
محمد صلاح: من شوارع نجريج إلى قمة كرة القدم العالمية – قصة إصرار لا تنتهي
محمد صلاح: من شوارع نجريج إلى قمة كرة القدم العالمية – قصة إصرار لا تنتهي
في عالم كرة القدم، قليلون هم اللاعبون الذين استطاعوا أن يتركوا بصمة عميقة في قلوب الجماهير داخل وخارج الملاعب. محمد صلاح، النجم المصري الذي لمع اسمه في سماء الكرة العالمية، هو أحد هؤلاء القلائل. رحلته من قرية صغيرة في دلتا مصر إلى ملاعب أوروبا اللامعة لم تكن سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات والإصرار الذي لا يعرف الانكسار وبالتالي سوف نتعرف على مسيرته منذ نشائته حتى الوصول الى العالمية
1.نشائته
ولد محمد صلاح حامد محروس غالي في 15 يونيو 1992 في قرية نجريج التابعة لمحافظة الغربية. منذ طفولته، كان شغوفًا بكرة القدم، يقضي ساعات طويلة في اللعب في شوارع قريته مع أصدقائه، بينما كان يحلم بأن يصبح لاعبًا محترفًا يومًا ما. لكن الطريق إلى القمة كان مليئًا بالعقبات، فصلاح واجه ظروفًا مادية صعبة،و لم يساعده الحظ بالالتحاق بجامعة كبيرة, وكان عليه أن يقطع مسافات طويلة يوميًا للذهاب إلى تدريبات نادي المقاولون العرب، وهو في سن صغيرة.
2.مسيرته الكروية
المقاولون العرب
بدأ محمد صلاح مسيرته الكروية في أندية اتحاد بسيون وعثماثون طنطا، قبل أن ينضم ناشئًا إلى نادي المقاولون العرب عام 2006، حيث كانت تلك أولى محطاته الإبداعية.
خاض صلاح أول مباراة له في الدوري المصري الممتاز في 3 مايو 2010 وهو في الثامنة عشرة من عمره، أمام نادي المنصورة في لقاء انتهى بالتعادل 1–1، وشارك حينها كبديل. وفي موسم 2010–2011، أصبح لاعبًا أساسيًا في الفريق، وسجل أول أهدافه في 25 ديسمبر 2010 أمام النادي الأهلي في مباراة انتهت أيضًا بالتعادل 1–1. بفضل مهاراته العالية وسرعته الفائقة، لفت الأنظار وأصبح محط اهتمام وسائل الإعلام.
كان صلاح قريبًا من الانتقال إلى نادي الزمالك، إلا أن الصفقة لم تتم بعد رفض رئيس النادي حينها، ممدوح عباس، الذي برر قراره بصغر سن اللاعب وقلة خبرته، لينتقل لاحقًا إلى صفوف نادي بازل السويسري.
بازل
موسم 2012–13
في عام 2012، وبعد الأداء المميز الذي قدمه محمد صلاح مع نادي المقاولون العرب، أتم نادي بازل السويسري تعاقده معه في أبريل من العام نفسه مقابل مليوني يورو، في صفقة تعد قياسية بالنسبة للنادي المصري، مع احتفاظ الأخير بنسبة من أي بيع مستقبلي للاعب. جاء اهتمام بازل بعد متابعته لصلاح لفترة، حيث أقام الفريق مباراة ودية مع منتخب مصر تحت 23 سنة عقب أحداث كارثة ستاد بورسعيد، في 16 مارس 2012 على ملعب رانكوف بمدينة بازل. شارك صلاح في الشوط الثاني فقط، لكنه سجل هدفين، وانتهت المباراة بفوز بازل 4–3. بعد اللقاء، دعاه النادي للتدرب مع الفريق الأول لمدة أسبوع، وفي 10 أبريل 2012 وقع عقداً لمدة أربع سنوات يبدأ من 15 يونيو.
لم يبدأ صلاح أساسياً في بازل، بل شارك في البداية كبديل. كانت أول مباراة له في 23 يونيو 2012 أمام ستيوا بوخارست الروماني، وانتهت بخسارة فريقه 4–2. ثم خاض أول مباراة رسمية في دوري أبطال أوروبا ضد مولده النرويجي في 8 أغسطس 2012، ودخل بديلاً في الدقيقة 74. وسرعان ما سجل أول أهدافه في الدوري السويسري أمام لوزان، مؤكداً فوز بازل 2–0. واصل تألقه في البطولات الأوروبية، حيث سجل في ربع نهائي الدوري الأوروبي ضد توتنهام هوتسبير في أبريل 2013، مساهماً في تأهل فريقه، ثم سجل في نصف النهائي أمام تشيلسي على ملعب ستامفورد بريدج، رغم خروج بازل من البطولة.
حقق صلاح مع بازل لقب الدوري السويسري لموسم 2012–2013، وحل وصيفاً في كأس سويسرا. لفتت موهبته الأنظار محلياً وعالمياً، خصوصاً بعد تسجيله في شباك توتنهام وتشيلسي. حصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري السويسري لعام 2013، وجائزة الاتحاد الأفريقي لأفضل لاعب صاعد في أفريقيا لعام 2012.
مع بداية موسم 2013–2014، سجل صلاح في أول ظهور أمام آرو في 13 يوليو 2013، وأحرز أول أهدافه في دوري أبطال أوروبا ضد مكابي تل أبيب، ثم أضاف هدفين في مرمى لودوجوريتس رازجراد البلغاري. في 18 سبتمبر 2013، أحرز هدف التعادل أمام تشيلسي في مباراة انتهت بفوز بازل 2–1 على ملعب ستامفورد بريدج، وعاد ليسجل هدف الفوز في لقاء الإياب على ملعب سانت جاكوب بارك. خلال موسم ونصف مع بازل، لعب صلاح 79 مباراة وسجل 20 هدفاً في مختلف البطولات.
تشيلسي
موسم 2013–14

للمرة الثانية، وجد محمد صلاح نفسه بين عدة عروض، أبرزها من ناديي تشيلسي وليفربول الإنجليزيين. وعلى عكس توقعات ورغبات جماهيره، اختار الانضمام إلى أصحاب القميص الأزرق، ليصبح أول لاعب مصري يرتدي قميص تشيلسي، بينما كان جمهوره يفضل انتقاله إلى نادٍ يمنحه فرصة أكبر للمشاركة. وفي 26 يناير 2014، أعلن تشيلسي إتمام الصفقة التي قدّرتها الصحافة الإنجليزية بحوالي 11 مليون جنيه إسترليني (13.25 مليون يورو)، بعد أن خطفه من ليفربول الذي كان يفاوضه لأكثر من شهرين.
شارك صلاح لأول مرة مع تشيلسي في 8 فبراير 2014، كبديل في مباراة الفوز 3–0 على نيوكاسل يونايتد، وسجل هدفه الأول في مباراة القمة أمام أرسنال التي انتهت بنتيجة 6–0 على ملعب ستامفورد بريدج. وفي 5 أبريل من العام نفسه، افتتح التسجيل أمام ستوك سيتي، ثم حصل على ركلة جزاء جاء منها الهدف الثاني، وصنع الهدف الثالث، لتنتهي المباراة بفوز تشيلسي 3–0. ورغم هذه اللمحات المميزة، ظل صلاح بعيداً عن التشكيلة الأساسية، مكتفياً بالمشاركة في فترات قصيرة من بعض المباريات.
مع بداية موسم 2014–2015، واجه صلاح أزمة خارج الملعب بعد تقدمه بطلب للالتحاق بمعهد دراسي لاستكمال تعليمه، وهو ما تمت الموافقة عليه في البداية قبل أن يتراجع وزير التعليم العالي عن القرار بداعي عدم حصوله على الدرجات المطلوبة وعدم انتظامه في الحضور، مما جعله عرضة للتجنيد الإجباري. انتشرت حينها أنباء عن احتمالية عودته إلى مصر لتأدية الخدمة العسكرية، قبل أن تُحل الأزمة عبر اجتماع جمع مدرب المنتخب المصري شوقي غريب برئيس الوزراء المصري آنذاك إبراهيم محلب ووزير التعليم العالي.
في موسمه الثاني مع تشيلسي، غيّر صلاح رقم قميصه من 15 إلى 17 بعد أن أصبح الرقم شاغراً برحيل البلجيكي إدين هازارد عن هذا الرقم ليرتدي الرقم 10. لكن وضعه لم يتغير كثيراً، إذ شارك في ثلاث مباريات فقط طوال الموسم، كانت أولها في 13 سبتمبر 2014 أمام سوانزي سيتي، حيث لعب لثماني دقائق فقط بديلاً لسيسك فابريغاس.
فيورنتينا (إعارة)
لم تكن أوضاع محمد صلاح في تشيلسي مرضية لطموحاته أو توقعات جماهيره، إذ لازم مقاعد البدلاء لفترات طويلة، وهو أمر لم يعتده في مسيرته. لذلك قرر الرحيل، وفي 3 فبراير 2015 انتقل إلى نادي فيورنتينا الإيطالي على سبيل الإعارة لمدة ستة أشهر، كجزء من صفقة انتقال اللاعب الكولومبي كوادرادو إلى تشيلسي، مع أحقية فيورنتينا في التجديد لموسم إضافي.
شارك صلاح لأول مرة مع فيورنتينا أمام أتلانتا في 8 فبراير 2015، في مباراة انتهت بفوز فريقه 3–2. وسجل أول أهدافه مع الفريق في المباراة الثانية له، والتي كانت أمام ساسولو، حيث أحرز الهدف الأول وصنع الثاني في لقاء انتهى بفوز فيورنتينا 3–1. واصل تألقه ليسجل هدف التقدم أمام تورينو بعد نزوله بديلاً، قبل أن تنتهي المباراة بالتعادل 1–1، كما سجل هدف الفوز الوحيد ضد إنتر ميلان، مانحاً فريقه ثلاث نقاط مهمة. وفي الدوري الأوروبي، لعب أساسياً أمام توتنهام في دور الـ16 وسجل هدفاً في مباراة الإياب، ليؤكد تأهل فريقه لدور الثمانية. وفي كأس إيطاليا، أحرز هدفين أمام يوفنتوس في نصف النهائي، لينهي سلسلة “البيانكونيري” التي امتدت 47 مباراة دون خسارة على ملعبهم، وليصبح أول لاعب يسجل هدفين في شباكهم في موسم 2014–2015.
واصل صلاح تسجيل الأهداف بعد عودته من مباراة ودية مع منتخب مصر أمام غينيا الاستوائية، فسجل في شباك سامبدوريا في الدوري الإيطالي، وقدم أداءً مميزاً في نصف نهائي الدوري الأوروبي أمام إشبيلية، رغم خسارة فريقه في الإياب 0–3، ليختير ضمن التشكيلة المثالية للمسابقة.
مع بداية موسم 2015–2016، وتحديداً في 6 أغسطس 2015، انضم صلاح إلى نادي روما الإيطالي على سبيل الإعارة لمدة عام مع أحقية الشراء مقابل 5 ملايين يورو. أثار الانتقال أزمة مع فيورنتينا الذي تقدم بشكوى للاتحاد الدولي لكرة القدم، بدعوى أن تشيلسي أخلّ باتفاقه معهم، لكن الحكم جاء لاحقاً لصالح صلاح وتشيلسي.
بدأ صلاح موسمه مع روما بالتعادل 1–1 أمام هيلاس فيرونا، وسجل هدفه الأول في 20 سبتمبر ضد ساسولو، ثم واصل التسجيل في مباراتي سامبدوريا وكاربي. وفي 25 أكتوبر، عاد إلى ملعب أرتيميو فرانكي لمواجهة فريقه السابق فيورنتينا، وسجل هدفاً ساهم في فوز روما بالمباراة الرابعة على التوالي في الدوري الإيطالي. أنهى الموسم كأفضل لاعب في روما، مسجلاً 14 هدفاً في الدوري الإيطالي وهدفاً في دوري أبطال أوروبا، ليصل مجموع أهدافه إلى 15 هدفاً مع ست تمريرات حاسمة، إضافة إلى مشاركته أمام كبار الأندية الأوروبية مثل برشلونة وريال مدريد.
في 3 أغسطس 2016، فعّل روما خيار شراء صلاح من تشيلسي مقابل 15 مليون يورو. وكان موسم 2016–2017 أحد أفضل مواسمه، حيث سجل 19 هدفاً، منها 15 في الدوري الإيطالي وهدفان في كأس إيطاليا وهدفان في الدوري الأوروبي أمام ليون الفرنسي، محتلاً المركز الثاني في قائمة هدافي الفريق بعد إدين دجيكو. كما قدم 11 تمريرة حاسمة، ليكون ثاني أفضل صانع أهداف في الدوري الإيطالي بفارق تمريرة واحدة عن خوسيه كاييخون لاعب نابولي. تميز صلاح أيضاً بصناعة 80 فرصة للتسجيل، وكان ثاني أكثر لاعبي روما تسديداً على المرمى بعد دجيكو. وفي 6 نوفمبر 2016، سجل أول “هاتريك” له في فوز روما على بولونيا 3–0، ليحصل على جائزة أفضل لاعب في الفريق لموسم 2016–2017.
ليفربول
2017–18: تحطيم الرقم القياسي والنجاح الفردي
في 22 يونيو 2017، وبعد الموسم الاستثنائي الذي قدمه مع روما، أعلن نادي ليفربول الإنجليزي عن تعاقده مع محمد صلاح في صفقة تاريخية على جميع المستويات. بلغت قيمة الصفقة 42 مليون يورو (36 مليون جنيه إسترليني) إضافة إلى 8 ملايين يورو كحوافز ومكافآت، لتصبح بذلك أغلى صفقة في تاريخ النادي، متجاوزة الرقم السابق المسجل باسم أندي كارول الذي انتقل عام 2011 مقابل 35 مليون جنيه إسترليني من نيوكاسل يونايتد.
لم يقتصر الأمر على تحطيم الرقم القياسي لليفربول، بل أصبح صلاح أيضاً أغلى لاعب أفريقي، متجاوزاً زميله في الفريق ساديو ماني الذي انضم في صيف 2016 من ساوثهامبتون مقابل 34 مليون جنيه إسترليني. كما أصبح أغلى لاعب عربي في تاريخ كرة القدم، متفوقاً على الجزائري إسلام سليماني مهاجم ليستر سيتي، الذي جاء من سبورتينغ لشبونة مقابل حوالي 30 مليون جنيه إسترليني.
وعلى صعيد ناديه السابق، دخل صلاح التاريخ كأغلى صفقة بيع في تاريخ روما، متخطياً البوسني ميراليم بيانيتش الذي انتقل إلى يوفنتوس مقابل 32 مليون يورو.في صيف 2016. وارتدى محمد صلاح القميص رقم 11 بعدما تنازل له زميله روبرتو فيرمينو البرازيلي عن الرقم في حين ارتدى فيرمينيو القميص رقم 9
و استطاع صلاح منذ ظهوره الأول بقميص ليفربول، وبالتحديد في شوطه الأول يوم 14 يوليو 2017 أمام ويجان أتلتيك، أثبت محمد صلاح نفسه سريعًا بتسجيله هدفًا في المباراة الودية التي انتهت بالتعادل 1–1. وفي 22 يوليو، أحرز هدف الفوز على ليستر سيتي (2–1)، ثم سجل هدفه الثالث في مرمى هيرتا برلين يوم 29 يوليو، قبل أن يضيف هدفًا رابعًا ضد بايرن ميونخ في نصف نهائي كأس أودي الودية في 1 أغسطس.
مع انطلاق المنافسات الرسمية، افتتح صلاح مشواره في الدوري الإنجليزي بهدف في مرمى واتفورد يوم 12 أغسطس (تعادل 3–3)، تلاه هدف في مرمى هوفنهايم بدوري أبطال أوروبا، ثم هدف مميز ضد أرسنال بعد انطلاقة لمسافة 65 متر بسرعة 36 كم/س، اختير كأفضل هدف لليفربول في أغسطس 2017. وفي الشهر نفسه، نال صلاح جائزة أفضل لاعب في النادي.
استمر تألقه حتى الجولة 11 من الدوري حين تصدر قائمة الهدافين برصيد 7 أهداف، ثم عزز رقمه يوم 18 نوفمبر بتسجيل ثنائية أمام ساوثهامبتون، رافعًا رصيده إلى 9 أهداف في 12 مباراة، محطمًا رقم أسطورة النادي روبي فاولر (8 أهداف). لاحقًا، أصبح أسرع لاعب في تاريخ ليفربول يصل إلى 10 أهداف، وأضاف أهدافًا حاسمة ضد تشيلسي وستوك سيتي وليستر سيتي، كما سجل في فوز فريقه على مانشستر سيتي 4–3، وهو أول سقوط للفريق في الدوري ذلك الموسم.
أنهى صلاح الموسم بتتويجه هدافًا للدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 32 هدفًا في 36 مباراة، محطمًا الرقم القياسي لعدد الأهداف في موسم واحد (31 هدفًا) المسجل باسم آلان شيرر وكريستيانو رونالدو ولويس سواريز. كما سجل أول "سوبر هاتريك" له ضد واتفورد (5–0)، وتجاوز رقم ديدييه دروجبا كأكثر لاعب أفريقي تسجيلًا للأهداف في موسم واحد بالدوري الإنجليزي.
إجمالًا، سجل صلاح 44 هدفًا في جميع المسابقات: 32 في الدوري، هدف في كأس الاتحاد، و11 في دوري أبطال أوروبا، متفوقًا على حصيلة ثلاثة أندية كاملة في الدوري ذلك الموسم. ساهم بشكل مباشر في نصف أهداف ليفربول في الدوري (32 هدفًا + 10 تمريرات حاسمة).
جماعيًا، أنهى ليفربول الدوري في المركز الرابع برصيد 75 نقطة، وبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 2007، قبل أن يخسر أمام ريال مدريد 3–1 في مباراة شهدت إصابة صلاح بخلع في الكتف بعد تدخل سيرجيو راموس، ما اضطره للخروج بعد نصف ساعة فقط. ورغم ذلك، أنهى ليفربول البطولة برقم قياسي في الأهداف (47 هدفًا)، منها 11 لصلاح، ليتقاسم صدارة هدافي الفريق مع روبيرتو فيرمينو، ويشكّل مع فيرمينو وماني أكثر ثلاثي هجومي تهديفًا في تاريخ دوري أبطال أوروبا (32 هدفًا مجتمعين).
2018–19: بطل دوري الأبطال وهداف الدوري للمرة الثانية
في 2 يوليو 2018، وقع صلاح عقدًا جديدًا طويل الأجل مع ليفربول.
صرّح المدير الفني يورغن كلوب أن الأخبار كانت بمثابة بيان نوايا حول مكانة ليفربول في عالم كرة القدم، ودورها في جعل محمد صلاح أكثر التزامًا بالنادي. في 12 أغسطس، سجّل صلاح هدفه الأول هذا الموسم، والذي كان أيضًا أول أهداف ليفربول، في الفوز الكبير 4–0 على وست هام يونايتد. وفي 20 أغسطس، ساهم في فوز فريقه 2–0 على كريستال بالاس، حيث لعب دورًا أساسيًا في صناعة الهدفين، أحدهما من ركلة جزاء حصل عليها بعد تعرضه للعرقلة مرتين، والآخر بتمريرة حاسمة لساديو ماني. ثم في 25 أغسطس، أحرز هدف الفوز الوحيد أمام برايتون، وفي 30 أغسطس 2018، اختير ضمن الثلاثة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أوروبا، محققًا المركز الثالث، كما حل ثانيًا في جائزة أفضل مهاجم.
في 3 سبتمبر، تواجد صلاح ضمن القائمة النهائية لجائزة أفضل لاعب في العالم من فيفا، واحتل المركز الثالث. ورغم الجدل الذي أثير، فاز بجائزة بوشكاش 2018 عن هدفه في ديربي الميرسيسايد على ملعب أنفيلد. وفي 24 أكتوبر، سجّل هدفين أمام النجم الأحمر بلغراد بدوري أبطال أوروبا، وكان هدفه الثاني هو رقم 50 له مع النادي، ليصبح أسرع لاعب في تاريخ ليفربول يصل لهذا الرقم، محققًا ذلك في 65 مباراة فقط.
في 8 ديسمبر، أحرز ثلاثة أهداف “هاتريك” أمام بورنموث، ليقود ليفربول إلى صدارة الدوري، ثم سجّل هدف الفوز على نابولي يوم 11 ديسمبر ليؤهل فريقه إلى دور الـ16 بدوري الأبطال. وفي 19 يناير 2019، أحرز هدفه الخمسين في الدوري الإنجليزي بفوز مثير 4–3 على كريستال بالاس في مباراته الـ72، ليصبح رابع أسرع لاعب يصل لهذا الرقم.
في فبراير 2019، أعلن نادي وست هام عن فتح تحقيق في مقطع فيديو يظهر جماهيره وهي توجه إساءات لصلاح على خلفية ديانته. وفي 5 أبريل، أحرز هدفه الخمسين في الدوري مع ليفربول في مباراة الفوز 3–1 على ساوثهامبتون، محطمًا رقم توريس كأسرع لاعب يصل لهذا العدد من الأهداف للنادي، وذلك في ظهوره التاسع والستين. لاحقًا في الشهر نفسه، سجّل هدفًا رائعًا في شباك تشيلسي ساعد الفريق على معادلة رقم قياسي في عدد الانتصارات بالدوري الممتاز.
وفي 26 أبريل، وصل صلاح إلى مباراته المائة مع ليفربول، محققًا رقمًا قياسيًا جديدًا كأكثر لاعب تسجيلًا للأهداف في أول 100 مباراة له مع النادي، برصيد 69 هدفًا، بعد أن سجّل ثنائية في الفوز 5–0 على هيدرسفيلد. وفي نهاية الموسم، فاز بالحذاء الذهبي للمرة الثانية على التوالي، مناصفةً مع زميله ساديو ماني والجابوني بيير إيمريك أوباميانغ، برصيد 22 هدفًا لكل منهم.
وفي 1 يونيو 2019، سجّل صلاح هدفه الأول في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام توتنهام من ركلة جزاء، ليقود ليفربول للتتويج باللقب السادس في تاريخه.
2019–20: بطل الدوري الإنجليزي الممتاز
شارك محمد صلاح مع ليفربول في كأس السوبر الأوروبي 2019، وفي 9 أغسطس من العام نفسه، سجّل الهدف الثاني في الفوز 4–1 على نورويتش سيتي في المباراة الافتتاحية لموسم الدوري الإنجليزي الممتاز 2019–20. وفي 14 أغسطس، أحرز الركلة الترجيحية الخامسة والحاسمة أمام تشيلسي، ليمنح فريقه الفوز 5–4 بعد التعادل 2–2 في الوقتين الأصلي والإضافي.
في ديسمبر 2019، حل صلاح خامسًا في جائزة الكرة الذهبية، ولعب مباراته المئة في الدوري الإنجليزي، محتفلًا بهدف وصناعة في الفوز 3–0 على بورنموث، ليصبح خامس أفضل هداف إفريقي في تاريخ البطولة. لاحقًا، ساعد فريقه على الفوز بكأس العالم للأندية، وحصل على جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في البطولة.
في 19 يناير 2020، كسر صلاح صيامه التهديفي أمام مانشستر يونايتد بهدف حاسم في الفوز 2–0 على ملعب أنفيلد. وفي 29 يناير، أحرز هدف الفوز على وست هام يونايتد، ليصبح ليفربول أول نادٍ في تاريخه ينتصر على جميع فرق الدوري في موسم واحد. ثم في 7 مارس، سجل الهدف الافتتاحي في الفوز 2–1 على بورنموث، محققًا رقمًا قياسيًا بالفوز في 22 مباراة متتالية على أرضه. بهذا الهدف، بلغ صلاح 20 هدفًا في الموسم، ليصبح أول لاعب من ليفربول يحقق ذلك في ثلاثة مواسم متتالية منذ مايكل أوين. كما أصبح أسرع لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي يصل إلى 70 هدفًا مع نادٍ واحد خلال 100 مباراة.
موسم 2020–21: 100 هدف مع ليفربول
افتتح صلاح الموسم الجديد بثلاثية “هاتريك” أمام ليدز يونايتد يوم 12 سبتمبر 2020، ليصبح أول لاعب من ليفربول يسجل في أربع مباريات افتتاحية متتالية للدوري الممتاز، والثاني في تاريخ البطولة بعد تيدي شيرنغهام. كما كان أول لاعب يسجل هاتريك لليفربول في الجولة الافتتاحية منذ موسم 1988–89.
في 17 أكتوبر 2020، سجّل هدفه رقم 100 مع ليفربول في التعادل 2–2 أمام إيفرتون، ليصبح ثالث أسرع لاعب في تاريخ النادي يصل لهذا الرقم بعد روجر هنت وجاك باركنسون، وأسرع من يحققه في عصر الدوري الممتاز.
وفي 31 يناير 2021، سجل هدفين أمام وست هام، ليصبح خامس لاعب في تاريخ ليفربول يسجل أكثر من 20 هدفًا في جميع المسابقات لأربعة مواسم متتالية، وهو الأول منذ إيان راش. حصل هدفه الثاني في تلك المباراة على جائزة “هدف الشهر” في الدوري الإنجليزي.
كما واصل تسجيل الأرقام المميزة، فأحرز هدفًا في التعادل 1–1 مع نيوكاسل يوم 24 أبريل ليصبح أول لاعب يسجل 20 هدفًا في ثلاثة مواسم مختلفة بالدوري مع ليفربول، ثم سجل في الفوز 4–2 على مانشستر يونايتد يوم 13 مايو، ليحقق فريقه أول فوز على ملعب أولد ترافورد منذ عام 2014، ويصبح أول لاعب يسجل هناك مرتين في موسم واحد لصالح ليفربول منذ 1920–21.
2021–22: تجاوز الـ100 هدف في الدوري الإنجليزي
بدأ محمد صلاح موسم 2021–22 بتسجيل هدف وصناعة هدفين في الفوز 3–0 على نورويتش سيتي، ليصبح أول لاعب يسجل في المباراة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز لخمس مواسم متتالية.
في 12 سبتمبر، أحرز صلاح هدفه رقم 100 في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الفوز 3–0 على ليدز يونايتد، ثم في 25 سبتمبر سجل هدفه رقم 100 مع ليفربول في البطولة نفسها في التعادل 3–3 أمام برينتفورد، محققًا هذا الرقم في 151 مباراة فقط، وهو أسرع من أي لاعب آخر في تاريخ النادي، متفوقًا على روجر هنت الذي احتاج إلى 152 مباراة. بهذا الهدف، دخل صلاح قائمة أفضل عشرة هدافين في تاريخ ليفربول.
في 19 أكتوبر، أصبح صلاح أول لاعب في تاريخ ليفربول يسجل في تسع مباريات متتالية، بعدما أحرز هدفين في الفوز 3–2 على أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا. هدفه الثاني كان رقم 31 له في المسابقة، مما جعله الهداف التاريخي للنادي في دوري الأبطال، متجاوزًا رقم ستيفن جيرارد البالغ 30 هدفًا.
وفي 24 أكتوبر، واصل تحطيم الأرقام القياسية بتسجيل “هاتريك” تاريخي في الفوز الساحق 5–0 على مانشستر يونايتد في ملعب أولد ترافورد. بهذا الإنجاز، أصبح صلاح الهداف الإفريقي التاريخي للدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 107 أهداف، متجاوزًا رقم ديدييه دروغبا (104 أهداف)، وأول لاعب من ليفربول يسجل في عشر مباريات متتالية، وكذلك أول من يسجل في أولد ترافورد في ثلاث مباريات متتالية. كما أصبح أول لاعب خصم يسجل ثلاثية في أولد ترافورد منذ رونالدو في 2003، وأول من يحقق ذلك في تاريخ الدوري الممتاز.
خارج الملعب، يُعرف محمد صلاح بتواضعه وأعماله الخيرية. فقد تبرع بملايين الجنيهات لتطوير قريته وبناء المدارس والمستشفيات، مما جعله رمزًا للإلهام ليس فقط كلاعب كرة، بل كإنسان يحمل قلبًا كبيرًا.
قصة محمد صلاح تبرهن أن الأحلام تتحقق بالإصرار والعمل الجاد، حتى وإن كانت البداية متواضعة. من شوارع نجريج إلى قمة كرة القدم العالمية، يظل صلاح مثالاً للشباب العربي بأن النجاح لا يأتي صدفة، بل هو نتاج العزيمة والتفاني.