كوكب على شفا الهاوية- كيف غير الإنسان مناخ الأرض؟
مقدمة
تُعد التغيرات المناخية من أكبر التحديات البيئية التي تواجه البشرية في الوقت الراهن. فمع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية وتزايد معدلات انبعاث الغازات الدفيئة، بات العالم يشهد المزيد من ظواهر مثل ارتفاع منسوب مياه البحار، وزيادة موجات الجفاف والفيضانات والأعاصير.
في هذا المقال، سنلقي نظرة على الأسباب الرئيسية وراء ظاهرة التغيرات المناخية، وأبرز تداعياتها البيئية والاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى بعض الحلول والسياسات المطروحة لمواجهة هذا التحدي العالمي.
اولا-لمحة تاريخيةعن التغيرات المناخية:
Historical overview of climate change
تمتد السجلات التاريخية للتغيرات المناخية إلى ملايين السنين، حيث شهدت الأرض تباينات كبيرة بين عصور جليدية باردة وعصور حارة. وترجع هذه التقلبات إلى عوامل طبيعية مثل تغير مسارات الأرض ونشاط الشمس.
ومع بداية الثورة الصناعية في القرن 18 وما صاحبها من ازدهار للصناعات والمصانع التي اعتمدت على حرق الفحم والنفط، بدأ النشاط البشري يؤثر بصورة متزايدة على تركيبة الغلاف الجوي.
وتشير أدلة علمية إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة وتسارع وتيرة الاحترار منذ منتصف القرن العشرين، مدفوعاً بالانبعاثات الصناعية من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات. ويربط العلماء هذا الاحترار غير الطبيعي بالنشاط البشري.
ثانيا- أسباب التغيرات المناخية الحالية مثل الانبعاثات الصناعية وإزالة الغابات
Causes of current climate change such as industrial emissions and deforestation:
1. الانبعاثات الصناعية:
تعد الانبعاثات الصناعية من أهم الأسباب وراء تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، وذلك لعدة أسباب:
* اعتماد الصناعات بشكل رئيسي على حرق الوقود الأحفوري من فحم وبترول وغاز طبيعي، ما ينتج عنه انبعاثات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون الدفيئ.
*انبعاث غازات دفيئة أخرى كأكاسيد النيتروجين والميثان من العمليات الصناعية مثل إنتاج الأسمدة والبتروكيماويات.
* ازدهار صناعات كثيفة الانبعاثات الكربونية في الدول النامية مثل الصين والهند وإندونيسيا بشكل سريع، ما يرفع درجة حرارة الكوكب.
*صعوبة التحكم في تلوث الهواء من المصانع وخاصة في الاقتصادات الناشئة.
لذا، تُعد الانبعاثات الصناعية السبب الرئيسي الثاني بعد إزالة الغابات فيما يخص التغيرات المناخية.
2. إزالة الغابات:
يؤدي إزالة الغابات الاستوائية إلى تراكم غازات الدفيئة بالغلاف الجوي، فالأشجار تقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو خلال عملية البناء الضوئي.
3. الزراعة الحديثة:
تعتبر الزراعة الحديثة أحد الأسباب الرئيسية للتغيرات المناخية، وذلك لعدة عوامل:
* الاعتماد المتزايد على الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية يلوث التربة والمياه الجوفية ويطلق مركبات كيميائية ضارة بالبيئة.
* تربية الماشية على نطاق واسع ينتج عنه انبعاث كميات هائلة من غاز الميثان وهو من أقوى الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. تقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تربية الماشية تسبب حوالي 18% من مجمل انبعاثات غازات الدفيئة بالعالم.
* التوسع الكبير في زراعة الأراضي الهامشية وإزالة الغابات من أجل توفير مساحات إضافية للزراعة يفاقم من ظاهرة التغيرات المناخية.
4. تزايد النفايات:
يُعد تزايد إنتاج النفايات بدون معالجة مستدامة أحد الأسباب الرئيسية للتغيرات المناخية، وذلك لعدة أسباب:
*التحلل الحيوي للنفايات العضوية في مكبات النفايات ومدافن القمامة ينتج عنه انبعاثات من غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون - وهي من أكثر الغازات الدفيئة فتكًا بالمناخ.
* حرق النفايات يطلق كميات كبيرة من الغازات الضارة إلى الجو، مثل ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والسوائل العضوية.
* انبعاثات غاز الميثان من مواقع النفايات تمثل 12% من مجمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الانثروبوجينية (ناجمة عن نشاط الإنسان).
* كميات كبيرة من مخلفات البلاستيك تلوث الأنهار والبحار، وتضر بالبيئة البحرية.
5- ذوبان الصقيع والأنهار الجليدية:
يؤدي إلى إطلاق المزيد من الغازات المخزنة بها مما يزيد الاحتباس الحراري.
ثالثا- الحلول المقترحة مثل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة
Proposed solutions such as renewable energy and energy efficiency
هناك عدة حلول وسياسات مقترحة لمواجهة تحدي التغيرات المناخية:
* تطوير مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والاستثمار بها بشكل أكبر لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
*تشجيع كفاءة الطاقة في القطاعات المختلفة كالصناعة والنقل والمباني، من خلال سن التشريعات والحوافز المناسبة.
*إدارة النفايات بطرق مستدامة ومعالجة المخلفات العضوية بشكل صحيح للحد من انبعاث غاز الميثان.
*دعم مبادرات إعادة التشجير والحفاظ على الغابات لامتصاص المزيد من الكربون
رابعا-السياسات والاتفاقيات الدولية الرامية إلى مكافحة التغيرات المناخية
Government policies and international agreements aiming to combat climate change
1- اتفاقية باريس للمناخ: اتفاق دولي يهدف للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما لا يزيد عن 2 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي. ويحدد آليات لخفض الانبعاثات الكربونية.
2- سياسات فرض الضرائب الكربونية على الشركات الملوثة لتشجيع العمليات الصديقة للبيئة.
3- قوانين تحديد نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء. مثل سياسة الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي.
4- تمويل المشاريع المعنية بكفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات كمشاريع النقل النظيف وإعادة التدوير.
خامسا-دور الأفراد في الحد من بصمتهم الكربونية
Role of individuals in reducing their carbon footprin
يمكن للأفراد المساهمة في الحد من بصمتهم الكربونية من خلال:
1. ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه في المنازل، واستبدال المصابيح والأجهزة القديمة بأخرى عالية الكفاءة.
2. استخدام وسائل النقل العام والمشي لمسافات قصيرة بدلاً من السيارات الخاصة.
3. تقليل استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان، نظرًا لكثافة انبعاثات غازات الدفيئة من إنتاجها.
4. إعادة تدوير النفايات الورقية والبلاستيكية والزجاجية بدلًا من التخلص منها في مكبات القمامة.
5. شراء المنتجات المحلية والعضوية قدر الإمكان لتقليل الانبعاثات الناتجة عن نقلها.
6. المطالبة بسياسات بيئية فعالة من الحكومات ودعم المبادرات التي تعنى بالحد من آثار التغيرات المناخية.
