حياة خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم

حياة خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 حياة خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم

 محمد صلى الله عليه وسلم<br />

نحن اليوم بإزاء موضوع يحفى القلم دون توفيته بعض حقه، وتضيق مجالات التعبير عن تصوير شطر من حقيقته، وتكل عزمات الروية عن خوض لجج باحاته، وتنقطع أنفاس التصور عن السبح في سبحات أنواره.

إذا كانت النفس الإنسانية في ذاتها معضلة العلم، ومشكلة الفلسفة، وعقدة الحكمة من القدم إلى اليوم؛ وإذا كانت المعارف الإنسانية بأجمعها، وقوانين علوم النفس برمتها، لم تزل قاصرة عن تتبع سير النفس في حركتها وسكناتها، والإشراف على سر تطوراتها في صلاحها وفسادها، وعاجزة عن الإلمام بصفة عروجها في عالمها على أجنحة الفضائل، أو هبوطها بدوافع شهوتها إلى حضيض النقص والرذائل، فكيف يطمع باحث أن يقف على حقيقة روح نزلت من حظائر الملأ الأعلى، وانفصلت من سرادقات العالم الأسمى، واتصلت بأبدع وأكمل صورة من صور المادة، لتأخذ في الأرض بيد أرواح غرقى، وتنجي من الغمم نفوساً هلكى، وتشفي بسبحات جمالها عيوناً عمياً، وتخلص من الأدران قلوباً غلفاً، وتفتح لسماع الحقيقة أصمخة جامدة وآذاناً صماً، وتنطق بفصاحتها ألسنة أصبحت عن غير المفاسد بكماً، وتنقي بمطهرات حكمتها مدارك غدت بأوضار الوساوس رجساً، وتفك أصفاد عقول أوسعها رؤساء العقائد ضيقاً وضغطاً، وتحل أغلال أفكار قتلها حفظة الأباطل ذلاً وأسرا، وتدحض من حملة الشرائع ضلالاً وزيغاً، وتقيم من الفلسفة عوجاً وأمتاً، وتتم من مكارم الأخلاق خداجاً ونقصاً، وتدك عروش ملوك ساموا الأمم خسفاً، وأحرقوا الضعفاء عسفاً، وتلصق بالأرض جباهاً ادعت أن بينها وبين السماء صلة ووداً، وأن بيدها من أمور الناس حلاً وعقداً، وتلحق بمصاف العامة أقيالاً زعموا أن لهم من الربوبية قسطاً، ومن التسلط على رقاب المخلوقين حقاً، وتنسف قصوراً شيدت بمهج الأرامل واليتامى جوراً، وترد حقوقاً اغتصبها الرؤساء عدواناً وظلماً، وتضع للعدل في الأرض ميزانا فصلا، وللقسط قسطاساً عدلاً، وتكشف عن جوهر الإنسانية خبثاً ران عليه فجعله فحماً، وتجلو عن أرواحها غمماً سوداً، وعن ضمائرها غياهب سحماً، وتهيء بذلك الأرض لقبول نور يفيض عليها من سماء الرحمة فيضاً، ويعد النفوس لكمال طالما حنت إليه حنيناً وبكت عليه الضمائر شوقاً، وتشرح الصدور لدين ترتفع فيه الأرواح رتعاً، وتسبح في سبحاته القلوب سبحاً؟

 محمد صلى الله عليه وسلم<br />

درس هذه الروح يستلزم معارف جلى، وعلماً جما، ويستدعي من الباحث بعلم النفس إحاطة كبرى، وبضمائر المساتير معرفة عظمى.

دعنا من قوم يظنون أن للشعريات في هذه الأقاويل حظاً، وللخيال في هذه العبارات سهماً، وهلم بنا نستجوب الحوادث، فإن لها بالحقائق ألسنة فصحى، وأجوبة مثلى.

من ينكر علينا أن هذه الروح المحمدية الطاهرة الكريمة، نشـأت بين قوم كانوا من الدين في وثنية، ومن الأخلاق في همجية، ومن العادات في وحشية، ومن الاجتماع في انقسامات قبيلية، وتحزبات عصبية، ومن المدارك في جهالة، ومن الأفكار في ضلالة، ومن الوجود في عماية، ومن العقائد في غواية، ومن النظامات في فاقة، ومن القوانين في حاجة؛ حروب متواصلة، وأحقاد متوارثة، ودماء مهدرة، ومهج مهراقة، وعادات نشبت فيهم نشوباً، وغرست فيهم عيوباً، وجرت عليهم خطوباً، وطباع خلعتهم عن مقتضى الفطرة، ونبت بهم عن مطالب الخلقة، واصطلاحات بعدت بهم عن قوانين الطبيعة، وألقت بهم إلى مطارح الرذيلة، وأشربت نفوسهم سموم القطيعة، صناديد لا يفكرون في غير الغارات، ولا يفاخرون إلا بطعن الردينيات وضرب المشرفيات، شعراء ولكن في الدعوة إلى القتال، وتيتيم الأطفال،وإفناء الأهل والمال، أقوياء ولكن في نسف المعالم، واكتساح المغانم، نجداء ولكن ضد بعضهم، شجعان ولكن على أنفسهم. ولا ننكر أنهم كانوا أقل من سائر الأمم عيوباً، وأهون منهم في الرذائل نشوباً، وأولى بأن يؤدبهم الله بوحيه ويحملهم إلى خلقه أنوار دينه. 

ومن ينكر علينا أنها لاقت مما يحيط بها من الأرواح مقاومات عنيفة، ومخاصمات شديدة، وفتنا مظلمة، وإحناً حالكة وصدوراً وغرة، وأعداء فجرة ؟

ومن ينكر علينا أنها صبرت تجالد هذه الأرواح سنين متوالية، تأخذها بالنصيحة مرة، وبالترغيب أخرى، وبالترهيب حيناً. وبالجدال أحياناً، فكانت بذلك وحدها أمام أمة بأسرها، ترمقها عن بكرة أبيها شزراً وتتوعدها شراً، وتهددها سراً وجهراً، وتنصب لها الحبائل، وترصد لها المخاتل، وتغري بها اللئام والرعاع، وتثير عليها الإحن والأحقاد؟

ومن ينكر علينا، أنها فازت في النهاية على جميع مجاوراتها، وأخضعت لسلطانها جميع عدواتها، وسائر حواسدها، وأتمت كل وظائفها، ثم صعدت إلى حيث أتت، قريرة العين مرتاحة البال، لم ينلها من تألب أعدائها شيئاً، ولم يلحقها في أداء وظيفتها فتور ولا ونى، ولم تصعد، حتى نقشت إسمها في صفحات الوجود نقشاً لا يمحى، وأبقت فيه أثراً لا يبلى، واستخلفت فيه روحاً لا تزهق، وحياة لا تضمحل أفاعيلها في نابعها إلى اليوم.

من يرد أن ينكر علينا كل هذه الحوادث فلينكر، الشمس طالعة والنجوم ساطعة، ونفسه الجاحدة.

 محمد صلى الله عليه وسلم<br />

إذن، كيف نشأت هذه الروح على غير سنة الوسط الذي ولدت فيه، وكيف احتمت من مؤثرات ما يحيط بها من العادات والأخلاق، وكيف نجت من مشائن الغرائز التي كان يجب أن تنشأ فيها بطريق الوراثة، ثم كيف سلكت وحدها هذه المسالك الوعرة، وذللت كل هذه الصعوبات الهائلة، واجتازت كل هاتيك العقبات الكئود ..؟

ثم كيف نجحت في مشروعها، واستطاعت أن تخضع تلك الملايين من الأرواح لسيطرتها، وتجعل كل تلك الإرادات القوية تحت سلطان إرادتها؟

أن هذه الروح أكبر روح ظهرت في العالم، وأن إرادتها أقوى إرادة عرفت من بني آدم. وأن عزمها لما تندك أمامه الجبال الشمخ، وتهبط منه العرانين البذخ، وأن علمها لمما لا يدخل تحت نطاق فكر، ولا ينحصر في دائرة روية.

إذا كنا نحن أمام هذه الروح حيارى لا نستطيع كيف ندركها، مع اعتقادنا بأنها روح نبي مكرم، ورسول معظم، له من جانب القوة الإلهية عون جبروتي، ومن الملائكة المقربين عضد سماوي؛ فكيف تكون حيرة جاحد لا يعتقد بنبوة صاحبها، ولا يصدق بأن له من جهة العالم العلوي توفيقاً يمده، ونصيراً يدفع عنه الفشل ويرده ؟

كيف يعلل الملحد هذا التأثير الهائل الذي لم يسبق مثله للأنبياء والتاريخ أصدق شاهد، وحوادث الكون أعدل ناطق؟

ألا يكون المكذب به أحير من تحت السماء في تعليل هذه المدهشات، وتفسير هذه المعجزات؟

إذا كانت هذه الأعمال العظمى، تتم لغير نبي وتمكن لمن ليس له عون رباني ومدد إلهي، فما هو فضل النبوة على السياسة، وما هو امتيازها على حيل طلاب التسلط وعشاق السلطة ؟ نعوذ بك اللهم من الجمود على أحقاد الآباء، والتأثر بوراثة الأسلاف.

نحن لا نكتب السيرة المحمدية الكريمة كتاريخ يقرأ لتمضية الوقت، ولا نود أن نجعله تسلية للنفوس في أوقات فراغها، ولكنا نود درسها من وجهة فلسفية حيوية، نتعلم منها ماهية الإنسان، ومقدار ما وهب من ملكات ومواهب، وكيف نسلك بأرواحنا سبل المطالب، وكيف نأخذ نفوسنا بآداب الدنيا والدني، ونجمع بينهما في مسلك واحد. ومن ذا الذي لا يرضى بأن يكون تابع أشرف روح برهنت على حقيقتها وفضيلتها، وسلكت في الحياة كل  السبل الممكنة، وكانت في كل سبيل منها نوراً يعشو إلى ضوئها التائه، وعلماً يهتدي به الخابط، وبزت في كل مجالة من مجالات المجهودات الإنسانية كل مزاحم، ونالت من مسالمة الوجود لها، وموافقة مقتضياته لآمالها، ما لم يبلغه حي قبلها ولا بعدها ألقى بنفسه في معممان هذا العالم؛ ثم عرجت بعد ذلك كله إلى محتدها العلوي، نقية الجيب طاهرة الذيل، لم ترتكب إثماً ولا شططاً، ولم تكتسب إلا ما يخلد لها حسن الأحدوثة وجمال الأثر.

من ذا الذي لا يرضى بأن يكون تابع هذه الروح العالية في حركاتها وسكناتها، وسلمها وحربها، ورضائها وغضبها، وانبساطها وانقباضها ؟ لا جرم أن هذه الروح لا تتحرك إلا لنوال كمال ومحامد خصال، ولا تسكن إلا عن حرام وضلال، ولا تسالم إلا الفضيلة والجمال، ولا تحارب إلا الرذائل وذميم الخلال، ولا ترضى إلا الحق والاعتدال، ولا تغضب إلا لله في جميع الأحوال، ولا تنبسط إلا لمشاهدة سبحات الملك المتعال، ولا تنقبض إلا لمن لحظ سواه في الأقوال والأفعال.

من منا لم يؤلمه التناقض بين إحساسه وعقله، ولم ينغصه التعاكس بين عقيدته وفعله، ولم يسخط على نفسه التباين بين دينه وميله؟

يرينا العقل أن وقفنا لأنفسنا على الفانيات غاية الغوايات، وشر البليات، فإن همت بنا الرغبة إلى الإصاخة لصوته، والعمل بنصحه، جذبتنا من الإحساسات الشهوية تيارات، ولعبت بنا من نزغاتها نزوات، وحالت بين أنفسنا وبيننا حيلولة تدق عن أن يتصورها الفكر بصورة، أو يقع منها التعبير على كيفية.

ترينا العقيدة أن ذلك الأمر رجس حرام، وتبرهن لنا الحوادث على أن فيه الآلام والأسقام، بل الموت الزؤام، فنرى أنفسنا مسوقين لإتيانه، مرغمين على غشيانه، كأننا موجورون على إتلاف أنفسنا وأموالنا، ومرشون على إهلاك ذواتنا وأشخاصنا!

ليس هذا قامراً على من كل له دين وعقيدة، فإن كل الأمم حتى في هذا العالم المتمدن، يرى منها هذه الآثار المحزنة من التناقض والتباين في كل حيثية.

فلقد أرتها معارفها ضرر الخمر وويلاته، وشروره وموبقاته، ومع ذلك فهي تعتصره وتنشط العاملين عليه، وتبيعه وتستلفت الأنظار بكل الحيل إليه.

دلتها معلوماتها وأرشدتها التجارب أن القمار سبب الدمار والخراب، ومبيد الأسر العالية الأطناب، وملصق الجباه الشماء بالتراب، ومكثر الانتحار بين الشيب والشباب، والرجال والكعاب، ومع ذلك فهي تأتيه جهرة ومن وراء حجاب، وتعلن عنه في الجرائد إعلانها عن فوائد أعظم كتاب !

هل للإنسان عذر في الحال المرتبك، والأمر المشتبك ؟ هل له أن يقول عن نفسه مدافعاً: أنه ضعيف ألقي به في وجود قوي العوامل، قصير مدى الفكر، تكنفه في الكون ألوف من الفواعل، محدود العلم، قضي عليه أن يسير من حياته في مراحل بغير زاد ولا رواحل. عديم الخبرة بالطبيعة، قذف به منها في مجاهل، ظامئ الفؤاد لكمال مجهول سيق لأن يعرف منه المناهل، فاتجه إليه من غير دلائل، ممتع بصفات متباينة، حتم عليه أن يختارمنها الفضائل ويقاوم الرذائل، وهو مع ذلك بين أمثاله في حياة لها قوانين وشرائط، وعليه منها تكاليف ومغارم، تشتبك فيها مطالب حياتهم بمطالب حياته، وأغراض نفوسهم بأغراض نفسه، فتتجلى له الحياة على صور شتى، وأشكال عدة، لابسة من جهله وجهلهم ثياباً تتنوع وتتباين، وتتلون وتتخالف، على نسب يلتوي عليه أكثرها، ولا يدرك منها إلا جزءها، فيرى نفسه مرغماً على إتيان ما ينكره عقله، وغشيان ما يستهجنه فكره، إن رغب في إصلاح نفسه قاومته مما يحيط به عقبات عدة، وصدمته في صدره صعوبات وشدة، فيكره نفسه على أن يعيش ناقصاً وهو يرى الكمال بعينيه، ويمضي عمره في تعاسة وهو يرى السعادة بين يديه، ترنو بنظرها إليه؟

 محمد صلى الله عليه وسلم<br />

هل للإنسان أن يقول هذا مدافعاً عن نفسه، وملصقاً العار في نقصه على بني جنسه؟

كان يمكن أن يقول هذا، لو لم يكن الله تعالى قد أقام سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وسلم ، مثلاً يرسم الطريق للخابطين، وعلماً  على سبيل السائرين يتتبع التائه أثر قدمه، ويسير مسترشداً بعلمه، قطعا لعذر المعتذر بوعورة المسالك، ودحضاً لحجة الزاعمين بأن الإنسان مكره على تقحم المهالك ، والتردي في المضانك.

ليس على الذين رعبتهم مفازات الحياة ووعوثتها، وهالتهم عقباتها ومعاطبها، إلا أن يتبعوا ذلك المثال الكامل في سيره ويقتدوا بهديه في جميع أمره، فإنه جاء ليعلم الإنسان كيف يسلك بنفسه الحياة بدون أن يدنسها، وكيف يطير بروحه إلى الغايات بدون أن يتعبها، وكيف يجري في باحات المطالب المختلفة بدون أن يلامسه الجور بذلة، ويركض في ساحات المجد غير خاش أن يصدمه الغلو في صدره.

قضى الله على سيد المرسلين، صلى الله عليه وسلم، أن يطوف جميع أدوار الحياة الممكنة ليكون للناس في جميعها مرشداً أميناً، ودليلاً خبيراً، فكان (فرداً) في أسرة، و(واحداً) من قبيلة، و (نفراً) في أمة، و(زوجاً) و(أباً) و(تاجراً) و(مربياً) و( مرشداً) و(واعظاً) و(جندياً) و(قائداً) و(مشرعاً) و(قاضياً) و(حكيماً) و(إماماً) و(سياسياً) و(ملكاً) و(مسالماً) و(محارباً) و(معاهداً) و(عابدا) و(زاهدا) و(نبيا) و(مرسلا)، وهي وظائف حيوية يستحيل أن تتفق كلها لبشر، ولكن لايخرج من أن يكون له بعض صفات منها، فلم لا يقتدي بهذه الروح العالية الكريمة التي برهنت للعالم أجمع أنها جازت كل عقبات الحياة نقية طاهرة، ومرت بين أمواج المصاعب والفتن نقية زاهرة، ثم صعدت إلى عالمها تاركة وراءها من حسن الذكر؛ شذى أعطر من أرج الزهر في السحر، وأثراً يكسف بلألائه كل أثر، ولم تزل قوتها في الأرض تعمل أعمالاً تدهش البشر، ونورها بين الأنوار يحسر البصر.

فهل يصح، أن يعد المسلمون هذه السيرة من ضمن السير، ويجعلوها مجرد فكاهة في السهر، ورقائق يوشون بها أطراف السمر، أم يجب أن يدرسوها من جهة فلسفية حيوية، ليتخذوها دستوراً للعمل، ونبراساً يجلون به عن حياتهم ظلمات الخطل، ويحتمون به التدهور في الزلل، وعلماً يعشون إلى ضوئه في كل أمر جلل؟

فالفرد في أسرته، والواحد في قبيلته، والنفر في أمته، والزوج مع زوجته، والأب بين أهله وصبيته، والتاجر في تجارته، والمربي أمام تلامذته، والمرشد بين زمرته، والواعظ أمام حلقته، والجندي في مهنته، والقائد في رتبته، والمشرِّع في وظيفته، والقاضي في ولايته، والحكيم لدى طلبته، والإمام حيال حشدته، والسياسي في حكومته، والملك في رعيته، والمسالم أمام أوليائه، والمحارب قدام أعدائه، والمعاهد بإزاء أهل ذمته، والعابد في محرابه، والزاهد في دنياه، يجد من سيرته صلى الله عليه وسلم نوراً يهتدي به في شرعته، وروحاً يقوى بها في مزاولة صناعته، ودستوراً يسير عليه لتحقيق أمنيته، وقانوناً يرجع إليه في حيرته.

كيف لا يجعل المسلمون هذه السيرة المثلى لهذه الروح العظمى كحلا لأعينهم، وشغافاً لقلوبهم، ودخيلاً تحت ضلوعهم، وشعاراً على جسومهم، ودثاراً فوق لباسهم؟

وكيف لا يجعلونها مرجعاً لفخارهم، وأصلاً لمجدهم وسؤددهم، ودواء لأدوائهم، ومرهماً شافياً لجراحهم، ومنشطاً لفتورهم، وسلماً لأوليائهم، وحرباً لأعدائهم، وحجة على صحة دينهم، ودليلاً على وضوح طريقهم.

إن تجلية هذه السيرة الكريمة على الصورة الحيوية المؤثرة، بالنسبة لأبناء هذا العصر، الذين اشتبكت أمور حياتهم وتداخلت حلقاتها، وامتدت مصالحهم وتشعبت فروعها؛ حتى يستطيع كل فرد منهم أن يجد منها الهادي المرشد، والدليل المبين لما يحتاج إلى بحث وتنقيب، وتفصيل وتبويب، وأبحاث في أساطير الحياة طولى، ودروس في أسرار القوى النفسية جلى.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

316

متابعهم

606

متابعهم

6665

مقالات مشابة
-