
السكر من النوع الأول لدى الأطفال: هل الحلويات والعصبية هما "المحفز الخفي" للحاجة للأنسولين؟
السكر من النوع الأول لدى الأطفال: هل الحلويات والعصبية هما "المحفز الخفي" للحاجة للأنسولين؟
أصبح مرض السكري لدى الأطفال، خاصة النوع الأول المعتمد على الأنسولين، ظاهرة مقلقة تتزايد وتترك الأهالي في حيرة بين البحث عن السبب وتوفير الرعاية. وفي ظل هذا القلق، تنتشر مفاهيم خاطئة تربط بين الإفراط في تناول الحلويات وبين الإصابة المباشرة بالمرض. الحقيقة العلمية أكثر تعقيداً، وتؤكد على دور الحلويات والعصبية (التوتر) كـ محفزات ومُصعِّبات في حياة الطفل المؤهل للإصابة.
1. فهم الفارق: متلازمة المناعة مقابل نمط الحياة
من الضروري التفريق بين نوعي السكري:
- السكري من النوع الأول (المناعي): هذا هو النوع الذي يصيب الأطفال في الأغلب، ويحدث عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين ويدمرها. هذا النوع لا تسببه الحلويات مباشرة، بل هو اضطراب مناعي قد يكون له عامل وراثي أو بيئي محفز.
- السكري من النوع الثاني: هذا النوع يرتبط بالبدانة وسوء التغذية وقلة الحركة، وهو أكثر شيوعًا لدى البالغين، لكنه بدأ يظهر لدى الأطفال والمراهقين بسبب أنماط الحياة غير الصحية.
الخلاصة: الحلويات ليست سبب النوع الأول، ولكنها تلعب دورًا محفزًا لخلايا البنكرياس المجهدة، وتجعل إدارة المرض أكثر صعوبة بعد الإصابة.
2. دور "الجرعة العاطفية الزائدة": العصبية والتوتر
الاعتقاد بأن "الزعل أو العصبية" تسبب السكر هو اعتقاد شعبي له جذور فسيولوجية صحيحة، وإن لم يكن سبباً مباشراً:
- الكورتيزول وهرمونات التوتر: عند تعرض الطفل للعصبية، الضغط النفسي، أو القلق الشديد (الزعل)، يفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين.
- تأثيرها على السكر: هذه الهرمونات تجعل خلايا الجسم أقل حساسية للأنسولين (مقاومة الأنسولين المؤقتة)، وتوجه الكبد لإطلاق المزيد من الجلوكوز المخزن في الدم لتزويد الجسم بالطاقة لمواجهة "الخطر".
- النتيجة: ارتفاع مفاجئ في سكر الدم، والذي قد يكشف عن وجود المرض لدى طفل مؤهل وراثياً، أو يجعل إدارة السكر صعبة جداً لدى الطفل المصاب بالفعل بالنوع الأول.
3. استراتيجية الإدارة: 3 نصائح لأولياء الأمور
التعامل مع طفل يتناول الأنسولين يتطلب موازنة دقيقة بين الغذاء والجانب النفسي:
- الموازنة الغذائية وليست الإقصاء: لا يجب حرمان الطفل تماماً من الحلويات، بل يجب أن تُصبح جزءًا محسوبًا ومحدودًا ضمن خطة غذائية متفق عليها مع الطبيب، مع التركيز على النشويات المعقدة والبروتينات.
- إدارة التوتر قبل السكر: تعليم الطفل آليات التعامل مع الضغوط العاطفية (مثل تمارين التنفس، أو توفير بيئة منزلية هادئة). فإدارة "العصبية" هي جزء لا يتجزأ من إدارة "السكر".
- الرياضة كدواء طبيعي: تشجيع النشاط البدني المنتظم لمدة ساعة يومياً؛ فالرياضة تزيد من حساسية الخلايا للأنسولين وتحسن من الحالة المزاجية للطفل بشكل عام.
في الختام، مسؤوليتنا كأولياء أمور تتجاوز مراقبة الطعام. إنها تتطلب مراقبة صحة الطفل العاطفية والعمل على توفير بيئة هادئة ومغذية لضمان أن ينمو أطفالنا بصحة جسدية ونفسية، وبأقل تأثير ممكن لمرض السكري.