هل يمكن أن يُربّينا أطفالنا؟  دروس غير متوقعة من الطفولة… نكتشفها متأخرين

هل يمكن أن يُربّينا أطفالنا؟ دروس غير متوقعة من الطفولة… نكتشفها متأخرين

0 المراجعات

👶 هل يمكن أن يُربّينا أطفالنا؟

دروس غير متوقعة من الطفولة… نكتشفها متأخرين

لطالما اعتقدنا أن الكبار هم من يُربّون، والصغار هم من يُربَّون. وأن التربية طريق يسير في اتجاهٍ واحد، من الوالد إلى الطفل، من المعلّم إلى التلميذ.

لكن، ماذا لو كان العكس أحيانًا؟

ماذا لو كان أطفالنا يُربّوننا بطرق لا ننتبه لها، ويُعلّموننا دروسًا لم نتعلّمها حتى في أصعب لحظات نضجنا؟

الأطفال لا يملكون شهادات، ولا خبرات، ولا فلسفات. لكنهم يملكون شيئًا أعمق: الصدق الفطري، والبساطة، والنقاء. صفات فقدناها نحن الكبار تحت طبقات من المظاهر والتوقعات والمجاملات.

تأمل طفلًا يفرح بقارورة بلاستيكية، أو يُضحكه ظلّه على الحائط، أو يركض نحوك فقط لأنك عدت إلى المنزل… هل نعرف نحن كيف نفرح هكذا؟

أطفالنا يُعلّموننا أن السعادة لا تحتاج مالًا ولا مناصب، بل تحتاج قلبًا مفتوحًا، وفضولًا حيًا، وقدرة على الاكتفاء بالقليل.

حين يخطئ الطفل، يعتذر بسرعة، يعانق، وينسى، ويعود يلعب.

أما نحن الكبار؟ فنُخطئ ونتكبّر، نخاصم بالشهور، نحمل الضغينة، وننسى أن نغفر.

درس أول: الاعتذار لا يقلل من مكانتنا، بل يرفع إنسانيتنا.

حين يسقط الطفل، يبكي قليلاً ثم ينهض ليُكمِل اللعب كأن شيئًا لم يكن.

أما نحن؟ فنقع فننهار، ونتوقف، ونشكك بأنفسنا، وننسى أن الحياة ليست إلا سقطات متتالية تتخللها لحظات من النهوض.

درس ثانٍ: الفشل ليس النهاية، بل مرحلة طبيعية في طريق التعلم.

عندما يحب الطفل، يحب بلا شروط. يُمسك يدك، ينام بجوارك، يُقبّلك مئة مرة بلا خجل.

أما نحن؟ فنحسب الحب بالحساب، ونخفي المشاعر، ونُعاقب أنفسنا كلما ضعُفنا.

درس ثالث: التعبير عن الحب ليس ضعفًا… بل شجاعة.

الطفل يسأل ويستفسر ويُعيد السؤال مرة واثنتين وألف. لا يخجل من الجهل، ولا يخاف من أن يُخطئ.

أما نحن؟ فنخشى السؤال كي لا نظهر "أقل فهمًا"، ونخشى التجربة خوفًا من الفشل.

درس رابع: طلب المساعدة ليس عيبًا، بل وعي بالذات.

طفلي يومًا قال لي:

“ماما، لما تبكي خذيني بحضنك مش تطلعي من الغرفة.”

هكذا، بكل بساطة، أعطاني درسًا في معنى الاحتواء…

أن الطفل لا يريد أمًا خارقة، بل أمًا "حقيقية". تبكي، وتضحك، وتُخطئ، لكنها تبقى.

نعم، أطفالنا يُربّوننا.

يعيدون تشكيلنا، ينظّفون أرواحنا من صدأ الكبار، ويُذكّروننا بأن الحياة ليست سباقًا، بل لحظة عابرة تستحق أن نعيشها ببساطة وصدق.

في كل نوبة بكاء، في كل سؤال بريء، في كل ضحكة مفاجئة، هناك درس لنا… نحن الكبار.

فلنتعلّم.

 

---

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

62

متابعهم

5

متابعهم

1

مقالات مشابة