التنمر في المدارس وكيفية الحد منه
ما المقصود بالتنمر
التنمر هو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء، يتم توجيهه من فرد أو مجموعة أفراد نحو فردٍ آخر أو مجموعة أفراد، والهدف الرئيسي منه الإضرار بهذا الفرد نفسياً أو جسدياً، وهذا الفعل من الأفعال المتكررة التي تنطوي عن حدوث خلل سواء كان هذا الخلل حقيقيّ أو فقط من تصور الفرد، أما التنمر في مجال الطفل والمدارس يكون موجهاً من طالب أو أكثر نحو طالب أو أكثر بحجة الأقوى والأضعف، فتبادر المجموعة الأقوى للتنمر على أصدقائهم جسدياً أو نفسياً وهنا يأتي دور كل من الأهل والمعلمين في معالجة هذه الظاهرة قبل أن تتفاقم.
عن التنمر في المدارس
التنمر في المدارس أحد أكثر الظواهر انتشاراً، وغالباً ما يكون التنمر ضمن مجموعات موجهة نحو فرد أو مجموعات من الطلاب باعتبار هؤلاء الأفراد أن هذه المجموعة هي الأقوى وذات النفوذ، وتمون أشكال الاعتداء الممارس لفظياً (تبادل الكلام المسيء والشتيمة والألفاظ البذيئة) أو جسدياً (الضرب وممارسة العنف الجسدي وتحرش فعلي واعتداء بدني) أو حتى بالإيماءات والحركات، أو غيرها من أساليب الإكراه الأكثر دهاءً نحو التلاعب بهذا الشخص، وبشكلٍ عام يتم الحد من ظاهرة التنمر في المدارس من خلال تعليم الطلاب المهارات الاجتماعية للتفاعل الناجح مع الآخرين، وهذا حتى يكونوا من الأشخاص المنتجين القادرين على مواجهة هذه الظاهرة والحد من تعلمها أو انتشارها وشيوعها بين الطلّاب.
التنمر في المدارس
يتم تعريف التنمر بطرق مختلفة، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها تعريف قانوني لظاهرة التنمر، لكنّها سنت القوانين ضد هذه الظاهرة، وبشكلٍ عام يتم إطلاق مصطلح التنمرُ في المدارس عند إجبار الآخرين عن طريق الخوف أو التهديد، وهو نوع من أنواع التنمر الشائع في البيئات التعليمية، سواء كان بين الطلاب، أو بين المعلمين، وغالباً ما تكون عواقب هذه الظاهرة وخيمة، فقد تؤدي إلى الغضب والاكتئاب والتوتر لكل من الأفراد المتنمرين والمتعرضين للتنمر، وقد تسبب السلوك العدواني أو المشاركة بالأعمال الإجرامية أو حتى الانتحار.
معايير التنمر في المدارس
لكي تعتبر هذه الظاهرة تنمراً يجب أن يستوفي عددًا من المعايير، وتشمل هذه المعايير النية العدائية وتكرار هذه الظاهرة والمضايقة والاستفزاز، وهناك خمسة معايير ثلاثة منهم أساسية للتنمر، وهي ما يلي:
- النية العدائية: أي أن يكون التنمر متعمداً من هؤلاء الأشخاص، وليس عرضياً.
- عدم توازن القوة: وهذا يعني اعتقاد المتنمر أنه أقوى من الواقع ضحية التنمر، وقد يكون هذا الواقع بالفعل.
- التكرار على مدى فترة زمنية: أي تكرار المتنمر لهذا الفعل بين الحين والآخر، هذا بالنسبة للمعايير الأساسية.
وقد يضاف إلى المعايير الثلاث الأساسية معياران إضافيان، وهما ما يلي:
- معاناة الضحايا: قد يولد التنمر المتكرر على الضحية صدمة نفسية، ويصبح متنمراً مثل أقرانه.
- الاستفزاز: وقد يولد استفزاز الضحية إلى ولادة شخص متنمر جراء السلوكات العدوانية التي تعرض لها.
أسباب التنمر في المدارس
هناك الكثير من الأسباب الكامنة وراء تنمر الأشخاص، وتشمل هذه الأسباب المعايير الجنسانية والاجتماعية والعوامل السياقية والهيكلية الأوسع نطاقاً، ولعل أبرز هذه الأسباب ما يلي:
- التمييز بين الجنس: فقد يولد الطفل ببيئة تفضل الذكر عن الأنثى فيكون الطفل بطبعه متفرعن، ومتمرد على الفتيات حوله.
- الإهمال: قد يولد إهمال الطفل من قبل عائلته طبع التمر لديه، فيتنمر على أقرانه في المدرسة.
- التربية الخاطئة: أي ممارسة أسلوب خاطئ في التربية نحو معاقبة الطفل على كل ذنب يقترفه بالضرب او بالشتيمة.
- قلة ثقة الطفل بنفسه: وهذا يكون نتيجة ضغط الأقران، أو سوك التربية الخاطئ الذي يمارسه الأهل على هؤلاء الأطفال.
- ممارسة العنف الأسري على الطفل: وقد يولد الطفل في عائلة متنمرين، أو عائلة فيها شخص يمارس التنمر على الآخرين، وغالباً ما يتقمص الطفل شخصية أحد والديه ويمارسها على أصدقائه.
- الغيرة: غيرة الطفل ممن أفضل منه من بني جنسه أو من الجنس الآخر، سواء كان أفضل منه بصفة أو متفوق عليه في التعليم.
- الغرور: أي إحساس الطفل أنه أفضل وأعلى من غيره من الأطفال، وممارسته السلوك العدواني على من هو أفضل منه.
- الانخراط بممارسة الألعاب الإلكترونية العنيفة: وغياب الأهل عن مراقبة ألعاب أطفالهم وسلوكهم.
آثار التنمر في المدارس
آثار التنمر كثيرة على معظم جوانب الحياة المادية والمعنوية والجسدية والاجتماعية، وفيما يلي نورد هذه الآثار:
آثار التنمر المادية
يؤثر ممارسة سلوك التنمر على الضحايا بما يلي:
- إن تعرض الطفل للتنمر في مرحلة الطفولة يؤثر في نشأة الفرد ووضعه المادي والاقتصادي في كافة مراحله العمرية.
- إنّ النساء اللواتي تعرضن للتنمر منذ الطفولة أغلبهم كانوا عرضة للبطالة، وليس لديهم الكثير من الممتلكات والدخل المادي العالي.
- يعد السبب الرئيسي لترك الأطفال من المدرسة تعرضهم للتنمر، فيكون مستقبلهم عرضة للفقر والبطالة والحصول على وظائف بدخل أقل.
- الفقر بسبب دفع تكاليف مضاعفة للعلاج من هذا السلوك لفترة طويلة الأمد.
آثار التنمر النفسية والمعنوية
للتنمر الكثير من الآثار النفسية والمعنوية، يمكن تلخيصها بما يلي:
- الأطفال المتعرضون للتنمر يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العقلية والجسدية والاجتماعية والعاطفية.
- إصابة المتعرضين للتنمر بالاكتئاب والقلق، إضافة إلى الشعور بالوحدة والحزن، وتغيرات في أنماط النوم وتناول الطعام، والانغماس بالأنشطة المحببة له، وتستمر التأثيرات بكافة المراحل العمرية.
- تعرض ضحايا التنمر لخطر الانتحار في حال تكرار التنمر على هذا الفرد.
آثار التنمر الاجتماعية
هناك مجموعة من الآثار الاجتماعية التي تصيب الأفراد نتيجة تعرضه للتنمر، وفيما يلي نذكرها:
- الانطواء والخجل والشعور بالوحدة وعدم الشعور بالاستقرار والأمان وصعوبة الانفتاح وتقبل العلاقات الاجتماعية.
- عدم القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية في المراحل الأولى من العمر، وتعرضهم لخطر العزلة في مرحلة الشباب.
- ضعف الثقة بالنفس والشعور بالغضب وعدم تقدير الذات.
- الانحراف الاجتماعي وإقبال بعض الأشخاص المتنمرين أو المتعرضين للتنمر على إدمان التبغ والكحول المخدرات.
- انخفاض التحصيل العلمي والاندماج في الأنشطة الصفيّة، وقد يؤدي التسرّب المدرسي، أو الانقطاع عن المدرسة.
آثار التنمر على المجتمع
تتعدد آثار التنمر أيضاً على المجتمع، وفيما يلي نذكر أبرزها:
- كثرة الجرائم وانتشار ثقافة الخوف بين أفراد المجتمع.
- انتشار العدوان والعنف في المجتمع إذا لم يتم معالجة هذه الظاهرة في سن مُبكر.
- العجز والفشل نتيجة عدم القدرة على حماية الأطفال من التنمر.
- انتشار ثقافة عدم الاحترام بين الطلّاب في البيئة المدرسية، مما يؤدي إلى تدني المستوى الدراسي، فينعكس سلباً على المجتمع بأكمله.
آثار التنمر على المتنمرين
حتى المتنمر نفسه تؤثر عليه هذه الظاهرة سلباً، وفيما يلي نرفق آثار التنمر على المتنمرين:
- الانخراط بسلوك الجريمة نحو تعاطي الكحول والمخدرات والمشاركة في أعمال السطو والسرقة وخاصةً في مرحلة المراهقة.
- المشاركة في أعمال عنيفة نحو تدمير أثاث المدارس وما إلى ذلك، فضلاً عن حدوث حالات التسرّب الدراسي والتشرّد.
- عدم النجاح في العلاقات الاجتماعية وتكوين صداقات وحتى فشل في الزواج وتربية الأطفال.
كيفية الحد من ظاهرة التنمر في المدارس
هناك الكثير من الطرق التي يمكن من خلالها الحد من انتشار ظاهرة التنمر في المدارس والمجتمع بأكمله، وفيما يلي نذكرها:
- تحدث الوالدين مع الطفل: فعلى الأهل ملاحظة التقلبات المزاجية وأي تصرّف غير اعتيادي التي تحدث للطفل، لأن الأهل يستطيعون التأثير على أطفالهم أكثر من أي شخصّ آخر.
- تثقيف الأطفال عن التنمر: واجب الأهل توعية وتثقيف أبنائهم إلى معنى التنمر وكيفية ومواجهة هذا السلوك أو أخبارهم أو إخبار المعلمين بذلك.
- بناء مجتمع داعم: أي يجب على المجتمع دعم نفسية الأطفال المتعرضين للتنمر من جهة، ومعاقبة المتنمرين كي يسنحوا عن هذا الفعل ثانيةً دون الإضرار بشخصيتهم وحالتهم النفسية.
- تعزيز الثقة واحترام الذات: على كل من المعلمين والأهل تقديم الدعم النفسي لكلا الطرفين المتنمر والمتعرض للتنمر ودعم ثقتهم بنفسهم ليتخلصوا من هذا السلوك.
- المشاركة في الأنشطة: قيام المعلمين أو الأهل بأنشطة نفسية تبعد عن كاهل الأطفال موضوع التنمر والغضب، وتخرجهم من دائرة العنف والإساءة، إضافة إلى مراقبة الألعاب التي تدعو للعنف وإبعادها عنه.
- المساعدة في المدارس والمجتمع: لكل من المعلمين والآباء والأصدقاء دوره في التوعية والتثقيف وزيادة الوعي على آثار التنمر لمحاربته بشتّى الوسائل.
يترك التنمر أثراً سلبياً في نفس التلميذ الذي تعرض للتنمر، ويؤثر على سير العملية التعليمية أيضاً، ولذلك يجب على المجتمع العمل بشكل جدي للحد من تلك الظاهرة، ويتم ذلك بشكل مباشر عن طريق المدرسة والأسرة؛ لأن المدرسة معنية بتلاميذها والأسرة معنية بتربية أبنائها
تؤثر تربية الطفل وتنشئته على الأخلاق الحميدة، وتقبل اختلافات الآخرين وزرع الحب في نفوسهم وفضل مساعدة الآخرين واحترامهم، إضافةً إلى مراقبة ما يشاهده الطفل على التلفاز أو على الهاتف ومنع المحتوى العنيف عنه تماماً لأن المشاهد العنيفة تترك أثراً طويل المدى على الطفل