خواطر انجبها قلمي

خواطر انجبها قلمي

1 reviews

أنت لم تستيقظ الى اليقظة ! 

 بل استيقظت إلى حلم سابق ، و هو ذاته ، نفس الحلم ، نفس المشاهد تتكرر ابوابٌ تتلو ابواباً .. كل هذا مُعاد .

 صوت زحفك على الأرضية .. معاد 

رَفْع رأسك أبدا إلى السقف إذ تبصر سقفاً لا نهائي الملامح ، لا نهائي الحدود ، تَفجَّر عن قباب سماويةٍ مؤلفة من نجوم تحررت سلفاً من سجنها .. معاد !

 الضوء يتناسل حول وجوه أناس عرفتهم قديماً  ، الخطوط العريضة للذكرى تحوك أثاث هذه الغرف .. كل هذا معاد 

حتى وصفي معاد !

 انت الصافن في الجوهر ، المخدوع بخرائطك ، انت المتبتل ، ولكن من رآك يوماً تصلي ؟ 

كل هذا معاد ..

ما رواه الزمان على جدران تلك الغرف جريمة هي .. انشودة هي ! 

انتهت وقد بدأت ، تتمتها بدايتها  ، فما انتهت إلا و قد بدأت من جديد .

طوَّح الزمان بكلماته بعيدا فيها إلى أقصى أجواز فضاء المعنى ! إلى اللاهناك ، حيث يتلاشى زمانك وتتماهى انت وذاتك وضدك وكونك في الاثير . 

ودعني أهمس لك بسرٍّ خطير : " كل هذا معاد " 

ويظل التاريخ مكرَّرًا ومعادًا  ، و ناقشاً خرائطه في النفوس ، فلا تلملم الريح خطوطها  ..

و تبقى سيرورته نهرًا يُمنع ان ترتشف منه غرفة بيدك ..

 بل مصيرك الذوبان فيه ..

التماهي فيه .. 

 فناءٌ ذائبٌ بفناء ..

و طبعاً ، حزرت ..

 كل هذا معاد !!!

نهاية الحلم ؟

تسأل عنها ؟

تستيقظ من حلم سابق إلى حلم آخر ، ينطوي بدوره على حلم آخر مثله ، نفس الغرف ، و نفس الأبواب ، و نفس الأنشودة منصوبة على الجدران ! 

 عليك رفض قراءة انشودة الزمان الطويلة تلك ، غُض الطرف عنها ..

 كف عن الزحف .. ! 

 اغمض الأعين الآذان والأنوف و الأفواه ..

انفصل عن اللاواقع إلى الواقع .. إلى نفسك  ..

تخطو نحو روحك ونبضك ..

 ليجد ماء النهر داخلك أحيازاً  لم يكن ليصيرها 

تستيقظ إلى حلم آخر أم إلى اليقظة هذه المرة ؟ 

 أأخبرك  سرًّا ؟ 

"هذا ليس بمعاد !!" 

المكان فسيح ، أرضية اسمنتية ، قبة تدعو بالاتجاه المعاكس ضوء صغير يتسلل إلى داخل هذا السجن ، و يَنسلُّ إلى دواخل نفسك و يسبر غورها ، كالنار يجري في عروقك إلى أقصى الأطراف ..

 صوت زمجرة بقربك ..

 إنه المكان الذي ينسى فيه الفيلسوف فلسفته و يُعجز الشعراءَ عن قرض الشعر ابياتًا تترى ، أبياتٌ تملي ابياتًا أخرى ..

 وفي الكل .. هو السجن المقبقب ، تقف في زاويته مجاورا لنمر بورخيس الذي يقص عليك قصص أممٍ قد خلت ، و قرون أوغلت في القدمِ ..

 ويستعرض تواريخك كدلَّالة في السّوق ، مرّت على الدور  : "من يشتري؟ " 

 فالتاريخ نهر يجرفك معه .. لكنك أنت النهر !

و النمر  يفتك بك .. لكنك أنت النمر !

و النار تحرقك .. لكنك أنت النار !

و العالم لسوء حظك واقعك !

 و أنت ، لسوء حظك ، أنت ايضا انسان !

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

4

followings

5

followings

4

similar articles