
سيكولوجية العلاقات: ما بين التعلّق والهروب

العلاقات يا صاحبي مش مجرد قعدة على قهوة ولا كلمة "بحبك" بتتقال وخلاص. العلاقات معقدة، ليها جذور في اللاوعي، في الطفولة، في الجروح اللي محدش شافها غيرك. ولو بصينا بجد، هنلاقي إن أغلبنا ماشي بين خطين: يا إمّا متعلّق زيادة عن اللزوم، يا إمّا هارب من أي قرب.
١- الحكاية بتبدأ من الطفولة
الطفل اللي كان يلاقي حضن مفتوح وأم تسمعه وأب يحس بيه، بيتعلم إن القرب أمان. ولما يكبر، يعرف يحب من غير ما يتوتر.
لكن الطفل اللي اتساب يعيط بالساعات من غير ما حد يهتم، أو كل ما يطلب حاجة يتشخط فيه، بيتزرع جواه فكرة: "مفيش أمان. القرب خطر." ده لما يكبر ممكن يا إمّا يتعلق زيادة ويخاف يتساب، يا إمّا يبني جدار حوالين قلبه ويهرب من أي علاقة.
٢- التعلّق مش حب، والهروب مش قوة
التعلّق الزيادة يخليك تفتكر إنك من غير الشخص التاني مش هتعرف تعيش. تبقى قاعد طول الوقت مرعوب يسيبك، وساعتها تخنقه لحد ما يهرب فعلًا.
الهروب يخليك تبان قوي ومستقل، لكن الحقيقة إنك مجرد خايف. كل ما حد يقرب، تلاقي نفسك بتنسحب، مش عشان مش بتحب، لكن عشان مش قادر تتحمل فكرة إنك تتجرح تاني.
٣- لعبة "قرب وبُعد"
في ناس جوا العلاقات يلعبوا اللعبة دي من غير ما يقصدوا: واحد يقرب، والتاني يبعد. اللي بيقرب يبقى تعبان من إن كل مرة يلاقي نفسه بيجري ورا، واللي بيبعد يبقى مرعوب من إن القرب يخنقه. تلاقي العلاقة كلها بقت شد وجذب: يومين سعادة، وأسبوع قلق.
٤- الوعي هو نقطة البداية
مفيش علاج من غير ما تعترف. تسأل نفسك:
"أنا بتعلّق زيادة؟"
"أنا بهرب من أي حد يقرب مني؟"
"أنا بعمل الاتنين مع بعض؟"
الوعي مؤلم، لأنه بيخليك تشوف نفسك بوضوح، لكن هو أول خطوة عشان تفك الشباك اللي ماسكاك.
٥- إزاي نوازن بين التعلّق والهروب؟
اعترف باحتياجك: مفيش عيب إنك تحتاج حد، بس العيب إنك تسيب حياتك كلها معلقة على وجوده.
ادّي مساحة: القرب الحقيقي محتاج نفس يتسع. كل طرف لازم يكون عنده حياته، هواياته، ودوائره الخاصة.
واجه خوفك: لو إنت من النوع اللي بيهرب، جرّب تقعد مع إحساس القرب بدل ما تهرب منه. اسأل نفسك: "إيه أسوأ حاجة ممكن تحصل؟"
اتكلم: الكلمات البسيطة أوقات بتفك عُقد كبيرة. قول "أنا بحس بالقلق لما متردش"، أو "أنا بخاف أبين ضعفي". الكلام يكسر الدائرة.
٦- العلاقات مرايا
الحقيقة اللي بنهرب منها إن أي علاقة هي مرآة. اللي بتحبه بيبان فيه جروحك القديمة. لو عندك نقص في التقدير، هتفتكر إنه مش مقدّرك. لو عندك خوف من الهجر، أي غياب بسيط هتحسه تخلي. العلاقات مش بس حب أو عشرة، هي كشاف بيكشف لك أعماق نفسك.
٧- مش كل علاقة لازم تكمل
ساعات أفضل علاج هو الانسحاب. مش كل علاقة تقدر تشيل حجم جروحك وجروح اللي قدامك. فيه علاقات وظيفتها إنها تكشفك لنفسك، وتعلّمك درس، وتسيبك تمشي. وده مش فشل، ده تطور.
الخلاصة العميقة:
العلاقات معركة داخلية أكتر من إنها معركة خارجية. بين قلب بيصرخ "قربني"، وعقل بيهمس "ابعد". السيكولوجية بتقول إن الحل مش إنك تلغي التعلّق، ولا إنك تلغي الاستقلالية، لكن إنك توازن بينهم. تكون قادر تقول: "أنا محتاجك، بس أنا كمان واقف على رجلي."
العلاقة اللي تعيش مش اللي تخليك أسير ولا اللي تخلّيك جدار، لكنها اللي تديك جناحين: جناح للقرب، وجناح للحرية.