
عربية الكشرى وعريية الخردة البداية واحدة والنهاية مختلفة تماما
عربية الكشري وعربية الخردة: البداية واحدة والنهاية مختلفة تماما
مقدمة
في شوارع القاهرة القديمة، حيث تختلط رائحة الكشري بدخان الخردة، تبدأ قصص كثيرة من نفس النقطة: رأس مال محدود، عمل شاق، وحلم بالستر. لكن رغم تشابه البدايات، تختلف النهايات بشكل مذهل.
القصة هنا بين شخصيتين: عبد الغفور البرعي، تاجر الخردة الذي تحوّل إلى إمبراطورية، وسيد كشري، بائع الكشري البسيط الذي امتلك الفكرة لكنه لم يمتلك الجرأة. المفارقة أن سيد نفسه ترك عربته في النهاية، ليصبح موظفًا عند عبد الغفور!
سيد كشري صاحب الفكرة.. لكنه لم ينفذها
بينما كان يجلس مع صديقه عبد الغفور على المقهى، اقترح سيد كشري أن يجرب حظه في يوم إجازته بجمع شوية خردة. كانت نصيحة عابرة لكنها صنعت الفارق.
عبد الغفور التقط الفكرة، ونفذها بعزيمة حديدية. أما سيد، صاحب الفكرة، فقد ظل مكانه يبيع أطباق الكشري.
البداية المتواضعة: ظروف واحدة وأحلام متشابهة
عبد الغفور البرعي: بدأ بعربة خردة متهالكة، رأى في المستعمل ثروة، واستطاع أن يحول المهملات إلى رأس مال.
سيد كشري: بدأ بعربة كشري، حلمه أن يكسب قوت يومه بالحلال مثل آلاف الشباب.
البدايات كانت متشابهة: رأس مال بسيط، عمل يدوي، وعرق يومي. لكن كما يقول كيوساكي: "العقلية هي التي تحدد النهاية، لا الظروف."
عقلية التاجر مقابل عقلية البائع
عبد الغفور فكر بعقلية الأب الغني: لم يكتفِ بالبيع المباشر، بل خطط للتوسع. اشترى مخازن، استثمر في إعادة البيع، أسس شركات، وبنى سمعة.
سيد كشري بقي في عقلية الأب الفقير: يبيع كل يوم ليصرف على احتياجاته، بلا خطة للتوسع أو التفكير في تحويل مشروعه إلى سلسلة أو علامة تجارية.
من صاحب الفكرة إلى موظف عند صديقه
مع مرور السنوات، اتسعت إمبراطورية عبد الغفور، وكبرت أعماله حتى صار يحتاج إلى موظفين وإدارة. وهنا جاءت المفاجأة: سيد كشري باع عربته الصغيرة وترك مشروعه المتواضع، ليعمل موظفًا عند صديقه عبد الغفور.
هكذا تغيّرت المعادلة:
صاحب الفكرة أصبح تابعًا.
والمنفذ الجريء أصبح مالكًا للإمبراطورية.
"المال يعمل لك" أم "أنت تعمل للمال"؟
عبد الغفور جعل المال يعمل لصالحه: استثماراته تولّد أرباحًا حتى أثناء غيابه.
سيد كشري ظل يعمل للمال: دخله توقف مع توقف عربته، وحتى حين التحق بالعمل مع عبد الغفور، أصبح دخله مرتبطًا براتبه الشهري فقط.
الرؤية المستقبلية: إرث مقابل يوميات
عبد الغفور: ترك إرثًا اقتصاديًا واجتماعيًا، رمزًا للكفاح والصعود من لا شيء.
سيد كشري: اكتفى بالعيش يومًا بيوم، ولم يترك أثرًا اقتصاديًا يذكر. أصبح جزءًا من منظومة صديقه، بدل أن يصنع منظومته الخاصة.
البعد الرمزي والاجتماعي
القصة هنا تحمل بعدًا رمزيًا:
عبد الغفور البرعي يمثل نموذج الكفاح والصعود الطبقي. رمز لعقلية الاستثمار والجرأة على المخاطرة.
سيد كشري يمثل البساطة والرزق الحلال، لكنه أيضًا نموذج لمن يفتقد الرؤية بعيدة المدى، حتى لو كان صاحب الفكرة الأولى.
الخاتمة: من يملك الإرادة يملك النهاية
الأفكار العظيمة لا تكفي ما لم تقترن بالجرأة والإرادة.
سيد كشري امتلك الفكرة، لكنه لم يملك الشجاعة لتنفيذها. فترك عربة الكشري ليعمل موظفًا عند صديقه.
عبد الغفور التقط الفكرة، وأطلق طاقته، فبنى إمبراطورية كاملة.
الدرس الأكبر:
القصة ليست في الفكرة ولا في العربة التي تبدأ بها حياتك، بل في العقلية التي تحوّل الحلم إلى حقيقة. البداية قد تكون واحدة، لكن النهاية دائمًا يحددها الفكر والإرادة.