مباحث التوحيد وما وراء الطبيعه التوحيد ومعرفه الله تعالى

مباحث التوحيد وما وراء الطبيعه التوحيد ومعرفه الله تعالى

0 المراجعات

#مطبوعات

            • مباحث التوحيد وما وراء الطبيعة
                     التوحيد ومعرفة الله

إن أحد الأقسام الأساسية في نهج البلاغة هي المسائل المتعلقة بالخالق وما وراء الطبيعة فقد بحث الإمام (عليه السلام) في مجموع خطبه ورسائله وكلماته القصار المجموعة في هذا الكتاب ما يقارب أربعين مورداً، بعضها كلمات قصار وأكثرها سطور ہل صفحات
و لعلنا نستطيع أن نعد البحوث التوحيدية في نهج البلاغة من أعجب بحوث هذا الكتاب، فإنها بدون مبالغة، ومع الإلتفات إلى الشرائط الزمانية والمكانبة للصدور تقرب من حدود الإعجاز!

إن بحوث نهج البلاغة حول هذا الموضوع متنوعة ومختلفة:
فقسم منها من نوع النظر في المخلوقات وآثار الصنع والحكمة الإلهية، وفي هذا القسم قد يعرض الإمام للنظام العام في العالم في السموات والأرضين، وقد بشرح مخلوقاً غريباً کالخفاش أو الطاووس أو النمل، فيرينا منها آثار الصنع والحكمة والتدبير والهدفية فيها
ومن باب النموذج نعرض هنا ما بينه (عليه السلام) في وصفه النملة، فقد جاء في الخطبة: (۱۷۷) مانصه:

«ألا تنظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر (١) انظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها. تجمع في حرها لبردها، وفي ورودها لصدرها (٢) مكفولة برزقها مرزوقة بوفقها
لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس (٣) ولو فكرت في مجاري أكلها في علوها وسفلها وما في الجوف من شراسيف بطنها (٤) وما في الرأس من عينها وأذنها لقضيت من خلقها عجباً....» (٥)

ولكن أكثر بحوث نهج البلاغة في التوحيد بحوث عقلية وفلسفية، وفيها يتبين لنا أوج عظمته. ومحور البحوث التوحيدية العقلية فيه مبتن على أساس إطلاق الخالق عن جميع القيود والحدود، وإحاطته بجميع الوجود، وقيمومته على جميع الكائنات. وقد أعطى الإمام (عليه السلام) في هذا القسم من مقاله حق الكلام، فلم يدركه أحد قبله ولن يدركه أحد بعده

وقسم آخر كرر فيه الإمام البحث حول مسألة: أن الخالق مطلق بسيط لا تكثر فيه ولا تجزو، وأن صفات الملحق عين ذاته لا تغایر بینها أبداً

و هناك مسائل أخرى عميقة من قبيل: كون الخالق أولاً في آخريته و آخراً في أوليته وظاهراً في باطنيته وباطناً في ظاهريته، وأنه أعلى من الزمان وأسمى من العدد، وأن قدمه ليس قدم زمانیاً ووحدته ليست وحدة عددية، وفي علو الخالق وقدرته وغناه الذاتي وإبداعه، وأنه لا يشغله شأن عن شأن، وأن كلامه عين فعله، وفي مدى قدرة العقول على درکه ومعرفته، وأن معرفته من نوع تجليه على العقول، لا من نوع إحاطة الأفكار بمفهوم ومعنى معين، وبكلمة: في سلب الجسمية، والحركة، والسكون، والتغير، والمكان والزمان، والمثل، والضد، والشريك، والشبيه، واستخدام الآلة، والمحدودية، والمعدودية عنه تعالى

هذه هي المباحث المطروحة في هذا الكتاب العجيب، والتي أصابت أفكار الفلاسفة العقائديين من المتقدمين والمتأخرين بالحيرة والدهشة والذعر والإعجاب

وإن تفصيل البحث حول جميع المسائل الواردة في العقيدة في نهج البلاغة مما لا يتحقق مقال أو مقالين، بل يحتاج إلى كتاب كبير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) جمع بشرة وهي ظاهر الجلد الإنساني
(٢) الصدر - محركا - الرجوع بعد الورود وقوله بوفقها بكسر الواو أي بما يوافقها من الرزق ويلائم طبعها 
(٣) الجامس الجامد
(٤) الشراسيف: مقاط الأضلاع وهي أطرافها التي تشرف على البطن
(٥) نهج البلاغة ج٢ ص١١٦_١١٧


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

6

followers

3

followings

6

مقالات مشابة