لن تموت إلا باندثار الكون (لغة الزمان)
هل لي في يومها أن أحتفل ؟
.. .......
نعم سأحتفل باليوم العالمي للعربية الفصحى
سأحتفل ولكن كلما مرت عيناي على مواقع التواصل أجد ألسنا ممزقة وأحرفا مرمية على قارعة الطريق وكلمات خرساء فأجدني في بحر متلاطم الأمواج من العامية وسيل من الركاكة في التعببر
هفوات وكبوات ومزالق ووقعات , عن المثقفين اتكلم ناهيك عن العبث
اللامحدود في انتهاك شرف اللغة العظيمة من أهلها وأبنائها.
هل لي أن أحتفل والصدر يكاد ينفطر.
لغة الكون وكل الكائنات أقدم لغة على الاطلاق في عمرها منذ أجراها الله على أفواه القبائل في شبه الجزيرة العربية. قوية بروحها مفعمة بالحيوية من الداخل مهما أساء إليها أهلها.
فلو تمثل لنا لسانا عربيا كعروة بن الورد أو غيره وخطب فينا لفهمناه ولجادلناه وناقشناه , ولو تمثل لنا رجلا انجليزيا من قبل قرنين من الزمان وخطب في أهل لغته ما فهموا شيئا وحجتهم في هذا أن لغتهم متجددة تتجدد وتتغير كل فترة من الزمن
لكن العربية( خالدة متجددة) بدون انهيار أو اندثار
خالدة لن تضمحل وتتلاشى بدعوى التجدد ومتجددة تتجدد معانِِ وأساليب و بناء وتراكيب.
إنها اللغة الحية الممتدة الزمن منذ ولادتها محفوظة بحفظ القرآن فلن تندثر أو تزول فكنهها صعب إدراكه , ونطقها سهل لمن أراد, مقربة من الجميع تتعامل بحنان وحب لكل من أرادها واقترب منها .
لهذا سأحتفل بيومها العالمي بل سأجعل كل أيامها يوما عالميا وأنا أعيش معها في كل لحظاتي أعانقها في كل أيامي وأنا أدرسها لطلابي واعلمها لكل من أراد الاستمتاع بروحها الجميلة
وهنا أوجه رسالتي لكل عشاق مواقع التواصل , تواصلوا مع لغتكم قبل أن تنفصلوا عنها, تريثوا قبل أن تنشروا رسائلكم واكتبوها بروح المحب العاشق تنساب بين أيديكم وابحثوا قليلا تجدونها قريبة منكم . تعشقوها بلطف وغوصوا في معانيها وتراكيبها وتفننوا في فنها فلا يقدر عليها إلا فنان ماهر ولا يتواءم معها إلا من تعمق بها وصار جزء منها وربما هي ،
فمتى أدركت كنهها وسبرت غورها وعلمت أسرارها وعشقت جمالها فسوف تتجدد معها وتكتشف قوتها وتكوينها العميق وصوتها الرقيق وتوازنها الدقيق .
يالها من لغة عظيمة تخطت اللغات وطوت المسافات فكم من لغة اندثرت بالآلاف وظلت هي باقية وستظل ما بقيت السموات والأرض تتمتع بالسهولة والقرب من الجميع وتمتاز بالقوة والجزالة والعمق لمن أتقن فحواها وعلم مجراها فسبحان من أرساها وسواها وحعل القرآن مأواها خالدة مخلدة بخلوده ، روحها حية بحياته وقوية بقوته لن تضمحل أو تزول بل تزدهر و تتجدد
سر إعجاز اللغة العربية
سر إعجازها ينبعث من القرآن وبلاغته وخياله الذي ينطبق على الواقع . ولهذا لم تندثر منذ ألف وأبعمائة عام وستظل خالدة فهي لغة الدهر والزمان وفي هذا المعنى قلت شعرا
صمتت لغات العالمين وطأطأت لك هاما
وبقيت يا لغتي على مر الزمان وساما
كل اللغات تقهقرت لما رأتك حديثة
وقديمة لم تخلقي تتجددين دواما
كل اللغات تناثرت عبر الزمان حروفها
وتغيرت وبقيت يا لغة الزمان زماما
نعم فأنت الزمام ولك القيادة يا لغة الزمان وانت أيضا قديمة وحديثة في نفس الوقت فلم تخلقي أو يصيبك البلى والقدم ولكنك متجددة تنافسين الزمان والمكان وتعيشين اللحظة بكل قوة واقتدار
فأنت روح اللغات و فصل الخطاب تخضع لك الكلمات وتنساب من خلالك الجمل والعبارات فتعبرين عن الحدث بدقة، وتصورين الموقف كلوحة فنان، وتكتبين التاريخ كفيلم سينمائي وتحكمين بعدل ودقة أقوى من أدهى القضاة وتقودين بقوة وتتدللين برقة فلك الحب والخلود يا لغة الزمان.
معلم لغة عربية في يومها العالمي
أحمد بن حميد عباد