أول رئيس للجمهورية العربية المصرية
"لا سبيل لمعرفة الحاضر او قرأة المستقبل سوى بتعقب الماضي "
لم أجد أفضل من تلك الكلمات لإفتتاح مقالي هذا ، فمشكلتنا العويصة من وجهة نظري هي عدم معرفتنا بماضينا ، فالماضي هو مرأة المستقبل ، فقارئ التاريخ كثيرا ما يجد أن “التاريخ يعيد نفسه” فتتبع أصل الأشياء يقودنا لمعرفة مستقبلها ، تماما كما في علوم الفلك ، فمعرفة أصل الشمس ومكوناتها الأساسية إستطاعو تقدير عمرها الإفتراضي “10 مليار سنة”، والأن أترككم مع المقال أملاً أن ينال حسن إعجابكم
مجموعه من المخربين يشعلون النار في سينما ريفولي لتشتعل معها القاهره وتشتعل معها قلوب المصرين بين المؤيدين للملك ومعارضيه ، فمن هم هؤلاء المخربين ؟ هل هم من أتباع الملك وحاشيته أم من أنصار الظباط الأحرار ؟ أم أن ذلك الحريق كان محض الصدفة فقط ! وماذا نتج عنه ؟ وكيف نتعلم من أخطاء السابقين ؟ كل تلك تسؤلات أُأكد فيها صحة المقولة المذكوره أعلاه ، وأحد أهم الشاهدين والمؤثرين على تلك الفتره التي نسجت المحيط الذي نعيش فيه اليوم هو ذلك الراحل محمد نجيب ، ليس لأنه أول رئيس للجمهورية المصرية العربية فقط ، بل لأنه كان في دهاليز الحكم وكان دائم الإحتكاك بالنظام الحاكم وعلى رأسهم الملك فاروق .
ولو كان بالشخص العادي لما زُج به في محبسه بفيلا المرج ثلاثون عاماً تقريبا ! ثلاثون عاماً تحت الرقابة والمصادرة وكتمان الأفواه حتى نسيت العوام أمره . وان كان كل من عليها فان ، فلا بد أيضا للحق ان ينتصر ، ولو بعد حين .
ولكن بداية من هو محمد نجيب ؟ وما أصله ؟ وكيف إستطاع ذلك الشاب ان يتخذ قراراً واحد غير به حياته و حياة أمةٍ كاملة ، بل شكل العالم العربي الذي نعيش فيه الأن!
جدته لأمه مصرية الأصل من (المحلة الكبرى) ، أما جده فهو محمد عثمان بك ، أحد كبار الظباط بالجيش ، وكان معروف عنه الشجاعة والتقوى والكرم وحسن الضيافة ، حيث كان يستقبل الرحالة والعربان حتى تحول منزله الى مضيفة ، وهي من أنقذت عائلته فيما بعد !
بعد قيام ثورة المهدي عام 1881 وبعد مرور 4 أعوام وتحديدا يوم 26/1/1885 سقطت مدينة وادي مدني والتي كان فيها منزل محمد عثمان بك فأجتعموا حوله بعد ان قطعوا رأس ( فرج باشا ) قائد حامية أخرى بالخرطوم ، وعلى الرغم من إمكانية محمد بك على الهرب ، الا أنه أصر على الدفاع عن داره ومعه أخوته الثلاث ، حتى أنه أوصى إبنه الأكبر أن يقتل كامل الأسره حتى لا تذوق طعم الذل والمهان من بعد أن يأسروا ، وبالفعل وقعة الواقعه و إستشهد محمد بك ومعه أخوته الثلاث في مشهد يضرب به في الشجاعة والإستبسال ، ولم يتبقى ألا أن ينفذ ولده وصية أباه ويقتل كامل الأسرة ، ولكن هذا لم يحدث !
فقد تقدم إثنان من العربان ، الذين كانوا ينزلون المضيفة وكانو من أمراء جيش المهدي ، ليدخلا الدار ويرفعا الراية البيضاء ، بأمر من محمد أحمد المهدي ذاته ، وذلك لما كان معروفا عن محمد عثمان بك من الكرم والشجاعة والوفاء .
وكانت تلك اول لعبة للقدر مع محمد نجيب !
عاشت العائلة ولكن من دون عائل تعول عليه ! فقد كانت العائلة مكونة من الزوجة (جدة محمد نجيب ) وإبنها الأكبر إسماعيل وطفل يدعى عبدالوهاب ورضيعة تسمى زهرة والتي ستصبح فيما بعد والدة الرئيس محمد نجيب ، عاشت العائلة أياما صعبة فأضطرت الزوجه على أن تحيك ملابس الدراويش ، وأضطر عبدالوهاب في عامه الخامس عشر على العمل في التجارة ليساند العائلة حتى أتخذ قراراً لعب دوراً كبيراً في حياة إبن أخته محمد نجيب الذي لم يكن له وجود وقتها . ليلعب القدر لعبته الثانية من محمد نجيب !
يتبع…