"مصر في 2025: هل التقشف والتخفيضات النقدية تمهدان الطريق نحو انتعاش اقتصادي مستدام؟"

"مصر في 2025: هل التقشف والتخفيضات النقدية تمهدان الطريق نحو انتعاش اقتصادي مستدام؟"

2 المراجعات

"مصر في 2025: هل التقشف والتخفيضات النقدية تمهدان الطريق نحو انتعاش اقتصادي مستدام؟"image about

 

🧭 مقدمة:

في غضون 18 شهرًا فقط، شهدت مصر تحوّلًا جذريًا من أزمة مالية خانقة إلى مسار يعكس بوادر التعافي. من تخفيضات غير مسبوقة لأسعار الفائدة إلى إصدار صكوك دولية وجذب مئات المليارات من الاستثمارات الأجنبية، تتضح المناورات الاقتصادية التي تحاول إعادة رسم الخارطة المالية للبلاد. فهل تمتلك مصر المقومات الكافية للانتقال من التعافي المرحلي إلى النمو المستدام؟


 

📉 التضخم والتخفيضات النقدية:

بلغ معدل التضخم السنوي نحو 38% في سبتمبر 2023، قبل أن ينخفض إلى 13.6% في مارس و13.9% في أبريل، ثم ارتفع مؤخرًا إلى حوالي 16.5% في مايو 2025  .

استغلت مصر هذا التراجع لإطلاق أولى تخفيضات الفائدة في أكثر من 5 سنوات، بإجمالي 225 نقطة أساس في أبريل و100 نقطة في مايو، مما خفّض سعر الإيداع إلى 24% والإقراض إلى 25%  .

البنك المركزي يتوقع استمرار تراجع التضخم حتى نهاية 2025 ومع وصوله إلى ~7% ±2% بحلول الربع الرابع من 2026  .

 

 

📈 النمو الاقتصادي:

سجل الناتج المحلي نموًا بنسبة 5% في الربع الأول من 2025 مقارنة بـ4.3% في الربع الأخير 2024، ما عزز الثقة بموصلة التخفيضات النقدية  .

يتفاوت تقدير نمو العام المالي الجاري بين 3.8% (استطلاع Reuters أبريل) و4.0% (استطلاع يناير) وصولًا إلى 4.2‑4.7% في الأعوام القادمة حسب IMF وWorld Bank  .

 

 

💵 التمويل الأجنبي والصكوك:

وقّعت مصر في فبراير 2024 صفقة مع ADQ الإماراتية لتطوير رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، وهي أكبر FDI في تاريخها، تلتها مشاريع Suez Economic Zone وغيرها  .

بلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر 46.1 مليار دولار في 2023‑24، مع تدفقات جديدة بقيمة 2.7 مليار دولار في الربع الأول 2024‑25 (+15%)  .

تخطط مصر لجذب 12‑15 مليار دولار FDI بنهاية 2025، مع إصدار صكوك دولية بقيمة 2 مليار دولار وتسعير صكوك محلية (5.8 مليار جنيه) وأخضر (5‑10 مليار جنيه)  .

 

 

⚖ التحديات:

1. تذبذب التضخم: رغم الهبوط، سجّل شهر مايو ارتفاعًا نسبيًا (16.5%) نتيجة لتأثير أساسي ورفع أسعار الوقود  .


2. السياسات المالية التقشفية: ضرائب جديدة أو تخفيض دعم قد يضغط على الفئات الأشد هشاشة في المنازل.


3. تقلبات الجنيه والأزمات الخارجية: أزمات الحرب في غزة وتأثيرها على قناة السويس، إضافة إلى القيود العالمية والتجارة.


4. الديون الخارجية: وصل الدين الخارجي إلى أكثر من 155 مليار دولار، مع مدفوعات خدمة عالية حتى 2025  .

 


 

🧩 خاتمة:

يتضح أن مصر تشهد انتعاشًا مدعومًا بقوة من خلال تخفيضات الفائدة، وضخ استثمارات أجنبية ضخمة، وخطوات مدروسة لتنويع مصادر التمويل عبر الصكوك. لكن نجاح هذا الانتعاش لا يتوقف فقط على المؤشرات المالية بل يعتمد أيضًا على عوامل أعمق.

فمن الضروري أن يتم خفض التضخم إلى مستويات آمنة دون التأثير سلبًا على الفئات محدودة الدخل، مع وضع سياسات واضحة لإدارة الدين الخارجي وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات. كما أن تنويع مصادر الدخل القومي بات أولوية، خاصة من خلال تعزيز قطاعات مثل الصناعة، والزراعة، والتكنولوجيا.

ولكي يتحول هذا التعافي إلى نمو حقيقي مستدام، لا بد من تطوير بيئة الأعمال، وتحسين التعليم الفني والتدريب المهني، ودمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية. فهذه الإصلاحات الهيكلية هي ما سيحمي الاقتصاد من الأزمات القادمة ويمنحه مرونة أكبر في التعامل مع التحديات العالمية.

وبالتالي، فإن نجاح التجربة المصرية لن يقاس فقط بالأرقام، بل بمدى تحسّن حياة المواطن اليومية، وتوفر فرص العمل، وقدرة الدولة على بناء اقتصاد أكثر عدالة واستقرارًا في السنوات القادمة.
 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

5

متابعهم

3

متابعهم

1

مقالات مشابة