"نظرية Let Them": فنّ التحرّر النفسي من عبء السيطرة

"نظرية Let Them": فنّ التحرّر النفسي من عبء السيطرة

0 المراجعات

"نظرية Let Them": فنّ التحرّر النفسي من عبء السيطرة

في عصر تتسارع فيه الأحداث وتتقاطع فيه العلاقات والضغوط النفسية، ظهر مفهوم جديد يلقى رواجاً متزايداً على منصات التواصل الاجتماعي، يُعرف باسم "نظرية Let Them" أو ما يُترجم بـ "نظرية دعهم يفعلون". للوهلة الأولى قد يبدو الأمر بسيطًا وساذجًا، لكنه في الحقيقة يحمل في طيّاته فلسفة عميقة ومؤثرة في حياة كل من يُمارسها بصدق.

ما هي "نظرية Let Them"؟

"دعهم يذهبون، دعهم ينسحبون، دعهم يتصرفون كما يشاؤون" — هذه هي خلاصة النظرية. الفكرة الأساسية تقوم على مبدأ: إذا أراد أحدهم أن يفعل شيئًا، دعه يفعل. لا تُقاوم. لا تُلاحق. لا تُقيّد.

سواء كان ذلك شخصًا قرر الابتعاد، أو صديقًا لا يُبادر، أو مجموعة لا تدعوك، أو شريكًا لا يتواصل كما اعتدت — دعهم. هذه ليست دعوة للامبالاة أو البرود العاطفي، بل دعوة للتحرر من استنزاف الطاقة في محاولات السيطرة أو الإقناع أو الاسترضاء المستمر.

أصل النظرية وانتشارها

انتشرت هذه النظرية في الآونة الأخيرة على لسان مدربو التنمية الذاتية وصناع المحتوى النفسي، خصوصًا في الغرب، ثم وجدت طريقها إلى العالم العربي. البعض يرى فيها امتدادًا لمفاهيم أقدم كـ "التخلي الواعي" أو "القبول الرضائي"، لكنها تتميز ببساطتها ووضوحها في التعامل مع مواقف الحياة اليومية.

لماذا يتردد الناس في تطبيقها؟

غالبًا ما نرتبط بالآخرين عاطفيًا لدرجة أننا نعتقد أن دورنا هو إنقاذ العلاقات أو إعادة ترميمها مرارًا. نخشى أن نبدو باردين أو أن نخسر من نحب. نعتقد أن انسحابنا يعني الضعف، بينما الحقيقة أن السماح للناس بأن يكونوا كما هم، يكشف لك حقيقتهم ويمنحك القوة لتختار أين تضع قلبك وطاقتك.

فوائد تبني "Let Them Theory"

1. التحرر من القلق والشك: لم تعد تتساءل "لماذا لم يتصل؟" أو "هل أخطأت؟". بل تستبدل ذلك بسلام داخلي نابع من القبول.


2. تعزيز احترام الذات: عندما تتوقف عن مطاردة من لا يريد البقاء، فإنك توصل لنفسك رسالة ضمنية أنك تستحق من يختارك طواعية.


3. تصفية العلاقات الحقيقية: من يبتعد حين تترك له المساحة، لم يكن متمسكًا حقًا. ومن يبقى، يبقى لأن له مكانًا حقيقًا في حياتك.


4. إعادة التوازن الداخلي: تتوقف عن محاولات السيطرة، وتبدأ بالتركيز على نفسك، نموك، وأهدافك الخاصة.

 

متى لا تصلح هذه النظرية؟

رغم جاذبية النظرية، إلا أن تطبيقها يحتاج إلى وعي. لا ينبغي استخدامها كذريعة للهروب من المواجهة أو للتنصل من المسؤوليات. في العلاقات العميقة أو العائلية، قد يتطلب الأمر حوارًا ومصارحة قبل قرار "دعهم". الفكرة ليست التخلي عن الناس بلا سبب، بل عدم إجبار أحد على البقاء.

في الختام

نظرية "Let Them" ليست حلاً سحريًا، لكنها أداة فعّالة للتنظيف العاطفي والراحة النفسية. عندما تترك الآخرين يتصرفون على سجيتهم، ستُدهشك الحقيقة: من يحبك سيبقى، ومن لا يستحقك سيرحل — وستشكر الحياة لأنه فعل.

ففي النهاية، ليست كل خسارة خسارة... بعض الانسحابات هدية.
 

بقلم: د. ولاء بني يونس

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

40

متابعهم

2

متابعهم

1

مقالات مشابة