خواطر ... تغيرنا كثيرًا

خواطر ... تغيرنا كثيرًا

0 reviews

خواطر ... تغيرنا كثيرا
كانت الساعة تدق الثانية عشر في مساء شتاء قارس البرودة شديد المطر .. وأنا كعادتي اتجول تحت الأمطار .. اعشقها من طفولتي .. الشوارع خالية سوى من بعض المارة الذين يسرعون الخطى .. أو رجل مسكين ينام على الطريق .. يعاتب في نومته .. أغنياء القوم .. وطفلة تحتمي في الجدار وكأنها ترسم لوحة لحقيقة الحياة .. وقسوتها على البشر .. وآخر لا تجد في خطواته ملامح تعرف منها هدفه في الطريق … فكم جمع الطريق من بشر .. ورغم تشابه الظاهر بين الجميع .. اختلفت الأعماق كل الاختلاف. 
وأنا كما أنا .. اتجول بهدوء واعيش خطاي مع منظر الشتاء .. اعبر من شارع إلى آخر وكأنني اعبر مراحل الحياة .. الحياة التي سرت معها أكثر من شتاء .. عمرا طويلا .. تخطيت الخمسين من عمري وأنا اتجول في طرق الحياة .. وأرى الحياة شتاء قارس يقذف بالعواصف هنا وهناك .. وتجارب تمر ومراحل تنقضي وأشياء كثيرة كنا لا نظن أبدا أنها ستنتهي .. كم قابلنا من أشخاص في هذه الحياة .. كم فارقنا أيضا .. 
وفي جولتي الشتائية تحت المطر .. وجدتني في شارع قديم .. أكاد اعرفه .. اتذكر بعض الأشياء عنه .. كان لي فيه ذكرى .. بل ذكريات كثيرة .. ولكن .. هل أخذتني الحياة ونسيت .. أم تناسيت .. أم كل الذكريات لم تغادر دفتر قلبي القديم الملقى في مكتبتي العتيقة في سرداب نفسي .. وجلست على الشاطئ بجانب الشجرة العجوز .. نفس المكان الذي جلست فيه سنوات طويلة ..
جلست هنا قبلا .. وتحدثت مع نفسي كثيرا .. فهل بعد كل هذا العمر .. هل كان نفس حواري مع نفسي هو حواري معها الآن!! .. هل كانت أحلامي نفس الأحلام القديمة؟؟ .. هل كان ما يشغلني .. هو ما يشغلني الآن ؟ هل كنت ما عليه الآن ؟ وهل كانت نظرتي للحياة نفس ما كنت ارسمها في داخلي؟ كم تغيرت الحياة ... 
كم تغيرنا .. وكم اكتشفنا بعد العمر الطويل .. أن لا شيء يستحق ما أفنينا عمرا من أجله .. وأن ما كنا نتخيل أنه كل الحياة نسينا معالمه الآن .. وتغيرت نظرتنا للحياة .. تغيرنا كثيرا .. حتى المكان نفس المكان ولكنه تغير كما تغيرت الحياة.
 

بقلم / مدحت الوزيري

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

3

followers

1

followings

3

similar articles