الرّفق واللّين، والقسوة والغلظة

الرّفق واللّين، والقسوة والغلظة

0 المراجعات

الرّفق واللّين، والقسوة والغلظة

مقدمة:
هل تعلم أن ٢% فقط هي نسبة آيات العبادات؟ و ٢٤% تقريبا هي نسبة آيات الأخلاق؟ 
إنما يدل هذا على عِظم الأخلاق، وأن لا بد للإنسان أن يتحلى بالأخلاق الإسلامية الحسنة. في هذا المقال سأتحدث عن خلق عظيم أمرنا به عز وجل في آيات كثيرة وحثنا عليه رسوله صلى الله عليه وسلم، وغفل عنه كثير من الناس.

كما نجد أن الله حثّنا على الرّفق واللين في جميع شؤون حياتنا،  قال الله عز وجل: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ " الآية (159) من سورة آل عمران. 

ونهانا جلّ في عُلاه عن الغلظة والعنف، بقوله: "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" الآية (159) من سورة آل عمران. 

وأيّده رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، حيث قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ" رواه مسلم.

معاني الرّفق و أضداده:

معنى الرّفق لُغةً:
الرِّفق ضد العنْف، وهو لين الجانب، ويقال: رَفَق بالأَمر وله وعليه يَرْفُق رِفْقًا، ومرفقًا: لان له جانبه وحسن صنيعه. ورَفُقَ يَرْفُقُ ورَفِقَ لطف ورفَقَ بالرجل وأَرْفَقه بمعنى وكذلك تَرفَّق به.

معنى الرِّفق اصطلاحًا:
قال ابن حجر في تعريف الرِّفق: (هو لين الجانب بالقول، والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف)
وقال القاري: (هو المداراة مع الرفقاء، ولين الجانب، واللطف في أخذ الأمر بأحسن الوجوه، وأيسرها)

فوائد الرِّفق:
لم يأمر الله عز وجل نبيه الكريم بالرفق واللين ولم ينهه عن الغلظة ولم ينادي إبراهيم أباه ب"يا أبتي" إلا لعظيم أثر هذا الخُلق الكريم، حيث أن الرفقَ دليلُ كمال الإيمان وحسن الإسلام وهو طريق موصلٌ إلى الجنّة. فنجد أن من يتصف بهذا الخلق له قبول بين أهله وأصحابه وكل من يعرفه ومن لا يعرفه، فبهذا الخلقِ يثمر محبة الله ومحبة النَّاس له.فإنه كذلك ينمِّي روح المحبة والتعاون بين النَّاس، وهو دليل على صلاح العبد وحسن خلقه، و بالرِّفق ينشأ المجتمع سالـمًا من الغل والعنف، فهو عنوان سعادة العبد في الدارين. وبالرِّفق تزين الأشياء، وهو أيضا دليل على فقه الرفيق وأناته وحكمته. فالإنسان الرّفيق الليِّن تجده حسن الخُلق لأن الرّفق منبع لباقي الأخلاق، و بالرِّفق ينال الإنسان الخير.

صور الرّفق في الإسلام 
للرّفق واللّين صورًا  كثيرة في الإسلام، شملت الإنسان والحيوان وجميع المخلوقات دون استثناء ،حثَّنا عليها الله و رسوله في مواضع كثيرة، وهنا سنذكر أهمها:

1.الرّفق بالنّفس في أداءِ ما فرض عليها
الإسلام دين يسر، فيجب على الإنسان أن لا يكلف نفسه فوق طاقتها، فلا يتشدد ولا يغلو في دينه؛ لأن النبي نهانا عن التشدد والمغالاة في الدين، فإن تشديد العبد على نفسه هو سببًا لتشديد الله عليه إما بالقدر أو بالشرع. كفعل أهل الوسواس، فإنهم شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم بالقدر، حتى استحكم ذلك فصار صفة ملازمة لهم. كذلك أصحاب النذور الثقيلة، فقد شددوا على أنفسهم بالنذر الثقيل، فلزمهم الوفاء به.

2. الرّفق مع عامّة الناس
فإن ذلك يكون بالتعامل مع النّاس بالرّفق واللّين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المؤمنون هيِّنون ليِّنون، كالجمل الأنِفِ".

3.الرّفق بالمدعوّين
حيث يجب على الدُّعاة أن ينتهجوا أسلوب الرفق واللين في الدعوة للدين وأن يبتعدوا عن القسوة والغلظة، قال تعالى : "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " [النحل: 125] .

4.الرفق بالخادم والمملوك
فيجب على المالك الرّفق بمملوكه برعايته وإطعامه وكسوته وعدم تكليفه بما لا يطيق من أعمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ، ولا يكلَّف من العمل إلا ما يطيق " .

5.الرفق بالحيوان
ينبغي على المسلم أن يرفق بالحيوانات بإطعامها و سقيها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه:  أنَّ رسول الله _ صل الله عليه وسلم  _ قال : " بينما رجل يمشي، فاشتدَّ عليه العطش ،  فنزل بئرًا، فشرب منها، ثُمَّ خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش ، فقال : لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي ، فملأ خفه ، ثم أمسكه بفيه ، ثم رقي ، فسقى الكلب ، فشكر الله له ، فغفر له ،  قالوا : يا رسول الله ، وإن لنا في البهائم أجرًا ؟ قال : في كل كبد رطبة أجر".
كما يجب على الإنسان ألا يضرب الحيوانات ولا يؤذها ولا يقسو عليها، لأنها تشعر مثلما نشعر. ففي رواية أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض».
 

المراجع:
1.أسباب حب الله للعباد، محمد بن محمود آل عبدالله،Almanhal، 2016.

2.آداب الشافعي ومناقبه،عبد الرحمن بن محمد ابن أبي حاتم،دار الكتب العلمية - بيروت،1424 هـ.

3.أخلاق العلماء،محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - السعودية، سنة الطبع: بدون.

4.أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، دار الفكر - بيروت،1415هـ.

5.الأخلاق الإسلامية وأسسها، عبدالرحمن بن حسن حبنكه الميداني، دار القلم، 1399هـ.
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

4

followers

0

followings

2

مقالات مشابة