العناصر المناخية المحددة للعمارة الصحراوية

العناصر المناخية المحددة للعمارة الصحراوية

0 reviews

الصحراء " هي ظاهرة مناخية وإنها المكان الذي يزيد البخر فيه على المورد المائي" .

والمناخ عبارة عن مجموع العناصر المكونة له ، وهي الحرارة وأشعة الشمس وحركة الهواء والسطوح وكمية السحب في السماء والرطوبة النسبية والأمطار.

أن الحرارة وأشعة الشمس الساقطة على الكرة الأرضية هي المكونة لحركة الهواء في تصعيدها وإنزالها على خطوط العرض المختلفة فيما بين خط الاستواء وخطوط الاعتدالين وحتى القطبين .

وهذان العنصران يتعاونان مع التشكيل السطحي للكرة الأرضية من مياه ويابس في تكوين مناطق الصحراوات على الأرض .

إن الرياح التجارية التي تهب على خطي عرض 30 شمال وجنوب خط الاستواء هي من أهم المحددات للصحراوات المتكونة على غرب ووسط القارات في العالم. والصحراء المصرية من هذا المنظور هي: ابنة الرياح الشمالية – الرياح البحرية السائدة.

وتأثير تلك الرياح التجارية في نشأة الصحراوات يمتد إلى حوالي سبعة درجات من خطوط العرض حول خطي الاعتدالين، أي من حوالي خط عرض 15 إلى خط عرض 30 في الشمال وفي جنوب خط الاستواء.

مناخ الصحراء:

درجة حرارة الهواء:

ترتفع الحرارة – بمقياس الترمومتر الجاف، في الظل – مباشرة بعد صعود الشمس، إلى متوسط حرارة الدرجة القصوى 43-49 درجة م، وقد تصل إلى 58 درجة م. وخلال الفترة الأبرد تصل الدرجة القصوى إلى 27-32 درجة م- ويهبط متوسط الدرجة الدنيا أثناء الليل إلى 24-30 درجة م في الفترة الساخنة ، ومن 10 إلى 18 في الفترة الأبرد. والمدى اليومي في الحرارة بين القصوى والدنيا كبير نسبيا حيث يصل ترواحه بين 17و 22 درجة م في اليوم الواحد. ودرجة حرارة الهواء تعتمد في المقام الأول على الطاقة الشمسية الواصلة إلى الأرض من خلال المكونات الثلاث التالية:

46% من مجمل أشعة الشمس أشعة مرئية.

49% من مجمل أشعة الشمس أشعة تحت الحمراء.

5% من مجمل أشعة الشمس أشعة فوق بنفسجية.

الإشعاع الشمسي:

يستمر الإشعاع الشمسي مباشرا وقويا خلال اليوم. ونظرا لخلو السماء من السحب في ذلك المناخ تتسرب  الحرارة المختزنة – خلال النهار بسهولة في شكل إشعاع ذي موجات طويلة نحو سماء الليل البارد.. وقد يتشتت الإشعاع في فترات الضوء الباهت والموزع Haze وبوجه عام يسقط الإشعاع الشمسي على طبقات الهواء الخارجي فوق سطح الأرض بمعدل 1.36 كيلو واط على المتر المربع ، وهو ما يسمى بالثابت الشمسي . وتعتمد كمية الطاقة الشمسية الواصلة إلى الأرض على عدة عوامل هي: خط العرض، والموسم، والظروف المناخية المحلية. وعلى هذا فمن الطبيعي أن تتركز الكمية الأكثر من الطاقة على المنطقة المحصور بين خطي عرض 25 شمالا و25 جنوبا من خطوط العرض، وتقل في اتجاه القطبين .

وكمية الإشعاع الشمسي الساقطة على الأرض، تكون في أشدها حينما تسقط عمودية عليها ، وتقل كلما قل انحراف زاوية السقوط حتى تصل إلى أقل قيمة لها عندما توازي المستوى المستقبل لها. وعموما تعتمد كمية الأشعة الساقطة على ثلاث عوامل هي بالترتيب:

1-زاوية ميل السقوط : كمية أشعة الشمس على سطح مائل تساوي الكمية الأساسية مضروبة في جتا زاوية السقوط . فالكمية المسقطة من الأشعة على مساحة سطح عمودي هي نفس الكمية على المساحة الأكبر من السطح المائل.

2-استهلاك طبقات الجو للأشعة: تمتص طبقة الأوزون جزء من الأشعة، ويشتت جزء آخر الأبخرة وحبيبات الأتربة العالقة في طبات الجو العليا. كما أن ميل الأشعة يطيل رحلتها خلال طبقات الجو، وبالتالي يصل إلى الأرض منها النسبة الأقل.

3-استمرار سطوع الشمس وهو المدى الزمني لفترة ولدوام واستمرار الظروف البيئة الإيجابية على سطح الكرة الأرضية، تتزن الطاقة فيما بين واردها وفاقدها. وإذا كان ما ذكر أعلاه هو صور ورود الطاقة، فصور فقدها تكون كالتالي:

أ-يرتد الإشعاع الطويل الموجات في الخارج حيث يفقد منه حوالي 84% في طبقات الجو العليا ، و16% ينطلق إلى الفضاء الخارجي.

ب-بتحول ماء الأرض إلى بخار – بتأثير الحرارة يأخذ بعض الطاقة المختزنة في الأرض وينطلق إلى الفضاء.

ج- بتلامس الهواء مع سطح الأرض الساخن، يخف وزنه ويرتفع إلى طبقات الجو العليا حيث يفقد حرارته في الفضاء ويحل محل كتله الهواء المرتفع كتله هواء جديد تكرر العملية وترتفع بالحرارة المكتسبة لتفقدها بالتبعية، وهكذا.

وفي حالة الرياح الهادئة أثناء ساعات النهار يستقر الهواء حتى ارتفاع نحو 1 م في طبقات متدرجة الحرارة، ويختلط الحار بالبارد – في تلك الطبقات – فقط عندما تسخن الطبقة السفلى بدرجة كافية لتندفع إلى أعلى.

وفي الليل – خاصة في الليالي الصافية – تفقد الأرض من حرارتها الكثير بواسطة الإشعاع ، وبعد غروب الشمس مباشرة تنخفض حرارتها عن حرارة الهواء. عندما ينعكس اتجاه الحرارة من الهواء إلى الأرض ، فتصبح الطبقة السفلى هي الأبرد.

الرياح:

الرياح الأساسية للمناطق الصحراوية هي الرياح التجارية التي تهب من الشمال الشرقي والجنوب ال غربي نحو خط الاستواء . وهي بهذا تمر على مناطق يابسة نحو البحر، وهي بذلك جافة نسبيا أو غير جافة نسبيا وغير رطبة لا تحمل السحب المسببة للأمطار فهي رياح تحمل ملاح وقسوة الصحراء التي مرت عليها وتنقلها إلى الأرض المتجهة إليها.

وبالإضافة إلى الرياح التجارية السائدة، تنشأ في العادة رياح محلية في المناطق المختلفة نتيجة لسخونة الهواء الملامس للأرض الذي يسبب بدوره ارتدادا حراريا على الأرض ، يخترق كتل الهواء الأبرد الموجود أعلاه ، مكونا – عادة دوامات هوائية محلية. الهواء الساخن، حامل للتراب والرمال، وعادة ما يتحول إلى عواصف رملية. وسرعة الرياح عادة ما تكون بطيئة في الصباح وتزداد سرعتها في فترة الظهيرة، وتصل إلى قمة السرعة في فترة ما بعد الظهر حيث تكون عادة مصحوبة بالدوامات والأتربة.

الرطوبة النسبية:

يتميز البيئات الصحراوية الرطوبة النسبية المنخفضة. والتي تتراوح بين 20% قرب نهاية اليوم، إلى 40% ليلا (في المناطق الساحلية تتراوح الرطوبة النسبية بين 50 و 90%).

تتأثر الرطوبة النسبية بدرجة حرارة الهواء كما تتأثر بكمية بخار الماء الموجود فيه. خلال النهار، تسخن طبقة الهواء الملامسة لسطح الأرض، وبالتالي تقل نسبة الرطوبة بها. وبرطوبة نسبية أقل في الهواء يزداد معدل البخر من الأرض إذا تواجد محتوى الماء الكافي لذلك.

في حالة الهواء المتحرك، يزداد معدل البخر. ولكن تحت تلك الظروف من الهواء المتحرك التي تختلط طبقاته تتقارب كل من درجات الحرارة والرطوبة النسبية فيها وفي الليل ، ينعكس الموقف . وخاصة في الليل الصافي والهواء الساكن غير المتحرك، تبرد طبقة الهواء الملامسة للأرض وتزداد نسبة الرطوبة بها وتصل إلى درجة التشبع والتي تزداد مع انخفاض الحرارة حتى تصل إ لى درجة التكثف الكافية لتكوين الندى.

وعند تكوين الندى يبدأ تكوين الشبورة – وفي حالة سكون الهواء مع ثبوت درجة البرودة، تتكون طبقة سمك 40-50 متر من الضباب قرب الأرض ، وعموما تتراوح الرطوبة النسبية في هذه الحالة بين 10 و 55%.

الأمطار:

وهي قليلة ترتبط بمواسم محددة، وسريعة التبخر. ويتراوح مقدارها بين 50 و150 مم في السنة. وقد تهطل بغزارة وفجأة، في مصاحبة الزوابع المحلية والتي تحدث كثيرا وفي مناطق محددة، وبكميات قد يصل مقدارها إلى 50 مم في ساعات قليلة. وقد لا تحدث الأمطار على الإطلاق وتغيب لسنين طويلة في مناطق أخرى.

حالة السماء:

السماء صافية ، سحبها قليلة نتيجة قلة الرطوبة في الهواء ولونها أزرق داكن ( وهذه الاستضاءة عندها تكون 1700-2500 شمعة/م2) وقد تصبح معتمة خلال الزوابع الرملية والترابية لتصل إ لى 850 ش/ م2 أو أقل وفي نهاية الفترة الحارة ، قد يسبب التراب العالق في الجو حالة من الضباب الترابي يتميز بالضوء الباهت والذي يتسبب في ازدياد شدة الاستضاءة التي قد تصل إلى 3500-10000 ش/ م2 والتي يحدث معها تشتيت في الإضاءة وبالتالي تحدث حالة الانبهار البصري المؤلم.

ويمكن القول أنه في المناطق الصحراوية، وفي مصر خاصة – يوجد تأثير كبير ومباشر وأساسي للعناصر المناخية، وبالتالي لتشكيل وحرة وشدة الهواء على تشكيل المناطق الصحراوية. ويظهر هنا في مصر في صورة توافق بين شكل واتجاهات الهواء وشكل وتكوينات الصحراء ولا مناص – عند دراسة المناخ الصحراوي – في مصر – من أن ندرس التشكيل السطحي لها ، فهي الدليل على شكل واتجاه وقوة الرياح الأساسية في مصر وهي الشمالية.

إذا نظرنا إلى الصحراء – من منظور التشكيل المعماري والعمارة الصحراوية – فلا بد من أن ننظر إلى كل المعمور واللامعمور المصري حتى إذا ما نظرنا إلى أي موقع، لا بد لنا من ربط التشكيل المعماري بالبيئة المحيطة  .فعمارة الخالق في الصحراء هي المؤثر والمحدد لشكل عمارة الإنسان على الأرض، منذ مرحلة اختيارالمواقع على المستوى الإقليمي ومن خلال تأثيرات المستوى المحلي والتفاصيل الموقعية وتشكيل المباني عامة وبشكل المبنى خاصة، إلى خواص مواد البناء في الحوائط الداخلية والخارجية والأسقف والفتحات.

ولقد حاول الكثيرون ، تقسيم العالم – وتقسي الأرض المصرية كذلك – إلى مناطق توضح فيها شخصية المكان المناخية بهدف منطقة التعامل مع التقسيمات من النواحي العمرانية والمعمارية. وكانت الصحراء – دائما تفوز بالاهتمام الأكبر في تحديد موضعها من العالم. حيث تمثل جزء هام من المستقبل حيث بلغت حوالي ثلث المسطح اليابس على وجه الأرض . ولقد أخذت مقاييس درجات الحرارة والرطوبة النسبية أساساً لتحديد المناطق المختلفة، ومنها الصحراء بأنواعها الجافة والرطبة والمطيرة والساحلية . وكان من الطبيعي أن تلحق الحياة البيولوجية بهذه التقسيمات، فيما بين التوزيع العشبي، والآستبس ، وغيرها من المناطق الصحراوية.

الصحراوات على خريطة العالم:

وتتوزع المناطق الصحراوية في العالم – بناء على التصنيف والمعايير المشار إليها في شمال إفريقيا – منها مصر والجزيرة العربية وبعض مناطق في وسط آسيا ووسط وغرب أستراليا. وبعض مناطق أمريكا الشمالية ، وأمريكا اللاتينية.

وبلغت مجموع مساحة المناطق الصحراوية في العالم نحو ثلث مسطح اليابس . وفي مر بلغت الصحراء حوالي 967.00 كم2 موزعة كالآتي:

الصحراء الغربية 186.000 أي بنسبة 70.4 %

الصحراء الشرقية 225.000 أي بنسبة 23.3%

سيناء    60.000 أي بنسبة 6.3 %

صحراء مصر:

هناك العديد من المحاولات لتقسيم أرض مصر مناخياً، من وجهة النظر العمرانية والمعمارية ولا نستطيع الاعتماد كليا على أي منهما في تحديد الصفات المكانية الصحراوية بدون التدقيق في طبيعة الأرض ( جبلية أو صخرية أو رملية).

فسواء كانت التقسيمات المناخية ستة أو سبعة – تبعا لشدة الحرارة ، وقوة الإشعاع الشمسي، ومقدار الرطوبة النسبية ، وقوة واتجاه الهواء ، وتأثير الإنسان بهم على اختلاف درجاتهم ، فإن أيكولوجية البيئة الصحراوية هي مجموع تألف رباعية مكونه من عناصر مناخية أخرى أرضية هي حرارة الهواء وكمية المطر مع طبيعة التربة والمحتوى المائي – نبعي وتصريفي وهي التي تحدد معا التشكيل النهائي للتقسيم الصحراوي الذي يتميز برباعياته المشار إليها كالتالي:

رباعية التقسيم الحراري:

منطقة الساحل الشمالي المصري، وبعمق في اليابس قد يزيد أو يقل عن المائتي كيلومتر حسب الموقع – ويشمل التقسيم شبه جزيرة سيناء – يمثل نوعا من الصحراء الشتوية، ما بين باردة ومعتدلة، تتخللها بعض المواقع الملاصقة للبحر المتوسط، والتي تتميز ببحريتها في التصنيف. أما معظم باقي الإقليم، فهو صحراء قاحلة، اللهم إلا بقعة تتوسط في موقعها بين الصحراء الشتوية والصحراء القاحلة، تتصف بأنها معتدلة شتاء.

رباعية التقسيم المطري:

الساحل الشمالي – في شريط ضيق يتمتع بكمية من الأمطار يتميز به عن سائر الإقليم بأنه شبه صحراوي أكثر مطراً، والذي قد يصل مقداره إلى 250 مم/ سنة يتلو ذلك الشريط الضيق شريط آخر أكبر مساحة وعمقا وذو محتوى مطري أقل سنويا – يتصف بأنه شبه صحراء شديدة جافة والجزء الباقي من الإقليم ينقسم إلى قسمين أحدهما يشمل النصف الشمالي من الصحراء الغربية وكل الصحراء الشرقية ويتميز بصحراويته، والقسم الأخير – وهو النصف الجنوبي من الصحراء الغربية هو الصحراء الكاملة.

رباعية تقسيم التصريف المائي:

القسم الأول فيه بحري مباشر يشمل شريط ضيق على الساحلين الشمالي والشرقي من مصر، يتقابلان في شبه جزيرة سيناء لكي يشملها كلها . وما يتبقى من الصحراء الشرقية صنف بحريا غير مباشرا. أما الصحراء الغربية فغير محدد التصريف فيها، عوضا عن مجموعة المستنقعات الداخلية التي تمثلها مجموعة الواحات الخارجة والداخلة والفرافرة والبحرية ومنخفضي القطارة وسيوه.

والرباعية الأخيرة:

هي ما قد تستحوذ على الانتباه، لصلتها المباشرة في التشكيل الصحراوي . وهي أنواع الصحراء تجتمع في مصر الأنواع الثلاثة المعروفة في العالم وهي الصخرية ( الحمد HAMAD) والحصويه (الرق REG) والرملية، (العرق ERG) بنسب متفاوتة. وقد تقترب نسبة الصحراء الصخرية إلى الرملية من 3 : 1 ، أما الحصوية فهي تقتصر على جوانب الدلتا وعلى الساحلين وفي مناطق ضيقة بين الوادي وهضاب الصحراء، وفي بعض أودية الصحراء الشرقية وأخيرا – في هذه الرباعية – يتبقى المركب القاعدي وهو مجموعة الجبال المجاورة للبحر الأحمر بطول الصحراء الشرقية، وجبل العوينات في أقصى الركن الجنوبي الغربي من مصر.

والتشكيل الأرضي الطبيعي أو اللاندسكيب لمناطق الصحراء ، هي كما قال جمال حمدان في وصفه الدقيق المنفعل والمتفاعل بل والعاشق لعبقرية المكان هو الآتي:

أما الصحراء الصخرية فهي بلا شك أكثر وحشة ووحشية وفحولة، كما أن أشكال التضاريس فيها تبدو بكل ضرواتها وحدتها وغرابتها، نظرا لحدة فعل الرمال السافية فيها، خاصة في أسافلها، بحيث تبقى أعاليها معلقة كالإفريز المتدلي overhanging أو متضخمة على قاعدة مختنقة كعش الغراب، أو معزولة كالتلال الكتلية أو القلاعية، وهي ما يعرف بالقارات الصحراء الرملية أكثر الأنواع الثلاثة رتابة وبالتالي أدعى إلى الملل ، وصحراء الرق الحصوبة هي بلا جدال أكثرها استواء وتمهيدا فإنما هي ما " رق" أصلا من أديم الصحراء ولأن لحركة الإبل والإنسان حتى لتسمى أيضا بـ " السرير" من هنا فهي وسط وطرق الحركة المفضلة في الصحراء وتسعي في طلبها القوافل بقدر ما تنأى عن الصحراء الصخرية والرملية.

وتبلغ خطورة عامل الرياح في أنها هي العنصر الأساسي في "  التجوية الهائلة" للصحراء وتطويرها من حمد إلى رق إلى عرق. وعامل الرياح هو بالتالي المحرك للأحداث في الصحراء طول الزمن – من القديم إلى الحالي وإلى المستقبل . وعلى هذا، فإن ما نراه وندركه من أشكال في تنسيق مواقع طبيعة في الصحراء . وفي مناطق كثيرة حول الطرق التي نرتادها، من أشكال يطلق عليها من المحليين أسماء" الجارات و" حقول البطيخ " و" الخرافيش" ماهي إلا بقايا تلك التجوية التي أحدثت تلك الأشكال من الصخور الحمدية.

وكما شكلت الرياح الصخور الحمدية في حقول البطيخ وغيرها فقد شكلت أيضا الرمال في صور ثلاثية الأبعاد ضخمة المقاسات . فالرياح بسرعتها واتجاهاتها المتنوعة والثابتة والمتغيرة أعطت تلك الأشكال " السيفية " و" الهلالية" أشكالها في كثير من بقاع الصحراء الغربية، وهي تتميز بتواجدها – الهلالية خاصة – بقربها من الواحات الخارجة والأشكال السيفية قد تبلغ من الضخامة بحيث تصل في ارتفاعاتها إلى المائة متر، والهلالية قد يبلغ ارتفاع الجبهة الساقطة فيها 20 متر، أما السطح الذي تشغله تلك الأشكال قد يصل إلى حوالي سدس مسطح مصر.

والصحراء فعلا مملكة الرمال والرياح .. والرياح هي لعنة الصحراء ، فليس أسوأ ما في الكثبان وجودها وحسب، ولكن تحركها أيضا والكثبان تتجه نحو الجنوب والرمال تجاه الشرق".

ومن المعروف أن الكثبان الرملية في ناحية الخارجة تتحرك في سرعات تتراوح بين 10و 20 مترا في السنة.

ولاستكمال الصورة عن الصحراء بصخورها ورمالها، نركز عن باقي الصحراء . ذلك الركن هو مجموعة الواحات المنتشرة في الصحراء الغربية – وهو ما تتميز به عن الصحراء الشرقية – والتي في عددها إلى خمس معروفة هي الخارجة والداخلة والفرافرة والبحرية وسيوه، كما توجد النطرون والمنخفضات في القطارة ووادي الريان والفيوم. ويرجع حمدان تلك التكوينات التجويفية إلى ثنائيات – كما لو كانت لا تستطيع تحت ظروف الصحراء القاسية أن تتواجد فرادى – تتحد في المنشأ وفي الصفات، لخصها في أنها ( وبصورة لافتة) يوجد ثنائي الخارجة والداخلة – الذي تأثر بعاملي الانكسار والتعرية البحرية – ثم الفرافرة والبحرية – وتأثرا بطبيعة الالتواء المكسور ، وسيوه والقطارة نشأ تحت تأثير عامل الرياح شبه المطلق، أما الفيوم والريان، حتى النطرون والوادي الفارغ فقد تأثروا بالنهر تكوينا وموقعا.

وتشكيل الواحة يأخذ شكل " منخفض من منخفضات" أي مركب من عدد من المنخفضات المتداخلة، أو قل هو في جزء منه – الناحية الشمالية – عبارة عن درجات نازلة من سطح الصحراء إلى قاع الواحة، وهي عادة ثلاث درجات على الأقل أما سطح الصحراء ، والمتسبب في ذلك الشكل هو أولا عامل الرياح، وثانيا هو عامل التعرية والتكسير . فالهواء الزوبعي – إذا بسطنا الأمور وضغطنا الأزمان – هو المسئول عن نحر ا لأرض الصحراوية في مواقع قابلة لذلك . أخذ ما تم نحره في شمال الموقع وإلقائه بعيداً نحو الجنوب ليتكون ما يتكون من الغرود الرملية السائرة بعيدا.

وما تبقى من نحر الجزء الشمالي في الموقع – الواحة – يظهر أولا على أثر ذلك في شكل جرف أو حائط رأسي بعمق الجرف – وهنا يأتي عامل التعريفة ثانيا، فتتكسر حاف الجرف العليا الشمالية وتنهال تاركة مكانها في شكل درجة . وما ينهال من أعلى، يتجمع في القاع على شكل درجة سفلية ثالثة . هذا كله فيما يخص الجانب الشمالي من الواحة، أما جزءها الجنوبي فكما ذكر أعلاه فيتشكل على هيئة منحدر يصل ما بين قاع الواحة ومستوى الصحراء جنوبيها.

والرياح بتلك الصورة، لها السيادة في تلك الأجواء في توزيع الصخور والرمال وتوزيع الحرارة والبرودة، وإنشاء المنخفضات والمساعدة في إنشاء الواحات وفي ردمها والواحيون يدركون أهمية الرياح وما تنقله من أخطار ويواجهون ذلك في منشآتهم ومستقراتهم ." والرمال السافية والطائرة والزاحفة هي الخطر الأصغر .. ولا يمقت الواحيون – بعد الرمال السافية – في الطبيعة سوى السيول والأمطار".

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

193

followings

585

followings

6653

similar articles