مقالة تروي فيها قصة سيدنا الخضر مع سيدنا موسي علية السلام

مقالة تروي فيها قصة سيدنا الخضر مع سيدنا موسي علية السلام

0 المراجعات

المقدمة: سيدنا الخضر هو نبي عظيم آتاه الله علماً وحكمه وذُكر في القرآن الكريم مع سيدنا موسي عليه السلام وسوف نتناول في هذا الموضوع القصة الكاملة لهما كما ذكرت في كتاب الله . 

الموضوع:               

               سيدنا موسي وفتاه يبحثان عن الخضر

عندما كان سيدنا موسي عليه السلام عندما كان يخطب في بني إسرائيل أخبرهم بأنه أعلم أهل الأرض، ولكن عاتبه الله وأخبره بأن هناك رجل صالح أكثر منه علماً، فسأله موسي عن كيفية الوصول إلي ذلك الرجل الصالح، فأمره الله تعالي بأن يخرج ويأخذ معه حوتاً ليكون مكتل له، فعندما يفقد موسي الحوت يكون هذا مكان الرجل الصالح، فخرج موسي ومعه فتاه يوشع بن نون فعندما وصلا إلي الصخرة غلبهما النعاس، فعندما ناما شرب الحوت من عين من تلك الصخرة تسمي عين الحياة، فبعدما شرب منها خرج الحوت إلي البحر هارباً بعد أن ردت له الحياة، وقد منع الله جريان الماء لكي لا يُخفَي أثرة، فعندما إستيقظ موسي عليه السلام لم يبحث عن الحوت، بل تابع مسيره وذلك في قول الله تعالي في سورة الكهف:     ((   وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبْرَحُ حَتَّىٰٓ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا (٦٠) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَإتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِى ٱالْبَحْرِ سَرَبًا (٦١)  )) . 

 

 

فعندما تعدي سيدنا موسي عليه السلام وفتاه المكان شعرا بالتعب فقال موسي لفتاه آتنا غدائنا فتذكر فتاه أمر هروب الحوت فأخبره به، وأخبره بأن هذا من عمل الشيطان وذلك في قول الله تعالي: ((  فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَىٰهُ ءَاتِنَا غَدَآءَنَا لَقَد لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبا (62) قَالَ أَرَءَيتَ إِذ أَوَينَآ إِلَى ٱلصَّخرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱالشَّيطَٰانُ أَنۡ أَذكُرَهُۥۚ وَٱإتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِي ٱالبَحرِ عَجَبا (63)  )) . 

فعادا إلي المكان الذي فقدا فيه الحوت فوجدا فيه العبد الصالح فطلب منه موسي أن يرافقه، فقال له الخضر: أنك لن تستطيع أن تصبر علي ما لا تعلم فأخبره الخضر ألا يسأله في أي شئ يرأه وهناك قال الله تعالي: ((  قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نبغ فَإرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصا (64) فَوَجَدَا عَبدا مِّن عِبَادِنَآ ءَاتَينَٰهُ رَحمة مِّن عندِنَا وَعَلَّمنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلما (65) قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَل أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمتَ رُشدا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرا (67) وَكَيفَ تَصبِرُ عَلَىٰ مَا لَم تُحِط بِهِۦ خُبرا (68) قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱالله صَابِرٗا وَلَآ أَعصِي لَكَ أَمرا (69) قَالَ فَإِنِ ٱإتَّبَعتَنِي فَلَا تَسـألنِي عَن شَيءٍ حَتَّىٰٓ أُحدثَ لَكَ مِنهُ ذِكرا (70)  )) . 

فإنطلقا سوياً حتي ركبا سفينة فخرقها الخضر فقال له موسي: أخرقتها لتغرق أهلها وعاتبة عليها فقال له الخضر: أ لم أخبرك أنك لن تستطيع معي صبراً، فقال له موسي: لا ترهقني من أمري عذراً، فإنطلقا مره أخري حتي لقيا غلاماً فقتله الخضر، فقال له موسي: أ تقتل نفس ذكيةً، فأعاد عليه الخضر مقولته أ لم أخبرك أنك لن تستطيع معي صبراً، فقال له موسي: إن سألتك عن شئ فلا تصاحبني مره أخري، فإنطلقا مرة أخري فوصلا إلي قريةٍ فأبى أهلها أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً علي وشك السقوط، فأقاماه فقال له موسي: لو شئت لإتخذت عليه أجراً وهنا قال الله تعالي: (( فَإنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقتَهَا لِتُغرِقَ أَهلَهَا لَقَد جِئتَ شَيئـا إِمۡرٗا (71) قَالَ أَلَم أَقُل إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرٗا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرۡهِقنِي مِن أَمرِي عسرا (73) فَإنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَٰاما فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلتَ نَفسا زَكِيَّةَ بِغَيرِ نَفسٖ لَّقَد جِئتَ شَيـئا ذكرٗا (74) ۞قَالَ أَلَم أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرٗا (75) قَالَ إِن سَأَلتُكَ عَن شَيءِۭ بَعدَهَا فَلَا تُصَٰاحِبنيۖ قَد بَلَغتَ مِن لَّدُنِّي عُذرٗا (76) فَإنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَيَآ أَهلَ قَرۡيَةٍ ٱإستطعَمَآ أَهلَهَا فَأَبَواْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارٗا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥۖ قَالَ لَو شِئتَ لَتَّخَذتَ عَلَيهِ أَجرا (77) )). 

وهنا كان الفراق بين الخضر وسيدنا موسي فأخذ الخضر يفسر لموسي ما لم يستطع عليه صبراً، فقال له الخضر: أن السفينة كانت لمساكين يعملون في البحر وكان ورائهم ملك يستولي علي السفن التي تعبر من هناك، وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً كفراً فأردنا أن يرزقهما ربهما خير منه، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان أبوهما صالحاً وكان تحت الجدار كنزاً لهما فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهم رحمةً من عند ربك وذلك في قول الله تعالي: ((  قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَينِي وَبينِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأوِيلِ مَا لَم تَستَطِع عَّلَيهِ صَبرًا (78) أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَت لِمَسَٰكِينَ يَعمَلُونَ فِي ٱالبَحرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِك يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصبا (79) وَأَمَّا ٱالغُلَٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمِنَينِ فَخَشِينَآ أَن يُرۡهِقَهُمَا طُغيَٰنا وَكُفرٗا (80) فَأَرَدنَآ أَن يُبدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيرٗا مِّنهُ زَكَوٰة وَأَقرَبَ رُحما (81) وَأَمَّا ٱالجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَٰمَينِ يَتِيمَينِ فِي ٱالمَدِينَةِ وَكَانَ تَحتَهُۥ كَنز لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَٰلِحا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَستَخرِجَا كَنزَهُمَا رَحمَة مِّن رَّبِّكَۚ وَمَا فَعَلتُهُۥ عَنۡ أَمرِي ذَٰلِكَ تَأوِيلُ مَا لَم تَسطِع عَّلَيهِ صَبرٗا (82) )).  

 

  اختلف العلماء في المكان الذي التقى فيه موسى -عليه السلام- بالخضر على ثلاثة أقوال، وهي كما يأتي:                 

  مجمع البحرين، وهو المكان الذي يلتقي فيه بحر فارس شرقاً وبحر الروم غرباً وهو قول قتادة وغيره، وذهب محمد القرظي إلى أنّ مجمع البحرين في بلاد المغرب عند طنجة.

مجمع البحرين يقع في إفريقية وهو قول أبيّ بن كعب، أو في طنجة وهو قول محمد بن كعب، أو هما نهرا الكرّ والرسّ الّذَين يصبّان في البحر وهو قول السّديّ.

مجمع البحرين هما بحر الروم وهو البحر الأبيض، وبحر القلزم وهو البحر الأحمر وتُدعى المنطقة التي يلتقيان فيها بالبحيرات المرّة وبحيرة التمساح، أو أنّ مجمع البحرين في البحر الأحمر في المكان الذي يلتقي فيه خليج العقبة مع خليج السويس لأنّ بني إسرائيل عندما غادروا مصر استقرّوا في هذه المنطقة التي شهدت تاريخهم وهذا قول سيد قطب صاحب كتاب ظلال القرآن.

                                                                                                  العبر المستفادة من قصّة موسى مع الخضر

هناك العديد من الدروس المستفادة من قصّة موسى -عليه السلام- والخضر، ومنها ما يأتي: الحرص على طلب العلم والاستزادة منه والرحلة إليه، وتحمّل المشاقّ والصعاب في سبيل تحصيله، والسعي للقاء العلماء،ومجالستهم باحترام وأدب.

1- الحرص على عدم نسبة الأمور المكروهة كالنسيان إلى الله -تعالى- تنزيهاً له وتأدّباً معه، حتّى وإن كان مُقدّراً منه، وضبط النفس على تَقبُّل عذر الناسي تجمُّلاً بالأخلاق العالية لا سيّما أنّ النسيان قد ورد في حقّ الأنبياء -عليهم السلام-.

2- الحرص على تقديم مشيئة الله -تعالى- على كلّ ما ينوي العبد القيام به بقول: "إن شاء الله".

3- مشروعية الإفصاح عن التعب والشعور بالألم والمرض ونحوهما على ألّا يُرافق ذلك ما فيه تسخُّط وعدم رضا بالقضاء والقدر.

4- مشروعيّة طلب الضيافة والطعام حال الحاجة ولا مذمّة في ذلك، والحرص على عدم ترك فعل الخير والإحسان في حقّ مَن اتّصف بالبخل و اللئم في التعامل.

5- مشروعية إلحاق الضرر والتعييب بمال الغير إن كان خياراً لِتفويت ما هو أشدّ منه ضرراً.

6- مشروعية التّزوّد بالطعام والشراب حال السفر حيث أنّ ذلك لا يتصادم مع عقيدة التوكّل.

7- تواضع التلميذ لِمعلّمه حال كونه أكثر أو أقل مرتبة منه، وإفصاح المعلّم لِتلميذه حال امتناعه عن تعليمه ما يُخشى عليه في عدم تحمّله.

8- سعي العبد إلى كلّ ما فيه مرضاة الله -تعالى- من طلب علم ونحوه، كما ويُؤمّن لنفسه الإعانة والقوّة؛ فلا يَحلّ عليه التعب والإعياء سريعاً.

9- توجّه المسكين إلى عمل معيّن أو امتلاكه شيئاً يكسب منه رزقه الذي لا يكفي لسدّ احتياجاته لا يُخرجه من دائرة المسكنة.

10- الجرأة في قول الحقّ وإنكار المنكر كما فعل موسى -عليه السلام- بإنكار أفعال الخضر ظنّاً منه أنّها منكرة.

11- قصّة موسى -عليه السلام- لم تُذكَر في القرآن الكريم فحسب، إنّما في الأحاديث النبويّة الصحيحة التي احتوت على معلومات إضافية أيضاً.

12- ارتكاب المرء جرماً معيّناً في حقّ مَن أحسن إليه يجعل جرمه أكثر سوءاً.

الخاتمه: 

وهنا تنتهي قصة موسي والخضر وأتمني لكم قرأة سعيدة ومعلومات مفيدة. 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

3

مقالات مشابة