جولدمان ساكس يرفع سقف التوقعات: الذهب نحو 4,000 دولار وأكثر
أشار فيه إلى أن أسعار الذهب قد لا تتوقف عند توقعاته السابقة البالغة 4,000 دولار للأونصة، بل قد تتجاوزها بفعل عاملين رئيسيين يرى البنك أنهما سيغيران قواعد اللعبة في سوق المعادن النفيسة.
في هذا المقال نستعرض رؤية جولدمان ساكس بالتفصيل، ونسلط الضوء على العوامل التي قد تدفع الذهب إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، إضافة إلى تأثير ذلك على المستثمرين والأسواق الناشئة.
الذهب: الملاذ الآمن في مواجهة الأزمات
منذ بداية عام 2024، ارتفعت أسعار الذهب بشكل متسارع مدفوعةً بمخاوف الركود العالمي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، إلى جانب الضغوط التضخمية المستمرة. وكالعادة، لجأ المستثمرون حول العالم إلى المعدن الأصفر باعتباره الملاذ الآمن الأول في أوقات الأزمات، ما عزز الطلب بشكل لافت.
ومع ذلك، يذهب جولدمان ساكس إلى أبعد من مجرد توصيف الذهب كملاذ تقليدي، إذ يرى أن هناك محركات جديدة قد تدفع الأسعار إلى تخطي حاجز التوقعات السابقة، وجعل مستويات 4,000 دولار مجرد محطة في مسار صعودي أطول.
السبب الأول: البنوك المركزية تغير قواعد اللعبة
أحد أبرز العوامل التي ركز عليها جولدمان ساكس هو الطلب المتزايد من البنوك المركزية، خصوصاً في الأسواق الناشئة. ففي السنوات الأخيرة، عززت العديد من الدول – مثل الصين والهند وتركيا وروسيا – احتياطاتها من الذهب بشكل ملحوظ، في خطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي والتحوط ضد تقلبات العملات.
ويشير البنك إلى أن هذه الموجة من الشراء ليست مجرد تحرك قصير الأمد، بل تمثل استراتيجية طويلة الأجل لإعادة هيكلة الاحتياطيات النقدية العالمية. ومع استمرار التوترات بين الاقتصادات الكبرى، يتوقع جولدمان أن يظل الطلب المؤسسي على الذهب قوياً خلال السنوات المقبلة، ما سيخلق دعماً صلباً للأسعار ويدفعها إلى مستويات أعلى مما كان متوقعاً.
السبب الثاني: الاستثمار الفردي وصناديق المؤشرات
إلى جانب البنوك المركزية، يرى جولدمان ساكس أن المستثمرين الأفراد وصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) سيشكلون قوة إضافية في دعم صعود الذهب. ففي بيئة تتسم بعدم اليقين، يبحث الأفراد عن أدوات تحفظ لهم قيمة أموالهم بعيداً عن تقلبات الأسهم والعملات الرقمية.
كما أن التوسع السريع في استخدام صناديق الذهب المتداولة جعل الاستثمار في المعدن النفيس أكثر سهولة وسيولة من أي وقت مضى. ووفقاً لجولدمان، فإن أي موجة جديدة من التدفقات الاستثمارية إلى هذه الصناديق قد تمثل عامل تسريع قوي يدفع الأسعار لتجاوز السقف النفسي البالغ 4,000 دولار.
هل يتحقق السيناريو الصعودي؟
رغم تفاؤل جولدمان ساكس، إلا أن هناك تساؤلات مشروعة حول ما إذا كان الذهب سيواصل هذا الصعود الحاد دون توقف. فبعض المحللين يحذرون من أن تشديد السياسات النقدية من قبل الفيدرالي الأمريكي أو تحسن مؤشرات النمو الاقتصادي قد يحدان من مكاسب الذهب على المدى القصير.
لكن ما يرجحه جولدمان أن الضغوط التضخمية المستمرة، مع احتمالية تباطؤ الدولار الأمريكي، ستبقي الذهب في مسار صعودي. وإذا تزامن ذلك مع استمرار الطلب المؤسسي من البنوك المركزية وتدفقات صناديق المؤشرات، فإن الأسعار قد تفاجئ الأسواق ببلوغ مستويات أعلى بكثير مما يتوقعه معظم المحللين حالياً.
ماذا يعني ذلك للمستثمرين؟
بالنسبة للمستثمرين الأفراد، تمثل هذه التوقعات فرصة لإعادة تقييم محافظهم الاستثمارية. فالذهب لم يعد مجرد أداة للتحوط قصير الأجل، بل أصبح جزءاً من إستراتيجيات الاستثمار طويلة الأمد. ومع صعود أسعار الذهب المحتمل، قد يكون الاستثمار فيه وسيلة فعّالة لمواجهة التضخم والحفاظ على القوة الشرائية.
إلا أن الخبراء ينصحون دائماً بضرورة تنويع الاستثمارات وعدم وضع كامل السيولة في أصل واحد مهما كانت التوقعات إيجابية. فالتقلبات المفاجئة في الأسواق قد تؤدي إلى تغير المشهد بسرعة، ما يستدعي مرونة في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
تأثير محتمل على الاقتصادات الناشئة
من المتوقع أن يكون لصعود الذهب انعكاسات مهمة على الاقتصادات الناشئة، خصوصاً تلك التي تعتمد بشكل كبير على استيراد المعدن النفيس مثل الهند. ففي حين قد تستفيد بعض الدول المنتجة من ارتفاع الأسعار عبر تعزيز إيراداتها، قد تواجه أخرى ضغوطاً إضافية على ميزانها التجاري.
لكن في المقابل، فإن قيام هذه الدول بزيادة احتياطاتها من الذهب سيعزز قدرتها على مواجهة الأزمات المالية ويمنحها أدوات أكثر فاعلية لإدارة تقلبات عملاتها المحلية أمام الدولار.
الخلاصة
خلاصة ما يطرحه جولدمان ساكس أن الذهب لا يزال يمتلك هامشاً كبيراً للصعود، وأن المستويات المتوقعة سابقاً عند 4,000 دولار للأونصة قد لا تمثل سوى محطة مؤقتة. فمع استمرار الطلب المتزايد من البنوك المركزية، إلى جانب التدفقات المتنامية من المستثمرين وصناديق المؤشرات، تبدو الطريق ممهدة أمام الذهب لتحقيق قمم جديدة.
بالنسبة للمستثمرين، يبقى السؤال الأهم: هل ستغتنمون الفرصة وتضعون الذهب ضمن استراتيجياتكم الاستثمارية، أم ستنتظرون لتروا ما إذا كان المعدن الأصفر سيكتب فصلاً جديداً في رحلته نحو مستويات غير مسبوقة؟
