الأكوان المتعددة- من يسكن هذه العوالم وكيف يمكننا السفر إليها..
تخيل نفسك رئيسا لأقوى دولة في العالم. تخيل عالما تكون فيه الجرذان حيوانات أليفة والقطط حيوانات منبوذة ومزعجة. أو عالما تكون فيه هوليوود عربية . لكن كل ذلك قابل للحدوث في عالم مواز لعالمنا أو أنه يحدث بالفعل الآن و نسختك من العالم الموازي تحكم دولة وكل ذلك يحدث في آن معا. في عالم مواز لعالمنا قد لا يوجد شيء اسمه فيروس كورونا أو قد تكون أنت من أعددت هذا المقال وأنا مكانك أقرأ ما كتبته لي عن هذه النظرية. كان أجدادنا يعيشون في وقت ظنوا فيه أن الأرض هي محور الكون إلى أن أتى مجموعة من العلماء وأثبتوا لنا أن الشمس هي محور الكون. واليوم نعيش داخل نظام شمسي في مجرة درب التبانة العملاقة التي هي واحدة من مئات المليارات من المجرات. صدمت هذه الحقيقة غالبيتنا في بداية طرحها هو اعتبرناها خيالية وهي الآن من المسلمات، وأصبحنا على أعتاب حقيقة أخرى قد ننكرها لسنوات طويلة، وقد تصبح حقيقة يوما ما.
الأكوان المتعددة
الأكوان المتعددة أو كما أفضل أن أطلق عليها اسم نظرية الصداع لأنك فعليا وبعد قرائتك للمقال ستغلق هاتفك وتتوقف عن فعل أي شيء لتضع يديك على وجهك وتبدأ بالضحك بدون سبب، ويمكن ألا تنام لعدة ليال بسبب ما ستقرأه. فكيف بدأت هذه الفكرة المجنونة؟ وهل استطاع العلم إثبات صحتها؟.
ميكانيكا الكم
بدأ مفهوم تعدد الأكوان يتبلور بفكره هيو ايفرت في عام 1945م الذي اقترح هذه النظرية ميكانيكا الكم. فكرته كانت مجنونة وخيالية ولم تجد أي إقبال عليها مثل أن يقول لك أحدهم الآن اكتشفت طريقة يمكننا السفر من خلالها للمريخ بثلاث دقائق، فهذه فكرة مجنونة وأقرب للخيال كفكرة هيو ايفر. اعتبر ايفر أن هناك أكوان أخرى متوازية ومتعردة عن كوننا وتشبه الكون الذي نعيش فيه، وهذه الأكوان متفرعة من الكون الذي نعيش فيه، وأيضا كوننا متفرع من أكوان أخرى، والحياة على هذه الأكوان تشبه حياتنا ولكن بصور مختلفة ونهايات مختلفة أيضا.
يقول مبدأ عدم اليقين ل هيازنربج UNCIRTINTY PRINCIPLE، بل أنه لو رصدنا مجموعة من الجزيئات على المستوى الكمي نلاحظ أنها ستتصرف بشكل غير منضبط، وهذا سيجعلنا غير متأكدين لا من طبيعة ولا صفات هذه المادة الكمية. ولاحظ العلماء أن الفوتونات والتي تتكون من رزم صغيرة من الضوء تتصرف على شاكلة، مرة كجسيمات بطبيعة وخصائص معينة، ومرة أخرى كـ موجات بطبيعة وخصائص مختلفة. للتبسيط أكثر تخيل أنك قابلت شخصا اسمه جميل وأتيت في اليوم التالي لمقابلته وكان قد تحول إلى جميلة وأنت في الحقيقة لا تعلم هل هو جميل أم جميلة، ولكن عندما تنظر إليه من بعيد فسيظهر أن لك جميل وجميلة بآن واحد. ليأتي تفسير كوبنهاجن لـ ميكانيكا الكم الذي طرحه الفيزيائي الدنماركي نيلز بور، ويقول أنه عندما نقوم بملاحظة شيء كمي فنحن نؤثر في سلوكه وتجبره على اختيار حالة واحدة فقط. بالعودة إلى المثال السابق، فإننا نرى هذا الشخص جميل وجميلة من بعيد، ولكن عندما نقترب فسيظهر لنا بحالة واحدة فقط، أي أنه عندما نقوم برصد الإلكترون ستنهار دالته الموجية وتجبره على الظهور بصورة واحدة وهذا ما يسمى بالوضع الفائق. هيو ايفيرت اتفق مع نيلز بور حول فكرة الوضع الفائق وفكرة دالة الموجة لكنه اختلف في نقطة أخرى. فبالنسبة لـ إيبرت قياس الشيء الكمي لا يجبره على اتخاذ حالة معينة أو أخرى. بدلا من ذلك، فإن هذا القياس يسبب بانقسام الكون إلى كونين وكل واحد من المكونين يمثل نتيجة محتملة للقياس.
فمثلا بالنسبة لـ إيفيرت أنت الآن تجلس على الكرسي وأمامك تليفون ولابس توب وكتاب. تقرر في نهاية الأمر أنك ستقرأ الكتاب وتمسكه بيدك. في هذه اللحظة بالذات، فإن الكون انقسم إلى عدد الاحتمالات التي كانت. كانت لدي، فأنت قرأت الكتاب في هذا العالم وفي عالمين متوازيين قسما عن عالمك في أحدهما سيمسك التلفون، وفي آخر ستفتح اللابتوب. وللمقارنة بشكل أفضل، حاول العالم إرفين شرودنغر شرح هذه الظاهرة من خلال تجربة ذهنية تدعى قطة شرودنغر.
قطة شرودينجر
تخيل وضع قطة داخل صندوق ومعها جهاز يصل بين مادة مشعة وغاز السيانيد السام. عندما تتحلل المادة المشعة فسوف ينطلق الغاز السام ويقتل القطة مع العلم أن المادة المشعة يمكن أن تتحلل بعد ساعة بنسبة خمسين بالمئة. ومن الممكن أيضا أن لا تتحلل بنسبة خمسين بالمئة. بعد مرور ساعة، سنطرح السؤال التالي هل القطة ميتة أم حية؟ المنطق السليم يقول أن القطة حية وميتة بنسبة خمسين بالمئة لكل احتمال. أما في عالم الكم فإن القطة ستكون حية وميتة في نفس الوقت حتى نقرر فتح الصندوق ونرصد ما بداخله فإن الدالة الموجية ستنهار وتأخذ حالة واحدة فقط. أما في عالم ايفيرت فإن الدالة الموجية لن تنهار بل سينقسم الكون إلى كونين في لحظة الرصد كون تكون فيه القطة على قيد الحياة وكون القطة فيه قد ماتت. لكن نظرية إيفيرت بقت ضعيفة ولم يعرها أحد أي اهتمام حتى بدأت تخرج نظريات أخرى تثبت وجود العوالم المتعددة.
التضخم الأبدي
طردت نظرية الانفجار العظيم أن الكون بدأ من انفجار ضخم وعنيف. حدث ذلك منذ أربعة عشر مليار سنة. ثم هدأ الكون وتلاحم ليسمح بتكون المجرات. إلا أن تلك النظرية لا تخبرنا بنقطة البداية أو بالقوة التي أطلقت كل شيء. وفي عام 1979م بدأت الإجابة تدور في عقل عالم الفيزياء آلان غوث. توصل غوث إلى أن الجاذبية في الطور الأول للكون كانت تعمل على تباعد الأجسام بدلا من تقاربها، أي بطريقة عكسية عن التي نعرفها اليوم، وأدى ذلك إلى توسع الكون بشكل ضخم. قوة الجاذبية كانت عظيمة من خلال الحسابات التي أجراها غوث. وبحسب غوث لو افترضنا وجود جسم صغير في الفضاء بحجم الذرة، وبسبب تلك القوة التي سيتعرض لها سيتم تضخيمه ليبلغ حجما يقارب حجم مجرة درب التبانة في أقل من مليار مليار جزء من طرفة عين. سمي لاحقا هذا التوسع بنظرية التضخم الكوني، لكن كان من المستحيل التأكد من هذه الحسابات في ذلك الوقت، إلا أنه وفي عام 1989م، أطلقت ناسا قمرا صناعيا لاستكشاف شعاع خلفية الكون ولحقه مسبار ويلكنسون عام 2001م. وفي عام2003م استطاع القمرين الصناعيين قياس إشعاع الخلفية الكونية بدقة متناهية ليصلوا لنتائج مطابقة تماما لما وصل إليه غوث، وبذلك أكدوا صحة نظرية التضخم الكوني. لكن ما علاقة هذا التضخم بفكرة الأساسية حول الأكوان المتعددة؟ توصل الفيزيائي ألكسندر بلينكن بجامعة تافتس إلى فكرة مفادها بأن الكون لن يتوقف أبدا عن التوسع، وأن الانفجار العظيم يحدث باستمرار، وأنه ليس مميزا بكوننا فقط. فإذا كان الانفجار يحدث باستمرار بـ أكوان مختلفة، فهذا يدعم نظرية العوالم المتعددة. وأرجع العلماء سبب تسارع الكون بهذه الضخامة إلى وجود طاقة خفية أطلقوا عليها اسم الطاقة الداكنة.
نظرية الأوتار والأبعاد
تتكون الذرات من قطع مادية أصغر وهي البروتونات والنيوترونات التي تتكون بدورها من جزيئات أصغر تدعى الكوارك. إلا أن الفيزيائيين قد توصلوا إلى أن الكوارك قد لا تكون الأصغر، وإنما تحتوي على حلقات وشرائط صغيرة مهتزة من الطاقة أطلقوا عليها اسم الأوتار وأصبحت فيما بعد تعرف بنظرية كل شيء، والتي تعتبر أن كل شيء موجود في هذا الكون مصنوع منها.
هذه الأوتار شبيهة إلى حد كبير باهتزاز الأوتار الموسيقية التي تنتج نغمات مختلفة في كل مرة. وتؤدي ذبذبات هذه الأوتار في كل مرة إلى نشوء القوى المختلفة التي تتحكم بهذا الكون. كما أضافت نظرية الأوتار مفهوم الأبعاد الأخرى. على سبيل المثال، نحن نعيش في عالم ثلاثي الأبعاد أو رباعي الأبعاد إذا اعتبرنا الزمن البعد الرابع. لكن نظرية الأوتار تفترض وجود أحد عشر بعدا مختلفا والطريقة التي تتموضع فيها هذه الأبعاد تعتبر بمثابة الشيفرة النووية للكون والتي تحدد كيف يجب أن يكون. ومن المتوقع أن تشكل هذه الأبعاد العديدة أكوان مختلفة في قوانينها وحقائقها. تقول النظرية أن الجاذبية يمكنها التدفق بين هذه الأكوان المتوازية، وحينما تتفاعل هذه الأكوان فإنه ينشأ انفجار كبير مثل الذي أدى لنشوء كوننا. ولكن لماذا لا نستطيع أن نرى هذه الأبعاد؟.
في الحقيقة لأنها خارج نطاق رؤيتنا. فعلى سبيل المثال أنت الآن ترى شجرة كبيرة من بعيد بمنظور 2D، ولكن بمجرد الاقتراب منها بإمكانك رؤيتها بمنظور 3D. أما الآن فتخيل أنه لا يمكنك أن تقترب من هذه الشجرة نهائيا. إذا ستبقى بنظرك ك 2D. وهذا هو حال الأبعاد الأخرى في نظرية الأوتار. أي أننا إذا كنا لا نراها فهذا لا يعني أنها غير موجودة. ولكن بعد كل هذه الحقائق هل استطاع العلم التجريبي إثبات صحة نظرية العوالم المتعددة؟ الجواب هو لا وإثباتها أشبه بالمستحيل. ولكن في عام 1995L. سأل الباحث الأميركي ديفيد كروب اثنان وسبعين من أهم علماء الفيزياء حول إيمانهم بـ الأكوان المتعددة. وكانت النتيجة أن ستين بالمئة منهم يؤمنون بهذه النظرية.
فهل ستنضم إليهم وتكون من المؤمنين بهذه النظرية؟ أم أن لك رأيا آخر؟ أخبرنا بذلك بالتعليقات.