بعد الخليج ومصر قطر تسعى للتقارب من تونس
بعد الخليج ومصر قطر تسعى للتقارب من تونس
قطر تخطب ود العرب بعد العداء
ناصبت جوارها في الخليج العداء حتى قاطعوها واتهموها بدعم الارهاب ، ثم عادت تخطب الود وتنشد جبر ما كسر ولملمة اجزاء ما تحطم ، فبدا ان دول الخليج وخاصة الامارات والسعودية قد عفت عما سلف ، لتندفع المصالحة الخليجية قدما وتتوج بزيارات متبادلة على ارفع المستويات.
وبعد سنين الجفاء مع مصر ودعم حركة الاخوان المسلمين وتوليهم الحكم فيها ، ومحاولة اسقاط حكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، تراجعت خطوات الى الخلف ورأت في القاهرة سد العرب المنيع ، فتغاضت من يصفها العرب بام الدنيا عما حدث ومضت بالصلح قدما ، فلطالما قالت القاهرة ان دماء العروبة تجب ما قبلها وما بعدها.
واليوم يبدو انه لم يبقى امام قطر للتقرب منه وتعتذر عما سلف منها صوب العرب الا تونس التي سامتها خلال عام هجوما لا هوادة فيه ، دعما لحركة النهضة التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع السلطات في الدوحة ، التي وجدت ضالتها وسبيلها للوصول الى قصر قرطاج في الازمة المالية التي تمر بها تونس ، وعدم موافقة البنك الدولي حتى الان على منح قرض لها.
فكيف تتحرك قطر الان نحو تونس؟
وما هي فرصها للعودة اليها دون التفريط بورقة النهضة؟
كيف تتحرك قطر الان نحو تونس؟
منذ اتخاذ الرئيس قيس سعيد للاجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو من عام الفين وواحد وعشرين للاطاحة بحكم حركة النهضة في تونس وسيطرتها على الحكومة والبرلمان ، بقي التوتر سيد المشهد بين الدوحة وتونس ، حتى ان الاذرع الاعلامية لقطر خاصة قناة الجزيرة اطلقت حملة اعلامية واسعة ومتخصصة للهجوم على تونس وضد رئيسها قيس سعيد ومساره السياسي ، بهدف قلب الشارع تونس عليه.
اذ لعبت قطر على انها كانت ستكون سبب البحبوحة الاقتصادية للتونسيين حال بقوا تحت حكم حركة النهضة المحسوبة على الاخوان المسلمين والمدعومة قطريا ، خاصة وان قطر ربطت تونس معها منذ ثورة عام الفين واحد عشر باتفاقات عدة ، ودعمت من خلالها الدوحة تونس ماليا واقتصاديا واعلاميا.
قبل ان يفاجئ الرئيس قيس سعيد قطر بما اسماه اجراءات لكف يد عن تونس نهائيا ، وانهاء اي تدخل للاخوان المسلمين او قطر بحكم تونس ، والاطاحة بمنظومة حكم تقودها اطراف سياسية قريبة من الدوحة ، خاصة بعد فتح ملفات فساد عدة تورطت بها هذه الاطراف حينها استعارت الخلافات القطرية التونسية ووصلت اوجه.
اسباب الخلاف بين قطر وتونس
وكان لا ادل على المشهد من اختيار رئيس الحكومة التونسي الاسبق هشام المشيشي الاقامة في قطر بعد انهاء سلطاته واسقاطه في تونس ، حيث ظهر في عدد من الاجتماعات الى جانب امير قطر تميم ، ما وجه حينها رسالة قوية وسلبية للسلطات التونسية وللرئيس قيس سعيد ، لكن المشهد اليوم ما عاد شبيها بالامس مع اتخاذ قطر قرارات لا تتعلق بتونس فحسب بل تتعداها لتشمل اعادة النظر في علاقات الدوحة بكل جوارها الخليجي والعربي.
ويبدو ان قطر ترى الان في الازمة المالية التي تعاني منها تونس الباب الافضل لدخول الدبلوماسية القطرية من جديد الى البلاد لتوطيد العلاقات مع حكامها بعد ان تعرض نفسها على شكل طوق نجاة للحكومة التونسية التي تبحث عن موارد ودعم مالي في ظل ازمتها الخانقة وفشلها الى الان في الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9مليار دولار.
وفي ظل هذه الازمات التي تعصف بتونس ، اطلت قطر برأسها عبر ارسال مساعد وزير الخارجية القطري محمد الخليفي الى تونس ، وهناك بدا ان تونس تلقفت الرسالة ، فكان الرئيس قيس سعيد شخصيا باستقبال مساعد الوزير ، وفي قصر قرطاج باحة محمد الخليفي بالرسالة الشفوية التي حملها من امير قطر تميم بن حمد ال ثاني ، ومفادها بان قطر ستظل دوما سندا لتونس ، وهي حريصة على توثيق العلاقات الثنائية وتعزيزها ومواصلة ترسيخ قيم الاخوة والتآزر.
كيف استغلت قطر الازمة المالية لتونس
فكان رد الرئيس التونسي على الفور بان ما تريده وما تأمله تونس اعطاء دفع جديد لعلاقات التبادل والاستثمار والشراكة مع قطر وانجاز مشاريع استثمارية وتنموية في تونس ، ولم يقف التفاعل الايجابي للرئيس قيس سعيد مع المبادرة القطرية هنا.
بل جاء الرد الواضح مع محاولة الدوحة للتقارب مع تونس عندما اجرى الرئيس سعيد مكالمة هاتفية مع امير قطر خصصها لشكره على ايفادي الخليفي ، وعلى استعداد قطر لدعم تونس وشعبها في مواجهة كل المصاعب المالية التي تعيشها الا ان وصول المدد المالي والاقتصادي من قطر الى تونس بحسب محللين لا يجب ان يتوقع معه الرئيس قيس سعيد رفع الدوحة غطاء دعمها عن حركة النهضة او القوى السياسية المتحالفة.
اذ تؤكد مراكز بحوث سياسية ان النهضة رغم اسقاطها من دوائر الحكم بتونس ما زالت ورقة بيد الدوحة يمكنها ان تحرك بها انصارها في الشارع ، الا انه لا يوجد خيارات كبيرة امام قيس سعيد في مواجهة الازمة المالية الا التفاعل الايجابي مع رسائل امير قطر ورغبة الدوحة انهاء جمود العلاقات بين البلدين منذ صيف 2021.
لكن ربما قد ينفع الرئيس سعيد والحكومة التونسية بحسب مراقبين الاستفادة من التجربة المصرية التي فتحت الباب لاموال واستثمارات قطر ، دون اعادة فتح الباب امام اي عودة لدور الاخوان المسلمين بمصر ، رغم معرفة القاهرة باستمرار تأثير ودعم الدوحة لجماعة الاخوان بكل مكان.
فهل تستطيع تونس ان تطال دعم قطرللخروج من ازمتها المالية الخانقة دون السماح بعودة حركة النهضة الى مفاصل حكم الدولة.