
كبار السن… البركة الخفية في حياتنا
كبار السن… البركة الخفية في حياتنا
في زحمة الحياة وتسارع إيقاع الأيام، قد نغفل عن كنز عظيم يسكن بيننا، يراقب بصمت، ويشعر بمرارة التهميش... إنهم كبار السن، أولئك الذين يحملون على أكتافهم أرشيفًا من الذكريات، وتجاعيدًا نقشتها الحكمة والتجربة، لا الزمن فقط.
لقد خفت صوتهم وسط صخب التكنولوجيا ووهج الحداثة، ولم يعودوا في كثير من البيوت كما كانوا: محورًا للعائلة، ومستشارًا في الرأي، ومصدرًا للدفء والاطمئنان. فقد خسروا الكثير مما منحهم الشباب يومًا: النشاط، الصحة، المكانة، وربما بعضًا من الأحباب. ومع ذلك، فإن في وجودهم بيننا بركة لا تُرى، وسكينة لا تُقدّر بثمن.
كبار السن لا يبحثون فقط عن دواءٍ لأوجاع الجسد، بل عن من يُصغي بصدق، يُشعرهم بقيمتهم، ويحتضنهم بكلمةٍ طيبة أو نظرةٍ حانية. كثير منهم يبتسمون بينما تخنقهم دموع لا يراها أحد. يتناولون طعامهم بصمت، ويمضون لياليهم بين أرقٍ وحنين، يتأملون صور الماضي البعيد ويخشون نسيان الحاضر لهم.
إن قلوبهم المثقلة بفقد الأحبة والأصدقاء تحتاج إلى من يرمّمها، لا إلى من يتجاهلها. يحتاجون من يشاركهم الحديث لا من ينشغل عنهم بالهاتف، من يُقبّل جبينهم لا من يمر بهم مرور الكرام.
كبار السن ليسوا عبئًا… بل كنز خبرة وإنسانية. لم يعودوا بحاجة إلى ألعاب الأطفال، لكنهم أحقّ بالحنان والرعاية. حاجتهم لكلمة طيبة، لوقت بسيط، لاهتمام صادق، تفوق حاجتهم للدواء والغذاء.
ينتظرون أن يروا البسمة على وجهك، أن يسمعوا صوتك دون استعجال، أن يشعروا أن وجودهم لا يزال يعني لك شيئًا. لا يطلبون المستحيل، فقط بعض الوفاء.
إنهم يعيشون اليوم في مساحة ما بين ألم الفقد وقلق الرحيل، فامنحهم من وقتك ما يُشعرهم أنهم لم يُنسوا، أنهم لا يزالون جزءًا مهمًا من هذه الحياة. فهم أقرب إلى الله بدعواتهم، وأنقاهم قلوبًا رغم التجارب. فلا تحرم نفسك من دعوة صادقة من فمهم، قد تكون سببًا لفتح أبواب الرزق والرحمة لك.
فكر قليلًا… أولئك الذين شابت رؤوسهم وذبلت أعينهم، كانوا يومًا شبابًا مثلك. واليوم هم هناك، وغدًا ستكون أنت في مكانهم. فازرع الآن لطفًا، لتجده حين تحتاجه.
كن لهم السند، كن الربيع في خريف أعمارهم، كن اليد التي تمسك بأيديهم حين يتكئون، كن ذاكرًا لهم في دعائك، فالجزاء من جنس العمل.
🔸 سلام على كبار السن…
🔸 وسلام على من يكرمهم ويحنو عليهم…
🔸 ولك أجرٌ عظيم إن نشرت هذا الوعي فيمن حولك، بنيّة البر والصدقة الجارية.