الديمقراطية بين البيت الأبيض وسقيفة بنو ساعدة
الديمقراطية بين البيت الأبيض وسقيفة بنى ساعدة
سمعنا كثيراً عن ديمقراطية الغرب، عن الحريه الفكرية…... عن التحضر .... المدنية ....التنوير..... العلمانية.....عن الثقافة…. وبالأخص فى مواضع الخلاف،
الغرب دائماً ما يصدر لنا نموذج يحتذى به فى فن الخلاف والاختلاف، بل أصبحت التهمة المعلبة المُصدرة لنا فى بلاد المشرق بصفة خاصة والإسلام بصفة عامة أننا بعيدون كل البعد عن ذلك التحضر وتلك الحرية ..
لكن هل ماحدث أو يحدث كل أربعة أعوام فى معقل الديموقراطية ( أمريكا ) يعكس ذلك؟!
منذ اربعة سنوات
هل كان نزول أنصار ترامب إلى الشارع فى الإنتخابات الماضية ورفضهم النتيجة كان قبول للرأى الآخر؛ أم كان رفض ترامب للهزيمة من بايدن تحضر ؟! هل اتهامه العلنى للإنتخابات بالتزوير قبول للرأى الآخر ؟! ...
واليوم هل محاولة اغتيال ترامب محرد حدث عابر !!
وهل ماحدث فى الإنتخابات الفرنسية بين مرشحة اليمين مارين لوبان وبين ماكرون من تراشق واتهامات فى الانتخابات الماضية كانت حرية فى بلاد النور؟
هل تبادل الاتهامات بين كل المرشحين فى بلاد التقدم والحرية نوع من التقدم والرقى؟!
فى المقابل، ألم تكن عندنا فرصة أو مساحة كافية لنظهر ثقافة الاختلاف ومعنى الشورى الحقيقى؟! هل قدم العرب والمسلمون للغرب النموذج الحقيقي لتلك الديمقراطية المزعومة ؟
بالطبع كانت متجسدة فى أفضل مجتمع جاء على وجه الأرض وهو مجتمع المصطفى.
عام 11هجرياً وفى الثانى عشر من ربيع الأول توفى أفضل الخلق ( محمد صلى الله علية وسلم) واجتمع الأنصار في سقيفة بنى ساعدة للحفاظ على الدولة ولمنع أى فتنة يمكن أن تقع ،حيث أصبح المسلمون بدون حاكم ؛ استقروا على سعد بن عبادة رضى الله عنه زعيم الخزرج ليكون خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم، هنا دخل من المهاجرين عمر وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح (رضى الله عنهم ) وأخذ عمر فى الكلام ؛ ولكن استوقفه الصديق وقال له: على رسلك؛ وأخذ فى الكلام وبذكاءٍ منقطع النظير بدء الصديق كلامه بالثناء على الأنصار وذكر مناقبهم وفضلهم ليتم تهدئة الأجواء كى يُكمل حديثه حيث أشار بصفته أقرب الناس للمصطفي لعمر أو أبو عبيدة لإختيار أحدهم للخلافة، على الرغم من أن الصديق فى ذلك الوقت هو أفضل رجل على وجه الأرض وذلك من كلام النبى صلى الله عليه وسلم، فمناقب أبو بكر لا يتسع الوقت لذكرها وإشارات الرسول له بالفضل لاتعد ولا تحصي ؛ هو الصاحب الملازم للحبيب، ورفيق الدرب فى الهجرة، وكاتم أسرار المصطفى، ووالد زوجته، بل أكثر الصحابة حباً للرسول، وهو أول من صلى إماما للمسلمين فى حياة المصطفى، وكانت فى تفسير الكثير صكٌ واضحٌ للخلافة من بعده ..كل هذا ويُقدم غيره !! فهو لايرى نفسه بل يرى الدولة؛ لايهم كرسيٌ أو منصبٌ، بل الأهم هى مصلحة الأمة، لكن هل وافق عمر وأخذ الخلافة ؟!..كان رده واضحاً: (والله لأن أقدم ٍ لتضرب عنقى، خير لى أن اُئتمر على قوم فيهم أبو بكر ) .. ما هذا الإيثار !!!!!!.. ماهذة الثقافة!!!! والله إنه لزهدٌ فى السلطة، ورفضٌ للمنصب، وترفع عن الزعامة لن تجده فى كتب الغرب عن الديمقراطية والمدنية؛ إنها الديمقراطية التى يحلمون ويدعون فى كتبهم ولا يستطعون تحقيقها، مصطلحات وهمية لايعرفون عنها إلا الإسم فقط.. كيف يحدث أن تجد رجلين هما فى ذلك الوقت أفضل رجلين فى الأمة كلٍ منهما يزهد في الحكم للآخر بتلك الطريقة؟!
أتمنى عندما نرغب في تعلم معانى الحرية…. والتحضر ....المدنية…. والديمقراطية .. أن نذهب لسقيفة بنى ساعدة حيث تجد هناك قيم ومباديء لن تجدها فى الإليزيه أو البيت الأبيض
.
د/محمد كامل الباز