
المرأة بين الفطرة وضغوط الواقع
المرأة بين الفطرة وضغوط الواقع
بقلم / إيمان أبو الليل
في بداية الحديث، أؤمن تمامًا أن خلق المرأة لم يكن كما خُلق آدم. لم تُشكل من طين، بل من ضلع القلب، من ذلك المكان الأقرب للنبض، والأبعد عن الخشونة.
هي لم تمر بمراحل التكوين من التراب والماء والنفخ، بل خُلقت مباشرة من الحياة.
المرأة لم تُخلق لتكون في صدارة المشقة، ولا في قلب المعركة. لم تكن البداية، بل كانت النور الذي جاء ليكمل آدم، لتكون له طبطبة، وجرس إنذار، ومعينة على درب الحياة، لا متنافسة معه على درب الصراع.
شعارات مستفزة
ومع ذلك، هناك ما يستفزني في بعض الشعارات المكررة، كعبارة: “أن تكون مقتنعة غير منقادة للضغوط”.
هل نحن نختزل قرار المرأة في أنها بلا وعي؟
هل يُمكن إنكار أن للمرأة أولويات ورؤية ونضج، يكفي لأن تُدير بيتًا وأسرة وتُربي أجيالًا؟
مع كامل الاحترام، المرأة لا تُقبل على العمل من باب الترف، إلا في حالات قليلة جدًا، تنبع من واقعها واحتياجها، وأحيانًا من شعور داخلي يحتاج فهمًا لا حكمًا.
ثلاث حالات فقط تدفع المرأة للحاجة للعمل:
أولًا: الضغوط الاقتصادية، حين تغيب اليد التي تُعين، سواء لعدم وجود رجل، أو لغياب دوره الحقيقي كراعٍ وقائم على الأسرة، فتتحمل المرأة المسؤولية مجبرة.
ثانيًا: الاندماج القهري في دوامة الحياة، تخرج من الجامعة، فتلتحق بوظيفة، ثم تستمر بدافع العادة أو الطموح. وقد تنجح، وتبدع، وتوازن بين حياتها العامة والخاصة. لكن، لو شعرت أن بيتها سيتأثر، وكانت حرة في القرار، فإن أول ما ستتنازل عنه هو العمل.
لأن العمل لم يكن الغاية، بل وسيلة.
ثالثًا: وهي الحالة الأكثر إيلامًا، حين تشعر المرأة بنقص داخلي أو فراغ عاطفي أو تقدير ذاتي مفقود، فتلجأ إلى العمل بحثًا عن هوية بديلة.
عمل مفيد لعلّه يُشعرها بقيمتها التي لم تجدها في أنوثتها أو دورها الطبيعي.
بين الفطرة والتكليف
المرأة السوية فطريًا، إن كانت أمًا أو لم تكن، لا تسعى لمزاحمة الرجل، بل تتجه بفطرتها نحو ما يُشبهها: الهدوء، الاستقرار، الاحتواء.
هي تحب الحياة، تحب أن تُدلل وتُكرم، وتُشارك حين يلزم، لا لأنها وُجدت لتنافس، بل لأنها لم تجد من يحتضن فطرتها.
المرأة لم تُخلق لتكون بديلًا، بل لتكون تكاملًا.
وإن خرجت للعمل، فهي تفعل ذلك حين يُغلق بابٌ، أو يُكسر سند، أو يُغتال أمان.