مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء

مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء

0 المراجعات

مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء

استغرق الأمر بضع ساعات فقط للكشف عن جانب الانسان الاكثر قتامة وقبحا ، لقد كان مجرد عرض مسرح "أداء"، و كان يسمى "إيقاع 0"  " hythm 0"،  وكان هذا قبل اكثر من 40 عامًا  ،  تلك المسرحية كانت في عام 1974 ، حيث قدمت الفنانة الاستعراضية الصربية مارينا أبراموفيتش ، والتي لم تكن مشهورة في ذلك الوقت ، واحدة من اكثر العروض المسرحية غرابة والتي لا تنسى في تارخ الفن ، والأكثر تحدثا وتحديا وتعتبر ترند الفن المسرحي في الغرب ، وربما الأكثر غرابة في تاريخ الفنون المسرحية .

في ذلك العرض المسمى "إيقاع 0" ، كل ما فعلته الفنانة مارينا أبراموفيتش كان في الواقع بسيطًا جدًا وهو البقاء ثابتًا ، حيث وضعت امامها طاولة وعلى تلك الطاولة عدد من العناصر والمواد المختلفة ، مثل الورود والكعك والشوكلاته والسلاسل والمقصات والسكاكين وحتى رصاصة ومسدس ، ثم تركت فرصة الاختيار للجمهور يختار منها ما يشاء ويفعل بها مابدى له ، وكـأنها تقول اختر ايه الانسان بين كل هذه الادوات واعمل بها الخير والشر كما تشاء ولك الحرية لننظر دافعك حين تامن  العقاب كيف ستفعل !!؟
 وكانت فكرة العرض باكمله ان المرأة عبارة عن قطعة فنية حية وكائن حي سلبي مثل كائن هامد لايدافع عن نفسه ، و هدفها هو فرض نفسها كعمل فني حي لترى ابداع الانسان ، ومع ذلك ، لم تكن تعلم أن تجربة الأداء  هذه التي استمرت ست ساعات ستتحول إلى اسوأ أيام حياتها .فماذا تظن كيف تصرف الجمهور مع تلك الحالة حين منحو الحرية المطلقة وهل نفعت تلك الحرية لنبني عليها فكرة الحرية المطلقة . 
فتابع معي لنتعرف على تفاصيل التجربة  .
 

image about مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء



مارينا أبراموفيتش و اختبار الشر الانساني 
 

في بداية !  الاختبار الانساني كان الجمهور لطيفًا للغاية وحسن النية . 
بعضهم قدم اليها الورود ، والبعض أطعمها الكعك ، والبعض داعب شعرها ، أو صافحها ، ولكن مع مرور الوقت و امتداد العرض بدأ تصرف الجمهور يتغير .
وحتى هذا الوقت كانت  مستمتعة ومتمسكة بتجربتها  وكانها تقول انا مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء، و جاءت بداية اخرى  لاحداث العرض الذي استمر لمدة 6 ساعات متواصلة وربما تم تمديده ليعلو قياس  مستوى التجربة وتصرف الجمهور ،  هل سيستمر الجمهور بذلك الود  ام لا ، ولكن هذه المرة لم يكن كذلك حيث قام أحد المشاهدين بصفعها على وجهها بصفعة خفيفة ". فهل توقف الجمهور وعارضوا هذا الفعل ؟ 

لا لم يفعلوا  بل كان ذلك الهمجي  الأول قد اعطى اشارة الشر للجمهور الذي كان بنفسه ذلك الفعل ولكنهم لم يجروا و كانوا ينتظروا من سيتجرأ ليبدأو العبث بها ، و تتطور الأمور للاسوء ويتشجع الناس بعد أن أدركوا أن مارينا أبراموفيتش لم تتفاعل مع الصفعة ولم ترد  عليها ، و هنا ظهر الكثير من الناس على حقيقتهم وبدأ بعض الأشخاص في المجتمع بضرب المرأة بقوة أكبر ، وحتى اولئك الأشخاص الذين كانوا في بداية المسرحية وديين فكانوا قد اعطوا ورودا او صافحوها فقد غيروا طريقهم ، حين امنوا العقاب وراوا المرأة ضعيفة فاظهروا ميلًا عنيفًا اتجاهها و لكن الأحداث لم تقتصر على هذا فقط .فتعالوا لننظر اين وصلت الحالة و كيف تصرف بقية الحاضرين مع هذا الظلم 
هل عارضوا!! هل قالوا للظلم توقف ؟!
 

image about مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء



مارينا أبراموفيتش و حقيقة الانسان
 

الحقيقة لم يرى اي رد فعل لبقية الحاضرين الذين لم يشاركوا الظلم سوى بعض الاستياء على وجوههم وكلاما فيما بينهم البين ولذا ازداد الأمر سوءا والكثير من الجمهور اتجه ليفعل مابدا له من الشر .


فلنتابع بقية التجربة وماذا فعلوا وهل تطور الوضع ؟

بعد توجية الكثير من الصفات واللكمات هنا حدث تطور خطير ، فقد أخذ أحد الأشخاص ذلك المسدس الذي على الطاولة ووضعه على جبين المرأة ، ثم وضعه على يدها واشار على رقبتها مهددا اياها  بالقتل وهنا تدخل الآخرين ومنعوه من فعلته ،  واظن ان المسدس كان محشو برصاص فارغ ثم بعد ذلك بدأت المضايقات والسب والشتم  لمحاولة ان تحدث مارينا أبراموفيتش ردت فعل وهي لم تفعل , ولذا اتجه بعضهم  للكتابة على جبين المرأة بالأقلام  ، و البعض كان يتحرش بالشابة ، والبعض كان يقبلها أو يبصق عليها !
"وبعد كل هذا ..هل توقف الجمهور عند هذا الحد وهل تحركت الفئة الصامتة المستائة !
ام ان المرأه استسلمت ورمت الفن واهله عرض الحائط لتدافع عن نفسها !
ام انه حدث اغرب من ذلك لنتابع التجربة الاجتماعية  " الايقاع صفر !”  الى النهاية و اين ممكن ان يصل الانسان بشره اذا أمن العقاب .
 

image about مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء



التجربة الخطرة لاختبار الشر الانساني 
 

لقد فعل الجمهور مع مارينا أبراموفيتش ماهو متوقع منهم وهو ازدياد الأذى واخراج مزيدا من الشر ، حيث قام البعض بتقطيع ملابس المراءه بالمقص وتركوها عارية ، لكنهم لم يكتفوا ولم يكونوا راضين ..بعد.. فماذا فعلوا ؟

لقد حدث تطورا خطيرا و تجرا احدهم و سحب السكين يشط بطن  مارينا أبراموفيتش عرضيا  وسفك دمها ، وهو ما شجع الآخرين وسفكوا دمها ايضا عدد من المرات ليس طعنا وانما تشريطا عرضيا لانهم لازالوا يخافون القانون بالرغم من انها عملت تنازل عن حقها في الرد والا لكانوا قتلوها .
وهناك من كان اكثر شرا و تصرف مثل مصاصو الدماء وامتص دمها ، ثم حملوا المرأة كالدمية ومنهم من تحرشوا بها مرارًا وتكرارًا ، وهناك من حاول أيضًا أن يذهب أبعد من ذلك مع المرأة من خلال وضعها على الطاولة ومحاولة جماعها !
لكن القائمين على المسرحية منعوه من ذلك واما القلة القليلة من الجمهور الذي لم يشارك العبث والظلم كان لهم تصرفين ، فهناك من كان مستمتعا ويشاهد بمتعة وزاد الامر سوء حيث قام بتصويرها بكل استمتاع ، وربما شارك بفعل ما وعاد للتصوير او اتفق مع احد ليقوم بتصويره وهو يعبث بها ، و هناك قلة قليلة من الناس كانت مستاءه وتشاهد باستياء وتحدث نفسها انها تريد فعل شيء ما لتنقذها و لكنها خائفة ومرتبكة ولذلك لم تحرك ساكنا .

 وفي النهاية جاء من يرمي بوجهها تلك الصور التي التقطها وكال لها السب والشتم ، حينها بدات تنهمر الدموع من عينيها وتبكي وهنا حدث ما لم يكن متوقعا فماذا حدث ؟!!

لقد تحركت مشاعر البعض وتحركت مشاعر العاطفة لدى بعض الأشخاص في ذلك الحشد وبداوأ بالانزعاج الفعلي والتعاطف و وغزت الرحمة قلوبهم ،  بينما أخرون ضلوا على صمتهم ، واول المبادرة تقدمت امراءة ومسحت دموع  العارضة مارينا ابراموفيتش وعانقتها ، واخيرا  تشجعت الأقلية المضطربة و بدات بالمساعدة فمنهم من قام بتنظيف جروح الفنانة ماري مارينا ابراموفيتش والبعض الآخر قام بتغطيتها وتقديم   الدعم لتهدئتها.
 

image about مارينا ابراموفيتش افعل بي ما تشاء


وبعد 6 ساعات و عندما انتهى العرض بدأت أبراموفيتش في التحرك مرة أخرى ، وولي الجمهور هاربا مذعورًا من الانتقام ، لقد خافوا من مواجهة الشخص الذي لم يترددوا في فعل الشر له حينما كان ضعيفا امامها وخافوا من مواجهة الانسان الذي كانوا يعبثون بها.

 

الحكمة ضالة المؤمن 



بالرغم من ان المسرحية كانت قاسية ويعتبر هذا الفن نوعا من العبث ، الا ان  الفنانة هي من قست على نفسها اكثر من الجمهور لانها ارتضت لنفسها ذلك الدور ،  ولا يمكن لعاقل ان يفعل بنفسه ما فعلته بنفسها ، ولا يجوز في ديننا  ان تؤذي نفسك او غيرك بغير حق ، وبما انه قد  حدث ماحدث فنستتنتج من تلك المسرحية القاسية بعض العبر ومنها .
 

  1.    اذا غاب العقاب او القانون انتشرت الفوضى في الناس وظهرت جوانب الشر المخفية وراء التملق والنفاق والخوف من العقوبة  .
  2.    ان عواقب الضعف وعدم القدرة على إظهار الشجاعة والتضامن مع الخير يجعل الشر واهله اكثرسيطرة واستمرارا لذا جعل الله الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من علامة قوة الايمان من ضعفه .
  3.   اذا كنت سلبيا خانعا يستضعفك الناس ويفعلون بك الافاعيل حتى اقلهم ضعفا يجرب نفسه عليك وان الله لم يامرك بذلك بل قال (ان المؤمن القوي خيرواحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كلا خير) ، لكنه امرك ايضا ان ترد الاساءة بالاحسان و النتيجة غالبا قوله تعالى ( فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) .
     
  4.  لم يامر الله بالصمت والخنوع مع القدرة وان كنت متضعفا   فالزم الصبر والدعاء حتى بنصرك الله وقد جعل الله لك بابا مفتوحا لا ترد دعوتة الا وهو باب دعوة المظلوم .
     
  5.  الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه اجر عظيم لانه يصلح المجتمع ويجنبهم المهالك فاذا فشي فيهم الفساد استحق الناس عليه عقاب الله لانهم لم يعودوا مجتمع صالح لعمارة الارض وقد قرن الله الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالخير فقال ( كنتم خير امة تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله . 
     
  6. اذا صمت الصالحون عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجب عليهم العذاب وشملهم مثل غيرهم واقله ان يصابوا بنفس المصائب من الشر الذي يمارس في مجتمعهم لكن الله لايهلك القرى واهلها امرين بالمعروف ناهين عن المنكر فيما بينهم البين قال تعالى ( وما كان ربك مهلك القرى بظلم واهلها مصلحون).
     
  7.  اذا بادرت بفعل ايجابي صحيح ولو كان بسيطا ولا تقدر على غيره ، فإنت لاتغير نفسك فحسب بل تشجع الآخرين على فعله فمقدار الشجاعة من ضعيف في حين ينحاز الاخيار للجبن تساوي القوة التي يملكها الجميع والاعمال التي ستتبع ذلك الفعل لانك بادرت بالتضحية .


    لذلك تصرف بالخير و لا تفكر، " ماذا يمكن أن يحدثه تصرفك البسيط ؟

    فربما تصرفك هو شرارة اللهب التي كان ينتظرها الاخرين ولك الاجر عند الله بهذا التصرف !" 

     


 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

3

followers

2

followings

2

مقالات مشابة