الغربة وحياة المغتربين

الغربة وحياة المغتربين

2 المراجعات

الغربة مش بس سفر.. الغربة مدرسة حياة:

كلنا بنسمع عن الغربة، وفينا اللي جرّبها بنفسه، وفينا اللي لسه بيفكّر يسافر، أو يمكن بيفكّر يرجع منها. بس هل فكّرت قبل كده إزاي تجربة الغربة ممكن تغيّر فيك حاجات كتير؟ ومش بس تغيّرك، لأ، ممكن كمان تعلمك حاجات عمرك ما كنت هتتعلّمها وأنت في وسط أهلك وبلدك؟

في المقال ده، هنتكلم عن الغربة مش من باب الشكوى أو الحنين، لكن من باب الفايدة.. إزاي نستفيد من تجربة الغربة ونخلّيها محطة مهمة في حياتنا مش بس علشان الفلوس، لكن كمان علشان ننضج ونفهم الدنيا أكتر.

image about الغربة وحياة المغتربين

أول درس: الاعتماد على النفس:

أول ما بتسافر، بتحس إنك بقت لوحدك. لا في ماما تعملك أكل، ولا بابا يحللك مشاكلك، ولا أصحابك حواليك يخففوا عنك. هنا، لازم تعتمد على نفسك في كل حاجة.. من أول تحضير الأكل، لتنضيف البيت، لتسديد الفواتير، ولحد إدارة وقتك وشغلك. وده بيفرّق جدًا في شخصيتك، لأنك بتبدأ تحس إنك فعلاً قادر تواجه الحياة.


تاني درس: التقدير:

الغربة بتعلّمك تقدّر كل حاجة كنت واخدها كأنها عادي. لما تشتاق لريحة الأكل في بيتكم، أو ضحكة أخوك، أو حضن أمك، أو حتى صوت الأذان في الحارة، ساعتها بس بتفهم إنك كنت عايش في نِعم مش واخد بالك منها. وده بيخليك لما ترجع بلدك – حتى لو زيارة – تحس بفرحة ودفا مختلفين.


تالت درس: احترام الاختلاف:

الغربة بتخليك تتعامل مع ناس من ثقافات وتقاليد وديانات مختلفة. وده بيوسّع مداركك، وبيخليك تتعلم تحترم الناس حتى لو مش شبهك. بتتعلّم تتقبّل الآخر، وتعرف إن كل واحد ليه طريقته في الحياة، وإن مفيش طريقة واحدة "صح" للكل.


رابع درس: تنظيم الوقت والفلوس:

الغربة بتعلّمك تحسبها صح. فلوسك بقت مسؤوليتك، وأي قرار غلط هتدفع تمنه. ووقتك كمان بقى له تمن. لو معرفتش تظبط مواعيدك، هتلاقي يومك راح من غير ما تعمل حاجة. وكل ما تعلّمت تنظّم وقتك وتوفّر فلوسك، كل ما حسّيت إنك بتقرب من أهدافك.


خامس درس: الغربة مش دايمًا جنة ولا جحيم:

في ناس بتسافر وتتخيّل إنهم رايحين الجنة، وناس تانية بتخاف وتسافر وهي شايفة إنها رايحة جحيم. لكن الحقيقة إن الغربة فيها من الاتنين. فيها لحظات حلوة ولحظات صعبة. الفكرة مش في الغربة نفسها، لكن في إنت هتتعامل معاها إزاي. هتسيب الصعوبات تحبطك؟ ولا هتخليها تدّيك دفعة وتكبرك؟


طب وبعدين؟

لما الغربة تبقى مرحلة مؤقتة، أو حتى لو طولت، مهم تسأل نفسك سؤال مهم: أنا اتغيّرت إزاي؟
لو خرجت من الغربة بشهادة أو فلوس، دي حاجة كويسة. بس الأهم، إنك ترجع إنسان أقوى، أنضج، وأوعى. ترجع بعقل أكبر وقلب أوسع. ترجع شايل معاك حكايات ودروس تفيدك في حياتك بعد كده.

خلينا نتكلم عن الغربة من بعض الزواية مثل العزاب والمتزوجين والاود وغيره:

الغربة للعزاب.. بين الحرية والوحد:

اللي بيسافر وهو أعزب بيشوف الغربة من زاوية مختلفة. في حرية، أكيد، وفي مسؤولية كبيرة كمان.

مميزات الغربة للعزاب:

تقدر تبني نفسك من غير التزامات عائلية.

تقدر توفّر من دخلك بشكل أحسن.

عندك فرصة تكتشف نفسك وتجرّب حاجات جديدة.

بس في المقابل:

الوحدة ساعات بتكون قاتلة، خصوصًا في الأعياد والمناسبات.

مفيش حد تسنده أو يحس بيك وانت تعبان أو مكتئب.

العلاقات اللي بتكونها غالبًا سطحية ومش زي اللي في بلدك.

العزاب في الغربة ممكن يكبروا بسرعة، ينضجوا، بس في نفس الوقت، لو مش متوازن نفسيًا، ممكن يقع في مشاكل زي الإدمان، الاكتئاب، أو حتى الشعور باللاجدوى.


الغربة للمتجوزين.. التوازن الصعب:

الناس المتجوزة اللي بتسافر بتقع في معادلة صعبة: يا يسافروا مع بعض كعيلة، يا واحد فيهم يسافر والتاني يفضل في البلد.

لو الزوج سافر لوحده:

بيبقى تحت ضغط كبير جدًا: اشتياق، مسؤولية، ووحدة.

مرات كتير العلاقة بينه وبين مراته تبدأ تضعف بسبب البُعد.

الأولاد ساعات بيحسّوا إن الأب "ضيوف" لما يرجع زيارة.

ولو سافروا سوا:

التحدي بيكون في تربية الأولاد في بيئة جديدة.

الأم والأب محتاجين يلاقوا توازن بين الشغل، البيت، والمدارس.

ساعات الزوجة بتحس إنها محاصرة، خصوصًا لو مش بتشتغل أو مش قادرة تندمج في المجتمع الجديد.

الغربة للمتجوزين محتاجة تواصل، تفاهم، وتضحيات متبادلة. لو الطرفين مش بيشتغلوا على علاقتهم، البُعد مش بس جغرافي.. ده ممكن يبقى عاطفي كمان.


الغربة وتأثيرها على الأطفال:

ودي بقى من أكتر النقاط الحساسة. لأن الطفل في بيئة الغربة بيتأثر من كل الاتجاهات:

لو الطفل اتولد أو اتربى برا بلده:

ممكن يفقد إحساسه بالهوية.

مش دايمًا بيتكلم اللغة العربية كويس.

بيتربى في مجتمع له قيم مختلفة عن مجتمعه الأصلي.

لو الأب أو الأم مش معاهم في نفس البلد:

بيحس بفراغ عاطفي.

بيكبر وهو شايف إن الشغل والفلوس أهم من وجود الأهل.

ممكن يحس بالغيرة من أصحابه اللي أهلهم معاهم.

الطفل محتاج وجود فعلي، مش بس تحويلات فلوس. محتاج حضن، وحد يحكيله قصة قبل النوم، وحد يفرح بيه لما ينجح. لو اتحرم من ده، بيبقى في فجوة جواه مهما كبر.


إزاي نتعامل بذكاء مع الغربة؟

خلي الغربة وسيلة مش غاية. اشتغل علشان تحسّن وضعك، بس متنساش تعيش حياتك وتفضّل على تواصل مع اللي بتحبهم.

حافظ على علاقتك بأهلك. اتصل بيهم، ابعتلهم هدايا بسيطة، شاركهم تفاصيلك حتى لو صغيرة.

لو معاك عيلتك، ادّيهم وقت. مش كفاية تصرف عليهم.. لازم كمان تحضنهم، تضحك معاهم، وتتكلم معاهم بلغتك وهويتك.

لو ولادك في بلدك، متغيبش كتير. حاوِل تزورهم باستمرار، وخلّي فيه تواصل شبه يومي.

اتكل على ربنا وخد بالأسباب. الغربة رزق، بس كمان اختبار. خليك صبور، ووازن بين الفلوس والنفس.


نصيحة أخيرة لكل مغترب أو ناوي يسافر:

خد من الغربة اللي يفيدك، وسيب اللي يتعبك. حافظ على هويتك، وافتكر دايمًا إنك مش بس مسافر علشان الفلوس، لكن كمان علشان تتعلّم وتطوّر نفسك. وابعت كل فترة رسالة حب لأهلك وبلدك.. لأنهم هما الأصل. ولانك مش عارف انت هتقابلهم تانى ولا لأ الله اعلم اللقا نصيب.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

6

متابعهم

11

متابعهم

3

مقالات مشابة