
الوظيفة الجنسية في حالة الشلل
لا يزال يوجد مقدار كبير من سوء الفهم والجهل حول هذه القضية المهمة، ويرجع هذا جزئياً إلى حقيقة أن الإحراج غالبا ما يمنع المشلول من طرح أسئلة حول هذه المسألة . بالحقيقة، من الخطأ القول بأن المشلولين عينين (عاجزين جنسياً) او الادعاء بأنهم لا يستطيعون أن يصيروا آباءا. دعونا نتأمل أولا حالة المشلول الذكر:
يحصل لدى عدد كبير جدا من المشلولين انتصابات جيدة، كما يحصل القذف أيضا لدى عدد أقل من المشلولين. بناء عليه فأن أمثال هؤلاء المشلولين يكونون قادري تماما على ممارسة الحياة الزوجية الاعتيادية وعلى التمتع بالأبوة. يحصل لدى معظم المصابين بتلف عند مستوى عال- أعني ذوي تلف الحبل الشوكي – انتصابات جيدة ولو أن القذف يكون غير محتمل. بالإمكان تحسين هذه القضية أحيانا بواسطة أساليب خاصة. يستطيع غالبية المصابين بحالات كهذه من مجامعة شريكته بشكل كاف تماما.
وكيفما كان الحال، فإن الأمر صحيح من أنه يوجد بعض المشلولين عاجزين جنسيا أو غير قادرين على أن يصيروا آباءا. يجب على أي قارئ يظن بأنه لا يعرف تقييم قدراته بالضبط في هذه القضية. أن يستشير طبيبه الذي سوف يوضح له الحال وربما يرسله إلى مركز خاص لأجل إجراء فحوصات إضافية وتلقي المشوكرة.
أما المشلولات الإناث فإنهن أسعد حظا من الذكور، لأن غالبيتهن العظمى قادرات تماما على ممارسات الحياة الزوجية وعلى التمتع بالأمومة. ربما يكون الحبل غير مستحسن في بعض الأحيان بسبب المضاعفات التي ربما تصيبهن أو بسبب ظروف أخرى، غير أن هذا الاستثناء نادر جدا – نقول مرة أخرى أنه من الأفضل أن يتم الحصول على مشورة إضافية حول هذه القضية الشخصية والصميمة من قبل الطبيب المعالج أو عند مراجعة المركز الخاص لإجراء الفحص.
ربما يكون ممتعا للقارئ تأمل نموذج أو نموذجين من المشلولين الذين تزوجوا وأصبحوا أيضا والدين. كانت إحدى المشلولات ممن كن يتعالجن في المركز الوطني لإصابات الصلب فتاة مصابة بشلل تام أسفل الفقرة الصدرية الخامسة – يعني أن مستوى الإصابة يقع أسفل الصدر – وقد التقت قبل بضع سنوات بمشلول آخر مصاب بتلف ذنب الحصان عند مستوى واطئ، فتحابا وتزوجا، وعلى الرغم من المضاعفات الخطيرة التي كانت قد حصلت للزوجة في وقت مبكر بسبب إصابتها بالشلل، فقد حملت وأنجبت طفلا معافى. كان الأبوان الفخوران مقتدرين على تحمل كافة أعباء تربية الطفل – الذي صار عمره ثماني سنوات – على مسؤوليتهما الخاصة. يوجدحاليا في المركز الوطني لإصابات الصلب مريض أخر مصاب بتلف عنقي عنيف جدا، يتوقع أن تنجب زوجته عما قريب طفلهما الثاني. لقد صارت أكثر من واحدة من مريضاتنا السابقات اللواتي كن يتعالجن في المركز أمهات لطفلين ولدا منذ بدء الشلل . لعل الأمر الأهم هو أن تعرض الرجل أو المرأة للشلل لا يعني اطلاقاً أن أي واحد من الأطفال سوف يتأثر بصورة متشابهة أو سوف يكون على الأرجح غير سوي عند الولادة بأي شكل كان .
ربما يواجه أحيانا المشلول الذي ينوي الزواج معارضة تستند إلى اجتهادات دينية. إن الشهادة الطبية التي توضح الحقائق عن الحالة سوف تقنع الهيئات الدينية في الغالبية العظمى من الحالات – بعدم وجود سبب شرعي يعيق الزواج. إن الأمر المفضل دائما بالنسبة للمصاب بشلل نصفي سفلي شوكي أو بشلل الأطراف الأربعة الذي يفكر بالزواج هو أن يحصل مسبقا على مشورة خبير طبي . سوف تساعد هذه المشورة الشخص الذي يهمه الأمر على استبيان أفضل طريقة للتوفيق بين متطلبات الحياة الزوجية وبين حالة عوقه أو عوقها، كما أنها ستجنبه على الأغلب فترة الضيق والفشل العاطفي عند مباشرة الحياة الزوجية نتيجة نقص الخبرة. زد على ذلك ، ولأسباب واضحة، أن الأمر الأصوب دائماً هو أن يتم اطلاع الشريك المأمول بالكامل على جميع الحقائق المتعلقة بمشاركة المشلول أو المشلولة في الحياة الزوجية ، ويكون تقديم هذه المعلومات عن طريق طرف ثالث على الأكثر أسهل وأقل إحراجاً. إن البحث كذلك عن مشورة إضافية بعد الزواج بفترة قصيرة يكون على الأغلب أمرا مجزيا، لكي يصبح بالإمكان دراسة أية قضية جسدية. ينفذ في مركز العلاج الفحص الكامل الذي ينصح به كما تنفذ أية معالجة ضرورية إذا لم يحصل الحمل المرغوب فيه بعد الزواج بوقت معقول.
هناك بعض المشلولين الذين يثبت أن إنجاب الأطفال بالنسبة لهم أمر مستحيل . إن فكرة تبني طفل أو أطفال، في مثل هذه الحالات، يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار . على الرغم من وجود هيئات لا تزال تعد المشلولين غير مناسبين لتبني أي طفل، توجد في هذه الأيام هيئات أخرى تعد المشلول المؤهل بصور جيدة ولديه ماضٍ طبي حسن ودلائل معقولة، بإمكانه أن يكون شخصاً مناسباً بصورة كلية للقيام بمثل هذا الدور. لقد كان عدد من المرضى الذين عولجوا سابقا في مركز إصابات العمود الفقري الوطني موفقين في طلباتهم لتبني الأطفال ، كما أثبتوا بعدئذ أنهم آباء ممتازون.
على الرغم من أن طلبات تبني الأطفال يمكن أن تقدم إلى أية جمعية من جمعيات التبني المعروفة، فإن الأمر غالبا ما يكون أبسط عند الاتصال، قبل كل شيء، بقسم رعاية الطفل التابع للهيئة الصحية في منطقة سكن المشلول، ومع ذلك فربما يكون من الأفضل زيارة طبيب الشخص الذي يكون في الأغلب في وضع جيد لأجل تقديم الاستشارة، خصوصا في مسالة التبني.
المرجع:
فهم الشلل الناتج عن إصابة العمود الفقاري، تأليف الدكتور ج. ج. وولش، ترجمة: أحمد الكججي، مراجعة: غالب سلمان، سلسلة المائة كتاب، طبعة 1986م، وزارة الثقافة والإعلام العراقية.