مسيره زين الدين زيدان
**زين الدين زيدان: أسطورة كرة القدم ومسيرته الكروية**
زين الدين زيدان، المعروف بلقب "زيزو"، هو واحد من أبرز لاعبي كرة القدم في تاريخ اللعبة. وُلد زيدان في 23 يونيو 1972 في مرسيليا، فرنسا، لأبوين جزائريين من ولاية بجاية. نشأ زيدان في حي لاميرين، أحد الأحياء الشعبية في مرسيليا، وبدأ شغفه بكرة القدم في سن مبكرة. سرعان ما أظهر زيدان مهارات استثنائية جعلته يجذب انتباه الأندية المحلية.
### **البدايات مع كان وبوردو**
بدأت مسيرة زيدان الاحترافية في عام 1989 عندما انضم إلى فريق كان الفرنسي. رغم أنه كان في السابعة عشرة من عمره فقط، إلا أنه سرعان ما أصبح لاعبًا أساسيًا في الفريق بفضل موهبته الفريدة وقدرته على التحكم بالكرة وتمريراتها الحاسمة. استمر زيدان مع كان حتى عام 1992، عندما انتقل إلى نادي بوردو، حيث أصبح أحد أعمدة الفريق.
في بوردو، تألق زيدان وقدم أداءً لافتًا في الدوري الفرنسي وكأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حالياً)، مما جعله واحداً من أبرز اللاعبين في فرنسا في ذلك الوقت. قاد زيدان بوردو إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي في عام 1996، لكنه خسر أمام بايرن ميونيخ. ومع ذلك، أثبت زيدان أنه لاعب من طراز عالمي، مما جذب اهتمام العديد من الأندية الكبرى في أوروبا.
### **الانتقال إلى يوفنتوس والتألق في إيطاليا**
في عام 1996، انضم زيدان إلى يوفنتوس الإيطالي، النادي الذي كان يُعد واحدًا من أقوى الأندية في العالم في ذلك الوقت. في يوفنتوس، تحت قيادة المدرب مارتشيلو ليبي، واصل زيدان تطوره كلاعب وسط موهوب. ساعد الفريق في الفوز بالدوري الإيطالي مرتين (1996-1997 و1997-1998) وكأس السوبر الإيطالي في عام 1997. كما قاد يوفنتوس إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين في عامي 1997 و1998، لكن الفريق خسر في كلتا المرتين.
تميز زيدان في يوفنتوس بأسلوبه الفريد في اللعب، حيث كان يتحكم بالكرة ببراعة استثنائية، وكان قادرًا على تقديم تمريرات دقيقة وتسجيل أهداف حاسمة. سرعان ما أصبح زيدان من أفضل اللاعبين في العالم، وفاز بجائزة الكرة الذهبية في عام 1998، وهي الجائزة التي تُمنح لأفضل لاعب في العالم.
### **المجد مع منتخب فرنسا وكأس العالم 1998**
على الصعيد الدولي، كانت لحظة زيدان الأكثر بروزًا عندما قاد منتخب فرنسا للفوز بكأس العالم 1998 التي أقيمت في فرنسا. كان زيدان اللاعب الأكثر تأثيرًا في الفريق، خاصة في المباراة النهائية ضد البرازيل، حيث سجل هدفين برأسه من ركلتين ركنيتين، ليفوز الفريق الفرنسي بالمباراة بنتيجة 3-0. هذا الفوز جعل زيدان بطلًا قوميًا في فرنسا، وأحد أكثر اللاعبين احترامًا في العالم.
لم يقتصر إنجاز زيدان على كأس العالم فحسب، بل واصل تألقه مع المنتخب الفرنسي، حيث قاده للفوز ببطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2000) في هولندا وبلجيكا. كان زيدان لاعبًا حاسمًا في هذه البطولة، حيث قدم أداءً مذهلاً وسجل أهدافًا حاسمة، مما ساعد فرنسا في الفوز بالبطولة.
### **الانتقال إلى ريال مدريد وتحقيق المزيد من النجاح**
في صيف 2001، انضم زيدان إلى ريال مدريد الإسباني في صفقة تاريخية بلغت قيمتها حوالي 77.5 مليون يورو، مما جعله أغلى لاعب في العالم في ذلك الوقت. في ريال مدريد، أصبح زيدان جزءًا من "فريق الأحلام" الذي ضم نجومًا مثل لويس فيغو، ورونالدو، وراؤول غونزاليس، وديفيد بيكهام.
حقق زيدان مع ريال مدريد العديد من النجاحات، أبرزها الفوز بدوري أبطال أوروبا في عام 2002، حيث سجل هدفًا رائعًا من تسديدة على الطائر في المباراة النهائية ضد باير ليفركوزن. هذا الهدف يُعتبر واحدًا من أجمل الأهداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا. كما فاز مع ريال مدريد بالدوري الإسباني (لا ليغا) في موسم 2002-2003، وكأس السوبر الإسباني، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس الإنتركونتيننتال.
### **الاعتزال والعودة كمدرب**
بعد مسيرة رائعة كلاعب، أعلن زيدان اعتزاله اللعب الدولي بعد كأس العالم 2006 في ألمانيا، حيث قاد فرنسا إلى المباراة النهائية ضد إيطاليا. رغم أن زيدان سجل هدفًا في المباراة النهائية من ركلة جزاء بطريقة "بانينكا"، إلا أن المباراة شهدت أيضًا لحظة مثيرة للجدل عندما طُرد زيدان بعد أن نطح المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي، مما أدى إلى خسارة فرنسا بركلات الترجيح.
بعد اعتزاله، لم يبتعد زيدان عن كرة القدم، حيث بدأ مسيرته التدريبية مع ريال مدريد كاستيا (الفريق الرديف لريال مدريد) قبل أن يتولى تدريب الفريق الأول لريال مدريد في يناير 2016. حقق زيدان نجاحات كبيرة كمدرب، حيث قاد ريال مدريد للفوز بدوري أبطال أوروبا ثلاث مرات متتالية (2016، 2017، 2018)، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ البطولة بنسختها الحديثة. كما فاز بلقب الدوري الإسباني في موسم 2016-2017 وكأس السوبر الإسباني، وكأس العالم للأندية مرتين.
### **الخلاصة**
زين الدين زيدان هو واحد من أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، سواء كلاعب أو كمدرب. مسيرته الكروية مليئة بالإنجازات واللحظات الرائعة التي ستظل خالدة في ذاكرة عشاق كرة القدم. بفضل موهبته الفريدة وشخصيته القيادية، استطاع زيدان أن يترك بصمة لا تُنسى في عالم كرة القدم، وهو يستحق بكل تأكيد مكانته كأحد أساطير اللعبة.