حياه الماعز جدل واسع وارباح هائله

حياه الماعز جدل واسع وارباح هائله

3 المراجعات

**حياة الماعز: من صحراء الهند إلى شاشات العالم**

 

انفجرت قنبلة فجأة في وجه السعودية، حوّلت جدلاً بسيطًا إلى حرب كلامية شرسة. كيف استطاع فيلم "حياة الماعز" أن يحقق أرباحًا طائلة من خلال إثارة غضب شعب بأكمله؟ دعونا نغوص في أعماق هذه القضية المثيرة للجدل.


نبدأ بمشهد مؤثر يمزق القلب. يتوسل "نجيب" في الفيلم، وهو مهاجر هندي، قائلاً: "من فضلك دعني أعود". الدموع تنهمر على وجهه وهو يحكي كيف غادر كل شيء، عائلته ووطنه، سعيًا وراء وظيفة موعودة. ولكن كلماته باللغة المالايالامية لم تجد صدى لدى "راي"، الذي لا يتحدث سوى العربية.

شاب هندي، معزول عن العالم، يعيش وحيدًا في صحراء قاحلة مع سيدة وحيواناته، يكتوي بحرارة الشمس الشديدة ويشرب الماء من نفس الحوض الذي تشرب منه الماعز.

قبل أن نتحدث عن "حياة الماعز"، دعونا أولاً نلقي نظرة على قوة السينما وكيف تؤثر على مجتمعاتنا. السينما، كأي فن آخر، تستلهم حكاياتها من الواقع. عندما صدر الجزء الأول من المسلسل الشهير "لا كازا دي بابل" في عام 2017، لم تكن الانتفاضة الشعبية في لبنان قد حدثت بعد، ولكن أسبابها كانت بدأت تتجمع بسبب تركز الثروة في أيدي المصرفيين الكبار. بعد أربع سنوات، تغير كل شيء في لبنان، حيث اقتحم المواطنون المصارف، في مشهد مستوحى من أحداث المسلسل. الكثير من المحتجين ارتدوا قناع دالي في محاكاة واضحة للمسلسل.

تلعب السينما دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام. الأفلام الكوميدية تجعلنا نضحك، والأفلام التاريخية تساعدنا على فهم جذورنا، بينما تُستخدم الأفلام لأغراض سياسية واقتصادية كما فعل هتلر خلال الحرب العالمية الثانية.


نعود إلى "حياة الماعز"، الفيلم الذي لم يكن مجرد عمل فني، بل صاروخ أطلق في ساحة المعارك الثقافية والسياسية. الفيلم أثار غضب السعودية ولكنه أيضًا حقق أرباحًا تفوق التوقعات.

فهل هي مجرد قصة نجاح تسويقي أم دليل على قوة السينما في التأثير على الرأي العام؟ دعونا نحلل العوامل التي ساهمت في نجاحه.

نجيب، عامل هندي، انتقل في بداية التسعينيات إلى السعودية بحثًا عن فرصة عمل. ولكنه وقع ضحية لرجل ادعى أنه كفيله، فاقتاده إلى الصحراء لرعاية الغنم في ظروف قاسية على مدى ثلاث سنوات.

اسم الفيلم "أدو" وتعني "حياة الماعز"، وهو مقتبس من كتاب ميالي صدر عام 2008. الفيلم من بطولة بريث فيراج سوكوماران، الذي يلعب دور "نجيب"، المهاجر الهندي.

أصبحت الرواية حجر الزاوية الثقافي في ولاية كيرالا بجنوب الهند، حيث نُشرت منها الطبعة الـ250 هذا العام وحازت إشادة واسعة النطاق. كما أثارت نقاشًا حول قسوة حياة المهاجرين في دول الخليج العربي.

حقق الفيلم، الذي تبلغ مدته ثلاث ساعات، أكثر من 870 مليون روبية في الأسبوع الأول من طرحه، ما يعادل 8.23 مليون جنيه إسترليني أو 10.4 مليون دولار في جميع أنحاء العالم. وصف النقاد الفيلم بأنه "دراما بقاء مذهلة" وصورة سينمائية طال انتظارها للنضال وسط وحشية قاسية.

يقول نجيب الحقيقي: "غادرت كيرالا في عام 1991 محملاً بالكثير من الأحلام، لكن التجارب التي مررت بها هناك، والسيد الرهيب، والحياة بين الماعز أفقدتني إحساسي بذاتي وفقدت عقلي".

في عام 2008، حصل المخرج السينمائي بليسي على حق تعديل الكتاب. وفي حوار لسوك ماران، بطل الفيلم، يقول: "كنت أعرف كل أحداث هذه القصة إلى هذا الحد، كانت حديث الناس، خاصة في صناعة السينما، ومع ذلك فقد أذهلتني". وأضاف: "من السمات البارزة لهذه القصة هو امتزاج الهويات بين الإنسان والحيوان. فهذا الرجل يفقد هويته ببطء كإنسان ويصبح واحدًا من تلك الحيوانات. لم أقرأ شيئًا كهذا من قبل".

 

بعد صدور الفيلم، تحدث الناس إما عن مشاهدته أو حجز تذاكره. وأظهرت قنوات على موقع يوتيوب أناسًا يغادرون السينما في حالة من البكاء. ووصف كثيرون التجربة بأنها عاطفية غير عادية.

برز في النقاش الدائر حول الفيلم على مواقع التواصل الاجتماعي فريقان. الفريق الأول احتفى بالفيلم باعتباره عملاً فنيًا نجح في تسليط الضوء على مشكلات حقيقية تستدعي الإصلاح، منها نظام الكفالة. في حين رأى الفريق الثاني أن الفيلم يمثل دعاية سوداء مرعبة ضد السعودية ونظام الكفيل، كما أنه يبرز وحشية وغِلظة الإنسان العربي.

يعرض الفيلم أيضًا كيفية التعامل مع العمالة الهندية والأجنبية في العموم، حيث يتم معاملتهم كالحيوانات ثم يتم ترحيلهم مفلسين بعد معاناة السجون. كما حرص الفيلم على ربط الأذان والمساجد بصورة احتقار الإنسان واضطهاده.

في النهاية، كل عمل أو فيلم تلفزيوني يتم إعداده وتطويره في ثقافة معينة، ويعكس ما يؤمن به أصحاب هذه الثقافة وكيف يتعايشون. السينما أداة قوية للتغيير الاجتماعي وهي قادرة على تشكيل الرأي العام وتغيير النظرة.

فهل تعتقد أن السينما العربية تستغل قوتها بشكل كافى؟ 
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

21

متابعين

19

متابعهم

21

مقالات مشابة