"عندما حوّلت إسرائيل البيجر إلى سلاح قاتل: كيف استُخدمت التقنية البسيطة لتنفيذ عمليات اغتيال دقيقة"
.
---
### استخدام جهاز البيجر كأداة تفجير عن بُعد: حادثة مشهورة وأثرها
**مقدمة:**
على مر العقود، استُخدمت العديد من الأدوات لتنفيذ التفجيرات عن بُعد كجزء من العمليات الاستخباراتية والعسكرية. من بين هذه الأدوات، كان جهاز البيجر أحد الأجهزة التي تم استغلالها في بعض العمليات، لا سيما في الثمانينيات والتسعينيات. يعتمد البيجر في وظيفته الأساسية على استقبال إشارات لاسلكية، ولكن تم تعديله ليصبح أداة تفجير في بعض العمليات. في هذا المقال، سنتناول كيف تم استخدام البيجر كوسيلة للتفجير في حادثة شهيرة.
### 1. ما هو البيجر وكيف يُستخدم؟
البيجر هو جهاز استقبال صغير كان يُستخدم قبل انتشار الهواتف المحمولة، وكان الهدف منه إرسال إشارات أو رسائل نصية قصيرة إلى الأشخاص عبر شبكات لاسلكية. كان يُعتمد عليه بكثرة في التسعينيات لإيصال المعلومات أو الإشعارات بسرعة.
**استخدام البيجر في التفجيرات:**
تم تعديل البيجر في بعض الحالات ليكون جزءًا من دائرة كهربائية مرتبطة بعبوات ناسفة. عندما يتلقى البيجر إشارة معينة (مثل رسالة أو اتصال)، يتم تفعيل الدائرة الكهربائية وتفجير العبوة المتصلة بالجهاز. هذا الاستخدام البسيط والفعال للتكنولوجيا جعله أداة مُغرية للتفجيرات السرية.
### 2. حادثة اغتيال علي حسن سلامة باستخدام البيجر:
أحد أبرز الأمثلة على استخدام البيجر في التفجيرات كانت حادثة اغتيال **علي حسن سلامة**، القائد البارز في منظمة التحرير الفلسطينية، والذي كان مستهدفًا من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي **الموساد**.
**تفاصيل الحادثة:**
- في 22 يناير 1979، كان سلامة يقود سيارته في أحد شوارع بيروت.
- تم وضع عبوة ناسفة متصلة بجهاز بيجر تحت سيارته.
- حين وصل سلامة إلى موقع محدد، قام عملاء الموساد بإرسال إشارة تفجير عبر شبكة الاتصال.
- تلقى البيجر الإشارة، مما أدى إلى انفجار العبوة ومقتل سلامة وعدد من المدنيين.
### 3. لماذا تم استخدام البيجر في هذه الحادثة؟
**سهولة التمويه:**
البيجر كان أداة شائعة في ذلك الوقت، وكان استخدامه في التفجيرات عن بُعد يوفر تمويهًا مثاليًا. حيث يمكن للبيجر أن يُترك بسهولة دون أن يثير الشكوك، مما يجعله وسيلة آمنة وفعالة لتنفيذ العملية.
**التحكم عن بُعد:**
القدرة على تفجير العبوة من مسافة بعيدة دون الحاجة إلى وجود مباشر في مكان الحادث أعطت الموساد القدرة على تنفيذ الاغتيال دون تعريض عملائها للخطر. هذه الاستراتيجية تتيح للأطراف المنفذة مراقبة الهدف وانتظار اللحظة المناسبة لتفجير العبوة.
### 4. التخطيط لتنفيذ العملية:
**مراقبة الهدف:**
من المعروف أن مثل هذه العمليات تتطلب تخطيطًا دقيقًا ومراقبة مكثفة. كان على عملاء الموساد تتبع تحركات سلامة والتأكد من أن العبوة المفخخة وُضعت في المكان المناسب. البيجر المستخدم كان مجهزًا لاستقبال الإشارة في اللحظة التي يصل فيها الهدف إلى الموقع المحدد.
**الاعتبارات الأمنية:**
إسرائيل استخدمت مثل هذه التقنيات لتحقيق أهداف محددة مثل اغتيال الشخصيات التي تراها تشكل تهديدًا لأمنها. لكن كان على الموساد أيضًا أخذ الاحتياطات لضمان عدم تعرض المدنيين لخطر كبير، رغم أن الحوادث مثل هذه لا تخلو من أضرار جانبية.
### 5. تأثير حادثة الاغتيال:
**نجاح العملية:**
عملية اغتيال علي حسن سلامة اعتبرت نجاحًا كبيرًا لجهاز الموساد في ذلك الوقت. كانت جزءًا من سلسلة عمليات استهدفت شخصيات بارزة في منظمة التحرير الفلسطينية ضمن إطار العمليات الانتقامية بعد هجوم ميونخ 1972.
**ردود الفعل الدولية:**
على الرغم من نجاح العملية، إلا أنها أثارت الكثير من الانتقادات الدولية، حيث قُتل العديد من المدنيين خلال التفجير. الانتقادات وجهت نحو استخدام التفجيرات عن بُعد داخل مناطق مأهولة بالسكان، مما يعرض حياة الأبرياء للخطر.
### 6. لماذا اختفى استخدام البيجر في التفجيرات؟
**التطور التكنولوجي:**
مع التقدم التكنولوجي وانتشار الهواتف المحمولة في أوائل القرن الحادي والعشرين، بدأ استخدام البيجر في التفجيرات يتلاشى. أصبحت الهواتف المحمولة الوسيلة الرئيسية لتنفيذ التفجيرات عن بُعد نظرًا لقدرتها على استقبال إشارات أكثر تعقيدًا والتحكم في الأجهزة من مسافات أطول.
**الدقة والتنوع:**
التكنولوجيا الحديثة تقدم خيارات أكثر دقة وسرعة للتفجير عن بُعد، مما جعل البيجر غير ملائم للاستخدام في العمليات العسكرية الحديثة.
### 7. استخدام إسرائيل للتفجيرات عن بُعد:
**السياسة الأمنية:**
تاريخيًا، اعتمدت إسرائيل على التفجيرات عن بُعد كجزء من استراتيجيتها الأمنية لمواجهة أعدائها. استخدام التفجيرات كان وسيلة فعالة لاستهداف الشخصيات التي تعتبرها تهديدًا لأمنها دون الحاجة إلى الانخراط في مواجهات مباشرة.
**التكنولوجيا المتقدمة:**
مع مرور الوقت، طورت إسرائيل تقنيات تفجير أكثر تعقيدًا، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار والهواتف الذكية للتفجير عن بُعد، مما مكنها من تنفيذ عمليات دقيقة بأقل قدر من الأضرار الجانبية.
### الخاتمة:
حادثة تفجير علي حسن سلامة باستخدام البيجر تمثل واحدة من الحوادث التاريخية التي استُخدمت فيها التكنولوجيا بطريقة غير متوقعة لتحقيق أهداف عسكرية. مع تطور التقنيات، تراجعت أهمية البيجر في تنفيذ التفجيرات، لكن الحادثة تبقى شاهدة على ابتكارات في مجال الحروب السرية والتفجيرات عن بُعد.
استخدام إسرائيل لهذه التقنيات كان جزءًا من استراتيجيتها لحماية أمنها وتنفيذ عملياتها خارج حدودها، وهو ما أثار جدلاً دوليًا حول مشروعية هذه العمليات والوسائل المستخدمة فيها.