزمات والمتطلبات الأخرى، والتي يصعب على المستثمر الفرد تأمينها، تاركة للقطاع الخاص مهمة إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وانطلاقاً من الدور المهم الذي يمكن لهذه المشاريع أن تلعبه في المساهمة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول، فقد قامت العديد من الدول المتقدمة  بدعم وتشجيع هذا النوع من المشاريع وهذا ما ساعد في تحقيق طفرة نوعية مهمة وكبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في هذه الدول.

وتؤدي المشاريع الصغيرة دورا مهما في تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم دول العالم، حيث تشكل نسبة كبيرة من المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية وفي مجالات متنوعة، وبالتالي فهي تسهم في امتصاص إعدادا كبيرة من الأيدي العاملة والتخفيف من مشكلة البطالة، كما تؤدي دورا مهما في اكتساب المهارات الفنية والتقنية، وهي كذلك صاحبة الدور الأكبر في تلبية احتياجات السكان من السلع والخدمات.

فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة تعد الأكثر عددا والأكثر اعتمادا على الخامات والكفاءات المحلية، والأكثر استخداما للتقنية المتوفرة محليا كذلك، وبالنظر لهذا الدور وهذه الأهمية حظيت المشاريع الصغيرة والمتوسطة باهتمام ملموس في معظم الدول الصناعية وبعض الدول النامية، وعلى صعيد البلاد العربية فقد أدت المشاريع الصغيرة ( خاصة في القطاع الصناعي) دورا لا يستهان به في تحقيق بعض مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها مازالت تعاني من العديد من المشاكل والمعوقات.

أولا: تعريف المشروعات الصغيرة وأنواعها

لا يوجد تعريف متفق عليه يحدد ماهية المشروعات الصغيرة، ويعزى ذلك إلى أن اعتماد معيار معين للتعريف سواء من حيث عدد العمال أو رأس المال المستثمر أو المستوى التقني، سينجم عنه نتائج متباينة تبعا لتباين الدول وطبيعة هياكلها الاقتصادية والاجتماعية، ولكن هنالك عدد من التعريفات التي تنطلق بشكل عام من رغبة متخذ القرار التي غالبا ما تتأثر ببيئة السياسات الاقتصادية والسياسات الرامية إلى تحقيق هدف تنموي أو اجتماعي ما.[1]

تعرف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو" المشروعات الصغيرة بأنها:

"تلك المشروعات التي يديرها مالك واحد، ويتكفل بكامل المسؤولية بأبعادها الطويلة الأجل)الإستراتيجية( والقصيرة الأجل) التكتيكية(، كما يتراوح عدد العاملين فيها ما بين – 10 50 عاملا".

هناك معايير عديدة يمكن الاستناد إليها لتحديد مفهوم المشروعات الصغيرة، وتتباين تلك المعايير بين دولة وأخرى وذلك بتباين إمكاناتها وقدراتها وظروفها الاقتصادية ومراحل النمو التي بلغتها، فالمشروعات التي تعتبر صغيرة أو متوسطة الحجم في دولة صناعية قد تعتبر مشروعات كبيرة الحجم في دولة نامية.

كما قد يختلف تقييم حجم المشروع داخل الدولة نفسها وذلك حسب مراحل النمو الذي مر ويمر بها اقتصاد تلك الدولة، ومن المعايير المستخدمة معيار العمالة، معيار رأس المال، معيار الإنتاج، معيار حجم ونوعية الطاقة المستخدمة  فضلا عن معايير أخرى تأخذ في الاعتبار درجة التخصص في الإدارة ومستوى التقدم

التكنولوجي، وقد يكون أكثر المعايير استخدامًا في الدول الصناعية هو معيار العمالة وذلك نظرًا لسهولة الحصول على البيانات وإمكانية تحليلها ومعالجتها إحصائيًا والخروج بنتائج كمية تدعم متخذي القرارات.[2]

يصف البنك الدولي المشروعات التي يعمل فيها أقل من 10 عمال بالمشروعات البالغة أو المتناهية الصغر، والتي يعمل فيها بين 10 و 50 عاملا بالمشروعات الصغيرة، وتلك التي يعمل فيها بين 50 و 100 عامل بالمشروعات المتوسطة.

أما مؤسسة التمويل الدولية فتحدد المؤسسات التي تستثمر حد أقصى من الاستثمار مقداره 2.5 مليون دولار أمريكي بالمؤسسات المتوسطة والصغيرة.

والجدول(01) يبين المعايير المستخدمة في تعريف الصناعات الصغيرة عبر العالم

المصدر: تم الاستناد إلى: يوسف طه وآخرون، الصناعات الصغيرة في السودان، الخرطوم، 1987، ص 22. 

والسيد فتحي، الصناعات الصغيرة ودورها في التنمية، مؤسسة شباب الجامعة، القاهرة، 2005، ص 45.

أما في فجاء تعريف الصناعات الصغيرة والمتوسطة على أنها مؤسسات صناعية منتجة للسلع والخدمات، مهما كان الإطار القانوني التي أنشئت بموجبه، والتي تشغل بين 01 إلى 250 عاملا، ولا يتجاوز رقم أعمالها ملياري دينار جزائري وتحترم الاستقلالية. 

ونعني باستقلالية المؤسسات الصناعية في ألا تتجاوز نسبة رأس المال أو حقوق التصويت 25 بالمائة لصالح مؤسسات أخرى أو مؤسسات ليست من نوع المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة.[3]

كما حاول التعريف التفرقة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا المصغرة، فعرف المؤسسة الصغيرة على أنها تلك المؤسسة الصناعية التي تشغل مابين 10 – 49 عاملا، ولها رقم أعمال لا يتجاوز 200 مليون دينار جزائري، أما المؤسسة الصناعية المتوسطة فهي التي تشغل ما بين 50 – 250 عاملا، ويتراوح رقم أعمالها بين 200 مليون دينار و ملياري دينار جزائري، كما عرف المؤسسة الصناعية المصغرة على أنها تلك المؤسسة الصناعية التي تشغل بين 01 – 09 عمال ولها رقم أعمال اقل من 200 مليون دينار جزائري.[4]

 

ثانيا: أهمية إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة

لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية كبيرة وبالأخص في مجال التنمية، ويمكن تحديد أهمية أقامة مثل هذه المشاريع في الآتي :[5]

  • تشكل نواة للمشروعات الكبير 
  •  توفر فرص عمل متنوعة وبتكاليف رأسمالية منخفضة .
  • عامل مهم لتنمية المناطق الريفية ، وتقليل الهجرة من الأرياف – إلى المدن (الحضر) ، بل قد تساهم في تحقيق الهجرة العكسية .
  • تستخدم الموارد المحلية بدرجة كبيرة .
  • تتميز بالمرونة في مواجهة التقلبات الاقتصادية .
  • دعم سياسات الاكتفاء الذاتي على الأقل في بعض السلع والخدمات والتقليل من الاستيراد وتحسين الصادرات والمساهمة الفعلية في دعم الناتج القومي

 

ثالثا: مجالات أنشطة المشاريع الصغيرة والمتوسطة

تحتل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الجانب الأرحب من مساحة مشاريع النشاط الاقتصادي داخل الاقتصاد الوطني في سائر أنحاء العالم، وتمارس هذه المشاريع أنشطتها داخل جميع قطاعات النشاط الاقتصادي سواء الصناعي أم التجاري أو الزراعي أو التجاري أو المقاولات ويمكن توضيح المجالات التي يمكن أن تعمل فيها المشاريع الصغيرة والمتوسطة على النحو التالي :[6]

  1. مشاريع التنمية الصناعية

يقصد بمشاريع التنمية الصناعية الإنتاجية تحويل المواد الخام إلى مواد مصنعة أو نصف مصنعة أو تحويل المواد نصف المصنعة إلى مواد كاملة التصنيع أو تجهيز المواد كاملة الصنع وتعبئتها وتغليفها وتتسع أنشطة القطاع الصناعي لتقدم مجالات عديدة لنشاط مشاريع الأعمال الصغيرة والمتوسطة ، يمكن توضيحها .

  1.  الصناعات التي تكون مدخلاتها منتشرة في أماكن متعددة، مثال صناعة الألبان والمطاحن، وتقطيع الحجارة والمنتجات الحجرية وأعمال المقاولات، وأية أنشطة تقل فيها عملية نقل المواد وتكاليفها إلى حد كبير جدا نتيجة لقيام الصناعات الصغيرة قريبا في أماكن وجود المواد الخام، وبالتالي يمكن أن ينشأ أكثر من مصنع بحجم صغير في أماكن مختلفة لإنتاج السلعة ذاتها، ويتوطن كل مصنع بالقرب من أماكن وجود المواد الخام أو المدخلات التي يعتمد عليها.
  2.  الصناعات التي تنتج منتجات سريعة التلف (صناعات الألبان ومنتجاتها وصناعات الثلج والخبز والحلويات) لأن هذه المشاريع تعتمد على الإنتاج يوما بيوم للسوق، وتكون فترة التخزين لمنتجاتها محدودة لأنها تنتج لتغطي احتياجات السوق في المنطقة المحلية التي تتوطن فيها. وهذا يبرر أن تكون هذه المشاريع قريبة من أسواق المستهلكين.
  3.  الصناعات ذات المواصفات الخاصة للمستهلكين (منتجات النجارة من أبواب ومنافذ وأثاث وأنواع الطوب وخياطة الملابس ...).
  4.  الصناعات التي تعتمد على دقة العمل اليدوي أو الحرفي (مشغولات الذهب والماس والملابس المطرزة وصناعات الفخار والخزف والصيني وصناعات الأواني الزجاجية والمنتجات النحاسية...).
  5. نشاط التعدين
  6.  المشاريع الصغيرة في مجال التعدين (المنجم الفردي الصغير): تلك المشاريع التي تنهض بإحدى عمليات وأنشطة المناجم والمحاجر والملاحات، معتمدة على العمالة والمجهود البشري بصورة أساسية وتستغل خامات تتركز على سطح الأرض أو في أعماق قريبة ولا تتطلب عند اكتشافها أو تقييمها أو استخراجها أو تجزئتها، عمليات تكنولوجية معقدة، ولا تحتاج إلى آلات ومعدات متقدمة أو باهظة التكاليف.

أهم ميزات هذه المشاريع :[7] 

- الاعتماد على نشاط الاستخراج دون غيره من أنشطة التنقيب والاستكشاف.

- لا تستغرق المشاريع التعدينية الصغيرة والمتوسطة فترة طويلة لتنميتها، مما يسمح للقائمين عليها بتحقيق تدفقات مالية سريعة ومن ثم عوائد مالية في أقرب وقت.

- غالبا ما تكون هذه المشاريع حلقة أولى ترتبط بحلقات أخرى للتنقية والتجهيز.

- لا تتطلب الإدارة الفنية والتنظيمية والمالية لهذه المشاريع خبرات عالية ويمكن إعداد العاملين في هذه المجالات خلال فترة زمنية قصيرة كما يمكن تطوير خبرات عمالتها سريعا من خلال دورات تدريبية قصيرة على رأس العمل.

  1. المناجم المتوسطة: تتوضع في المناطق التي تكون فيها الخامات مركزة على سطح الأرض أو في أعماق قريبة... ويتم فيها الإنتاج ضمن مساحات أوسع من تلك التي تتم في المناجم الصغيرة وفيها تتم أنشطة الاستخراج والتقسيم والتجهيز دون الدخول في عمليات تكنولوجية معقدة.
  2. المناجم الكبيرة: التي تتمتع باستثمارات ضخمة وتحتاج عملياتها إلى تجهيزات فنية غالية الثمن، معقدة تكنولوجيا وتعتمد على إجراء العديد من الأنشطة المعملية لتجهيز الخامات وإنتاجها في صورة واحدة أو صور متعددة. وغالبا ما تكون هذه المناجم سلسلة في نشاط إنتاجي واحد يبدأ من الاستكشاف إلى التنقيب والحفر إلى التحليل الكيميائي والتقييم الاقتصادي والفني للخامات إلى استغلال الخامات وتنقيتها وإنتاجها بالصورة المطلوبة للاستخدام المحلي أو التصدير.
  3.  مشاريع التنمية الزراعية
  4. مشاريع الثروة الزراعية: إنتاج الفواكه والخضار أو الحبوب أو المشاتل أو البيوت الزراعية المحمية.
  5. مشاريع الثروة الحيوانية: كتربية الأبقار أو الأغنام أو الدواجن أو المناحل أو الألبان ومشتقاتها .
  6. الثروة السمكية: كصيد الأسماك أو إقامة بحيرات صناعية لمزارع الأسماك.
  7.  مشاريع التنمية الصحية

إقامة وإدارة وتشغيل المستشفيات أو المستوصفات و المصحات.

  1.  مشاريع الخدمات

الخدمات المصرفية، الفندقية، السياحية،الترفيهية ، خدمات التدريب، خدمات الصيانة، والتشغيل أو خدمات النظافة وحماية البيئة من التلوث وخدمات النقل والتحميل والتفريغ، خدمات الدعاية والنشر والاعلان أو خدمات الكمبيوتر، الخدمات الاستشارية، إقامة الورش ذات التقنية الحديثة، أو المستودعات والمخازن المبردة لخدمات الغير، أو الأسواق المركزية والمراكز التجارية أو المطاعم المتميزة. كذلك: المطابع والتصوير والآلة الكاتبة والدهان والطلاء وإصلاح السيارات وقطع الغيار وعمليات الصيانة الدورية.

  1. نشاط المقاولات

يقصد بالمقاولات اعتياد المتعهد أو المقاول بإتمام أعمال معينة للغير بمقابل مناسب لأهمية العميل مثل: 

  1. مقاولات الإنشاءات المدنية كالمباني أو تركيب المباني الجاهزة أو المطارات أو الطرق أو الجسور أو السدود أو الموانئ أو شبكات المياه والمجاري .
  2. مقاولات المشاريع الكهربائية كمحطات توليد الكهرباء أو شبكات نقل وتوزيع التيار الكهربائي أو الالكترونيات.
  3. مقاولات المشاريع الميكانيكية لمحطات تحلية المياه أو المصانع.
  4. النشاط التجاري

يعتبر من أهم أنشطة مشاريع الأعمال الصغيرة والمتوسطة ، أهمها مجال التجزئة : 

  1. متاجر عامة: التي تبيع سلعا كثيرة متنوعة وهي صغيرة الحجم .
  2. متاجر الأقسام: متاجر كبيرة تقع غالبا في الأحياء التجارية وفي وسط المدن، وتخصص بمجموعة من مجموعات السلع.
  3. المتاجر المتخصصة: تتخصص في نوع معين من السلع مثل الأثاث، الأدوات المكتبية، الأطعمة، الحقائب.
  4. متاجر السوبرماركت: متجر يقدم تشكيلات مختلفة من البضائع والسلع والمواد الغذائية، وتتعامل مع المنتج مباشرة وبها إمكانات كبيرة لتخزين البضائع والمواد الغذائية.
  5. متاجر الخدمات: التي تعتمد على الثقة والشهرة في تقديم الخدمات التي تعتمد على العمل مثل (التنظيف، الكي، صالونات الحلاقة... إلخ ).

 

رابعا: أهمية ودور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الصناعية

تختلف أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه الصناعات في عملية التنمية الصناعية من دولة إلى أخرى ومن فترة إلى أخرى، تبعا لمستوى التطور الذي وصلت إليه كل دولة، وتبعا للظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة فيها، وموقف الحكومات من هذه الصناعات، فالمكانة الاقتصادية التي يمكن أن تحظى بها الصناعات الصغيرة والمتوسطة في عملية التنمية تختلف اختلافا كبيرا بين الدول الصناعية المتقدمة والدول الأقل تقدما.

إن أهمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة أصبح أمرا لا جدال فيه من خلال الدور الذي تؤديه في اقتصاديات الدول المتطورة، سواء من حيث عددها أو مساهمتها في التشغيل، وبالتالي المساهمة في حل مشكل البطالة، أو من حيث مساهمتها في الناتج المحلي الخام، والجدول (02) يوضح أهمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة في اقتصاديات بعض الدول المتطورة.

حيث تشكل أكثر من 99 بالمائة من مجموع الصناعات العاملة في المجال الاقتصادي، وتساهم في التشغيل بنسبة تتراوح بين 45 و 73.8 بالمائة، وكذا المساهمة في الناتج المحلى الإجمالي بنسبة تتراوح بين 23 و 61.8 بالمائة.

أما عن مكانة الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الدول الأقل تقدما، فان الدراسات التي أجريت عليها فتشير إلى أن هيكل الصناعات والأهمية النسبية لمكوناتها تختلفان في ما بين الدول الصناعية والدول الأقل تصنيعا.

ونخلص مما تقدم إلى أن أهمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إنما يتوقف على الدور الذي يمكن أن تقوم به من خلال المراحل المختلفة للتنمية الصناعية، وهو ما يتوقف بدوره على مدى وفرة عرض العمل ورأس المال، وفي المراحل الأولى للتنمية الصناعية حيث يتوفر عرض العمل بالمقابل ندرة في رأس المال يمكن للصناعات الصغيرة والمتوسطة أن تساهم بدور فعال في عملية الإسراع بالتنمية لأنها لا تتطلب استثمارات ضخمة في وقت واحد، وهي قادرة على زيادة العمالة وتعبئة المدخرات الفردية الصغيرة، ويمكن لإنتاج هذه الصناعات أن يوسَع في السوق المحلي، ويضمن إنتاج بعض السلع التي يصعب الحصول عليها، كما تساعد في إعداد الكوادر الفنية، كما يمكنها من تنمية الصادرات ومنه الحصول على العملة الأجنبية وبالتالي تحسين موازين مدفوعات الدول النامية، بالإضافة إلى مساهمتها في تكوين قطاع صناعي متوازن يخدم الاقتصاد الوطني ويساهم في تحقيق الدفع الذاتي لتقدم المجتمعات ولا سيم النامية منها.

ومنه يمكن استعراض الدور الذي يمكن أن تقوم به الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية والذي يتمثل فيما يلي:

  1. تعظيم فرص العمالة و الناتج الإجمالي

 نظرا لما تعانيه الدول النامية من بطالة وخاصة في المجال الزراعي وقطاع الخدمات في المدن، فإن ذلك يجعل من معظم فرص العمالة المنتجة والناتج الصناعي هدفا خلال مراحل التنمية الصناعية، حيث لم يعد القطاع الزراعي قادرا على استيعاب القدر الكبير من قوة العمل،بسبب النمو السريع للسكان وندرة راس المال في معظم هذه البلدان، اذ ان الصناعات الصغيرة والمتوسطة يمكنها ان تقوم بدور ايجابي في توفير فرص العمالة المنتجة في هذه المجال، حيث تبدو اهمية هذه الصناعات التي تنخفض فيها التكلفة الاستثمارية في المتوسط لخلق فرص عمل وهو ما يتوقف على معامل راس المال، ومن ثم معامل راس المال و فكلما كان معامل راس المال ومن ثم راس المال المستثمر للعمل مرتفعا كان الناتج الصناعي والعمالة المحققة من استثمار مبلغ معين من راس المال اقل، وذلك بالمقارنة بحالة ما اذا كان معامل راس المال المستثمر منخفضا، وان الزيادة الاضافية في راس المال المستثمر للعامل في الصناعات الكبيرة لا تتناسب مع الزيادة المحققة في انتاجية العامل، مما يجعل الصناعات الصغيرة والمتوسطة هي الاقدر على تحقيق فرص العمالة والناتج الصناعي المتحقق من استثمار مبلغ معين من راس المال، وذلك بالمقارنة مع الصناعات الكبيرة الحجم.[8]

والجدول (03) يبين مساهمة الصناعات الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص العمل والانتاج الصناعي في بلدان مختلفة. 

المصدر: المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، مقترح أولي لبرنامج تطوير دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، سبتمبر، 2010.

 

  1. رفع الكفاءة الإنتاجية وتعظيم الفائض الاقتصادي 

تبدو المؤسسات الصناعية الكبيرة هي الاقدر على رفع الكفاءة الانتاجية وتعظيم الفائض الاقتصادي،نظرا الى ارتفاع انتاجية العامل فيها بالمقارنة بمؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، ونتيجة لما تتمتع به من وفورات الحجم، فضلا عن تطبيق الاساليب الادارية الحديثة وتنظيم العمل، وجميع المزايا التي يحققها كبر الحجم، وهي تساهم في رفع الكفاءة الانتاجية، ومن ثم تحقيق فوائض اقتصادية كبيرة، الا ان مثل هذا الاعتقاد غير صحيح، وذلك لانه يتجاهل امرا مهما وهو العلاقة بين راس المال المستثمر للعامل والفئض الاقتصادي الذي يحققه، ومن ثم الفائض الاقتصادي الذي يتحقق للمجتمع ككل باستثمار مبلغ معين من راس المال، ومع التسليم بان الفائض الاقتصادي الذي يحققه العامل يتزايد مع كبر حجم المؤسسة، الا انه اذا تم الربط بين راس المال المستثمر والفائض الاقتصادي الذي يحققه بحسب احجام المؤسسات المختلفة، ومن ثم ما يتحقق للمجتمع من فائض اقتصادي على اساس استثمار مبلغ معين من راس المال، يتضح لنا ان مؤسسات الصناعات الصغيرة والمتوسطة هي الاقدر على تعظيم الفائض الاقتصادي للمجتمع.[9]    

ومن ناحية اخرى، فان الصناعات الصغيرة والمتوسطة قادرة على تحقيق الكفاءة الانتاجية، بمعنى انه من خلال ما تحققه من وفرة عنصر راس المال، وهو العنصر النادر في معظم الدول النامية، فهي بذلك قادرة على استخدام الموارد النادرة بكفاءة اكبر، أو هي القادرة على استخدام الفن الانتاجي المناسب الذي يحقق الاستخدام الامثل لعناصر الانتاج. 

  1. تنويع الهيكل الصناعي

تضيف الصناعات الصغيرة والمتوسطة قدرا كبيرا من المرونة والتنوع الى الهيكل الصناعي،وذلك من خلال دخولها في مجالات تتميز بها عن الصناعات الكبيرة الحجم، فحيث يكون الطلب محدودا على بعض المنتجات يصبح من الضروري الانتاج على نطاق صغير، وذلك بدلا من الاستيراد، ومن ثم تقوم الصناعات الصغيرة والمتوسطة بهذه الوظيفة، كذلك قد يصبح من الضروري انتاج بعض الاجزاء والمكونات بكميات قليلة لصالح الصناعات الكبيرة، ومن ثم تصبح الصناعات الصغيرة والمتوسطة هي السبيل لتحقيق ذلك.

وابرز مثال على ذلك صناعة السيارات حيث تؤدي الصناعات الصغيرة والمتوسطة الجانب الابرز من المكونات والاجزاء التي تحتاجها الصناعات الكبيرة في تجميع وصناعة السيارات، ويلاحظ ان هذا النوع من التطور والنمو للصناعات الصغيرة والمتوسطة من شانه ان يسهم في تطور الصناعات الصغيرة والكبيرة على حد سواء.[10] 

  1. تنمية الصادرات 

ان تنمية الصادرات تعتبر بمثابة قضية لمعظم الدول النامية التي تعاني عجز كبيرا ومتزايدا في موازين مدفوعاتها، وبصفة خاصة في الميزان التجاري، فقد ظل التصدير حكرا لوقت طويل على المؤسسات الكبيرة، فالاستثمارات التي كانت تقضي بانشاء شبكات تجارية معقدة مرتبطة بحجوم كبيرة جدا من الاسواق العالمية، لم تكن تسمح حينها عمليا الا بوجود مؤسسات كبيرة الحجم، الا انه في الواقع الحجم الصغير والمتوسط للمؤسسات يمتلك مزايا نوعية تساعد على التصدير ومن بينها:

  • القدرة على التكيف والمرونة، ان قدرة هياكل مؤسسات الصناعات الصغيرة والمتوسطة على التكيف يمكنها ان تعدل من برامج انتاجها لمواجهة احتياجات الاسواق الخارجية، نظرا لما تتمتع به من مرونة تتمثل في تواضع راس المال المستثمر، ومن ثم تكون اقدر على تلبية احتياجات اسواقها وكسب اسواق خارجية للتصدير.
  • التخصص، يؤكد البعض بان التخصص في مجال انتاجي واحد يشكل الخيار الافضل لدخول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الاسواق الدولية.
  • التجديد، ان مرونة المؤسسات الصغيرة هي في التكيف مع المستجدات والتغيرات السريعة في رغبات المستهلكين وتوقعاتهم وتحركات المنافسين في السوق.

ولتوضيح اهمية الدور الذي  تلعبه المؤسسات الصغيرة في التصدير سواء بشكل مباشر او غير مباشر سنشير الى تجارب بعض الدول في هذا المجال، ففي سويسرا تعتمد الصناعات الى حد كبير على الصناعات الصغيرة لانتاج المعدات الالكترونية والساعات والادوية وغيرها، وقد استطاعت هذه الصناعات ان تغزو اسواق العالم، اما هونغ كونغ فتشكل صناعة الملابس الجاهزة التي تتم في مؤسسات صغير حوالى 50 بالمائة من صادراتها، وفي كوريا يبلغ نصيب الصادرات الصناعية من انتاج المؤسسات الصغيرة 35 بالمائة من اجمالي صادرات البلاد.

 

  1. تقدم الخدمات التدعيمية للصناعات الكبيرة

تؤدي الصناعات الصغيرة والمتوسطة دورا مهما في تقديم الخدمات التدعيمية المهمة التي تؤدي الى بقاء  للصناعات الكبيرة، وذلك من خلال علاقات التعاقد من الباطن بين الصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الكبيرة، حيث يمكن من خلالها ان تزود مؤسسات الصناعات الكبيرة بما تحتاج اليه من منتجات تامة الصنع او المنتجات النصف مصنعة التي تستخدمها هذه الاخيرة كمدخلات لانتاجها النهائي، وذلك باسعار تنافسية تمكن من المنافسة في الاسواق الخارجية وهو ما يعرف بدور الصناعات الصغيرة والمتوسطة كصناعات مغذية.[11]   

  1. توزيع الصناعة وتحقيق التنمية الاقليمية

تتميز الصناعات الصغيرة والمتوسطة بانتشارها جغرافيا مقارنة بالصناعات الكبيرة التي تتركز في المدن والمناطق الصناعية، مما يمكنها من القيام بدور مهم لتحقيق اهداف اقتصادية واجتماعية نذكر من بينها مايلي:[12] 

  • توزيع الصناعة حيث تستطيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة ان تؤدي دورا مهما في توزيع الصناعة بين الاقليم، وذلك لان مصانع جديدة في المدن اصبح امرا غير مرغوب فيه اقتصاديا واجتماعيا.
  • التخفيف من الفوارق الاقليمية، وذلك ان قدرة الصناعات الصغيرة والمتوسطة على الانتشار وتوزيع الصناعة بين الاقاليم يساعد على توزيع الدخل بينها ومنه التخفيف من حدة الفقر في المناطق النائية.
  • الحد من الهجرة الريفية نحو المدن حيث تستطيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة من خلال انتشارها في الريف ان تستوعب فائض العمالة الريفية، والحد من درجة البطالة الموسمية وتحقيق استخدام امثل لهذه العمالة.
  1. تكوين الكوادر الفنية والادارية

تؤدي الصناعات الصغيرة والمتوسطة دورا مهما في تكوين الراس المال البشري، وذلك بتامين الحصول على تدريب اقل كلفة مما تؤمنه مؤسسات التدريب الرسمية والمعاهد الفنية، حيث تتسم هذه المعاهد في الدول النامية بالندرة ونقص الامكانات، فضلا على انها وان وجدت فهي غالبا ما تكون محدودة الخبرة.

  1. جذب المدخرات 

إن الصناعات الصغيرة والمتوسطة قادرة على تعبئة المدخرات المحدودة لدى صغار المدخرين الذين لا يستخدمون النظام المصرفي، وبكنهم على استعداد لاستثمارها في مؤسساتهم الخاصة، حيث من المعروف ان طلب الصناعات الصغيرة والمتوسطة على راس المال هو طلب محدود، ومن ثم فان المدخرات القليلة لدى افراد الاسرة قد تكون كافية لاقامة مشروع من مشروعات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، بدلا من ترك هذه الاموال عاطلة وعرضة للانفاق الترفي او حتى ايداعها في البنوك، وهكذا فان انخفاض حجم راس المال اللازم لانشاء وتشغيل هذه الصناعات يجعلها اكثر جاذبية لصغار المدخرين، الذين لا يميلون لانماط التوظيف التي تحرمهم من الاشراف المباشر على استثماراتهم.

وفي الاخير نعرض شكلا يوضح دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة كمحرك للنمو الاقتصادي.

 

 

 

 

 

خامسا: مكانة المؤسسات الاقتصادية في الاقتصاد : 

يبين الجدول رقم 04 مدى تطور نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة في الجزائر من سنة إلى أخرى، وهذا راجع إلى تطبيق برامج التنمية التي شرعت فيها الدولة لصالح هذا القطاع في إطار إستراتيجية الوصول إلى إنشاء 600 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وتشغيل 6 ملايين أجير إلى غاية 2010. أما فيما يخص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمومية فهي تعرف استقرارا نسبيا وارتفاعا في سنة 2005 نتيجة هيكلة بعض المؤسسات العمومية وإنشاء العديد من المؤسسات التابعة لها تتمتع بالاستقلالية التامة وهي قابلة للخوصصة والشراكة، أما الانخفاض المسجل في السنتين الأخيرتين يعود ذلك إلى خوصصة بعض مؤسسات القطاع العام وتغيير طبيعة ملكيتها.

جدول (04): تطور تعداد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (2001-2008) 

 

2001

2002

2003

2004

2005

2006

2007

2008

مؤسسات ص. م خاصة

179893

189552

207949

225449

245842

269806

293946

321000

مؤسسات ص. م عمومية

778

778

778

778

874

739

666

937

 

المصدر: نشرية المعلومات الاقتصادية (الجزائر) عدد 10/2006، وعدد 12/ 2007، وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وعلى غرار التوسع الذي حصل في إنشاء المؤسسات عرف التشغيل تطورا في مناصب العمل كما يبينه الجدول الآتي:

جدول رقم05: تطور مناصب الشغل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (2003-2007) 

 

2003*

2004*

2005 **

2006 ***

2007 ***

مؤسسات ص. م خاصة (الأجراء أرباب العمل)

550386

592758

888829

977942

1064983

المؤسسات العمومية

/

71826

76283

61661

57146

المصدر:* نشرية المعلومات الاقتصادية العدد: 9 سنة 2005

         ** نشرية، عدد 10، سنة 2006.

         *** نشرية المعلومات الاقتصادية العدد: 12 سنة 2007 وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

أما فيما يخص التصدير خارج قطاع المحروقات فان الجزائر قامت برسم استراتيجية شاملة لتنمية صادراتها تستهدف رفع نسبة الصادرات الوطنية خارج النفط، هذا من خلال تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومنها المصغرة خصوصاً والمؤسسات الوطنية ككل، بما يجعلها قادرة على اقتحام الأسواق الدولية، حيث بدأ طرح عدد من الإجراءات بمراحل تصب جلها في بناء اقتصاد خارج النفط.

إن حصيلة التصدير خارج المحروقات تطورت خلال السنوات الأخيرة، وهذا راجع إلى عدة أسباب من أهمها مخرجات الاستثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغرة،والجدول الآتي يبين هذا التطور خلال السنوات 2004 إلى 2007:

الجدول رقم06:  حصيلة التصدير خارج المحروقات ما بين السنوات2004-2007

الوحدة: مليون دولار أمريكي.

السنة2004200520062007
قيمة صادرات السلع والخدمات خارج المحروقات78190711841312

المصدر: منشورات وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية، نشرة المعلومات الاقتصادية رقم 12 ، مؤشرات عام، 2007 ، ص : 46 ، ومؤشرات عام 2006 ، ص : 35 ، ومؤشرات عام 2005 ،35.

الملاحظ من الجدول أن الصادرات خارج قطاع المحروقات في تطور مستمر ليصل في سنة 2007إلى 1312مليون دولار أمريكي، إِ ذ يسهم في التصدير بصفة أساسية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخاصة، هذا ما يجعلنا نجزم بضرورة تدعيم هذا القطاع وترقيته في ظل الإصلاحات الاقتصادية الجارية كرهان أساسي لتنويع مبيعات الجزائر للخارج، ومن ثم زيادة حصيلة البلد من العملة الأجنبية، ومن  ثم المساهمة في التنمية الاقتصادية للبلد ككل.

 

سادسا: آليات و برامج دعم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :

نتيجة للمشاكل و المعوقات التي تعاني منها المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، قامت وزارة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الصناعة التقليدية بوضع مجموعة من الآليات التنظيمية التي من شأنها دعم و ترقية هذه المؤسسات، بهدف تحسين محيط الاستثمار الداخلي والأجنبي المباشر نذكر من بينها :

  1. تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة 

إن عملية تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تقتضي تحسين القدرة التنافسية، لأن عالمية المبادلات و التغيرات العالمية الحاصلة في

الميدان الاقتصادي في ظل هيمنة التكتلات الاقتصادية الكبرى على الأسواق العالمية، تفرض علينا إيجاد الطرق الحديثة و الناجعة في

عملية تأهيل المؤسسات، التي لا تقتصر على حل مشاكل المؤسسات فحسب بل تتعدى ذلك إلى المحيط الاقتصادي ككل.[13]

و لتمكين المؤسسات من مسايرة التطورات الحاصلة في الميدان الاقتصادي، ولكي تصبح منافسة لنظيراتها في العالم، و بالنظر للتحديات المذكورة آنفا التي تنتظرها، أعدت وزارة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الصناعة التقليدية[14]، برنامجا وطنيا لتأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بقيمة ( 01 ) مليار دينار سنويا يمتد إلى غاية سنة 2013 و تتمثل أهدافه الأساسية فيما يلي :

-  تحليل فروع النشاط و ضبط إجراءات التأهيل للولايات بحسب الأولوية ، عن طريق إعداد دراسات عامة تكون كفيلة بالتعرف عن قرب على خصوصيات كل ولاية و كل فرع ، و سبل دعم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بواسطة تثمين الإمكانيات المحلية المتوفرة وقدراتها حسب الفروع و بلوغ ترقية و تطور جهوي للقطاع .

-  تأهيل المحيط المجاور للمؤسسة، و ذلك بخلق تنسيق فعال بين المؤسسة الصغيرة و المتوسطة و مكونات محيطها القريب .

-  المساهمة في تمويل مخطط تنفيذ عمليات التأهيل، والمتعلقة بترقية المؤهلات المهنية عن طريق التكوين و تحسين المستوى في الجوانب التنظيمية و الحصول على قواعد الجودة العالمية (الايزو) و مخططات التسويق .

-  تحسين القدرات التقنية و وسائل الإنتاج .

و ينتظر من هذا البرنامج تنمية سوسيو – اقتصادية مستدامة على المستوى المحلي و الجهوي ، بواسطة نسيج من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذي تنافسية و فعالية في سوق مفتوح، وإنشاء قيم مضافة جديدة و مناصب شغل دائمة، و تطوير الصادرات خارج المحروقات، و التقليل من الضعف التنظيمي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة و التقليل كذلك من حدة الاقتصاد غير الرسمي، و توفير منظومة معلومات معتمدة لتتبع عالم المؤسسة الصغيرة و المتوسطة لتكون في خدمة الاقتصاد الوطني . 

  1.  ترقية المناولة و الشراكة 

إن المناولة الصناعية تعتبر من أهم الوسائل لتنمية القطاع و الأداة المفضلة لتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعليه قامت الوزارة بعمل تحسيسي اتجاه المتعاملين الاقتصاديين للاندماج في فضاءات ترقيتها كبورصات المناولة و الشراكة الجهوية، و تدعيما للتنظيم الموجود لنشاط المناولة ، تم تأسيس مجلس وطني لترقية المناولة يلتقي فيه المناولون و الشركات الصناعية الكبرى لتنمية المناولة الصناعية و تعزيز عمليات الشراكة بين القطاع الوطني الخاص و العام و كذا مع الشركاء الأجانب ، كما تم تنصيب مختلف الهياكل التنظيمية المكونة له .

  1. تطوير المنظومة المعلوماتية الاقتصادية والإحصائية

إن من بين تضارب المعلومات الإحصائية للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة، هو غياب تعريف دقيق لها، ولذلك جاء القانون التوجيهي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة  لسد هذا الفراغ . و تهدف الوزارة المكلفة بهذه المؤسسات إلى بناء نظام معلومات اقتصادي و إحصائي قوي و فعال يمكن هذه المؤسسات من استغلاله في ظروف أحسن .

وعلى الصعيد العملي قامت وزارة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الصناعة التقليدية خلال سنة 2003 بانجاز دراسات و تحقيقات اقتصادية في ثلاثة صناعات [15]، و هي الصناعة الغذائية، مواد البناء، الكيمياء والصيدلة، في حين تم تخصيص مبلغ مالي من ميزانية الوزارة مقداره 100 مليون دج لانجاز مجموعة من الدراسات و التحقيقات الاقتصادية ، من بينها 5 دراسات في طور الإعداد في فروع البناء و الأشغال العمومية، التجارة والتوزيع، الخشب والفلين والورق، الصناعات النسيجية، الإلكترونيك والالكتروتقني والأعلام الآلي .

هدف هذه الدراسات تمكين الوزارة من أخذ صورة دقيقة عن وضعية مختلف قطاعات النشاط ، و تتيح لها فرصة إعداد مخططات التأهيل وإنشاء بنوك المعلومات .

 

سابعا: تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في ظل التعاون الدولي

 لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (MEDA) برنامج  1. ميدا

إن برنامج ميدا المندرج في إطار التعاون الأورو- متوسطي،  وانطلاقا من هدفه الأساسي المتمثل في تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة، عن طريق تأهيلها وتأهيل محيطها، تم تحقيق إلى غاية 2004 حوالي 400 عملية تأهيل وتكوين في إطار الدعم المباشر .

و في هذا الشأن تم تخصيص مالا يقل عن 66445000 أورو كغلاف مالي لتطبيق برنامج دعم تطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، منه 57 مليون أورو ممول من طرف الاتحاد الأوروبي لدعم هذا البرنامج، والمبلغ المتبقي على عاتق الذي بدأ تطبيقه منذ أكتوبر 2000 ، و مدة صلاحية هذا البرنامج 5 سنوات.[16]

2.  التعاون مع البنك العالمي

يتم التعاون مع البنك العالمي و بالخصوص مع الشركة المالية الدولية (SFI) ، حيث تم إعداد برنامج تعاون تقني مع شمال إفريقيا لتنمية المؤسسات لوضع حيز التنفيذ " بارومتر المؤسسات الصغيرة و المتوسطة " قصد متابعة التغيرات التي تطرأ على وضعيتها ، و سيتدخل أيضا هذا البرنامج في إعداد دراسات اقتصادية لفروع النشاط .

  1. التعاون الثنائي :

في مجال التعاون الثنائي و خصوصا في مجال التكوين و الاستشارة ، باشر برنامج التعاون الألماني (PME/CONFORM) تكوينه لمجموعة من الخبراء و الجمعيات المهنية، ثم قام هذا البرنامج بتوسيع شبكته لمراكز الدعم المتواجدة في مختلف جهات الوطن .

إضافة إلى ذلك هناك العديد من برامج التعاون الثنائي، و خاصة مع البلدان التي تكتسب خبرة واسعة في ميدان تنمية و ترقية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كفرنسا و ايطاليا و اسبانيا و تركيا و كندا .

و تسعى في هذا الميدان إلى اكتساب الخبرة الضرورية لتنمية وتأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .

 

 

 

الخاتمة

إن دراسة موضوع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة يحظى باهتمام كبير من طرف العديد من دول العالم، خاصة الدول المتقدمة نتيجة لما حققته هذه المؤسسات من نتائج مرضية في اقتصاديات هذه البلدان، و بنسب معتبرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، عكس ما التمسناه  في الواقع الاقتصاد ، الذي حتى وان كان في تطور إلا انه  ما زال يعتمد على مصدر واحد للدخل و هو مصدر النفط ، فكان توجه الدولة نحو إنشاء المؤسسات الصغيرة و المتوسطة وكذلك وضع البرامج التاهيلية لهذه المؤسسات سواء بوضع مجموعة من الآليات التنظيمية التي من شأنها دعم و ترقية هذه المؤسسات، بهدف تحسين محيط الاستثمار الداخلي والأجنبي المباشر أو عن طريق برامج التعاون الدولي بهدف خلق مصادر متعددة للدخل وتوفير مناصب الشغل وزيادة معدل النمو، و المساهمة الفعالة في رفع الكفاءة الإنتاجية والقدرة التنافسية لهذه المؤسسات.

 


 


[1]- حسان خضر، تنمية المشاريع الصغيرة، مجلة "جسر التنمية"، المعهد العربي للتخطيط، المجلد 01، سبتمبر 2002، الكويت، ص 03.

[2]- نفس المرجع، ص 04.

[3]- مرازقة عيسى، القطاع الخاص والتنمية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة باتنة، كلية الاقتصاد والتسيير، الجزائر، 2007، ص 251.

[4]-  قدي عبد المجيد، المؤسسة الصغيرة والمتوسطة والمناخ الاستثماري، الملتقى الوطني الأول حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كلية الاقتصاد، جامعة الأغواط، ابريل 2002.

[5]- صالحيوسف درديرة ، دور اتحاد عام غرف التجارة والصناعة في تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، ورقة بحثيه مقدمة لندوة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، طرابلس- ) ليبيا، 2005 /7/  27-25 ،ص2.

-[6] الملتقى الإقتصادي- نشرة شهرية تصدر عن قطاع سياسات تنمية صادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة –القاهرة- العدد الثاني والعشرون – مايو 2007

[7]- نفس المصدر السابق.

- صفوت عبد السلام، اقتصاديات الصناعات الصغيرة، دار النهضة العربية، 1993، القاهرة، ص 40.[8]

[9]- نفس المرجع، ص 45.

[10]- محمد محروس اسماعيل، اقتصاديات الصناعة والتصنيع، مؤسسة شباب الجامعة، 1997، الاسكندرية، ص 214.

[11]-  صفوت عبد السلام، مرجع سابق، ص 50.

[12]- السيد فتحي، الصناعات الصغيرة ودورها في التنمية، مؤسسة شباب الجامعة، 2005، القاهرة، ص ص 73 – 75.

[13]-  S.Bagnaso et C.SABEL : PME et développement économique en Europe, ED la découvert, paris, 1994, p :27.

[14]- وزارة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الصناعة التقليدية     www.Ugp-Pme.org.dz 

[15] - Bulletin d’information économique N° 06 , année 2004 ; ministère de PME et l’artisanat , p :05 .

[16]- المجلس الوطني الاجتماعي  CNES  مشروع تقرير – من أجل سياسة لتطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر،2002، ص.16.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

42

متابعين

5

متابعهم

1

مقالات مشابة