قصيدة بعنوان حارس الفجر

قصيدة بعنوان حارس الفجر

Rating 0 out of 5.
0 reviews
image about قصيدة بعنوان حارس الفجر

إلى كل من أرهقته العتمة، وأثقل كاهله الحزن، ووقف على دروبٍ ضاقت مسالكها حتى ظن أن لا نهاية لها… أهدي هذه القصيدة.
هي حكاية قلبٍ تعلّم أن الليل مهما طال ليس عدوًا، بل حارسٌ صامت يحفظ لنا سرّ الفجر.
هي أنفاس صمودٍ ترفض الانكسار، ونداء روحٍ أيقنت أن الجراح ليست إلا بذورًا خفيّة تنبت يومًا ورودًا من نور.
تعالوا نسافر معًا بين أبياتها، لنكتشف أن الرجاء أقوى من الريح، وأن الحلم أعظم من الظلام، وأن الأمل يولد حتى من قلب الألم.
هذه قصيدتي

حارس الفجر

يا ليلُ، يا سرَّ الحياةِ العابقِ
يا موطنَ الأسرارِ، يا المتناسقِ
كم خبّأتَ في صدركَ الأحلامَ كي
تُسقِي النفوسَ بنوركَ المتماسكِ

أتيتُ أبحثُ في ظلامكَ عن هُدى
عن همسِ روحٍ في الطريقِ الدامقِ
أمشي بخطوي، والرياحُ تُكذّبُ الـ
أحلامَ لكنّي صبورٌ واثقِ

ما ضرّني أنّي تعبتُ فإنّني
أبني على شرفِ الصمودِ مشارقي
إن ضاقَ بي دربٌ وجاءَ معاندًا
مددتُ قلبي للضياءِ السامقِ

في كلِّ جرحٍ قد تولّدَ زهرةٌ
تُزهي وتُخفي في الشقايا عاشقي
والأرضُ لو لم ترتوِ من دمعِنا
ما أنبتتْ وردًا ولا غرسًا نقي

يا ليلُ، علّمني الثباتَ فإنّني
أخشى انهيارَ الصبرِ تحتَ عوائقِ
علّمني ألّا أنحني لرياحِهمْ
وأظلُّ كالجبلِ العظيمِ الشاهقِ

كم زلزلوا قلبي، ولكنّي أبتْ
أن أنحني، فالعزمُ دَربُ الصادقِ
أنا مؤمنٌ أنَّ الرجاءَ وسيلتي
وأنَّ حلمي في المدى المتناسقِ

يا ليلُ، إنّي لم أعدْ أهوى البُكا
لكنْ بدمعي قد غسلتُ حدائقي
حتى إذا أشرقتْ شموسُ تجرُبي
نمتِ الزهورُ بضحكةٍ متألّقِ

يا ليلُ، كم في صدركَ من نغَمٍ لنا
يشدو بهِ المكلومُ بينَ المارقِ
لكنني أبني على أنقاضِ ما
هَدَمَ الزمانُ قصائدي وأفانقي

ما كانَ حزنٌ في فؤادي قاتلًا
بل كانَ بابًا للنجاةِ الشاهقِ
قد علّمني أنّ الجراحَ رسائلٌ
تأتي لتُحيي في الفؤادِ الوثبقِ

أنا لا أخافُ الريحَ إن عصفتْ بيـا
فالريحُ زائلةٌ كظلٍّ زاهقِ
أما الجبالُ فإنها تبقى على
مرِّ الزمانِ، صمودُها متماسِكِ

يا ليلُ، أخبرهم بأنّي لم أزلْ
أمشي على دربِ الرجاءِ العابقِ
وإذا تعبتُ فإنَّ عزمي ساطعٌ
يمحو المآسي في الطريقِ المارقِ

وغدًا، إذا ما الفجرُ لاحَ فإنّهُ
سيقولُ للعتماتِ: عودي يا شقي
وسأزهرُ الأحلامَ من جرحي كما
تُزهرُ روحي بالندى المتلألئِ

أنا مؤمنٌ أنّ الشدائدَ كلّها
تنقادُ يومًا للرجاءِ الطارقِ
فالنورُ يسكنُ في دمي متوهّجًا
يمحو ظلامًا بالضياءِ المشعشِعِ

يا ليلُ، يا مرآةَ صمتي إنّني
أهدي إليكَ قصائدي ومشارقي
أهدي إليكَ صمودَ قلبٍ لم يزَلْ
يرنو إلى فجرِ النجاةِ المشرقِ

حتى إذا طالتْ خطايَ بغربةٍ
جاءتْ خطاكَ لتدلّني للطّارقِ
أنتَ الرفيقُ لكلِّ قلبٍ شاعرٍ
يُبقي الرجاءَ على الدروبِ المرهقِ

يا ليلُ، قلْ للفجرِ إني قادمٌ
قلْ للضياءِ: تفتّحي في مرفقي
ما كانَ ظلامُ العمرِ إلّا مُرشدًا
لحياةِ نورٍ في غدٍ متألّقِ

يا ليلُ، يا حارسَ الفجرِ الذي
يبقى ليوصلَنا لضوءٍ صادقِ
علّمتني أنّ الظلامَ بدايةٌ
وأنّ فجركَ موعدٌ متناسِقِ
 

القصيدة تمثّل رحلة إنسان يصارع الليل والظلام (رمزًا للألم والشدائد)، لكنه لا ينهزم.
رغم كثرة الجراح، يكتشف أن هذه الجراح نفسها يمكن أن تُنبت وردًا وأملًا.
الليل هنا ليس عدوًا، بل حارس للفجر، أي أن الظلام مؤقت، يحرس الطريق حتى يولد النور.
القصيدة كلها دعوة إلى الصبر والصمود، وأن الرجاء هو السلاح الذي لا يخيب.
فالريح والعواصف تمرّ، لكن القلب الثابت يبقى كالجبال.
وفي النهاية، كل ألم يتحول إلى بداية جديدة، وكل جرح يثمر حياة.
 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

13

followings

1

followings

2

similar articles
-