رحيل الشيخ المصري السلفي سعيد عبد العظيم: نهاية رحلة علمية ودعوية

رحيل الشيخ المصري السلفي سعيد عبد العظيم: نهاية رحلة علمية ودعوية

0 المراجعات

 

رحيل الشيخ المصري السلفي سعيد عبد العظيم: نهاية رحلة علمية ودعوية

 

في يوم حزين، ودعت الأوساط الإسلامية السلفية والمجتمع المصري عامةً الشيخ سعيد عبد العظيم، أحد أبرز علماء السلفية والدعاة البارزين، الذي توفي بالأمس في المدينة المنورة عن عمر يناهز 71 عامًا. ومن المقرر أن يدفن في ثرى البقيع، تاركًا وراءه إرثًا علميًا ودعويًا لا يُنسى.

 

النشأة والتعليم

وُلد الشيخ سعيد عبد العظيم في الإسكندرية، ونشأ في بيئة دينية محافظة. بدأ شغفه بالعلم في سن مبكرة، حيث كان لجده الذي كان شيخًا بالجامع الأزهر مكتبة ضخمة أثارت شغفه للبحث والاطلاع. ورث الكثير من كتبها، مما شكل نواة لمكتبته الشخصية فيما بعد. حصل الشيخ سعيد على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الإسكندرية عام 1978، لكنه لم يكن يقتصر على العلم الطبي، فقد بدأ طلب العلم الشرعي في مراحل مبكرة من حياته.

 

الجمع بين الطب والدعوة

تميز الشيخ سعيد عبد العظيم بقدرته على الجمع بين مهنته كطبيب ودوره كداعية إسلامي. عمل كطبيب في مستشفيات الإسكندرية، حيث كان يقدم الرعاية الطبية للمرضى برفق واهتمام، مما أكسبه احترام ومحبة الجميع. في نفس الوقت، واصل نشاطه الدعوي من خلال إلقاء المحاضرات والخطب والدروس الدينية في مساجد الإسكندرية وغيرها.

 

النشاط الدعوي

بدأت رحلته مع الدعوة في المرحلة الثانوية، حيث كان يخطب الجمعة في عدة مساجد بالإسكندرية، مثل الجمعية الشرعية وأنصار السنة. كان أحد المؤسسين الأوائل للعمل الدعوي في الجماعة الإسلامية بالجامعة ثم المدرسة السلفية بالإسكندرية في سبعينيات القرن الماضي، ومن بعدها الدعوة السلفية. أشرف على العديد من الأنشطة الدعوية والاجتماعية عبر مراحل مختلفة.

 

المواقف السياسية

أعلن الشيخ سعيد عبد العظيم رفضه للإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي في عام 2013، وعارض موقف حزب النور ودعاهم لترك السياسة. وأكد أن مرسي كان يسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية، حيث قال إن مرسي اجتمع بمجلس شورى العلماء وطلب منهم وضع المواد والمسائل التي يبدأ بها في تطبيق الشريعة. وذكر أنه التقى مرسي في قصر الاتحادية، حيث اشتكى الأخير من تأخر مجلس الشورى في تقديم المقترحات. أشار الشيخ سعيد إلى أن مرسي اتخذ الدكتور حسين حامد حسان مستشارًا له لخبرته الكبيرة في هذا المجال، مؤكدًا أن ما كان مرسي ينوي فعله هو سبب انقلاب الدنيا عليه.

 

الرحلات الدعوية

قام الشيخ سعيد عبد العظيم برحلات دعوية إلى قطر وفرنسا وإيطاليا واليونان، حيث نشر تعاليم الإسلام وساهم في توعية المسلمين في تلك البلدان. كانت هذه الرحلات جزءًا من جهوده المستمرة لنشر الدعوة الإسلامية وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام.

 

المؤلفات

ترك الشيخ سعيد عبد العظيم إرثًا غنيًا من المؤلفات التي تناولت موضوعات متنوعة في الفقه والعقيدة والدعوة الإسلامية. تُرجمت بعض مؤلفاته إلى عدة لغات، مثل الإنجليزية والتركية والإندونيسية، وتُطبع وتوزع في العديد من الدول. من أبرز مؤلفاته:

  • وعند الله تجتمع الخصوم
  • دعوة أهل الكتاب للدخول في دين رب العباد
  • رسالة لأهل الفن
  • الدولة اليهودية العالمية دولة إسرائيل الكبرى
  • الزواج العرفي
  • نظرات في مسألة تعدد الزوجات
  • أمارات الساعة الآتية
  • تحصيل الزاد لتحقيق الجهاد
  • معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
  • كيف تحل مشاكلنا؟
  • كيف تنال السعادة الحقيقية؟
  • الكفارات أسباب وصفات
  • الخطب والوعظ والتذكير
  • إلى الفتاة المؤمنة
  • حياة القلوب
  • الأتقياء الأخفياء
  •  

المقالات والإشراف العلمي

لعب الشيخ سعيد دورًا بارزًا في النشر العلمي والدعوي من خلال مقالاته التي نُشرت في عدة صحف ومجلات عربية. أسهم في الإشراف العلمي على مجلة "الحكمة"، وهي مجلة علمية إسلامية تصدر في لندن وتوزع في العديد من الدول. كانت مقالاته تتميز بالعمق الفكري والشرعي، حيث تناولت قضايا معاصرة بروح علمية ومنهجية.

 

وفاته وتأثيرها

كانت وفاة الشيخ سعيد عبد العظيم بالأمس في المدينة المنورة بمثابة صدمة كبيرة للمجتمع الإسلامي، خاصة في مصر. ترك رحيله فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وتلاميذه الذين تأثروا كثيرًا بعلمه وشخصيته. شهدت جنازته حضورًا كبيرًا من الناس، حيث توافد الآلاف لتوديع الشيخ الجليل، معبرين عن حبهم واحترامهم له.

 

الإرث العلمي والدعوي

على الرغم من رحيل الشيخ سعيد عبد العظيم، إلا أن إرثه العلمي والدعوي سيبقى خالداً. كتبه ومحاضراته وخطبه ستظل مرجعاً للعديد من الدارسين والمحبين للعلم الشرعي. سيستمر تأثيره من خلال طلابه وتلاميذه الذين تتلمذوا على يديه وتعلموا منه أسس الدعوة والعلم الشرعي. هؤلاء الطلاب سيحملون شعلة العلم والدعوة التي أشعلها الشيخ سعيد عبد العظيم، وسيواصلون نشرها للأجيال القادمة.

 

الخاتمة

في الختام، يمكن القول إن الشيخ سعيد عبد العظيم كان رمزاً للعالم المسلم المتكامل، الذي جمع بين العلم الشرعي والعلم الطبي، وسعى لخدمة دينه ومجتمعه بكل إخلاص وتفانٍ. كانت حياته نموذجاً يُحتذى به لكل من يسعى للعلم والعمل الصالح، ورحيله يمثل خسارة كبيرة، لكن إرثه العلمي والدعوي سيظل ينبض بالحياة ويستمر في إفادة الناس.

رحم الله الشيخ سعيد عبد العظيم وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

13

متابعين

8

متابعهم

12

مقالات مشابة