النفس تشكو و الجسد يعانى
النفس تشكو و الجسد يعانى
رغم كل ما يدور حولنا من تطور تظل مجتمعاتنا العربيه تحيطنا منذ لحظة الولاده الأولى بالكثير من الممنوع و المحرم و تقول لنا ان ذلك ممنوع و محرم ليس ممنوعا او محرما على الجميع و انما علينا فحسب لاننا نساء, و ان علينا فى الحياه ان نمثل ادوارا معينه و لا نحيد عنها كثيرا . و ان نتصرف بأسلوب معين و ان نحس بمشاعر معينه و ان نقبل بأمور معينه. و ان اى خروج على هذه القواعد يعتبر خطأ و تجاوز للحدود, صحيح ان هناك ايضا معايير توضع للرجال , لكن الفرق ان معايير النساء تحاول السيطره عليهن روحا و جسدا فى حين ان معايير الرجال تترك لهم مجالات واسعه و فرصا اكثر ليعبروا من خلالها عن انفسهم بحريه. و نتيجه لهذه التنشئه فان الكثيرات منا يجدن انفسهن فى مواقف متناقضه بين ما نشعر انه من حقنا و ما يحاول البعض فرضه علينا فرضه علينا سواء على مستوى المشاعر , نستعرض فى هذا العمل امثله عديده على هذا التناقض الذى نعيشه .
نحن النساء فى المجتمعات العربيه فى اكثر من موقف فى حياتنا , و الأسئله التى قد تتبادر الى اذهاننا فى فترات مختلفه من حياتنا و نتسائل عما اذا كنا على حق ام مخطئات اذا كنا طبيعيات ام اننا على شفا المرض , و المحاولات الجاهدة التى نبذلها كنساء لكى نتعامل بصمت و كتمان مع الكثير من المشاعر و الأفكار التى نتصور كل واحده منا انها الوحيده فى العالم التى تشعر بها فتتكلم بشأنها حتى لا تلصق بها صفه غير طبيعيه .
ان الشائع عنا نحن النساء اننا نعبر عن مشاعرنا بسهوله الا اننا فى الحقيقه كثيرا ما نكبح الكثير من تلك المشاعر و الأفكار . و نتردد الف مره فى ان نستشير بشأنها اختصاصيا او طبيبا خوفا من وصمه المرض النفسى بل قد نتردد فى ان نسأل عنها حتى اقرب الصديقات و الأصدقاء نظرا لغرابتها و نخشى ان تكون غرابة تلك الأفكار و المشاعر و خروجها عن المألوف دليلا على اننا غير سويات او اننا شخصيات ضعيفه و عاطفيه الى آخر تلك الصفات التى تعودنا ان نوصم بها . و تجنبا لهذا الحكم قد نعيش مع تلك الأفكار و المشاعر و مع القلق منها فى حين ان معرفة اسبابها , مجرد المعرفه هى اولى الخطوات على طريق ازالة القلق و الخوف.
هناك عدة عوامل منها الاقتصاديه مثل الفقر , و هجرة الرجال و ظروف العمل و عوامل سياسيه مثل الكوارث و الحروب و الهجره و التهجير و النزوح , و عوامل اجتماعيه و ثقافيه مثل العادات و التقاليد و الدين و الأدوار الاجتماعيه و القوانين و التشريعات , و قد اشار الكثير من الأبحاث الميدانيه الى ان ثلثى المصابين بالاكتئاب و القلق النفسى نتيجة سوء الأوضاع الاقتصاديه و الفقر من النساء و ان العيش يؤدى الى حاله مزمنه من الضغط النفسى يترتب عليها فقدان الثقه بالنفس و عدم القدره على التكيف و الحصول على فرص عمل ملائمه. و لا يقتصر تأثير الفقر على عدم تلبية احتياجات المرء الماديه بل ان بعض نتائج الفقر قد يترتب عليه اضطرابات عضويه تعبر عن نفسها بشكل اعراض نفسيه مثل سوء التغذيه او حالات فقر الدم التى تصيب النساء اكثر من الرجال فالنساء فى الأسر الفقيره يفضلن اولادهن و ازواجهن على انفسهن فيما يتعلق بالغذاء و الرعايه . و قد اظهرت بعض الدراسات التى اجريت فى بلدان العالم الثالث ان الكثير من اعراض العصبيه و النسيان و عدم القدره على التركيز التى تعانيها النساء ليست بسبب معاناه نفسيه محدده . و انما تعود الى قلة التغذيه المزمنه و الفقر و الخوف من الجوع عندما لا تتوفر حدود الدنيا للاحتيجات اليوميه و عندما تعيش النساء معتمدا على الرجال.
تضطر النساء احيانا الى القيام بأى اعمال متاحه من اجل زيادة دخل الأسره دون ان توفر لتلك الأعمال الشروط الصحيه و التأمينيه او القانونيه اللازمه لحمايتهن , لقد وجدت بعض الدراسات التى اجريت على اعداد كبيره من مرضى الأكتئاب و ان هذه المعاناه تزداد اذا كانت المراه تعمل باجر لا يفى باحتياجاتها و لا يحقق طموحاتها , كذلك فان هذا العمل الماجور هو اضافة الى اعمالهن و اعبائها المنزليه و بذلك تصبح مسئوليتها مزدوجه مع كل ما يترتب على ذلك من اجهاد جسدى و شعور بالظلم و القهر.
لا شك ان العادات و التقاليد و الثقافه تؤثر فى الرجال و النساء و تحدد لهم الأدوار و التصرفات المقبوله و المتوقعه و المرفوضه ولكننا نعتقد ان ثقافتنا العربيه اشد قسوه على النساء العربيات منها على الرجال و رغم كل ما شهدته بلدنا من تغير فى الممارسات الاجتماعيه لكل من النساء و الرجال فى السنوات الاخيره , رغم نزول غالبية النساء الى معركة الحياه العامه و انخراطهن فى التعليم بجميع مراحله و تقلدهن مختلف الوظائف و بروز العديد منهن كنماذج متميزه و مبدعه , و رغم المنظمات النسويه العربيه التى تعمل من اجل الدفاع عن حقوق المراه الا ان الثقافه العربيه مازالت رغم كل المتغيرات التى نشهدها يوميا تميز بين الادوار الخاصه بالنساء و تلك الخاصه بالرجال و تصر على استمرار هذا التميز و تعتبر ان اى اختلاف هو استثناء لا يمثل القاعدة فالمجتمعات العربيه تميل الى اعنبار ان المراه لابد و ان تكوم منسوبه الى رجل فهى دائما ام او اخت او ابنه او زوجة فلان و كثيرا ما لا تكون مقبوله اجتماعيا ان لم تكن منتسبه لأى واحد منهم كذلك ان المراه العربيه مهما بلغ قدر ما حققته من نجاح او انجاز على مستوى حياتها العمليه ينتظر منها ان تتواضع فى علاقتها بالرجل فلا تشعره انها ند له او اكثر علما منه خوفا من ان تجرح بذلك كرامته.