
كيف تزرع في طفلك ملامح الرجل المسؤول؟
كيف تزرع في طفلك ملامح الرجل المسؤول؟
كل أب وأم يحلمان بأن يُصبح طفلهما شخصًا ناجحًا، واثقًا، وقادرًا على مواجهة الحياة. لكن المسؤولية لا تُولد فجأة عند البلوغ، بل تُزرع بذورها في سنوات الطفولة الأولى، وتُروى بالتوجيه، والمواقف اليومية، والمثال الحي. فما هي الأساليب التربوية التي تُنمي في الطفل ملامح الرجل المسؤول، دون أن تُفقده براءة الطفولة؟
أولًا: امنحه الثقة منذ الصغر
الثقة هي حجر الأساس في بناء أي شخصية مسؤولة. عندما تمنح طفلك مسؤولية صغيرة — كترتيب سريره أو سقي الزرع — ثم تُظهر له أنك واثق في قدرته على إتمام المهمة، فأنت لا تُعلمه المهارة فقط، بل تُرسل رسالة قوية: "أنا أؤمن بك". ومع تكرار هذه التجربة، يبدأ الطفل بتصديق هذه الرسالة.
ثانيًا: عوّده على اتخاذ القرار
لا تجعل طفلك دائمًا في موقع المتلقي. اسأله: "ماذا تريد أن ترتدي اليوم؟"، "ما رأيك في هذه الخطة للعطلة؟"، "هل تفضل أن تبدأ بواجب الرياضيات أم اللغة؟". قرارات بسيطة، لكنها تُعزز داخله حسّ الاستقلالية وتحمّل النتائج.
ثالثًا: واجه الخطأ بالحكمة لا بالصراخ
الأطفال يُخطئون، وهذه طبيعة بشرية. لكن حينما يخطئ ابنك، اجعل من الخطأ فرصة للتعلم وليس للخوف. ناقشه بهدوء، اسأله: "ما الذي كان يمكن أن تفعله بشكل أفضل؟"، وشاركه في وضع خطة لتفادي الخطأ مستقبلًا. بهذه الطريقة، تُعلّمه تحمّل نتائج أفعاله دون أن تُشعره بالذنب أو الفشل.
رابعًا: اجعله جزءًا من الحياة الواقعية
اشرك طفلك في بعض شؤون المنزل أو القرارات اليومية. اجعله يرافقك في شراء الحاجيات، أو اختيار هدية لأحد أفراد العائلة. هذه التفاصيل البسيطة تُشعره بأهميته، وتنقله تدريجيًا من مرحلة الاعتماد إلى مرحلة المساهمة.
خامسًا: كن قدوة... فالأفعال أبلغ من الكلمات
الطفل يراقب أكثر مما يسمع. عندما يرى والده أو والدته يتحمّلون المسؤولية بوعي واحترام، يُنجزون مهامهم بجد، يعتذرون عند الخطأ، يوفون بوعودهم — فإنه يتشرب هذه الصفات دون حاجة إلى محاضرات.
سادسًا: امدحه عندما يتصرف بمسؤولية
لا تترك المواقف الإيجابية تمر بصمت. عندما يُبادر طفلك بترتيب ألعابه، أو يُساعد أخاه، أو يُنجز شيئًا دون تذكير، امدحه بكلمات صادقة: "أنا فخور بك"، "تصرفك يدل على أنك أصبحت ناضجًا"، "أنت تتصرف كرجل حقيقي". هذا التعزيز الإيجابي يدفعه للاستمرار والتطور.
---
في الختام:
أن تُربي طفلًا مسؤولًا لا يعني أن تُثقل كاهله أو تُسرق طفولته، بل أن تُرشده بحب، وتُوجّهه بحكمة، وتُعلّمه كيف يكون قويًّا دون أن يفقد رقّة قلبه. ازرع اليوم، وستحصد غدًا رجلًا يُعتمد عليه، ويفتخر بك أينما ذهب.
بقلم: د. ولاء بني يونس