جيل التسعينيات: جيل الصدمة أم جيل الفرصة؟

جيل التسعينيات: جيل الصدمة أم جيل الفرصة؟

1 المراجعات

في مطلع التسعينيات، ظهر جيل جديد في العالم العربي، وخاصة في مصر، ليشهد حقبة مليئة بالأحداث الجسيمة والتحولات الجذرية، هذا الجيل، المولود بين عامي 1990 و2000، واجه سلسلة من الصدمات التي شكلت وجدانه وأثرت على مساره، من طفولته، مرّ هذا الجيل بأحداث غير مسبوقة: زلازل، وحروب، وأزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة، كلها شكلت خلفية نضوجه وتطور وعيه.

في مصر، كان هذا الجيل شاهدًا على زلزال 1992 وحرب الخليج في 1990، مما ترك أثرًا عميقًا على تصوره للأمن والاستقرار، شهد هذا الجيل أيضًا تدهور النظام التعليمي، حيث ضاعت آمال الكثيرين في الالتحاق بالكليات العليا نتيجة للامتحانات الصعبة وتسريبها، ما عكس بداية انهيار الثقة في المؤسسات التعليمية.

كما عاش هذا الجيل أحداثًا جسيمة أخرى، مثل غزو العراق وبث مشاهد الحرب لأول مرة على شاشات التلفاز، ما زعزع إدراكه للمفاهيم التقليدية عن الأمان والحروب التي كانت تُروى له في الكتب والأفلام فقط، هذه الفترة أيضًا شهدت انتشار أمراض مثل إنفلونزا الطيور والخنازير، مما عزز الشعور بالخوف وعدم اليقين تجاه المستقبل.

وكانت ثورات الربيع العربي هي القمة التي تأملها هذا الجيل، إذ نسج أحلامه في تغيير الواقع وشارك بقوة فيها، لكنه سرعان ما واجه حقيقة انهيار المجتمعات بسبب الحروب الأهلية والطائفية، أدرك الجيل أن العالم مليء بالتباينات والصراعات، حتى داخل العائلة والطائفة الواحدة، ما جعل الواقع أكثر تعقيدًا وتشابكًا مما كان يتصور.

اقتصاديًا، نشأ هذا الجيل وسط التحولات السريعة وانهيار القوة الشرائية، حيث اختفى الريال والجنيه من أيديهم بسرعة، ليجدوا أنفسهم محاصرين بارتفاعات مهولة في الأسعار، مثل زيادة سعر كيلو الحليب من 3 جنيهات إلى 20 جنيهًا، وعلى الرغم من محاولات التأقلم والاندماج في المجتمع، وجد الكثيرون أنفسهم في نهاية المطاف أمام خيارات محدودة، مثل الهجرة أو العودة إلى طرق تقليدية لتحقيق النجاح.

لم يقتصر التغيير على الجانب الاجتماعي والاقتصادي فقط، بل امتد ليشمل التكنولوجيا، التي قلبت حياة هذا الجيل رأسًا على عقب، فقد شهد الثورة الرقمية: ظهور الهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر، والإنترنت، مما أدى إلى تحول المجتمعات من كونها صناعية إلى مجتمعات قائمة على المعرفة والمعلومات؛ هذا التحول أثّر بشدة على سوق العمل، حيث انهارت بعض المهن التقليدية وبرزت مهن جديدة تعتمد على التكنولوجيا والمهارات الرقمية.

كل هذه الأحداث، والصدمات التي رافقتها، تركت جيل التسعينيات بين مشاعر التشتت وعدم اليقين. ومع ذلك، لم يكن هذا الجيل جيل الصدمات فقط، بل أيضًا جيل الفرصة، الذي استطاع رغم التحديات أن يطور نفسه ويكتسب مهارات جديدة ويتكيف مع المتغيرات، لقد تمكن من فهم الواقع الجديد وإعادة تشكيل طموحاته بما يتماشى مع الظروف المتغيرة، محققًا بذلك نوعًا من التوازن بين ما كان وما سيكون.

رغم كل الصعاب، أثبت جيل التسعينيات أنه قادر على تحويل الصدمات إلى فرص، مستندًا إلى فهمه العميق للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، ومواصلاً مسيرته نحو تحقيق التغيير الذي طالما حلم به.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

64

متابعين

39

متابعهم

10

مقالات مشابة