الأرسيين والطائفة المسيحية الموحدة

الأرسيين والطائفة المسيحية الموحدة

0 المراجعات

تعرف إن العقيدة المسيحية لما بدأت كانت قايمة على التوحيد؟!

لحد ما جيه أسقف روماني غير كل المعتقدات وقال إن الله ثلاثة!

طيب سمعت عن (آريوس) اللي حارب الأسقف دا؟!

سمعت طيب عن أتباعه الآريسيين؟!

 

الحكاية كبيرة، ومعقدة، بس هنبدأها برسالة قوية جدًا، من أقوى الرسايل اللي اتكتبت في تاريخ البشرية، رسالة على لسان أشرف الخلق سيدنا (محمد) -صلى الله عليه وسلم-، وكان بيهدد بيها (هرقل) عظيم الروم!

 

"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم.

سلامٌ على من اتبع الهدى، أما بعد.

فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتِك الله أجرك مرتين، فإن توليت، فإن عليك إثم الآريسيين."

 

طيب مين همَ الآريسيين اللي ذكرهم سيدنا (محمد)؟!

وإيه اللي حصل في العقيدة المسيحية حولهم من ديانة التوحيد، لإنهم يعتقدوا إن الله ثلاثة؟!

تعالى وأنا هقول لك على واحدة من أغرب القصص في التاريخ.

 

جاهز؟!

يلا بينا.

 

في القرن السابع الميلادي، كانت الدولة البيزنطية في أعظم قوتها وجبروتها، بسبب حاكمهم (هرقل) اللي هزم دولة الفرس الساسانيين، وبسبب هزيمته للفرس، ملوك كتير جدًا خافوا من قوته، وعرفوا إنهم مُهددين في أي وقت إن (هرقل) يدخل عليهم ويبيدهم، فبدأوا يبعتوا له خطابات خضوع وانحناء وخوف ورعب وتبجيل، لحد رسالة سيدنا (محمد) -صلى الله عليه وسلم- اللي نزلت عليهم كأنها صاعقة ومصدقوش إن فيه حد قادر يتكلم مع (هرقل) بالقوة دي.

يا عزيزي سيدنا (محمد) مش بس رسالته كانت قوية، بل رسالته كمان كان فيها رحمة، وتهديد، ووعيد، فكانت رسالة غريبة جدًا على الروم.

أسلم يا (هرقل) وربنا هيجزيك جزاء كبير، أو اتكبر وارفض ووقتها عليك إثم الآريسيين!

 

(هرقل) تعجب من الرسالة، في وسط كل رسايل الخضوع، خصوصًا إن الروم خلاص بقوا متعودين دايمًا إن أي رسالة هتوصل لهم هيكون فيها ذل وخضوع، ازاي يوصل لهم رسالة بالشكل دا، وصاحبها ميخضعش لقوتهم، بل يهددهم!

 

وعلشان نعرف مين همَ الآريسيين اللي سيدنا (محمد) هدد بيهم (هرقل)، هنرجع بالزمن، لحد ولادة (آريوس)، وناخد الموضوع من البداية.

 

سنة 256م تقريبًا، قبل نزول الشريعة الإسلامية بـ3 قرون، اتولد (آريوس)، اللي أصله كان ليبي أمازيغي.

كبر (آريوس) وتعمق في المسيحية، وكان زاهد متدين وبيحاول يفهم ويعرف أكتر عن الدين، سافر إسكندرية ودرس الشريعة المسيحية في مدارس كبيرة على إيد قساوسة ومفكرين دينيين، واتأثر جدًا بقسيس اسمه (أوريجان)، والقسيس دا كان متأثر بفكر (أفلاطون).

بعدين راح لأنتاكيا ودرس فيها على إيد شخص اسمه (لوكيانوس)، ودا كان متأثر بفكر (أرسطو)، وبسبب الاتنين دول مدارك (آريوس) اتوسعت أكتر وبقت أعمق.

 

(لوكيانوس) كان موحد بالله، وكان عامل مجموعة بتتبع أفكاره في توحيد الله، وكانوا مؤمنين بتوحيد الله، وكانوا بيسموا نفسهم اللوكيانيون.

اتأثر (آريوس) بأفكار (لوكيانوس) وانبهر بيه، وبعدين رجع للإسكندرية مرة تانية اللي كانت عاصمة روما في مصر وقتها!

 

(آريوس) كان عنده مهارة غريبة في الكلام، وكان خطيب قوي، فقدر يتعين واعظ في كنائس الإسكندرية، وبعد وقت قليل، بقى أشهر قسيس تقريبًا في عصره!

 

كل دا كان قبل انتشار عقيدة التثليث بين النصارى، اللي هي بتقسم ربنا لثلاثة زي ما همَ بيعتقدوا، الآب والابن والروح القدس، وفي الوقت اللي (آريوس) بقى فيه قسيس له كلمة كبيرة ومؤثرة، انتشر بين المسيحيين عقيدة التثليث، إن الله ثلاثة!

الكلام دا كان مخالف للإنجيل بشكل كامل، وحصل تحريفات كتيرة في الوقت دا علشان يخضع لعقيدة التثليث!

 

الفكرة بدأت بأسقف في إسكندرية، اسمه (أليكساندروس)، بدأ ينشر فكرة بعيدة تمامًا عن التوحيد لله، والفكرة بتنص على إن المسيح (عيسى ابن مريم) -عليه السلام- هو إله كامل، بل هو ربنا مُجسد في الأرض على هيئة بشر.

والقيادة العسكرية الرومانية في الوقت دا شافت إن كلام الأسقف على هواهم، دول كمان استحسنوا الفكرة بشكل كبير جدًا وعجبتهم، ودا لأن الرومانيين في الوقت دا كان معظمهم لسه على الديانة الوثنية، وشافوا إن الفكرة بتقرب نوعًا ما ليهم، يعني بتخلط ما بين ديانة التوحيد، والديانة الوثنية، فشافوا إنها أسلم لهم يعتنقوها وينضموا لها.

ولأنها بتقرب بين معتقدات الدولة والمعتقدات النصرانية بشكل كبير جدًا.

 

سنين بتمر، و(آريوس) بيحارب المعتقدات اللي بتتولد دي بكل الطرق، ومغيرش معتقده، وكان قوي ولسانه قوي وكان بيحاربهم بشكل كبير، وبقى رمز للتوحيد، ومع انتشار عقيدة الثالوث، حاول بكل الطرق إنه يرجع الناس لعقيدة التوحيد، اللي بتنص على إن الله واحد أحد، غير مولود، ولا يلد، ولا يشاركه أي شيء في ربوبيته، وما هو خارج عن الله، أي شيء خارج عن الله، هو مخلوق.

 

حاول (آريوس) يوصل لهم فكرة إن المسيح (عيسى) هو بشر مخلوق زيه زي باقي البشر من الله -عز وجل-، وإنه كان بيعبد ربنا، ومكنش إله زي ما همَ معتقدين.

 

حاول (آريوس) بكل الطرق إنه ينشر في الإسكندرية بين الروم عقيدة التوحيد، وساعده ناس من المؤمنين بيها.

في الوقت دا يا عزيزي كل اللي كان بينكر عقيدة الثالوث كان بيتقال عليه "آريوسي" أو "آرياني".

 

الأرثوذكسيين المسيحيين، شافوا إن (آريوس) كـ* ـافر وبيهدد الديانة المسيحية، وخطر على العقيدة، وهنا تدخل (أليكساندروس) اللي كان سبب في انتشار عقيدة الثالوث، وكان أسقف الإسكندرية في الوقت دا، فحاكم (آريوس) وجرده من رتبة قس وطرده من الكنيسة.

 

ورغم طرد (آريوس) إلا إنه ميأسش، وبدأ يتواصل مع القساوسة اللي عقيدتهم ما زالت سليمة، وحاول يفهمهم قد إيه إن اللي بيقولوا (أليكساندروس) خطير ولازم ينتهي، بس المشكلة الكبرى كانت إن (أليكساندروس) حصل على دعم كبير من القادة الرومانيين، وحصل صراع كبير جدًا بين الموحدين والمؤمنين بعقيدة الثالوث، ودا كان هيتسبب في صنع تفرقة كبيرة بين الرومانيين.

وعلشان الموضوع دا ينتهي، خرج الإمبراطور (قسطنطين) اللي كان وثني، وعمل استدعاء لكل أساقفة الإمبراطورية في الأناضول علشان الخلاف دا ينتهي.

 

سنة 325م، في مدينة نيقية بتركيا، اتعمل اجتماع للأساقفة علشان يتحط بنود واضحة وصريحة للشريعة المسيحية، رغم إن اللي عمل الاجتماع كان (قسطنطين) اللي كان وثني في الوقت دا!

المفروض إن الاجتماع يتعمل ما بين (آريوس) و(أليكساندروس)، لكن حضر مكان (أليكساندروس) شخص تاني، وكان شخص متلاعب في الكلام، وعنده أساليب في طُرق الأحاديث.

 

بدأت المناظرة، وفجأة قسيس اسمه (نيكولاس) بيتعصب جدًا من كلام (آريوس)، وبيقوم يضربه في القاعة وسط الناس، ودا كان سبب كبير في إن أغلب الناس تميل كفتهم ناحية (آريوس) ويأيدوه.

 

بس الأوامر الرومانية جت مخالفة لكل دا، (قسطنطين) عمل بيان بيقول إن المسيح (عيسى ابن مريم) هو ابن الله، وأمر الأساقفة والقساوسة يوقعوا على البيان دا ويصدقوا عليه.

وقع كل المصدقين بالثالوث، والموحدين بالله كان عندهم خيارين، يوقعوا، أو يتعذبوا ويموتوا، وفعلًا وقعوا شكليًا، بس في بلادهم برضوا فضلوا يهاجموا عقيدة الثالوث.

 

بس اللي حصل يا عزيزي إن (آريوس) واتنين معاه رفضوا يوقعوا على الوثيقة، فنفاهم (قسطنطين) لجنوب ألمانيا، وباقي الأساقفة الموحدين اللي وقعوا على الوثيقة، بعد ما وقعوا وصدقوا، جردهم (قسطنطين) من ألقابهم.

 

اتنفى (آريوس)، وموقفش برضه عن الدعوة لعقيدة التوحيد، وبدأ في دعوته في ألمانيا، ورغم إن الوثيقة بقت مصدقة من كل الكنائس، وخلاص سيدنا (عيسى) بقى بالنسبة لهم إله، إلا إن الآريسيون كانوا في تزايد بشكل ملحوظ، وهاجموا عقيدة التثليث.

وفجأة، بتحصل حاجة بتنزل زي الصاعقة على (قسطنطين)، لما أمه بتعتنق الديانة المسيحية، ومش بس كدا، دي كمان بتصدق على كلام (آريوس) وبتعتنق مذهب التوحيد.

ودا كان خير كبير للآريسيون، لأنها حاولت تدعمهم بكل الطرق، ورجعت وجودهم للبلد من جديد.

 

سنة 336م، أصدر الإمبراطور (قسطنطين) عفو عن (آريوس) علشان يرجع إسكندرية، ولكن يا عزيزي أول ما رجع (آريوس)، أسقف الإسكندرية (أليكساندروس) دبر لقتله، وفعلًا حطوا له سم في الأكل، ومات (آريوس).

 

لكن اللي حصل إن ديانة التوحيد فضلت مستمرة، بل إن الإمبراطور (قسطنطين) اعتنق الديانة سنة 337م، ولكنه مات في نفس السنة بعد اعتناقه الديانة، وتسلم مكانه الحكم ابنه (قنسطانطيوس) وكان على نفس ديانة التوحيد، وحارب اللي بيدعوا إن الله ثلاثة، ونشر عقيدة التوحيد.

 

سنة 359م، بتنتصر العقيدة التوحيدية، وبتنتشر في الشام والجزيرة العربية، ولكن اللي بيحصل بيكون غريب وعجيب جدًا، بعد موت الإمبراطور (قنسطانطيوس)، بترجع الإمبراطورية الرومانية لعبادة الأصنام مرة تانية!

 

مسك الحكم ابن عم (قنسطانطيوس)، ودا كان شايف إن الآريسيون كفـ* ـار، فشن عليهم هجوم بشع، بدأ في تعذيبهم وقتـ* ـلهم بكل الطرق البشعة، وأي كنيسة أو معبد بيعترف بديانة التوحيد، اتقفل واتهد.

 

بعد سنين طويلة، الآرسي بقى يخفي معتقده، لأنه دايمًا يأما بيتعرض للتعذيب، أو القتـ* ـل بطريقة بشعة، يا بتتعذب أسرته وتتقتـ *ـل، وبقوا كلهم فقراء وفلاحين، ومهمشين وبيخفوا عقيدتهم، لحد ما ظهر الإسلام، وبعت سيدنا (محمد) -صلى الله عليه وسلم- برسالته لـ(هرقل) ونبهه فيها بتهديد شديد جدًا، أسلم، أو هيقع عليك عقاب كبير هيبدأ من عندك، من طبقة الآريسيين اللي موجودين كلهم في الفلاحين والفقراء، وأول هجوم هتتعرض له، هيكون منهم.

وغالبًا الطبقة دي كلها أسلمت واعتنقت الشريعة الإسلامية.

 

وبتختفي طبقة الآريسيين للأبد، وبتتغلب عقيدة الثالوث في المسيحية إن الله ثلاثة.

وبيبعث سيدنا (محمد) -صلى الله عليه وسلم- علشان يكذب عقيدتهم وينشر الشريعة الإسلامية من تاني.

 

طبعًا فيه آراء تانية بتقول إن المقصود هنا مكنش آريوس، ولكني اتبنيت الرأي اللي بيرجح إنه المقصود.

والله أعلى وأعلم.

 

-

في النهاية كلها اجتهادات، والله أعلى وأعلم.

-

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

20

متابعين

28

متابعهم

160

مقالات مشابة