اطفال الشوارع ( جراح تنزف والم مستمر ) المقال الثالث

اطفال الشوارع ( جراح تنزف والم مستمر ) المقال الثالث

0 المراجعات

بعد ان تكلمنا فى المقالات السابقة عن من هم اطفال الشوارع ونظرة المجتمع لهم واحصائيات عن اطفال الشوارع فى مصر  وما هى الاسباب الت تدفع الاطفال الى الشارع والسمات العامة لاطفال الشوارع سوف نكمل الحديث فى هذا المقال ونتكلم عن الاثار السلبية لظاهرة اطفال الشوارع ومدى ارتباط تلك الظاهرة بالجنس و الحضرية ووسائل الحد من هذه الظاهرة .

الاثار السلبية لظاهرة أطفال الشوارع 

بعد أن تعرفنا على من هم أطفال الشوارع وما هى العوامل والاسباب التى تدفع بهؤلاء الاطفال الى النزول الى الشارع وما هى السمات العامة لهم نتطرق الى ما هى الاثار السلبية لظاهرة اطفال الشوارع .

ويمكن أن نقسم هذه الاثار الى أثار على الطفل نفسه , أثار على المجتمع وسوف نتناولها فيما يلى 

أولا: الأثار السلبية لظاهرة أطفال الشوارع على الطفل نفسه 

هناك العديد من المخاطر والمشاكل التى يتعرض لها أطفال الشوارع خلال تواجدهم فى الشارع بدون حماية لانهم معرضون لجميع أنواع الانحرافات ومن هذه المشاكل .

1 – الاستغلال الجنسى : وهو من اخطر ما يتعرض له أطفال الشوارع سوء من العصابات أو من الافراد المستغلين ضعفهم وعدم قدرتهم على مواجهة الإساءة الجنسية من قبل الاشخاص الكبار .

2 – مخاطر الطريق : حيث يتعرض هؤلاء الاطفال للعديد من مخاطر الطريق مثل حوادث السيارات بسبب تجولهم المستمر فى الشارع من اجل بيع السلع التافهة وركوب أسقف القطارات للتهرب من دفع ثمن التذكرة وفى النهاية قد يفقد هؤلاء الاطفال حياتهم او قد يصابون بعاهات مستديمة و إعاقات بدنية خطيرة .

3 – مخاطر استغلال العصابات : حيث تقوم العصابات والمجموعات الإجرامية المنظمة باستقطاب أطفال الشوارع و استخدامهم فى تنفيذ أعمال غير مشروعة وخطرة مثل ترويج وتوزيع المخدرات أو إحداث الاضطرابات و العنف أو فى الاعمال المتصلة بالدعارة والفسق .

4 – يتعرض أطفال الشوارع للإصابة بالكثير من الامراض البدنية والنفسية والصحية وذلك نتيجة تواجدهم فى البيئات التى يعيشون فيها مما يجعلهم فى الام مستمرة أو الموت ومن بين هذه الامراض 

أمراض الانيميا وحالات الضعف العام الناتجة عن سوء التغذية أو نقص كميات الغذاء التى يتناولها هؤلاء الاطفال , وكذلك الامراض الناتجة عن تناول الاطعمة فى الشارع لعدم نظافتها أو عدم أعدادها بطريقة صحية ومن هذه الامراض امراض الجهاز الهضمي مثل الالتهاب الكبدي و التيفويد و الدوسنتاريا و التسمم الغذائى والكوليرا وأمراض الاسهال والتهابات المعدة والامعاء  وكذلك الامراض الجلدية مثل الجرب والتهاب الجلد والالتهابات الفطرية والحكة الجلدية وكذلك امراض العيون والامراض الجنسية الناتجة عن الممارسات الجنسية الغير أمنة بين أفراد الجنسين أو افراد الجنس الواحد والتى قد تنتشر أيضاً عن طريق تعاطى المخدرات من خلال الحقن التى يمكن أن تؤدى الى تلوث الدم لدى اطفال الشوارع .

5 – الإدمان والتدخين وشم الكلة.

6 – فقدان قيم المواطنة والولاء للمجتمع .

ثانياً: الأثار السلبية لظاهرة أطفال الشوارع على المجتمع 

  1.  طفل الشارع اليوم هو غالباً مجرم فى المستقبل القريب يهدد الامن فى المجتمع .
  2. شعور اطفال الشوارع بالحرمان والنقص يولد لديهم الرغبة فى الانتقام من المجتمع الذى خذلهم حسب اعتقادهم .
  3.  أطفال الشوارع عبارة عن طاقات مهدرة لا يستفيد منها المجتمع .

         4 - إعادة تأهيل هؤلاء الاطفال ودمجهم فى المجتمع يكلف الكثير من المال ويعرقل عملية التنمية ويقف حجر عثرة امام التقدم .

   ارتباط ظاهرة اطفال الشوارع بالجنس و الحضرية 

فى هذه الجزئية  نطرح التساؤل الجوهري في  وهو. هل لانتشار ظاهرة أطفال الشوارع علاقة بالجنس أو الحضرية ؟ 

وحتى نتمكن من معرفة الإجابة على التساؤل السابق طرحه فإننا سوف نستعرض بإيجاز بعض الدراسات السابقة والتي تناولت هذا الموضوع بطريقة أو بأخرى ويلى ذلك  تعقيب على هذه الدراسات       وهى كالاتي :-

 دراسة ( عبدالعظيم أحمد عبدالعظيم ,2012) بعنوان : أطفال الشوارع في حي السيدة زينب بمدينة القاهرة – رؤية جغرافية. استخدمت هذه الدراسة المنهج الوصفى الذى يعتمد على وصف الظاهرة وتحليلها باستخدام لغة الإحصاء و الرياضة حتى تكون النتائج أقرب الى الدقة  ونظراً لصعوبة حصر جميع أطفال الشوارع فى مدينة كبيرة مثل القاهرة لإجراء الدراسة عليهم لكثرة أعدادهم و اختلاف مواقع تمركزهم بالإضافة الى صعوبة الحصول على البيانات منهم وصعوبة التأكد من مدى مصداقيتها لذلك فقد تحدد مجتمع البحث  فى هذه الدراسة بحي السيدة زينب فأجريت مقابلات من خلال مساعدة ثلاثة جمعيات أهلية بالحي تقوم بصرف مساعدات شهرية لأربعة وعشرون من هؤلاء الاطفال وقد شملت الدراسة 78 طفلاً ذكوراً و إناث  منهم 51طفلا من الذكور و 27 طفلة أنثى , وتبين أن 76% من جملة المبحوثين هم أصلاً من مدينة القاهرة فى حين يعيش أسر 11% فقط من جملة المبحوثين فى حى السيدة زينب و أن 13% من جملة المبحوثين قد نزحوا من بقية مدن ومحافظات مصر.

 دراسة (عبدالتواب جابر احمد محمد مكى ,2017 ) بعنوان : ظاهرة أطفال الشوارع بأسيوط  وذكر الباحث أن مركز المعلومات بمحافظة أسيوط فى عام 2012قام بإصدار نشرة عن أطفال الشوارع بأسيوط وقد شملت النشرة عدد 6090 طفلاً موزعين على 13 مركزاً وقد خلص الباحث من خلال هذه النشرة الى أهم سمات اطفال الشوارع بأسيوط ومن أهمها أن الظاهرة ترتكز فى مدينة أسيوط حيث يوجد بها طبقاً لهذه الإحصائية 59.7% من جملة حجم الظاهرة بالمحافظة , ذكر الباحث أيضا 

أن ظاهرة أطفال الشوارع فى مدينة أسيوط تتميز بالطابع الذكورى  إلا أنه لم يذكر نسبة الذكور  وعددهم أو نسبة الإناث وعددهم .

 دراسة ( الحركة العمالية للدفاع عن الاطفال بفلسطين بالتعاون مع منظمة اليونيسيف ,2005) بعنوان : أطفال فى الشارع – الحالة الفلسطينية .  اعتمدت الدراسة  على تقصى واقع مجموعة محددة من الأطفال المتواجدين فى الشارع من مواقع مختلفة على امتداد الأراضي الفلسطينية  بما فيها القدس الشرقية  وقد شملت الدراسة 120طفلاً من الفئة العمرية أقل عن 18عام إذ شملت 74طفلاً من الضفة الغربية و 46 طفلاً من قطاع غزة وتبين أنه يوجد 3 فتيات فقط مقابل 117 ولد من بين الـ 120طفلاً الذين تمت مقابلتهم وانه تسكن اسر 48 منهم فى المدينة بينما 35 طفلاً تعيش اسرهم فى القرية و 37 طفلاً تعيش أسرهم في المخيم ومع أن عملية اختيار الأطفال لم تكن منهجياً موجهة إلا أنها تعكس بداهة تركز ظاهرة أطفال الشارع فى المدينة وليس الريف .

 دراسة ( معهد الدراسات والبحوث الانمائية – جامعة الخرطوم , 2007 ) بعنوان : الدراسة الميدانية لحصر وتحليل أوضاع و احتياجات أطفال الشوارع فى ولاية الخرطوم . تمت هذه الدراسة بالتعاون ما بين معهد الدراسات والبحوث الانمائية بجامعة الخرطوم والمجلس القومى لرعاية الطفولة ومكتب اليونيسيف بالسودان , وقد اعتمدت الدراسة على عدد من المناهج منها منهج دراسة الحالة ومنهج تحليل المضمون والمنهج الوصفى التحليلى والمنهج الإحصائي  وقد شملت الدراسة عدد 7474 حالة ( طفل ) فى كل من الخرطوم و أم درمان ومنطقة بحرى وشرق النيل وقد بلغ عدد الذكور منهم 6518 حالة بنسبة 87.2 % بينما بلغت الإناث 956 بنسبة 12.8 % وأكدت الدراسة على أن 44% من أطفال الشوارع من مواليد الخرطوم أو حضروا الى الخرطوم فى سن المهد غير مدركين لاماكن ولادتهم و اصولهم القبلية وهى نتيجة تؤكد بأن حزام السكن العشوائى لولاية الخرطوم هو المصدر الأساسي لأطفال الشوارع .

 تقرير ( مؤسسة البحوث و الاستشارات اللبنانى ,2015) بعنوان : الأطفال المتواجدون و العاملون فى الشوارع فى لبنان – خصائص وحجم . 

تمت هذه الدراسة بالتعاون ما بين مؤسسة البحوث والاستشارات اللبنانية ووزارة العمل اللبنانية ومنظمة العمل الدولية واليونيسيف وجمعية حماية الطفل في لبنان وقد تم عمل دراسة ميدانية على 748 طفلاً من اطفال الشوارع موزعين على خمسة مناطق تتركز فيها ظاهرة أطفال الشوارع بمستويات عالية وقد تم اختيار هذه المناطق بحيث تغطى أشكالاً متنوعة من الانسجة الاجتماعية و الاقتصادية فى المجتمع اللبناني و بحيث تتوزع على ثلاثة مناطـــــــــق ( بيروت وطرابلس وصيدا بالإضافة الى الضواحي ) وانثنين فى المحافظات الطرفية التي تأثرت الى حد كبير بتدفق النازحين السوريين بسبب اندلاع الازمة السورية ( عكاز و البقاع )وكان من نتائج هذه الدراسة انها اكدت على أنه يتركز عمل الاطفال فى الشوارع في المناطق المدنية حيث تركز غالبية الاطفال فى بيروت الكبرى بنسبة 58% وطرابلس بنسبة 21% فى حين اكدت نفس الدراسة على أن ما يزيد عن ثلثى الاطفال فى الشوارع فى لبنان هم من الذكور بنسبة 70% الى 30% من الإناث . 

التعقيب على الدراسات السابقة 

تناولنا بالعرض فيما سبق عدد خمسة دراسات منها ما هو بدولة مصر العربية و منها ما هو بدول عربية أخرى وذلك لأنه لا يمكن دراسة هذه الظاهرة بمصر بمعزل عن الدول المحيطة والمجاورة لها وقد تلاحظ لنا أن جميع الدراسات السابقة قد اعتمدت على أسلوب دراسة الحالة لبعض الحالات الخاصة بأطفال الشوارع فى المناطق أو الدول التي تمت بها هذه الدراسات كما أن اغلبها قد استخدام المنهج الوصفى أو منهج تحليل المضمون أو المنهج الإحصائي وقد اكدت جميع هذه الدراسات على أن ظاهرة أطفال الشوارع تتسم بالصفة الذكورية كما أنها اكثر ارتباطا وظهور بالمناطق الحضرية وقد أرجع جميع الباحثين اتسام هذه الظاهرة بالذكورية و أنها أقل بين الاناث الى أن المجتمعات العربية عموماً و المصرية خاصة مهما واجهة من ظروف صعبة فإنها تحافظ على الإناث لارتباط ذلك بأمور العرض والشرف وكذلك لسهولة تشغيل الطفل الانثى كخادمة فى أي منزل وكذلك لان التنشئة والتربية تفرض على الاناث أن يكن أكثر ارتباطاً بالأسرة و اعتمادا عليها و اكثر استسلاما للظروف بالمقارنة بالذكور .إلا أنه يوجد لدينا بعض التحفظات على ذلك نظراً للأسباب الاتية :-   

1 ) بعمل جدول للنسب المذكورة بالدراسات السابقة و ترتيب الدراسات حسب تاريخها وهى كالاتى 

اسم الدراسة تاريخ الدراسة نسبة أطفال الشوارع من الذكور نسبة أطفال الشوارع من  الاناث
أطفال فى الشارع – الحالة الفلسطينية200597.5%2.5%

الدراسة الميدانية لحصر وتحليل أوضاع و احتياجات أطفال الشوارع فى

 ولاية الخرطوم

200787.2%12.8%
أطفال الشوارع فى حى السيدة زينب بمدينة القاهرة201265%35%
الأطفال المتواجدون و العاملون فى الشوارع فى لبنان201570%30%
ظاهرة أطفال الشوارع بأسيوط 2017لم تذكر النسبلم تذكر النسب

 

 

 

 

يتبن لنا أنه و إن كانت نسبة الذكور أعلى عن نسبة الاناث إلا أن هذه النسب غير ثابتة أن هناك أنخفاض ملحوظ فى نسبة أطفال الشوارع من الذكور فى مقابلها من الاناث وقد يرجع السبب فى ذلك إلى عامل أو أكثر من العوامل لعل اهمها , أن زيادة تردى الاوضاع الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة و قلة فرص العمل فى جميع الدول العربية خصوصا بعد ظهور ما أطلق عليه ثورات الربيع العربى فإن ذلك قد أدى الى أن الكثير من الاسر أصبحت غير قادرة على توفير حتى أقل الاحتياجات الاساسية والضرورية لها و لأبنائها مما أضطر كثير من هذه الاسر للدفع بأبنائهم وفلذات أكبادهم الى الشارع على حد السواء بين الذكور و الاناث والى التخلى عن الكثير من الاعراف والقيم نظراً لتكسر أحلام البسطاء والكادحين من الشعوب على صخور الواقع المرير الذى تعيشه تلك الشعوب وكذلك فإن زيادة الحروب والصراعات في المنطقة العربية وما تبع ذلك من ظهور مشكلة النازحين كان من ضمن الاسباب الرئيسية وراء تغيير الوضع بالنسبة لارتباط ظاهرة أطفال الشوارع بالجنس وتراجع اتسامها بالصفة الذكورية . ومن ناحية أخرى فإن تدهور وتردى الاوضاع الاقتصادية بالوطن العربى أدى الى أن يمتهن عدد كبير من أطفال الشوارع الاناث للتسول  ونظرا لان الفتيات اكثر استعطافا و استمالة لقلوب المتصدقين عن الذكور فإن ذلك إدي الى زيادة نسبة أطفال الشوارع من الاناث حتى أنها في بعض الاماكن والمناطق قد تتجاوز نسبة الذكور ولعل المشاهدات الواقعية التي نراها في مجتمعنا حالياً خير دليل على ذلك . 

وسائل الحد من ظاهرة أطفال الشوارع 

إنه للقضاء على هذه الظاهرة يجب القضاء على أسبابها المختلفة مع الالتزام بالتعاليم الدينية والتمسك بقيم ومبادئ الاسلام السامية لأنه من الواضح للمتعمقين فى التاريخ الإسلامي عدم وجود مثل هذه الظاهرة فى البلاد الاسلامية هذا بالإضافة الى تحسين المدارس ونظم وتطوير المناهج  وجعلها أكثر جذباً للطلاب وتوفير فرص العمل والعمل على رفع شعار التكافل الإجتماعى وإعادة تنشئة اطفال الشوارع والعمل على رفع مستواهم الدينى والأخلاقي والمعرفى و المادى واكسابهم المهارات اللازمة لهم لتوفير مصادر رزق كريم وجعلهم أكثر إعتماداً على أنفسهم  .   

=====================================

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

27

متابعين

70

متابعهم

92

مقالات مشابة