مدينة الفسطاط أول عاصمة إسلامية لمصر

مدينة الفسطاط أول عاصمة إسلامية لمصر

0 reviews

استطاع العرب بعد فتحهم مصر الامتزاج في الشعب المصرى مما كان له اكبر الآثر في تغلب الثقافة الإسلامية والدين الاسلامي،كما شجع الخلفاء وفود القبائل العربية إلي مصر مما افضي بدورة بزيادة عدد المسلمين بها ، إذ يمكننا أن نقدر جيش الفتح الذي استقر بمصر نحو ستة عشر ألفا من الرجال ،ولا ندري في الواقع كم كان عدد سكان مصر حينذاك ،وإن كان ابن عبد الحكم قد أشار انه كان بها اكثر من ستة ملايين رجل ممن تجب عليهم الجزية ،وهذا طبعا باستثناء الشيوخ والنساء والأطفال ،وبفرض أن الذين وجبت عليهم الجزية كانوا يمثلون فقط ثلث سكان مصر ،فإن هذا يعني بمنتهي البساطة أن عدد سكان   مصر وقت الفتح العربي لها كان يقدر بثمانية عشر مليون نسمة ،وهذا عدد مبالغ فيه ،خاصة ونحن نعلم أن عدد سكانها تحت الحكم البيزنطي أي قبل الفتح كان لا يتجاوز السبعة ملايين نسمة باستثناء الإسكندرية التي بلغ عدد سكانها حوالي ثلاثمائة الف نسمة .

 

خلاصة القول أن الفاتحين كانوا يمثلون اقلية ضئيلة بالنسبة لأهل البلاد وفضلا عن ذلك فإنهم لم يختلطو بهم ،وإنما اختطو لهم مدينة عربية إسلامية في وسط المحيط المصري المسيحي . والحق أن ظاهرة تخطيط المدن كانت تعد أهم الظواهر التي سار عليها العرب جنبا إلي جنب مع الفتوحات الإسلامية ،وذلك رغبة منهم في إنشاء مراكز إدارية وحربية ودينية في البلاد المفتوحة .

 

تسمية المدينة :

لقد بدئ في بناء مدينة الفسطاط سنة 21هجري /642 ميلادي ، اما عن سبب تسميتها فقد اخلفت الآراء وتنوعت القصص والروايات ،ومن اشهرها أنها سميت كذلك نسبة إلي فسطاط عمرو أي خيمته ،التي تركها في ذلك المكان عندما أراد التوجه إلي الإسكندرية بعد فتح حصن بابليون ،إذ وجد يماما قد فرخ فقال عمرو: “لقد تحرم منا بحرم ” وأقر فسطاطه كما هو وأوصي به صاحب القصر ، ولما عاد المسلمون من الإسكندرية، قالوا : أين ننزل ؟ قال : الفسطاط ،أي فسطاطة الذي كان خلفه .

 

موقع المدينة :

كان موقع المدينة فضاء ومزارع يحده شرقا جبل المقطم ،وغربا نهر النيل ،وجنوبا بركة الجيش ،وشمالا جبل يشكر .

 

تخطيط المدينة :

كما جرى العادة لدي العرب اختط عمرو أول ما اختط المسجد الجامع الذي عرف بتاج الجوامع ، وبالجامع العتيق ،وبجامع عمرو بن العاص . وكان المسلمون يقيمون فيه الصلوات الخمس ويجمعون الجمع . وبعد ذلك اختط عمرو داره بجوار المسجد ،حيث عرفت ايضا بالدار الكبري . كما اختط حول داره والمسجد أحياء العرب وقبائلهم من قريش والأنصار وأسلم وغفار وجهينة وأهل الراية وغيرهم من أقوام الفرس والروم الذي سبق لهم الدخول في الإسلام وشهدو مع عمرو بن العاص فتح مصر .

image about مدينة الفسطاط أول عاصمة إسلامية لمصر                           ميضأة جامع عمرو بن العاص

ورغم ما تعرضت له الفسطاط أولي عواصم مصر الإسلامية من تدمير خلال الاضطرابات التي تعرضت لها بعد ذلك ،فإن المدينة أخذت تنمو حتي أصبحت تثير دهشة الرحالة القادمين من كل مكان ،فقد وصفها الاصطخري المتوفي سنة 340 هجري /951 ميلادي بأنها مدينة كبيرة غاية في العمارة والخصب ،كما أشار ان مبانيها بالطوب طبقا ،وربما بلغت طبقات الدار الواحدة ثماني طبقات ..علي حين ذهب المقدسي المتوفي سنة 380 هجري /990ميلادي إلي أن دورها تتألف من أربع طبقات وخمس كالمنابر ،يدخل إليها الضياء من الوسط ،وأنه يسكن الدار الواحدة نحو مائتي نفس .

 

  ومن الملاحظ انه رغم عواصم أخرى لتصبح مقرا للحكم بمصر فقد ظل للفسطاط مكان الصدارة والأهمية ،وظلت تزحم بالسكان ،وكان ساحلها عامرا بالمراكب الصاعدة والنازلة والراسية ،كما كان بها داران للصناعة ،ويعني بهما صناعة السفن ،هما صناعة الروضة ،وصناعة الفسطاط ،وقد دهش المقدسي أثناء وجوده بها من كثرة المراكب التي رآها راسية وسائرة بها .

ويفهم من المصادر التاريخية ان المدينة تعرضت تعرضت مرارا للنهب وغيره من الدمار ،وبهذا ساءت احوال اولي عواصم مصر الإسلامية وتحولت إلي أكوام من التراب وتلال من الانقاض حتي أتاح الله لهذا العالم الأثري علي بهجت والمهندس الفرنسي ألبير جبريل فكشفا فيها بين عامي 1920،1912عن أجزاء ليست بقليلة من مخلفات تلك المدينة البائدة التي لم يتخلف عن بقاياها سوي جامع عمرو بن العاص .

 

المرجع :

           كتاب العمارة الإسلامية في مصر .منذ الفتح الفتح العربي حتي نهاية العصر المملوكي.ص 18،  19،  20،  21،  22

الاستاذ الدكتور أحمد عبد الرزاق احمد  

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

0

followings

1

similar articles