كيفية ترويض الفيلة من أجل العروض الترفيهية: الحقيقة القاسية وراء الكواليس

كيفية ترويض الفيلة من أجل العروض الترفيهية: الحقيقة القاسية وراء الكواليس

2 المراجعات

ترويض الفيلة: تحويل الكائنات البرية إلى أدوات للترفية

 

image about كيفية ترويض الفيلة من أجل العروض الترفيهية: الحقيقة القاسية وراء الكواليس

 

الفيلة من أكبر الثدييات البرية وأكثرها ذكاءً، ومعروفة بذاكرتها القوية وقدرتها على التعلم. ومع ذلك، يتم استخدامها لأغراض الترفيه منذ قرون، ويشمل ذلك تقديم عروض للسياح والزوار في العديد من البلدان حول العالم، خاصةً في دول جنوب شرق آسيا. لكن الطريق لجعل هذه الحيوانات الضخمة تقدم عروضًا للبشر ليس بسيطًا ولا رحيمًا، إذ يتطلب ترويضها إجراءات قاسية تترك آثارًا جسدية ونفسية عميقة. هذا المقال يستعرض بالتفصيل العملية التي تُتّبع لترويض الفيلة وتحويلها إلى كائنات تطيع الأوامر، ويسلط الضوء على قسوة الأساليب المستخدمة ومدى تأثيرها السلبي على هذه الكائنات الذكية.

 

1. عملية الترويض التقليدية (الفجان)

يُعدُّ "الفجان"، أو ما يعرف بعملية "السحق"، من أكثر الطرق التقليدية قسوةً لترويض الفيلة، ويتم استخدامه بشكل رئيسي في جنوب شرق آسيا. تبدأ هذه العملية بأخذ الفيلة الصغيرة من حضن أمهاتها في سن مبكر جداً، حيث يتم فصلها عن عائلاتها، مما يُسبب صدمة نفسية كبيرة لها. بعد ذلك، يتم وضع الفيلة الصغيرة في أقفاص ضيقة للغاية، تكاد تمنعها من الحركة، حيث تُربط بأحبال وسلاسل قوية تُثبت أطرافها ورأسها. تُستخدم هذه الطريقة بهدف "سحق" روح الفيل البرية وإجباره على الطاعة.

خلال فترة الفجان، التي قد تستمر من أيام إلى أسابيع، يتعرض الفيل لتعذيب بدني شديد، مثل الضرب بالعصي والمسامير، أو استخدام أدوات حادة تُدفع إلى جلده لحثه على الطاعة. يُحرم الفيل أيضًا من الطعام والماء، ولا يُسمح له بالراحة. ويستمر هذا العذاب حتى يصبح الفيل مستسلماً تماماً، غير قادر على المقاومة أو التعبير عن مشاعره الطبيعية.

 


2. التدريب على الطاعة

بعد انتهاء مرحلة "السحق"، يكون الفيل في حالة من الاستسلام الكامل. ومع ذلك، لا يكتفي المروضون بذلك، إذ يحتاج الفيل الآن إلى تعلم الحركات والأوامر التي ستُستخدم في العروض. يتم تعليمه التحية، رفع قدميه، الجلوس، وحتى التظاهر بالابتسام، بالإضافة إلى حركات أخرى معقدة قد تتضمن الرقص أو الرسم. لتحقيق ذلك، يعتمد المدربون على وسائل قاسية، مثل العصي ذات الحواف الحادة والتي تُعرف بـ"الأنكلوس"، والتي تُستخدم للتحكم في الفيل وضمان عدم مقاومته للأوامر.

تُستخدم هذه الأدوات لتهديد الفيل وتعليمه أن أي تمرد أو رفض للأوامر سيقابله الألم. وبدلاً من استخدام طرق مكافأة أو تحفيز، يعتمد المدربون على الترهيب والعقاب المستمر، مما يجعل الفيل يربط الطاعة بالأمان والعصيان بالألم.

 


3. الآثار الجسدية والنفسية

إن العمليات القاسية التي يخضع لها الفيل تترك آثاراً جسدية طويلة الأمد. يعاني الكثير من الفيلة المروضة من جروح مزمنة بسبب السلاسل أو الأدوات الحادة التي تُستخدم في التدريب. وقد تُسبب هذه الجروح التهابات وأمراضاً جلدية خطيرة. كما أن الفيلة التي تُجبر على الوقوف لساعات طويلة على أراضٍ صلبة قد تصاب بمشاكل في المفاصل والأقدام، مما يجعل الحركة مؤلمة وصعبة.

من الناحية النفسية، تتأثر الفيلة بشكل كبير، حيث تُظهر العديد من السلوكيات التي تدل على اضطرابات نفسية، مثل تكرار حركات معينة بشكل مفرط، أو الميل إلى العزلة، أو حتى العدوانية المفاجئة. تُعرف هذه الحالة بـ"متلازمة الإجهاد ما بعد الصدمة"، وهي تشير إلى حالة من الصدمة النفسية التي تجعل الفيل يعيش في حالة من الخوف المستمر.

 


4. الاستغلال السياحي

يُعد تقديم العروض السياحية هدفًا رئيسيًا لعملية ترويض الفيلة. في مناطق مثل تايلاند وكمبوديا والهند، يُستخدم الفيل في عروض الرقص والرسم وركوب السياح. وفي حين يعتبر السياح مشاهدة الفيلة وهي تقوم بهذه الأنشطة أمراً ممتعًا، إلا أن الفيل يكون قد تعرض لكثير من المعاناة قبل أن يصل لهذه المرحلة. وينعكس هذا الاستغلال سلباً على حياة الفيل، حيث يعيش في ظروف قاسية بعيدة كل البعد عن بيئته الطبيعية، ويخضع يومياً لجدول تدريبات شاق لا يراعي احتياجاته البيولوجية أو النفسية.

لا يتوقف الاستغلال هنا، بل يمتد إلى تصوير الفيلة كحيوانات لطيفة ومرحة في العروض، مما يغفل حقيقة ما تمر به من معاناة وراء الكواليس. وتعمل العديد من الجهات المستفيدة على إخفاء الظروف القاسية عن أعين السياح، لضمان استمرار تدفق الأموال من هذه العروض السياحية.

 


5. اللامبالاة والقسوة من قِبل المروضين

تتجلى قسوة المروضين ولامبالاتهم تجاه معاناة الفيلة في الطريقة التي يتم التعامل بها مع هذه الحيوانات الذكية. ينظر المدربون إليها كأدوات للربح بدلاً من كائنات حية تستحق الاحترام والرعاية. يسود هذا السلوك بسبب قلة الوعي بأهمية الرفق بالحيوان، إضافةً إلى الطمع في الاستفادة المادية. يعتبر المروضون أن السيطرة على الفيلة أمر ضروري لتحقيق الفائدة القصوى، ولا يعيرون اهتمامًا للألم الجسدي أو النفسي الذي تتعرض له هذه الكائنات.

 


الخاتمة

عملية ترويض الفيلة وتحويلها إلى أدوات ترفيهية تكشف عن جانب مظلم من تعامل الإنسان مع الطبيعة. الفيلة حيوانات برية تعيش ضمن مجموعات اجتماعية وتعتمد على بيئة طبيعية تدعم حياتها. ومع ذلك، يتم سلبها من هذه الحياة وتحويلها إلى كائنات مطيعة بواسطة وسائل قاسية، دون اعتبار للألم والمعاناة التي تتعرض لها. يعكس هذا الأسلوب قسوة الإنسان في سعيه وراء الربح على حساب كائنات بريئة، ويبرز الحاجة الملحة لزيادة الوعي حول معاناة هذه الكائنات وحمايتها من الاستغلال.

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

16

متابعين

41

متابعهم

1

مقالات مشابة