فضيحة اللوحات: هل سرقت مها الصغير لوحة؟ وكيف سبقتها غادة والي؟

فضيحة اللوحات: هل سرقت مها الصغير لوحة؟ وكيف سبقتها غادة والي؟

0 reviews

فضيحة اللوحات: هل سرقت مها الصغير لوحة؟ وكيف سبقتها غادة والي؟

 

تصدّرت حادثة سرقة لوحة مها الصغير عناوين الإعلام بعد بث حلقةٍ من برنامج “معكم منى الشاذلي” تعرض فيها مها الصغير لوحةً بعنوان «صنعت لنفسي أجنحة» زعمت أنها من إبداعها. لكنّ الفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسن تدخلت سريعًا عبر منشور على إنستغرام مؤكدةً أن اللوحة تعود لأعمالها عام 2019 وأن نشرها بدون إذن يعد «انتهاكًا للقانون». وتتزامن هذه الواقعة مع قضية سابقة مشابهة في مصر، حيث حكمت محكمة في يناير 2024 على المصممة غادة والي بالسجن مع دفع غرامة لادّعائها ملكية تصميمات الفنان الروسي جورجي كوراسوف. إن تسارع هذه الأحداث يسلّط الضوء مجددًا على حقوق الملكية الفكرية في الفن وأهميتها في حماية الإبداع، ويعيد إلى الأذهان سلسلة من أشهر السرقات الفنية العالمية التي دفعت المجتمع إلى مراجعة مفهوم الأصالة والاقتباس الإبداعي.

القصة الكاملة: سرقة لوحة مها الصغير

في مطلع يونيو 2025 ظهرت مها الصغير في برنامج “معكم منى الشاذلي” وتحدثت عن عشقها للرسم، حيث عُرضت اللوحة المناقشة بعنوان «صنعت لنفسي أجنحة» وقدّمتها على أنها من إبداعها الخاص. بعد أيام قليلة نشرت ليزا لاش نيلسن منشورًا على إنستغرام جاء فيه: «تدعي مها الصغير أنها رسمت اللوحة ‘صنعت لنفسي بعض الأجنحة’، في حين أنني رسمتها أنا في عام 2019». وذكرت الفنانة الدنماركية أن استخدام اللوحة ودون إذن أو حتى دون ذكر اسمها يُعد شيئًا “جديدًا” عليها، وأضافت منتقدةً ذلك: «دعونا نقول بصوت عال، ليس من الجيد أن تأخذ عمل الآخرين وتستخدمه للترويج لنفسك دون أن تسجل الفضل للمالك الأصلي؛ إنه ليس فقط انتهاكًا للقانون...». باختصار، كشفت لاش نيلسن أن اللوحة التي نُسبت لنفسها عام 2025 كانت في الواقع من أعمالها الإبداعية منذ عام 2019، ما أعاد قضية الاستلهام مقابل السرقة إلى الواجهة الفنية والإعلامية.

الجدل الإعلامي وردود الفعل

أثار كشف السرقة موجة نقاش واسعة على مواقع التواصل والمنصات الإخبارية. أوردت تقارير صحفية أن جميع الأعمال التي عرضتها مها الصغير في الحلقة كانت مسروقة من فنانين آخرين، وأنه «لم توجد أي لوحة خاصة بها». ومن الجانب الرسمي، سارعت إدارة برنامج “معكم منى الشاذلي” إلى التوضيح والاعتذار عبر بيان على فيسبوك جاء فيه: «اللوحة المعروضة من إبداع الفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسن، ونحن نقدر ونحترم حقوق المبدعين الحقيقيين». وأعلن البيان أن القناة حذفت الحلقة المثيرة للجدل من موقع “يوتيوب” احترامًا لحقوق الملكية الفكرية. في المقابل، عبّر كثير من الجمهور والنقاد عن استنكارهم لما وصفوه بـ«الاحتيال الفني»، مشيرين إلى أن نسب عمل فني كامل لنفسه دون مصدر صحيح هو خرق لأمانة المهنة وقيمها القانونية والأخلاقية.

قضية غادة والي والفنان الروسي جورجي كوراسوف

تكاد حادثة مها الصغير تعيد إلى الأذهان قضية غادة والي التي أثارت الجدل قبل أشهر. فقد كشف الفنان الروسي جورجي كوراسوف في يوليو 2022 عبر حسابه على إنستغرام عن تعرض أربعة من رسوماته للعمل دون إذن، حيث كتب: «لقد تم استخدام لوحاتي في مترو القاهرة بدون إذني وحتى دون ذكر اسمي!»aljazeera.net. وجاءت هذه الأعمال على جدران محطة مترو «كلية البنات» في القاهرة ضمن مشروع جداريات، لكن بدون أي إشارة إلى صاحبتها الأصلية. وقد اعتبرت النيابة المصرية ذلك اعتداءً صريحًا على حقوق الملكية الفكرية. وفي يناير 2024، صدر حكم من محكمة اقتصادية مصرية قضى بسجن غادة والي ستة أشهر وغرامة مالية بعد إدانتها بتهمة «استيلاء على تصميمات» كوراسوف (أربعة لوحات) ونسبتها لنفسهاaljazeera.net. كما ذكرت المحكمة أن ما حدث يعد تجاوزًا صريحًا لقانون حماية المصنفات الفنية، مؤكدةً اعتبار هذه الواقعة سرقة فنية تستوجب العقابaljazeera.net. ورغم دفاع والي عن مستلهمات تراثية عندها، فإن الحكم قضى بضرورة احترام الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الفنانين ورفض الاعتداء على أعمالهم.

أبرز السرقات الفنية عالميًا

 

 سرقة بانكسي (باريس ولندن): في يناير 2019 أقدم مجهولون على سرقة لوحة جدارية لبانكسي من مبنى مسرح باتاكلان بباريس. ولم يكد يمر وقت طويل حتى سُرقت نسخة مطبوعة من لوحة بانكسي الشهيرة «فتاة مع بالون» في سبتمبر 2024 من معرض فني في لندن. وقد نجحت الشرطة البريطانية لاحقًا في استعادة اللوحة. هذه الحوادث تظهر أن أعمال بانكسي الإبداعية عرضةٌ دومًا للفت الانتباه وعمليات الاستيلاء بسبب شهرتها الدولية.

سطو متحف درسدن (القبو الأخضر 2019): في 25 نوفمبر 2019 تعرّض متحف «القبو الأخضر» بمدينة درسدن الألمانية لعملية سطو منظم استهدف 21 قطعة مجوهرات ملكية فريدة مرصعة بالألماس. وقد قُدّرت القيمة السوقية لهذه المسروقات بحوالي 128 مليون دولار، بينما أكدت إدارة المتحف أنَّ قيمتها التاريخية والثقافية «لا تُقدَّر بثمن»k. وتعتبر هذه الحادثة واحدة من أكبر وأشهر السرقات الفنية في التاريخ الحديث، لأنها تستهدف قطعًا تراثية نادرة لا غنى عنها.

 

 سرقة «الصرخة» لإدفارد مونش (1994 و2004): تُعد لوحة «الصرخة» للفنان النرويجي إدفارد مونش من أيقونات الفن التعبيري، وقد اعتُبرت هدفًا لصوص متعدّدين. ففي فبراير 1994 سرق لصان نسخة من اللوحة من متحف أوسلو الوطني بسرعة فائقة، واستردتها الشرطة بعد ثلاثة أشهر سليمة. وفي أغسطس 2004، تكرر السرقة في متحف مونش بأوسلو أيضًا، حيث عُثر على اللوحتين النهائيَّتين في أغسطس 2006 بعد إجراء محاكمات للمتورّطين الذين حكم عليهم بالسجن. لقد أظهرت هذه الحوادث مدى إغراء السرقة المستمدة من قيمة العمل الفنية ومعناه العميق، إضافةً إلى تذكير المجتمع بأهمية تكثيف الحماية الأمنية للأعمال الشهيرة.

الإلهام مقابل الانتحال: أين يقع الحد الفاصل؟

ثمة نقاشٌ دائم بين الفنانون حول الفرق بين الإلهام المشروع والانتحال غير المشروع. يجمع المختصون على أن الإلهام يعني دراسة عمل سابق وإعادة تفسيره مع إضافة لمسات جديدة تجعله منتميًا للفنان المستحدث، بينما الانتحال هو «سرقة إبداعية» بحتة: اعتماد نسخة طبق الأصل من عمل دون تحوير ولا منحة فنانها الأصلي حقه. فعند الإلهام الحقيقي يقوم المبدع بـتحوير العمل القديم بحيث يضيف إليه عناصر خاصة وتفاصيل جديدة، ويسمح لجمهوره بتمييز التداخل بين مصدر الإلهام وإبداعاته الشخصية. أما إذا تجاوز هذا الحد بحيث يحتوي العمل المقتبس على أكثر من العناصر المعتادة من المصدر دون إضافة أو إشارة للمبتكر الأصلي، فإنه يصبح نسخًا محظورًا قانونيًّا وخللًا أخلاقيًّا. وباختصار، لا يفتقر الانتحال فقط للأصالة، بل أيضًا لسند قانوني أو توصيف فني، مما يراه المجتمع على أنه خرق لاتفاقيات حماية الحقوق الإبداعية.

وفي النهاية

تؤكد هذه الحوادث المتتالية أن الالتزام بحقوق الملكية الفكرية أمر حتمي لحماية الإبداع الفني. فقد اعتُبرت أعمال الفنانين كممتلكات قانونية بحتة، وأكدت أحكام القضاء أن نقلها أو نسبتها لغير أصحابها «اعتداء على الملكية الفكرية» يعاقب عليه القانون. كما شددت الفنانة لاش نيلسن على أن استغلال عمل الفنان دون إذن يشكل خرقًا للأمانة المهنية وأخلاقيات الفن. والدروس المستفادة هنا واضحة: يجب على كلّ مَن يستلهم عملاً فنيًا أن ينسب مصدر إلهامه ويطلب التصريح إذا لزم الأمر، لأن القوانين الدولية (اتفاقية برن وغيرها) تدافع بقوة عن حقوق المؤلفين. إن احترام الإبداع وحماية الحقوق ليسا خيارًا، بل عنصر أساسي يضمن دوام الثقة في الوسط الفني ونموّ البيئات الإبداعية على المستوى المحلي والعالمي.

المصادر: تم الاستناد إلى تقارير صحفية وبيانات رسمية حديثة حول الحادثتينalarabiya.netalkhaleej.aealmashhad.comaljazeera.netalaraby.co.ukar.wikipedia.orgmedium.commedium.com، بالإضافة إلى مقابلات وتعليقات للفنانين المعنيين.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

0

followings

1

similar articles