لماذا ننجذب إلى الأشخاص السامين؟ 🧨 تفسير نفسي عميق
لماذا ننجذب إلى الأشخاص السامين؟ 🧨 تفسير نفسي عميق
ربما تعرف هذا الشعور جيدًا: تدخل علاقة تبدو ساحرة في البداية، ثم تتحوّل تدريجيًا إلى عبء نفسي، واستنزاف عاطفي… لكن رغم الألم، تبقى. بل وقد تعود بعد الانفصال.
لماذا ننجذب إلى أشخاص نعلم أنهم يؤذوننا؟
هل نحن ضعفاء؟ مدمنون للعلاقات؟ أم أن هناك تفسيرًا نفسيًا أعمق لهذا التعلق المؤلم؟
في هذا المقال، سنكشف أسرار العلاقات السامة من زاوية علم النفس، ونفهم لماذا نقع فيها مرارًا، وكيف نحرر أنفسنا من دوّامة التعلّق المؤذي.
---
💣 من هو "الشخص السام"؟
هو الشخص الذي يسبب لك:
شعورًا مستمرًا بالذنب أو عدم الكفاية
تلاعبًا عاطفيًا (يشعرك أنه ضحية دائمًا)
استنزافًا طاقيًا دون مقابل
تذبذبًا بين الإعجاب والإهانة
ورغم إدراكك للأذى، تشعر أن "الخروج مستحيل" أو "الابتعاد سيؤلم أكثر".
---
🧠 لماذا ننجذب إليهم رغم الأذى؟
1. عقل الطفولة يختار… لا وعي النضج
في علم النفس، ننجذب لا شعوريًا للأشخاص الذين يشبهون تجاربنا العاطفية الأولى، خاصةً مع الأهل.
فلو نشأت في بيئة مشحونة، أو كنت تُحب بشروط، أو عانيت من التجاهل… فإن دماغك يفسّر العلاقة المؤذية على أنها "طبيعية"، بل مألوفة.
2. متلازمة التعلّق المؤذي (Trauma Bonding)
هي حالة نفسية تجعل الضحية تتعلّق بالمؤذي، بسبب التلاعب والتذبذب بين الحب والرفض.
كلما منحك لحظة حب بعد قسوة، شعرت أن الألم كان "يستحق"، مما يخلق دائرة يصعب كسرها.
3. محاولة إصلاح الجرح القديم
العقل يحاول "إعادة تمثيل" مشهد قديم مع شخص جديد، على أمل أن يُصلحه هذه المرة.
لكن هذا الإصلاح وهمي، لأنه يقوم على إعادة الجرح، لا شفاءه.
4. الخوف من الوحدة أو عدم الاستحقاق
الكثيرون يقبلون بالقليل… لأنهم يظنون أنهم لا يستحقون الكثير.
---
🔍 علامات العلاقة السامة:
تشعر أنك تمشي على قشر البيض دائمًا
تعتذر باستمرار عن أشياء لم ترتكبها
تفقد هويتك وتذوب في الطرف الآخر
تتقلّب حالتك النفسية حسب مزاجه
تقنع نفسك أن “الحب صعب… وهكذا يكون دائمًا”
---
🔓 كيف تتحرر من التعلّق السام؟
1. واجه الحقيقة دون تجميل
نحن لا نكره الأشخاص السامين… نحن نكره إحساسنا بجانبهم.
سجّل كيف تشعر بعد كل تواصل معهم، وستعرف الجواب الحقيقي.
2. افهم جذور التعلّق
راجع تجاربك المبكرة. هل هذا التعلق امتداد لحرمان عاطفي سابق؟
الفهم هو الخطوة الأولى للانفصال الواعي.
3. مارس “القطع الآمن”
قد لا يكون الخروج سهلاً، لكن "القطع التدريجي" – مع دعم نفسي أو اجتماعي – هو الخطوة المنقذة.
4. أعد بناء صورتك الذاتية
العلاقات السامة تدمّر ثقتك بنفسك.
اكتب قائمة بصفاتك الجميلة، اهتم بنفسك، استثمر في هواياتك، وتذكّر: الحب لا يؤلم… التعلّق المؤذي هو من يفعل.
---
💡 خلاصة:
الانجذاب إلى الأشخاص السامين لا يعني أنك ضعيف… بل إنك تحمل جروحًا لم تُشفَ بعد.
أنت تستحق علاقة تجعلك تشعر بالسلام لا القلق، بالاتساع لا الضيق، بالحب لا الاحتياج.
والشفاء يبدأ من الاعتراف، ثم التحرر.
---
✍️ عن الكاتبة:
د. ولاء بني يونس – كاتبة وباحثة متخصصة في قضايا الصحة النفسية والعلاقات الإنسانية، تكتب بلغة صادقة تمس القلوب، وتؤمن أن كل شخص يستحق حبًا لا يؤذيه، وعلاقة تُنبت فيه الحياة لا تُطفئه.
