هل باع الفلسطينيين اراضيهم لليهود ؟

هل باع الفلسطينيين اراضيهم لليهود ؟

0 reviews

لم يبع الفلسطيين أرضهم: الحقيقة التي حاول البعض إنكارها

"باع الفلسطينيون أرضهم"، عبارة تتكرر على الألسنة، تُقال باستخفاف، وتُستخدم لتبرير ما لا يمكن تبريره. لكنها عبارة زائفة لا تصمد أمام التاريخ، ولا أمام الضمير.

منذ بدايات المشروع الصهيوني في فلسطين أواخر القرن التاسع عشر، بدأت المحاولات لشراء أراضٍ فلسطينية، لكن هذه المحاولات لم تقابل بالترحيب الشعبي، بل قاومها الأهالي بشراسة، ودفعوا الثمن من دمائهم ولقمة عيشهم. فهل يعقل أن شعبًا يعيش على أرضه لقرون، ويعتمد على فلاحتها، وتربطه بها علاقة روحية واقتصادية وثقافية، يبيعها بسهولة؟

الحقيقة في الأرقام

بحسب سجلات الانتداب البريطاني (1920–1948)، وبحسب دراسات مؤرخين محايدين، لم يمتلك اليهود عند قيام "دولة إسرائيل" أكثر من 6.5% فقط من أرض فلسطين. أي أن أكثر من 93% من الأرض بقيت في يد الفلسطينيين، سواء كأملاك خاصة أو أراضٍ عامة.

بل إن أكثر من نصف هذه النسبة (6.5%) تم شراؤها من ملّاك غير فلسطينيين، من خارج فلسطين، وخاصة من بعض كبار المُلّاك اللبنانيين أو الشوام أو السماسرة الذين لم يكونوا حتى يقيمون في فلسطين.

أما الفلاح الفلسطيني، الذي كان يزرع الأرض ويعيش منها، فقد كان يعتبر بيعها خيانة دينية ووطنية واجتماعية. بل إن كثيرًا من الفتاوى الدينية صدرت في تلك الفترة، تحرّم بيع الأرض للصهاينة، وتعتبره خيانة لا تُغتفر.

المقاومة المبكرة

ما لا يعرفه كثيرون أن المقاومة الفلسطينية للصهيونية بدأت مبكرًا، حتى قبل نكبة 1948. ففي عام 1920، شهدت فلسطين أول ثورة شعبية ضد الاحتلال البريطاني ومشاريعه الاستيطانية. ثم توالت الثورات، مثل ثورة البراق (1929)، والثورة الكبرى (1936–1939)، حيث أضرب الفلسطينيون 6 أشهر كاملة، وقاوموا بالسلاح، وسقط منهم آلاف الشهداء.

لو كان الفلسطينيون باعوا أرضهم طواعية، فلماذا كل هذه الثورات؟ ولماذا سُجن الآلاف، وأُعدم القادة، وأُحرق القرى، وهُجّر الناس؟

الحقيقة أن الفلسطينيين دافعوا عن أرضهم بكل الوسائل الممكنة، رغم تخلي كثير من الأنظمة عنهم، ورغم خذلان المجتمع الدولي لهم.

النكبة: تهجير لا بيع

في عام 1948، لم يخرج الفلسطينيون من أرضهم لأنهم "باعوها"، بل لأنهم أُجبروا على الخروج بالقوة والسلاح والمجازر. أكثر من 500 قرية فلسطينية دُمرت، ونُفّذت عشرات المجازر (مثل دير ياسين، والطنطوره، واللد)، فهرب الناس خوفًا على أرواحهم.

بل إن كثيرًا من الفلسطينيين تركوا أرضهم مؤقتًا، ظنًا منهم أنهم سيعودون بعد أيام. لكن الاحتلال لم يسمح لهم بالعودة، وصادَر أراضيهم بموجب قانون "أملاك الغائبين".

تخيل أن تُجبر على مغادرة بيتك تحت تهديد السلاح، ثم يُقال لك لاحقًا أنك "بعته طوعًا"!

التضليل الإعلامي

عبارة "الفلسطينيون باعوا أرضهم" ليست بريئة، بل تم ترويجها عمدًا في الإعلام الصهيوني، ثم تلقفها البعض بجهل أو خبث. الهدف منها بسيط: تحميل الضحية مسؤولية ما جرى لها، لتبرئة الجلاد.

هي نفس الحيلة التي تُستخدم في أماكن أخرى من العالم لتبرير الاستعمار، وكأن الناس يُسلّمون بلادهم للمحتل بالابتسامة.

الواقع اليوم

رغم مرور أكثر من 75 عامًا على النكبة، لم يتخلّ الفلسطينيون عن حقهم. ملايين اللاجئين لا زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم القديمة، وصكوك الأرض، وصور قراهم. هذا ليس تصرف من "باع أرضه"، بل من لا يزال يؤمن بحقه فيها.

وفي الضفة وغزة والقدس والداخل المحتل، لا يزال الفلسطيني يواجه جرافات الاستيطان، ويُهدم بيته، ويُسجن، لكنه لا يفرّط في أرضه.

في الختام:

"لم يبيعوا أرضهم"، ليست مجرد جملة عاطفية، بل حقيقة تاريخية موثقة. من ينشر غير ذلك، إما مضلل أو مكرر لما سمع دون بحث.

الفلسطينيون لم يكونوا ملائكة، لكنهم لم يكونوا خونة. دافعوا عن أرضهم، قاتلوا، سُجنوا، شُرّدوا، قُتلوا، ولا زالوا يرفضون الاعتراف بشرعية الاحتلال.

فهل بعد كل هذا نقول: "باعوا أرضهم"؟
بل نقول: تمت سرقة أرضهم… ولم يتنازلوا عنها أبدًا.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

1

followings

5

similar articles