الطب لا يتعارض مع القدر

الطب لا يتعارض مع القدر

2 reviews

الطب والقدر؟

علوم الطب من أشرف العلوم بعد العلوم الإلهية، تنقل الانسان من السقم إلى الصحة وتعيد له التوازن.
وبما أن التأثير بين النفس والجسد متبادل يتداخل العلاجان النفسي والمادي مع بعضهما البعض. 
فالأمراض العضوية منها ما هي مادية الأسباب والعلاج،  ومنها ما هي نفسية الاسباب مشتركة العلاج. 
أما الأمراض النفسية منها ما هي نفسية الأسباب والعلاج، ومنها ما هي عضوية الأسباب مشتركة العلاج. 
هناك خلط نابع من الجهل بالدين عند من يعتقدون بأن الطب يتعارض مع قدر الله، ويرون في مقولة (الشافي هو الله) أنها تنفي أي دور للأطباء. وينسون أن المعالج الروحاني الذي يلجؤون إليه هو أيضا كالطبيب سببا للشفاء. لا بل إن الطبيب مع الوسائل التقنية وتحاليل المخابر أقدر على التشخيص من المعالج الروحاني و أدق في تحديد الدواء.
سأل كليم الله موسى عليه السلام ربه: "يارب أليس الشفاء من عندك؟" قال: "بلى" قال: "فماذا يصنع الأطباء؟" فقال الله سبحانه وتعالى: "يأكلون أرزاقهم ويطيبون نفوس عبادى حتى يأتى شفائى أو قضائى".

لو تدبرنا قوله تعالى:  ﴿ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾. لوجدنا أن العسل هنا هو دواء  للشفاء من الامراض العضوية كأدوية الطب تماما.
وفي قوله تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾. نجدأن الموعظة شفاء لما في الصدور من الأمراض النفسية كالشك والاكتئاب والخوف والقلق.

الدين  يشيد بالاختصاص!

قال تعالى: ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾  وقال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ وفي ذلك إشارة الى استشارة الخبراء المختصين في كل المجالات.
النبي الكريم ص ومع مقدرته على المعالجة الروحانية كان يوجه المرضى إلى الطبيب الحارث بن كلدة الثقفي.  وكان يتداوى بالعسل والكحل ويطهر جراحه بمادة الحصير المحروق.


أين دور العلاج الروحاني؟

عندما يعجز الطب عن معالجة مرض عضوي تنضم إلى أعراض المرض مضاعفات نفسية تزيد من شكوى المريض ويتداخل العامل النفسي مع العامل العضوي وهنا يأتي دور العلاج الروحاني  الذي يحيد العامل النفسي المضلل للطبيب فيهتدي إلى التشخيص الدقيق.

الامراض العضوية تحتاج لعلاج طبي؟

خلق الله سبحانه وتعالى لكل داء دواء وجعله سببا للشفاء، يهدي الناس إليه بتوفيقه لهم.
الأجساد البشرية خاضعةً لقوانين فيزيائية ثابتة. التشخيص الدقيق للخلل الفيزيولوجي  يؤدي إلى معرفة أسبابه وبالتالي إلى دواء للشفاء منه. فالاقتصار على العلاج الروحاني في الامراض العضوية يبقي ذلك الخلل وربما يفاقمه وخير مثال: لو اكتفى مريض الفشل الكلوي بالادعية والابتهالات لتسمم بدنه.

تجاوزات  بعض المعالجين؟

يعتقد بعض الناس أن العلاج الروحاني وحده كاف لشفاء أمراض مستعصية وهذا ما ينفيه الواقع فإن نجح جسم مريض روحانيا بالتماثل للشفاء- ربما بسبب بنيته القوية وارتفاع مناعته إثر ارتفاع معنوياته-  لم تنجح كثير من الأجسام الأخرى المصابة بنفس المرض ويعالجها ذات المعالج. 
فشل المعالج الروحاني في هذه الحالات الكثيرة ينسبه للقدر وينسى أن وجود الدواء من القدر. 
لا ينكر فضل العلاج النفسي في المساعدة على الشفاء  لكنه غير كاف فالأجساد بحاجة للدواء كحاجة الانفس للعلاج الروحاني. وفي ذلك قال الرسول الكريم ص لأعرابي طلب منه الدعاء لشفاء ناقته من الجرب: "لا يمنع ان تخلط بدعائنا القليل من القطران وتدهن به بطن الناقة".
وقال امير المؤمنين علي كرم الله وجهه: "من كتم وجعا ثلاثة ايام ولم يلقى طبيبا  دام وجعه فإذا لقي طبيبا كان على الله أن يشفيه على يد ذلك الطبيب".

العلاجان من قدر الله!

العلاجان العضوي والروحاني ضروريان للإنسان المكون من جسد ونفس ولا يلغى دور أي منهما وكلاهما من قدر الله.
قيل "يا رسول الله، هل ترد الأدوية من قدر الله شيئًا؟ قال (هي من قدر الله)". 
نحن ندفع قدرًا بقدر، ونرد قدرًا بقدر.  الأقدار تدفع بعضها البعض، ندفع قدر الجوع بقدر الغذاء، وقدر العطش بقدر الشرب، وقدر الداء بقدر الدواء.
الرقاة الحقيقيون هم من ينصحون المرضى بالجمع بين العلاجين لأنهما أسباب والشافي في كليهما هو الله.
العلاج الروحاني يطمئن المريض ويرفع معنوياته ويوحي له بأن مرضه سيسير عاجلاً نحو الشفاء ويفشل  هذا العلاج حين  يتقصد المريض إهمال الدواء ويترك الأخذ بالأسباب وكأنه يعترض على الحكمة الإلهية في إيجاد الأدوية المسببة للشفاء وكأن العلماء اخترعوا الدواء بمعزل عن علم الله وإرادته.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

5

followers

15

followings

1

similar articles