ندمت و لكن بعد فوات الأوان

ندمت و لكن بعد فوات الأوان

0 المراجعات

قالت :
منذ ثلاثين عامًا كنت فتاة مغرورة وزوجة حديثة أرفع شعارات تحرير المرأة و أرى الزواج مجرد إجراء اجتماعي لا يترتب عليه أي واجبات، و شاء الله أن أقيم مع حماتي حتى يوفر لي زوجي سكنًا مستقلا بالمواصفات التي أريدها، 
و كانت السنوات التي عشتها مع حماتي هي أسوأ سنوات عاشتها تلك السيدة الصابرة،
وكنت أنا للأسف سر هذا السوء فقد أعطيت أذني لنصائح الصديقات، بأن أظهر لها العين الحمراء منذ البداية.

و لذلك قررت أن أحدد إقامة حماتي داخل حجرتها و أتسيد بيتها و أعاملها كضيفة ثقيلة!
كنت أضع ملابسها في آخر الغسيل، فتخرج أقذر مما كانت، و أنظف حجرتها كل شهر مرة، و لا أهتم بأن أعد لها الطعام الخاص الذي يناسب مرضها، و كانت كجبل شامخ… .
تبتسم لي برثاء و تقضي اليوم داخل حجرتها تصلي وتقرأ القرآن و لا تغادرها إلا للوضوء
و أخذ صينية الطعام التي أضعها لها على منضدة بالصالة و أطرق بابها بحدة لتخرج و تأخذها!

و كان زوجي مشغولاً في عمله؛
ولذلك لم يلحظ شيئًا ولم تشتكي هي إليه بل كانت تجيبه حين يسألها عن أحوالها معي بالحمد، و هي ترفع يديها إلى السماء داعية لي بالهداية والسعادة.
ولم أجهد نفسي كثيرًا في تفسير صبرها وعدم شكايتها مني لزوجي، بل أعمتني زهوة الانتصار عن رؤية الحقيقة حتى اشتد عليها المرض،
وأحست هي بقرب الأجل فنادتني وقالت لي وأنا أقف أمامها متململة:
لم أشأ أن أرد لك الإساءة بمثلها حفاظًا على استقرار بيت ابني وأملاً في أن ينصلح حالك،
وكنت أتعمد أن أسمعك دعائي بالهداية لك لعلك تراجعين نفسك دون جدوى..
ولذلك أنصحك – كأم – بأن تكفي عن قسوتك على الأقل في أيامي الأخيرة ....
لعلي أستطيع أن أسامحك.
قالت كلماتها وراحت في غيبوبة الموت،فلم تر الدموع التي أغرقت وجهي ولم تحس بقبلاتي التي انهالت على وجهها الطيب،
ماتت قبل أن أريها الوجه الآخر وأكفر عن خطاياي نحوها، ماتت وزوجي يظن أنني خدمتها بعيني.
وكبر ابني وتزوج ولم يستطع توفير سكن خاص فدعوته للعيش معي في بيتي الفسيح
الذي أعيش فيه وحدي بعد وفاة أبيه، فاستجاب وأدارت زوجته عجلة الزمن…
فعاملتني بمثل ما كنت أعامل حماتي من قبل، فلم أتضجر، لأن هذا هو القصاص العادل .
والعقاب المعجل بل ادخرت الصبر ليعينني على الإلحاح في الدعاء بأن يغفر الله لي
ويكفيني شر جحيم الآخرة لقاء جحيم الدنيا الذي أعيش فيه مع زوجة ابني،
ويجعلني أتحمل غليان صدري بسؤال لا أستطيع له إجابة،
هل سامحتني حماتي الراحلة أم أنها علقت هذا السماح على تغيير معاملتي لها 
هذا التغيير الذي لم يمهلني الله لأفعله.....
نصيحه لكل اخت وبنت وامراة:

اعلمي عزيزتي
كما تفعلين بغيرك يفعل بك 
وكما تدين تدان. 
فالدنيا ليست دار قرار، 
ولاتساوي عند الله جناح بعوضة. 
والله لا

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

المقالات

460

متابعين

611

متابعهم

115

مقالات مشابة