جسر القرم ... الذي غير ملامح بوتين !!
فجر يوم السبت ثمانية اكتوبر وقع انفجار هائل على جسر ممر كيرتش، وهو
الجسر الذي بنته روسيا بعد غزوها لشبه جزيرة القرم في ألفين وأربعة عشر.
التحقيقات الروسية أظهرت أن الانفجار تم عن طريق شاحنة مفخخة بمتفجرات
شديدة الانفجار استهدفت الجسر. روسيا دفع الدم الباهظ في بناء الجسر ردا على
شنيب الشريان حيوي للنقل البري بين هوب القرم. هذا خط إمداد مدني وعسكري
يعني الكثير جدا لروسيا. مش طبيعي أبدا. إنك تسمع حد يقول إن ضرب جسر أو
أي منشأة من منشآت البنية التحتية ممكن يغير مسار حرب أو يدخلها في حيز جديد.
هذا كلام غريب جدا. أهلا بحضرتك. انا اسمى ديفيد ماهر وفي هذا المقال الكلام
نحلل إن ضرب جسر القرم لم يكن مجرد عمل محدود ضد منشأة من منشآت البنية
التحتية، بل إن العملية هذه كانت نقطة تحول كارثية في هذه الحرب، وهذا الذي
.سأثبته لحضرتك حالا ..
في البداية بدا تفجير الجسر الروسي وأنه مجرد إحراج جديد أو إهانة جديدة للدولة
الروسية مثله مثل إغراق الطراد العملاق موسكو للأسطول الروسي في البحر
الأسود. وروسيا فى وضع حرج بعدما تلقي ضربة مؤلمة معنويا بالهجوم المضاد
المحدود الذي عملته القوات الأوكرانية في اتجاهات خاركيف ودونيتسك. لكن عند
التدقيق في الصورة قليلا لابد ان يلفت انتباهك أن هذا أول هجوم تعمل أوكرانيا
على أرض روسية منذ بداية الحرب. هذا تطور مهم جدا. هذا تطور خطير جدا.
جسر القرم يقع على بعد حوالي مئتين وخمسين كيلومترا من أي موقع أوكراني
.وبعيد تماما عن مدى الأسلحة الأوكرانية
من شهرين ثلاثة بدأت الطائرات بدون طيار الأوكرانية تظهر في الموقع. وروسيا
بدأت تواجهها منظومة الدفاع الجوي بتاعتها. هذا شجع بعض المحللين أنهم يقولوا
إن الهجوم على الجسر تم بصواريخ وليس بشاحنة مفخخة، أو إن في مجموعة
كوماندوز أوكرانية قاموا بتلغيم الجسر بعد تسللها من البحر. الكلام دا ليس تحليل
هذا مجرد تشجيع في القدرات الأوكرانية مش أكتر لأن الصور بتاعت كاميرات
المراقبة تؤكد أن العملية تمت بشاحنة محملة بالمتفجرات. لكن اللي يهمنا إن الهجوم
على بعضه يعني أن مجال تأثير الضربات الأوكرانية اتسع ووصل لمناطق كانت
تعتبر من كم شهر مستحيل عليها تضليل جسر دا تحديدا لو أي ضربة ثانية في أي
مكان تاني
السبب الأول : في اختيار جسر القرم بالتحديد سبب واضح، وهو محاولة ضرب
هدفين مهمين هقول لحضرتك عليهم ثمين استراتيجيا كجسر القرم. إن روسيا
تستخدمه لإحكام سيطرتها المدنية والعسكرية على شبه جزيرة القرم. بدون هذا
الجسر لن يبقى هناك ممر بري آمن لإمداد القرم، وهذه منطقة نسبيا فقيرة محتاجة
الإمدادات المدنية العادية من روسيا، وفي نفس الوقت هي منطقة استراتيجية
وحيوية جدا جدا بالنسبة لروسيا، ويجب أن تحافظ على خطوط إمدادها بالجنود
والسلاح والذخيرة والمهمات العسكرية اللازمة لعملياتها في جنوب أوكرانيا. الجسر
ليس سليم معافى لحسن حظ روسيا ولنقل عليه بالشاحنات والسكة الحديد ليس
متواصل بعد إصلاح الأضرار التي أصابته خلال ساعات قليلة. بس لو الخط قطع
.كانت ستكون ضربة نوعية ومعنوية قيمة جدا لأوكرانيا وحلفائها
السبب الثاني : له علاقة بسير العمليات في الهجوم المضاد التي تعمل أوكرانيا على
محوري الشرق والجنوب الشرقي. القوات الأوكرانية حققت قدر من النجاح في
إجلاء القوات الروسية عن المناطق التي تحتلها غرب نهر دنيبرو وعلى شن أوفر
على حضرتك المجهود التفكير في ما سيحدث مستقبلا. روسيا ستنسحب من كل
المناطق التي غرب النهر علشان تتفادى الحصار وتركز في حماية المناطق التي
هي مسيطر عليها بشكل كامل. العمليات الأوكرانية اتجهت جنوبا ويبدو لي أن
أوكرانيا عايز تعمل هجوم قريبا على محوري خير سون وذا بورجيه، على أمل أنها
تنجح في قطع القوات الروسية من النصف وعزل القرم بريا عن باقي الأراضي
التي احتلتها روسيا في الأسابيع الأولى للحملة. منذ سقوط ماريوبول، نشأ اتصال
بري من الشرق إلى الجنوب وحتى القرم، وهذا حارم أوكرانيا من سواحلها على
بحر آزوف وجزء من سواحلها على البحر الأسود من ناحية، ومن الناحية الثانية
يسهل العمليات الروسية في المناطق المحتلة وتحقيق هدف قطع القوات الروسية
وعزل القرم. طبعا لو حصل سيحقق انتصار استراتيجي كبير جدا وسيحقق انتصار
معنوي أكبر لانتصار المعنوي. المقصود هو الإيحاء للعالم أن أوكرانيا في طريقها
لاستعادة السيطرة على القرم. هذا لن يحصل. لن يحصل حتى لو سقط الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين نفسه، وروسيا لن تتخلى عن القرم. انسى الموضوع تماما،
وحتى القوى الغربية لن تشجع أوكرانيا على غزو القرم أبدا، لأن العواقب ستكون
وبال على الكل، لكن مجرد الإيحاء بإمكانية سيضعف روسيا معنويا. وعلى شن
يكتمل الإيحاء هذا وعلشان تكتمل الصورة قطع القرم وعزلها هتبقى لحضرتك
أهمية ضرب جسر ممر كيرتش. كلا فهمتني لما أقول لك إن العملية كلها تمثل
تحول نوعي في الصراع. العملية من الناحية القانونية تعتبر أول ضربة على
التراب الروسي وهي في نفس الوقت، كما قلت محاولة للإيحاء بإمكانية قطع القرم
والإيحاء بالتمهيد لغزوة روسيا. أرت الصورة وأدركت خطورة هذا الاقتراح على
أراضيها وأدركت خطورة هذا الإيحاء. وردت بسلسلة عنيفة من الهجمات
الصاروخية التي أصابت عدد من المدن الأوكرانية. ثمانين صاروخ أطلقت من البر
والبحر والجو وأصابت منشآت بنية تحتية في العمق الأوكراني في حوالي عشر
مدن من ضمنهم كييف. إن سكانها باتوا في مترو الأنفاق خوفا من الضربات
الروسية ومن ضمنهم ليفورنو التي هي أبعد المدن غربا في العمق الأوكراني. وكل
هذا فأول يوم رد فقط الصواريخ الروسية أصابت محطات مياه وجسور ومنشآت
حكومية ومدن أوكرانية عديدة نامت في الظلام الدامس بعدما الصواريخ دكت
محطات الكهرباء لدرجة أن أوكرانيا أعلنت في نفس اليوم عن توقفها عن تصدير
الكهرباء إلى أوروبا. توقف أوكرانيا عن تصدير الكهرباء يعني خسارتها الحوالي
عشر مليون يورو من العائدات يوميا، وهذه ضربة قوية جدا لدولة اقتصادها مأزوم
أصلا. قد يبدو لحضرتك إن هذا هجوم صاروخ انتقام من روسيا تلقى الضربة
وردتها على أوكرانيا بأفضل ما يكون، وطبعا سترد أكثر وأكثر. لكن برضو لما
الدقة في الصورة ستلاحظ أن في الهجوم هذا تحديدا روسيا استخدمت صواريخها
الموجهة بدقة على أهداف في كل أنحاء أوكرانيا، وهذا أقل ما يمكن أن توصف به
هو إنها رسالة للقوى الغربية. إن حساباتهم فيما يتعلق بالتسليح الروسي غلط،
وأقصد هنا هو حساباتهم لقدرات روسيا الصاروخية لأن الضربات الروسية
بالصواريخ اللي بجد دي استمرت لعدة أيام وتواصل استهدافها. لنفس النوع من
الأهداف الأرضية التي هي البنية التحتية المدنية والعسكرية. لا شك أن روسيا
عندها مخزونات هائلة من السلاح والذخيرة. ولكن لا شك أيضا إن العمود الفقري
للتسليح الروسي يرجع إلى الحقبة السوفيتية ولا حدود لما المخزونات الروسية من
السلاح تنتهي. لن تكون لدى روسيا القدرة على استكمال عمليتها الهجومية في
أوكرانيا. لاحظ معايا إن من مايو اللي فات والروس على الأرض يستخدموا
صواريخ مصممة في الأساس لاستهداف السفن أو صواريخ غير دقيقة في قصف
الأهداف الأرضية وتصرفت لما تفكر فيها. هتلر أيها غير منطقي. في يوليو بدأت
ظاهرة جديدة وهي أن الروس اتجهوا لاستخدام صواريخ منظومة الاس ثلاثمئة.
وهذه منظومة مصممة أساسا للدفاع الجوي مصممة للأهداف الطائرة. وعندما توجه
لقصف أهداف أرضية يكون مداها قصير جدا وتأثيرها النيران لا يذكر إلا حسبت
القوى الغربية. هو إن روسيا تتفادى استهلاك مخزونها من الصواريخ الحقيقية
المصممة لضرب الأهداف الأرضية، وتستخدم البدائل التي عندها وإن مخزونها من
الصواريخ الحقيقية أقل مما يجب. وبناء عليه لو أوكرانيا تلقت ما وعدت به من
أنظمة الدفاع. الجو الغربية روسيا ستعاني جدا عندما تحتاج تقصف أهداف في
العمق الأوكراني لأنها ستخسر المزيد من السيادة الجوية. الحقيقة أن تحليل الغرب
لموقف التسلح الروسي لا يخلو من الصحة هو غلط ولكن لا يخلو من الصحة.
روسيا توفى سلاح في كل أفرع الجيش الروسي، وهذا إذا وضح تأثير على الكفاءة
القتالية للقوات الروسية التي ما أدرك تحقق تقدم يذكر من ساعة ما سيطرت على
شانك في يوليو، ولذا تعرضت لهجوم مضاد أوكراني ناجح في سبتمبر وأكتوبر.
لكن استخدام الصواريخ الموجهة في الهجوم الانتقام الروسي يقول إن الحسبة
الغربية فيها حاجة غلط. صحيح روسيا فشلت فشل واضح في تحقيق السيادة
الجوية. المعلومات الاستخباراتية ليست دقيقة بما فيه الكفاية ودقة القصف ليست
أحسن حاجة. والدفاع الجوي الأوكراني يجعل روسيا في أشد الاحتياج لاستخدام
الصواريخ بكثافة ودقة وطول وقت الحرب مهما طالت. بكذا يكون كل صاروخ
موجه تملك روسيا يعتبر احتياطي استراتيجي شديد الأهمية. نسأل السؤال الذي
يهمنا نحن السؤال الذي يهمنا في اللحظة دي الصراع دام يسبب هزة سياسية
واقتصادية رهيبة كلنا حسين بها في أسعار الطاقة وأسعار العملات الأجنبية وشح
الموارد. أنا كان نفسي ابشرك بقرب نهاية الحرب، لكن للأسف دا لا يبدو أنه
احتمال قريب، خصوصا وإن الخطاب الصادر عن الجانبين يؤكد أن كل طرف لن
يتوقف إلا بتحقيق أهداف كاملة. أما عن الذي ينتهي الصراع فهذه سهلة في ثلاث
طرق. لا يوجد غيرهم لإنهاء أي حرب. الطرف دا انتصر أو الطرف دا انتصر أو
الطرفين يوصل لتسوية ترضيهم وفي الحرب دي إما أن تنتصر أوكرانيا وتطرد
القوات الروسية من أراضيها بالكامل. ودا احتمالها ناقشه بالتفصيل مع حضرتكم
بعد قليل. وإما أن تكمل روسيا غزوها الجزئي أو الكلي لأوكرانيا ويستقر ليها
الأمر. وذاك منها النقش سواء. وإما باء الطريقة الثالثة وهي أن الطرفين يتفق على
تسوية سلمية تنهي الحرب. وطبعا هذا سيكون أفضل الاحتمالات رغم أن الطرفين
أفلت دماغهم تماما عن فكرة التسوية في الوقت الحالي. ولكن على أي حال ستكون
هناك تسوية مهما كانت النتيجة على الأرض هيكون في تسوية كل حرب في الدنيا
لازم تنتهي التسوية وإلا تبقى مازالت حرب مفتوحة. الموقف التكتيكي للمعركة
والموقف التكتيكي في الوقت الحالي كما يلي. الجيش الروسي خسر عدد هائل جدا
من مدرعات أمام قاذفات الصواريخ المضادة للمدرعات التي تحصل عليها أوكرانيا
بغزارة من حلفائها الغربيين، وهذا إلى حد كبير يخرج المدرعات من حسابات
الحسم في التقدم الميداني، وعندما تخرج المدرعات من حسابات الحسم لتحل محلها
المدفعية، وهذا واقع الحال الميداني حاليا، وهو أن المدفعية باتت هي العنصر
الحاسم في كل تقدم تحققه القوات الروسية. يمكن من أبريل أو من قبله أيضا، وفي
ظروف الحرب الحالية. السبيل الوحيد أمام أوكرانيا للتصدي للمدفعية الروسية هو
استخدام مدفعيتها مدافع في مدافع يعني أوكرانيا محتاجة دمر أكبر قدر ممكن من
المدافع والمدفعية الصاروخية الروسية، ومحتاجة كمان تعطل خطوط الإمداد
بالذخيرة وقطع الغيار أو تعطل خطوط الإمداد. عموما ضرب مواقع المدفعية
وضرب خطوط الإمداد حاجتين أو هدفين ممكن المدفعية لوحدها حقهم. أوكرانيا
حصلت على ترسانة هائلة من المدافع المطابقة لمعايير حلف شمال الأطلسي لكن
الترسانة هذي رغم ضخامتها وكفاءتها مش كافية. الأرقام لا تكذب الغرب منح
أوكرانيا أكثر من مئتين هاوتزر ثقيل وعدد آخر من المدافع الأخف وحوالي خمسة
وعشرين نظام متعدد لإطلاق الصواريخ. المدافع الغربية أثبتت كفاءة أعلى من
حيث الدقة والمدى وتفوقت على أنظمة المدفعية الروسية السوفيتية. بس الأعداد
بتعمل فرق نقطة التفوق الروسية من أيام الحرب العالمية الثانية هي العدد الأكبر
الذي ليس بالضرورة يكون بنفس الدرجة من الكفاءة. أوكرانيا قبل بداية الحرب كان
عندها حوالي ألف قطعة مدفعية العدد. هذا غير كاف إطلاقا لتغطية جبهة قتال
طولها أكثر من ألف كيلومتر. أضف إلى ذلك أن المدفعية الأوكرانية على ما وصلنا
أبريل كانت تقريبا خلصت مخزونها من الذخيرة، وروسيا نشر على الجبهة ده آلاف
المدافع وآلاف من راجمات الصواريخ في فجوة كبيرة جدا في الأعداد. طيب سؤال
الغرب لي ما بسد الفجوة دي ويعطي أوكرانيا مدافع تغطي احتياجاتها وتتفوق عدديا
على المدفعية الروسية. الإجابة بمنتهى البساطة. إن ما فيش عدد هيبقى كافى أي
عدد عمر ما يكون كافي مهما الغرب يقدم السلاح لأوكرانيا عمر ما يغطي الكثافة
العددية ابتعد روسيا حتى لو طلع كل المدافع اللي ترسانته وصنع أدهم مرتين حلو
طبعا ومفيد. إن أوكرانيا تخض ثلاثمئة ولا أربعمائة مدفع زيادة يسندها والعشرين
ثلاثين قاذفة صاروخية. الحاجة دي ممكن جدا تعمل فرق على الأرض، لكن واقع
الأمر أن أوكرانيا عمرها ما توصل حجم التسلح بتاع روسيا. خلونا واقعيين. سيبك
من كلامك اعتبر يا سيدي إن الغرب عنده ما يكفي من قطع المدفعية التي يمكن
يعادل بها التفوق الروسي في أوكرانيا. هذا يعطيها كلها لأوكرانيا عندك مشكلتين.
المشكلة الأولى أن دعم أوكرانيا بالسلاح إلى هذا المستوى يستفز روسيا وممكن
يشجعها على قرارات تخرب الدنيا أكتر. ما هي خربانة ضد أوكرانيا وضد دول
تانية لو لزم الأمر؟ المشكلة الثانية إن الدول الغربية يجب أن تستعد هي أيضا لأي
تطورات في الحرب يجب أن يصدر عندها ما يكفي من السلاح للدفاع عن نفسها لو
جدت في الأمور أمور. إذا هناك حدود أو هناك قيود على القوى الغربية، إنها تمد
أوكرانيا بالحجم الحاسم من المدافع من ناحية يبيد كل قطعة مدفعية وكل دبابة وكل
طيارة تخسرها روسيا في أوكرانيا تخصم من قدرات روسيا على شن أي هجوم
على دول حلف شمال الأطلسي. على علشان كده لاحظ أن الدول الأقرب جغرافيا
لروسيا هي الدول الأكثر كرما في إمداد أوكرانيا بالسلاح لأنهم عارفين إن خسائر
روسيا في أوكرانيا تحميهم من أي حاجة ممكن. روسيا تفكر تعملها مستقبلا بس
الكلام دا ينطبق على الدول الأقرب جغرافيا لروسيا بس باقي دول الناتو والقوى
الغربية مش عزة تستنزف قدرتها على المعركة. ممكن حد من حضراتكم يكون
يفكر الآن في سؤال ما المانع أن الدول الغربية تصنع سلاح وتبعته الأوكرانية
بسرعة؟ ما هي دول عظمى وتعرف تعمل المدفع في دقيقة أو الدبابة بعد أي لما
تعمل كده لا تعمل كدا لأن التصور دا مجرد أوهام. المانع من تصنيع السلاح أنه
عملية تأخذ وقت على سبيل المثال الدبابة الليبور تو تأخذ أربعة وعشرين أسبوع
على شنطة صنع مسألة تأخذ وقت. وأصلا زيادة إنتاج السلاح نفسها تأخذ وقت
وتحتاج قرار سياسي ثقيل وتمويل تقيل وتحولات اقتصادية الدول تضع نفسها فيها،
ولا أعتقد أن هناك أي قوى أوروبية في التوقيت الحالي عندها استعداد تتحمل أعباء
زي دي إلا لو هي نفسها دخلت حرب. فيه اقترحت رح وافق عليه البرلمان
الأوروبي مضمونه هو توزيع عبء تسليح أوكرانيا على الحلفاء الغربيين بشكل
متناسب. الاقتراح ده بيقول لك إيه. بيقول لك أن هناك ثلاث عشر دولة أوروبية
يمتلك مجتمعين حوالي ألف دبابة ليبر تو ألمانية الصنع. وهذه دبابة بكل المقاييس
تتفوق على أي دبابة في العالم. عروس المدرعات والصواريخ الشرعي للدبابة
الأسطورية تايغر تو افضل دبابات القتال الرئيسية في الحرب العالمية الثانية.
الاقتراح باء إن الثلاثة عشر دولة هؤلاء يقدمون أوكرانيا عشرة في المئة من
ترسانتها من الدبابة ليبر تو يعني مئتي دبابة. وبكده أوكرانيا يكون عندها فرقة
مدرعات كاملة بأعلى المعايير الأوروبية الغربية. وبرضو تفضل الترس تشد دولة
بكامل قدرتها المدرعة تقريبا. اقتراح عظيم لكن ابعد ما يمكن عن التنفيذ و مش
عايزين برضو. نستبعد الخبر بتاع إعلان روسيا التعبئة الجزئية لقواتها المسلحة
ضمن المعطيات الجديدة المهمة جدا لأنها ممكن تحقق تقدم كاسح للجيش الروسي
.في أوكرانيا. فإن لم تفعل فهي بالتأكيد لا تطول أمد الحرب
.. نأتي بعد ذلك للاسئلة الهامة
هل يمكن أن تنتصر أوكرانيا؟
هل يمكن أن تنتصر روسيا؟
ممكن أوكرانيا تنتصر على روسيا. نظريا وميدانيا ممكن جدا مع شوية دعم محترم
من القوى الغربية. أوكرانيا تعمل هجوم مضاد كبير في الربيع القادم وتطرد كل
القوات الروسية من أراضيها. أقول لك أمثلة كتير على دول صغرى انتصرت على
قوى عظمى. أمريكا هزمت في فيتنام والإتحاد السوفييتي هزم في أفغانستان. يعني
بيحصل. المشكلة بقى إن هزائم الدول الكبرى تبقى لها نتائج كبرى. نتائج سياسية
كبرى. يعني هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان كانت المسمار الأخير في نعش
الاتحاد السوفييتي نفسه. بعدها مباشرة تفكك وبقى ذكرى تاريخية. وروسيا لو
انهزمت في أوكرانيا نظامها السياسي بالكامل سيفقد مصداقيته ووظيفته ووعوده.
روسيا لو انهزمت مش فقط بوتين سيسقط. روسيا نفسها تسقط وشكل العالم الذي
نعرفه سيتغير بشكل جذري. وروسيا الحالية لن تسمح ندا يحصل وهي ستقاتل حتى
آخر نفس. إن هذا ما يحصل. حتى لو اضطرت تستخدم أسلحتها النووية التكتيكية
التي تكون عبارة عن قنابل نووية صغيرة تحقق عنصر الردع الكاسح من غير أن
تسبب دمار شامل. الدولة الروسية تعرف أن وجودها واستمرارها مرهون
بانتصارها في أوكرانيا أو على الأقل بعدم هزيمتها في أوكرانيا. والسؤال الثاني هل
يمكن أن تنتصر روسيا لولا انتصار أنها تحتل أوكرانيا بالكامل وتخضع نظامها
السياسي أو تنصب نظام سياسي موالي لها؟ فالإجابة لا لن يحصل. القوى الغربية
لن تتخلى عن أوكرانيا نهائيا. ممكن تسمح أن أوكرانيا تخسر جزء من إقليمها
لصالح روسيا إنما تتخلى عنها نهائيا. لن يحصل وليس هذا خطر عيون أوكرانيا
على شن مصالحها على شأن روسيا. متى نموش؟ إلى هذا الحد؟ لأني لو حصل
وأبشر بأن روسيا ستكرر نفس الحكاية مع دول ثانية على رأسها حسب توقعات
فنلندا وجمهوريات البلطيق الثلاثة وبولندا، وأي دولة تقع في مرمى ضربتها ستبقى
معرضة لتكرار نفس السيناريو الأوكراني. القوى الغربية تعرف جيدا أنها لو تخلت
عن أوكرانيا. ستكون النتيجة أن باقي حلفائها في العالم يفقدوا الثقة فيها. وبكده
القوى الغربية ستفقد صفة القوة العظمى. كيف ستكون قوى عظمى وأنت تتخلى عن
حلفاء كما تسميه من خصومك يكلفهم كيف اتحالف معك وأنت التحالف معك. سيكبد
الكثير من الخسائر
إذا غير مسموح لأوكرانيا تنتصر انتصار كامل لأن هذا يهدد روسيا
ولا روسيا مسموح لها تنتصر انتصار كامل لأن هذا سيهدد العالم كله