القنبلة النووية - مأساة هيروشيما

القنبلة النووية - مأساة هيروشيما

0 المراجعات

مقدمة

في صباح ٦ أغسطس سنة ١٩٤٥ ألقت طائره اينولا جاي في منتصف مدينه هيروشيما وعلي مسافه ٥٨٠ متر من السطح جسم معدني طوله ٣متر يحتوي علي ٦٤ كيلو جرام من اليورانيوم والتي تسم بقنبلة الولد الصغير وكانت اول قنبلة ذريه في التاريخ وبعد لحظة انفجارها تتغير الحياة في سابع اكبر مدن اليابان وتبدأ واحدة من أكبر المآسي في التاريخ والتي تعرف بمآساه هيروشيما.

اليوم الأول وبداية المآساة :

في تمام الساعه الثامنة والربع صباحا ألقت الطائرة الامريكيه القنبلة وتحديدا فوق مستشفي في وسط المدينة تسمي مستشفي شيما، وفجأه انطلق ضوء مبهر يعم المدينة وكأنه فلاش ينبثق من ملايين الكاميرات وفي اقل من ثانية تتكون كره من النار قطرها يصل الي ٢٥٠ متر ،درجة حرارتها تترواح ما بين ٣٠٠٠ الي ٤٠٠٠ درجة مئوية ، لهيبها يحرق كل شخص في محيط ٣٠٠٠ متر ، في لحظه تقتل هذه الكرة حوالي ٧٠٠٠٠ شخص بعضهم مات ولم يترك غير ظله والتي عرفت فيما بعد بظاهرة الظلال النووية، وبعد ذلك تندلع موجة انفجارية رهيبة تدمر كل مبني موجود في المدينة في محيط ٢ كيلو متر ، ثم فجأة تنتهي الموجه ويعم الهدوء علي المدينة ، لم يكن هذا هدوء النهاية بل كان هدوء البداية ، بداية مأساة هيروشيما. 

النار كانت اول شئ كان يواجهه سكان المدينة ، كتل النار تسببت في حريق ضخم والتي انتشرت في جميع ارجاء هيروشيما و مما ساعد علي انتشاره هو هبوب رياح قوية علي المدينة ، وبينما كانت المدينة تحترق كان الآلاف يخرجون من تحت الانقاض حيث كانوا يحاولون استيعاب ما الذي حدث ، الاغلبيه منهم كان مصاب بحروق فظيعة وكان هدفهم شئ واحد إلا وهو الوصول الي أي نهر من أنهار المدينة ليخففوا من لهيب أجسامهم المشتعلة ، وعندما يصلون الي الأنهار يتفاجأوا بأخبار غير سارة وهي تحول هذه الأنهار أيضا الي نار.

بعد حوالي نصف ساعة تسقط الأمطار علي مدينة هيروشيما وظن البعض انهم وجدوا ضالتهم فيما سيخفف عنهم آلام هذه الحروق ولكن للأسف كانت امطار لونها أسود داكن مشبعة بالرماد والدخان وذرات الإشعاع حيث أن بعض الأشخاص الذي نزل عليهم هذا المطر سبب لهم الحروق والإصابات ، بدأ الناجين الخروج من المدينة والتوجه الي التلال التي تقع علي حدودها وتتشكل مسيرة من البشر ولا يوجد علي وجوههم غير تعبير واحد وهو الصدمة ،، يمشون شبه عرايا بعد ان احترقت ملابسهم و عشرات الآلاف من الأشخاص يرفعون ايديهم الي فوق لكي يتلافوا احتكاك الجروح ببعضها ، يمشون وسط جثث من البشر ، مجموعات كبيرة من البشر فقدت بصرها وكانوا يبحثون علي من يساعدهم ويرشدهم لطريق الخروج ، هذه المسيرة التي سيسقط منها كثير من الأشخاص ليفارقوا الحياه من التعب والحروق التي غطت أجسامهم.

انعزلت المدينة عن باقي مدن اليابان حيث انقطعت الخطوط التليفونية ، الخط الاذاعي والتلغرافات لا تعمل و يتم تكليف وحدة من الجيش في مدينة مجاورة للذهاب الي هيروشيما ليستكشفوا ما الذي حدث هناك ليصل تلغراف الساعه الواحده ظهرا ليقول جملة واحده " أبيدت هيروشيما بالكامل بقنبلة واحدة والحرائق منتشرة".

بعد ١٧ ساعة من إلقاء القنبلة يخرح الرئيس الأمريكي هاري ترومان ليعلن إلقاء اول قنبله ذرية علي هيروشيما، وصلت لجنة من طوكيو في اليوم الثاني لتعاين الأضرار ولم يجدوا الا رماد ، كان هناك إرتباك واضح وحالة من الإنكار لدي القيادة اليابانية وكانت بعض القيادات تتحدث عن الصمود و استمرار القتال ولم تستمر هذه الحالة حيث تلقت اليابان صفعة اخري بعد حوالي ٧٢ ساعه من إلقاء القنبلة الاولي وتسقط القنبلة الثانيه علي مدينة نجازاكي وتتكرر المآساة لكي تقوم الحكومة اليابانية بالاستسلام. 

اليوم الثاني:

في اليوم التالي ٧ أغسطس،  هدأت النار و بدأ يختفي الدخان وبدأت الجموع التي خرجت تعود مرة اخري الي المدينة ليسجلوا شهاداتهم عن المدينة التي أصبحت ساحة من الرماد ، هذه المدينة التي أصبحت ساحة من المشاهد المؤلمة ، هناك من كان يبحث عن أهله ، كانوا يفحصون الجثث وكان أقصي امالهم ان يتعرفوا عليهم ، مجموعة أخري كانت تبحث عن الطعام ، كان يوجد هناك حالة عامة من العطش لدرجة انهم كانوا يشربون الماء من الخزانات المليئة بالجثث ، ذلك بخلاف الآلاف من المصابين الذين كانوا في حالة إعياء شديدة. 

مستشفي هيئة المواصلات كانت احدي المستشفيات التي نجت من القصف ، أحد اطبائها الدكتور ميتشيكو هاتشيا والذي كان مهتم بما حدث وكان يدونه في مذكراته والذي سيكون مرجع بعد ذلك لما حدث. 

من بين ٣٠٠ طبيب في هيروشيما لم ينج غير ٢٨ طبيب فقط بينهم هذا الدكتور ميتشيكو هاتشيا الذي قدم بعد ذلك وصف دقيق للأحداث في مذكراته ،، حيث ذكر في مذكراته عن اول آثار الإشعاع و منها ان معظم المصابين بدأوا يقضون حاجتهم عشرات المرات فب الليلة الواحدة ذلك بخلاف ان فضلاتهم كانت تحتوي علي الدماء دون معرفة السبب أنذاك وبدأ الاطباء يعزلون المرضي بهذا العرض ، في اليوم الثاني بدأت تظهر اعراض اخري حيث بدأ يتوافق بعض المصابين وعلي جهودهم بثور غريبة ويعانون من نزيف في اللثة وبدأت الأعراض تتطور عندهم، ،، فمثلا أصبحوا يعانون من ارتفاع في درجة الحرارة و إعياء شديدة وقيء دموي وفي خلال يوم او اثنين من هذه الأعراض يفارقون الحياة علي الفور.

المعاناة :

بعد مرور ٥ ايام بدأت تظهر اعراض جديدة ، بدأت تظهر بقع من اللون البنفسجي علي الجلد مثيره للحكة وكانت إشاره مهمة جدا ، حيث ان من كان يعاني من هذه الأعراض،  كان يلقي حتفه علي الفور خلال يون او اثنين من ظهور هذه الأعراض. 

كل ذلك والأطباء في حيرة من أمرهم حيث انهم لم يروا هذه الأعراض من قبل 

جعلت هذه القنبلة الحياة في هيروشيما غير صالحة لعشرات السنين 
في ١٥ أغسطس ١٩٤٥ سمع اليابنيون لأول مره في تاريخهم صوت الإمبراطور الياباني وهو يلقي خطاب الاستسلام عبر بعض اجهزه الراديو القليلة في المدينة التي التقطت الإشاره ، تلقوا الخبر وهم يبكون ، لم يبكوا لسماع خبر الاستسلام ، بل كانوا يبكون لانه لو ألقي هذا الخطاب من ٩ ايام لتجنبت المدينة هذه المآساة  

بدأت الحياة تتغير في هيروشيما يوما بعد يوم ، اعراض الإشعاع بدأت تظهر علي السكان وبدأت تظهر اعراض جديدة مثل تساقط الشعر للذين تعرضوا للاشعاع وبعد ايام قليله يتعرضون للموت.

في ٣ سبتمبر يصل البروفيسور الياباني ماساوا تسوزوكي ، هذا الدكتور كان له دراسات مهمة في مجال تأثير الإشعاع وأمل الاطباء ان يجدوا حل علي يد هذا البروفيسور المرموق ويوقف عجلة الموت القاسية ، غير انه صدمهم وقال لهم انه لا يمكن تقديم شيئ للمصابين غير تقديم الراحة والطعام الجيد لهم ، وبينما تصل المساعدات الخارجية لهذه المدينة المنكوبة عن طريق الصليب الاحمر تجد ان الوضع أصبح صعب جدا وتطلب اكبر كم من الإمدادات الطبية في أسرع وقت ويبدأ الصحفيين من دول الحلفاء الوصول الي المدينة ليسجلوا التأثيرات الغريبة للقنبلة وتنشر الصحف الاوروبيه والامريكيه ان هناك شيء غامض في المدينة ليطلق عليه الإعلام "طاعون القنبلة الذرية" ومع نشر الصحف اليابانية للأخبار المفجعة القادمة من هيروشيما ، حذر الجنرال  "دوغلاس ماك ارثر" الحاكم العسكري لليابان انذاك بعد استسلامها الصحف اليابانية من الأخبار الملتهبة واساءة استخدام أزمه هيروشيما حيث انا بعد ذلك وفي ١٩ سبتمبر ١٩٤٥ تم فرض الرقابة علي الصحف اليابانية ليتم حظر نشر أي معلومة عن القنبلة النووية وتم فرض حصار اعلامي أنذاك وذلك لعدم تشويه نصر أمريكا العظيم  

تمر الأيام وبينما تعود الحياة ببطء في مدينة هيروشيما وبدأ الاهالي ينسون ما حدث ، تظهر مفاجأة غير سارة بالمره لأهالي هيروشيما ، بدأت تظهر بعض ألامراض وأولهم مرض السرطان ، نسبة الإصابة بسرطان الدم للأشخاص الذين كانوا قريبين من مركز القنبلة أصبحت ٥٠ ضعف المعدل الطبيعي ولم يكن هذا النوع الوحيد من السرطانات التي اصبت السكان بل ظهرت انواع اخري مثل سرطان الغدة الدرقية وسرطان الثدي وسرطان الرئة والتي تتزايد الإصابة بهم لأكثر من ٣ أضعاف. 
التشكيلة السكانيه لمدينة هيروشيما بعد القصف تغيرت حيث كان عدد سكان المدينة قبل القصف يصل الي ٣٤٠ الف شخص ، مات من هذا العدد من ١٠٠ الف الي ١٤٠ الف شخص نتيجه القنبلة الذريه ولاحظ ان معظم سكان المدينة أنذاك كان من المجندين او انهم اغراب عن هذه المدينة ، بعد الحرب بدأ كثير من الأشخاص يتوافدون علي هذه المدينة حيث فرص العمل الكثيره التي ستتوفر لإعادة الإعمار ، تغيير التركيبه السكانيه جعل الناجين من هذه المآساه والذين علي قيد الحياه حتي الان يطلق عليهم ال هيباكوشا وهم أقليه وسط السكان الجدد والذين بدأوا يعيشون في جانب مظلم ، عشرات المصابين منهم والذين كانوا يعانون من تشوهات جسدية أصبحوا منبوذين في كل مكان واصبحوا مرفوضين وممنوعين من الدخول في أماكن عامة مما أدي إلي انتشار حالات من الانتحار بين هذه الأقلية ، وتحولوا الي فئران تجارب حيث أقام الامريكان في المدينة مختبر لبحث آثار القنبله الذرية ودراسة توابعها علي الضحايا واصبحت كل حاله وفاة في هيروشيما تتحول الي تجربة ويطلب من اهل المتوفي تسليم جثته للتشريح بدعوي البحث الطبي 

بدأت حملات عالمية للتضامن مع سكان هيروشيما بعضها كان في الولايات المتحدة نفسها وأصبح هناك حاله من التعاطف الشديد مع سكان المدينة و ذلك بعد ان أدرك الكثير من سكان العالم أهوال هذه القنبلة ومن هذه الحملات ، حملة أيتام القنبلة الذريه والتي لفتت أنظار العالم الي وجود اكثر من ٤٠٠٠ طفل يتيم جراء هذه القنبلة ونتج عن هذه الحملة انا قام بعض الامريكان بالتكفل بمصروفات حوالي ٤٠٠ طفل من هؤلاء الأطفال الي ان يتم الانتهاء من دراستهم ويبداون في الاعتماد علي أنفسهم ، هذا بخلاف الحملة التي أطلقت لعلاج أصحاب التشوهات والحروق لعلاجهم واجراء جراحات التجميل لهم في أمريكا 

تعافت هيروشيما بعد عشرات السنين واصبحت مدينة تدعو الي مبادرات نشر السلام حول العالم 
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

12

متابعهم

11

مقالات مشابة