التسرب من التعليم فى مصر وتحديات العصر
يعتبر التعليم من أهم الحقوق الأساسية للإنسان، وهو أساس التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية. ويتمثل التسرب المدرسي أو التسرب من التعليم في انقطاع الطالب عن الدراسة قبل إتمامه المرحلة التعليمية التي التحق بها. وتعد ظاهرة التسرب المدرسي من الظواهر العالمية التي تعاني منها العديد من الدول، بما في ذلك مصر.
وفقًا لتقرير المجلس القومي للتعليم في مصر لعام 2020، كانت معدلات التسرب المدرسي في المرحلة الابتدائية تتراوح بين 4% و5%، وفي المرحلة الإعدادية تتراوح بين 7% و8%، وفي المرحلة الثانوية تتراوح بين 16% و18%.، ووفقًا لتقرير اليونسكو لعام 2020، كانت معدلات التسرب المدرسي في مصر للأطفال في سن 6-11 عامًا تبلغ حوالي 6.5%، وللشباب في سن 12-14 عامًا تبلغ حوالي 9.9%، وللشباب في سن 15-17 عامًا تبلغ حوالي 27.1%..
أسباب التسرب المدرسي في مصر:
تتعدد أسباب التسرب المدرسي في مصر، ويمكن تقسيمها إلى أسباب اقتصادية، واجتماعية، وتربوية.
أسباب اقتصادية:
- الفقر:
يعد الفقر السبب الرئيسي للتسرب المدرسي في مصر، حيث يضطر بعض الطلاب إلى العمل لمساعدة أسرهم على توفير احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والسكن والملابس والرعاية الصحية والتعليم. ويعاني حوالي 30% من سكان مصر من الفقر، مما يؤثر بشكل كبير على فرص التعليم للطلاب من الأسر الفقيرة.
يؤدي الفقر إلى زيادة الأعباء المالية على الأسرة، مما قد يدفع بعض الطلاب إلى العمل لمساعدة أسرهم في توفير هذه الاحتياجات. ويؤدي العمل إلى انقطاع الطلاب عن الدراسة، حيث يضطرون إلى قضاء ساعات طويلة في العمل، مما يحرمهم من الوقت الكافي للدراسة.
- ارتفاع تكاليف التعليم:
تؤدي الزيادة في تكاليف التعليم إلى صعوبة تحملها على بعض الأسر، مما قد يؤدي إلى انقطاع أبنائهم عن الدراسة. وتتضمن تكاليف التعليم الرسوم الدراسية والكتب والزي المدرسي والنقل وغيرها. وقد تؤدي الزيادة في هذه التكاليف إلى صعوبة تحملها على بعض الأسر، مما قد يدفعها إلى إلغاء تسجيل أبنائها في المدارس.
- ضعف فرص العمل:
يشعر بعض الطلاب أن التعليم لا يوفر لهم فرص عمل مناسبة، مما قد يؤدي إلى انقطاعهم عنه. ويعاني سوق العمل المصري من ضعف فرص العمل، مما يدفع بعض الطلاب إلى الخروج للعمل مباشرة بعد إتمام المرحلة الابتدائية. يعتقد بعض الطلاب أن التعليم لا يوفر لهم فرص عمل مناسبة، مما قد يؤدي إلى انقطاعهم عنه. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها:
- ضعف جودة التعليم في مصر، مما يؤدي إلى عدم تأهيل الطلاب للالتحاق بسوق العمل.
- ضعف فرص العمل في مصر، مما يصعب على الخريجين العثور على وظائف مناسبة.
أسباب اجتماعية:
- الزواج المبكر:
يعد الزواج المبكر من الأسباب الاجتماعية للتسرب المدرسي في مصر، حيث يضطر بعض الفتيات إلى الزواج في سن مبكرة، مما يؤدي إلى انقطاعهن عن الدراسة. ويقدر أن حوالي 20% من الفتيات في مصر يتزوجن قبل سن 18 عاماً. يؤدي الزواج المبكر إلى انقطاع الفتيات عن الدراسة، حيث يضطررن إلى ترك المدرسة لرعاية الأسرة ورعاية الأطفال. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها:
- القوانين الاجتماعية والثقافية التي تفرض على الفتيات الزواج في سن مبكرة.
- عدم وعي الفتيات بأهمية التعليم.
- عدم دعم الأسرة للفتيات في مواصلة تعليمهن.
- الطلاق:
يؤدي الطلاق إلى عدم استقرار الأسرة، مما قد يؤدي إلى انقطاع بعض الطلاب عن الدراسة. ويقدر أن حوالي 25% من الزيجات في مصر تنتهي بالطلاق. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها:
- عدم قدرة أحد الوالدين على توفير الرعاية اللازمة للأبناء.
- عدم الاستقرار العاطفي للأبناء، مما قد يؤدي إلى انخفاض تحصيلهم الدراسي.
- العنف الأسري:
يؤدي العنف الأسري إلى الشعور بالخوف والقلق لدى الطلاب، مما قد يؤدي إلى انقطاعهم عن الدراسة. ويقدر أن حوالي 20% من الأطفال في مصر يتعرضون للعنف الأسري. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها:
- الشعور بعدم الأمان في المنزل.
- عدم التركيز في الدراسة بسبب الخوف والقلق.
أسباب تربوية:
- ضعف جودة التعليم:
يؤدي ضعف جودة التعليم إلى عدم تحقيق الطلاب لنتائج جيدة، مما قد يؤدي إلى إحباطهم وانقطاعهم عن الدراسة. ويعاني التعليم المصري من العديد من المشكلات، مثل ضعف جودة المناهج الدراسية، ونقص المعلمين المؤهلين، وسوء الإدارة المدرسية.
يتمثل ضعف جودة التعليم في عدم قدرة التعليم على تحقيق أهدافه، مثل إعداد الطلاب للحياة العملية وتنمية مهاراتهم وقدراتهم. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها:
- ضعف جودة المناهج الدراسية، والتي لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل.
- نقص المعلمين المؤهلين، والذين لا يتمتعون بالمهارات اللازمة لتعليم الطلاب.
- سوء الإدارة المدرسية، والتي لا تهتم بجودة التعليم
تأثير استخدام التكنولوجيا على الحد من التسرب المدرسى:
يعتبر تحليل العوامل المؤثرة في استخدام التكنولوجيا في المدارس المصرية أمرًا هامًا لفهم التحديات والفرص المرتبطة بهذا المجال، كما يساعد في تحديد المسارات التطويرية واتخاذ القرارات الاستراتيجية لتعزيز استخدام التكنولوجيا في التعليم في مصر، كما يساهم في تحسين جودة التعليم وتعزيز فرص التعلم الابتكارية والتفاعلية.
وهناك عدة عوامل مؤثرة في استخدام التكنولوجيا في المدارس المصرية، منها:
- عوامل تقنية: مثل توافر البنية التحتية التكنولوجية والأجهزة والبرمجيات المتاحة في المدارس.
- عوامل تعليمية: مثل كيفية تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا في التعليم وتكاملها في المناهج الدراسية.
- عوامل مؤسسية: مثل السياسات والإطار التنظيمي والدعم المالي لتنفيذ التكنولوجيا في المدارس.
- عوامل اجتماعية وثقافية: مثل قدرة الطلاب وأولياء الأمور على الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها.
- تدني المستوى الثقافي والوعي لدى الفرد.
- صعوبة الحصول على فرص عمل مناسبة.
- زيادة معدلات الجريمة والانحراف.
- انخفاض مستوى التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية.
- زيادة معدلات البطالة والفقر.
- انتشار الجهل والأمية.
ولتحليل العوامل المؤثرة في استخدام التكنولوجيا في المدارس المصرية. هناك العديد من المصادر التي يمكن الاستفادة منها، ومن بينها:
1. البيانات الحكومية: يمكن الحصول على بعض المعلومات والبيانات من الجهات الحكومية المعنية بالتعليم في مصر، مثل وزارة التربية والتعليم. يمكن أن تشمل هذه البيانات المعلومات المتعلقة بالسياسات التعليمية والبرامج التكنولوجية المعتمدة وتوزيع البنية التحتية التكنولوجية في المدارس.
2. التقارير والدراسات السابقة: يمكن استعراض التقارير والدراسات السابقة التي تناقش استخدام التكنولوجيا في المدارس المصرية. قد تحتوي هذه التقارير على بيانات ومعلومات قيمة حول العوامل المؤثرة والتحديات والفرص المرتبطة بالتكنولوجيا في المدارس.
3. الدراسات الأكاديمية: يمكن أن توفر الدراسات الأكاديمية الأخيرة إطارًا لتحليل العوامل المؤثرة في استخدام التكنولوجيا في المدارس المصرية. يمكن العثور على هذه الدراسات في المجلات الأكاديمية والمؤتمرات والمصادر الأكاديمية الأخرى.
4. الاستبيانات والمسوح: قد تكون هناك استبيانات ومسوح سابقة تم إجراؤها لتقييم استخدام التكنولوجيا في المدارس المصرية. يمكن تحليل البيانات المستمدة من هذه الاستبيانات لفهم العوامل المؤثرة وتقييم مدى انتشار التكنولوجيا في المدارس.
تداعيات التسرب المدرسي:
تؤدي ظاهرة التسرب المدرسي إلى العديد من التداعيات السلبية، على الفرد والمجتمع، ومن أهمها:
- على الفرد:
- تدني المستوى الثقافي والوعي لدى الفرد.
- صعوبة الحصول على فرص عمل مناسبة.
- زيادة معدلات الجريمة والانحراف.
- على المجتمع:
- انخفاض مستوى التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية.
- زيادة معدلات البطالة والفقر.
- انتشار الجهل والأمية.
سبل مواجهة التسرب المدرسي:
تتطلب مواجهة ظاهرة التسرب المدرسي تضافر جهود كافة الجهات المعنية، ومن أهمها:
- الجهات الحكومية:
- توفير التعليم المجاني للجميع: يجب توفير التعليم المجاني لجميع الفئات العمرية، حيث يتعذر على الأسر ذات الدخل المحدود تحمل تكاليف التعليم، ويجب فتح المزيد من المدارس الحكومية لتلبية احتياجات الطلاب وخفض العبء على الأسر، كما ينبغى تقديم المستلزمات المدرسية الأساسية مجاناً، مثل الكتب الدراسية والأدوات المدرسية.
- تعزيز التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني: ينبغي تشجيع الحكومة على التعاون مع المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية لتنفيذ برامج ومشاريع للحد من التسرب من التعليم. يمكن توفير التمويل والموارد المادية والبشرية لدعم هذه المبادرات.
- زيادة فرص العمل للخريجين.
- وضع قوانين صارمة لمكافحة الزواج المبكر والعنف الأسري.
- وزارة التربية والتعليم خاصةً:
- تحسين بيئة المدرسة: ينبغي تطوير بنية التحتية التعليمية وتوفير مساحات آمنة وصحية في المدارس، كما ينبغي توفير مواقع للعب والنشاط والترفيه للطلاب لتعزيز رغبتهم في الاستمرار في التعلم.
- الاهتمام بالتعليم الأساسي: يتعين التركيز على تطوير جودة التعليم في المدارس الابتدائية والمرحلة الإعدادية، حيث يحدث معظم التسرب في هذه المراحل. وينبغي تحسين بنية التحتية للمدارس وتوفير المرافق اللازمة لتعزيز عملية التعلم وراحة الطلاب. كما يجب تحديث وتحسين المناهج وطرائق التدريس لتكون أكثر فاعلية وتناسب احتياجات الطلاب.
- تطوير برامج التوجيه والتوجيه المهني: يجب توفير خدمات التوجيه المهني للطلاب في المراحل الأعلى من التعليم، لمساعدتهم في اختيار المسار التعليمي والمهني المناسب. كما ينبغي توفير معلومات شاملة حول خيارات الدراسة وفرص العمل المتاحة في سوق العمل المصري.
- توفير برامج دعم تعليمي: يجب توفير برامج إضافية للطلاب الذين يواجهون صعوبات في التعلم، مثل الدروس الخصوصية أو الدروس التقوية. كما ينبغي تنظيم ورش عمل وبرامج إثرائية لتطوير مهارات التعلم لدى الطلاب وتعزيز قدراتهم.
- المجتمع المدني:
- توعية الأسر بأهمية التعليم: يجب توعية الأسر بأهمية التعليم وفوائده. يمكن ذلك من خلال حملات توعية ونشر المعلومات عن أثر التعليم الإيجابي على حياة الأفراد والمجتمع بشكل عام، وينبغى تشجيع العائلات على دعم أطفالهم في الالتزام بالحضور المنتظم للمدرسة وتحقيق النجاح الدراسي.
- تقديم الدعم المادي والمعنوي للطلاب المتسربين من التعليم.
- الأسرة:
للأسرة دورًا مهمًا في تربية الأبناء وتنشئتهم على فضائل الأخلاق، فإنّ كلًّا من الزوجين يعتبران عماد الأسرة وأساس صلاحها وقوتها، كما أنّ لهما التأثير الأول، والأهم على الأبناء منذ الصغر، وذلك لأن الطفل أشد ما يكون ملازمة لوالديه، فيتخلق بأخلاقهم، ويأخد من أطباعهم جزءًا كبيرًا، ويتمثل دور الأسرة في؛
توفير المناخ الأسري الملائم للدراسة: وتتمثل الجهود الإيجابية التي يمكن أن تقوم بها الأسرة في معالجة مشاكل أبنائها العمل على توفير المناخ الأسري المناسب والسليم لنمو أبنائها النفسي و إشباع حاجاتهم المختلفة وتجنب الأساليب التربوية الخاطئة في التعامل معهم، ومتابعة تطبيق وتنفيذ بعض الأساليب التعليمية والتربوية والسلوكية الخاصة بالمشكلة ، في المنزل، والسعي للاتصال المستمر مع الأخصائى الاجتماعى والنفسى وتزويدهما بالمعلومات الضرورية واللازمة عن مستوى أبنائها الدراسي وسلوكياتهم و مشاكلهم وإيلاء الأهمية لضرورة تبادل الرأي والتنسيق معه بشأن طرق التعامل مع الأبناء في المواقف الطارئة والصعبة.- السعي قدر الإمكان للحضور والمشاركة في مجالس أولياء الأمور والنشاطات الاجتماعية التي تقيمها المدرسة والتي تتعلق بهذا الشأن والإفادة منها.
- تشجيع الطلاب على التعليم: فدور الأسرة في التعليم مهم ومتعدد الأوجه. تلعب الأسر دوراً حاسماً في النجاح الأكاديمي لأبنائها من خلال توفير بيئة منزلية داعمة ورعاية، وتشجيعهم وتحفيزهم على التعلم، ومساعدتهم على تطوير عادات وإجراءات دراسية جيدة. يمكنهم أيضًا مساعدة أطفالهم في واجباتهم المدرسية، وتنظيم جداول الدراسة، وتوفير بيئة تعليمية مواتية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للعائلات أيضًا المشاركة في تعليم أطفالهم من خلال حضور مؤتمرات الآباء والمعلمين، والتطوع في المدارس، والمشاركة في الأنشطة اللامنهجية. بشكل عام، تلعب الأسرة دورًا حيويًا في تعليم أطفالها، ويمكن أن تؤثر مشاركتها بشكل كبير على النجاح الأكاديمي للطفل.
خاتمة:
تعد ظاهرة التسرب المدرسي من الظواهر الخطيرة التي تهدد مستقبل الفرد والمجتمع. وتتطلب مواجهتها تضافر جهود كافة الجهات المعنية، وذلك من خلال وضع سياسات وبرامج فعالة تهدف إلى معالجة الأسباب التي تؤدي إلى التسرب المدرسي، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة للطلاب.
