وراء كل أسرة مستقرة، من يقاوم الانهيار كل يوم..

وراء كل أسرة مستقرة، من يقاوم الانهيار كل يوم..

0 المراجعات

وراء كل أسرة مستقرة، جندي مجهول يقاتل ويحارب ليدير أسرته

في صخب الحياة اليومية، حيث تمتلئ البيوت بالضحك حينًا وبالواجبات أحيانًا، نرى صورًا لأسَر مستقرة، أطفال يذهبون إلى المدارس بأناقة، موائد عامرة بالطعام، وأجواء من الحب والطمأنينة. لكن خلف هذه الصورة الجميلة، هناك وجه لا يُرى، ويد لا تُصفّق لها، وقلب يحترق صمتًا... إنه الجندي المجهول الذي يقاتل في الخفاء ليحافظ على استقرار أسرته.

من هو هذا الجندي المجهول؟

قد يكون أبًا يغادر منزله كل صباح قبل أن يصحو أطفاله، ويعود متعبًا مثقلًا من العمل، ولا يجد من الوقت ما يكفي ليحكي قصص ما قبل النوم، لكنه لا ينسى أن يترك لهم قطعة حلوى على الطاولة.

وقد تكون أمًا تؤجل أحلامها وطموحاتها، وتختصر حياتها في "ماذا يحتاج أطفالي اليوم؟"، و"كيف أجعل البيت دافئًا رغم التعب؟". هي من تبتسم بينما قلبها متعب، وتخفي أوجاعها في طيّات ضحكتها.

وقد يكون أخًا أكبر تحمّل مسؤوليات لم تُطلب منه يومًا، أو جدة أصبحت الأم الثانية، أو أختًا تحمل المنزل على كتفيها في غياب الأم.

هؤلاء هم الجنود المجهولون في كل بيت... لا أحد يعرف حجم تضحياتهم، لكن الجميع يشعر بأثرهم.

القتال بصمت لا يعني الضعف

ما أصعب أن تكون مسؤولًا عن كل شيء، دون أن تشكو. أن تُضحّي بكل شيء، دون أن تطلب مقابلاً. أن تحارب ضغوط الحياة، والأزمات الاقتصادية، والأحزان الشخصية، فقط لأنك قررت أن تبني بيتًا مستقرًا.

الجندي المجهول لا يلبس درعًا، لكنه يملك صبرًا من فولاذ. لا يحمل سلاحًا، لكن قلبه أقوى من البنادق. يقاتل بدموعه المكبوتة، وأعصابه المنهكة، وابتسامته المفروضة.

من يدير الأسرة؟ من يخلق الاستقرار؟

قد يعتقد البعض أن استقرار الأسرة يأتي من المال، أو البيت الجميل، أو التعليم العالي. لكن الحقيقة أن السر يكمن في وجود شخص واحد على الأقل قرر أن يتحمل الألم، كي لا يشعر به الآخرون.

الاستقرار لا يُهدى، بل يُصنع بصبر. كل صباحٍ يُعد فيه الإفطار رغم التعب هو لبنة في جدار الاستقرار. كل فاتورة تُدفع بصمت هي قتال آخر. كل تنازل عن راحة شخصية هو نصر جديد.

فلنلتفت إلى الجنود الصامتين

علينا أن نُعيد الاعتبار لمن يصنعون الفارق دون أن يظهروا. لا بأس أن تقول لأمك: "أعلم أنك تتعبين من أجلنا، شكرًا". أو لأبيك: "أدعو لك في صلاتي لأنك تتحمّل الكثير". أو لأخيك أو أختك: "وجودك معنا نعمة".

الاعتراف لا يُكلف شيئًا، لكنه يُداوي تعب السنين.

في الختام

وراء كل أسرة مستقرة، هناك من يُقاوم الانهيار كل يوم. هناك من يتظاهر بالقوة كي لا ينهار الآخرون. هناك من يُطفئ نفسه ليضيء طريق غيره. هذا الجندي المجهول لا يُكرّم في وسائل الإعلام، لكن دعوات من يحبهم تُعانقه كل ليلة.

فلنحبّهم، ولنحترم تضحياتهم، لأنهم من يصنعون البيوت، لا الجدران.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

40

متابعهم

2

متابعهم

1

مقالات مشابة